لم أبتعد عن الحقيقة حين قلت بأن العراق الراهن، الدولة العراقية الهشة، النظام السياسي الطائفي الفاسد، الأحزاب الإسلامية السياسية الطائفية الفاسدة، قد سقطت كلها تحت النير الإيراني، إنها شبه مستعمرة لإيران، يتحكم بها الولي الفقيه كما يشاء ويرغب. ولم يبتعد رئيس جمهورية إيران حسن روحاني عن الحقيقة حين خطب متحدياً العالم كله، ومنه دول الغرب والشرق مؤكداً نفوذ إيران الفعلي وتدخلها المباشر في شؤون وأحداث العراق وسوريا ولبنان واليمن وكل المنطقة. إنها تكشف أيضاً عن دور إيران الوقح في أحداث العراق الأخيرة حيث توجهت السلطة، ومعها القوى الإيرانية الفاعلة والمؤثرة في القوات المسلحة العراقية والمسيطرة بالكامل على قيادات الحشد الشعبي، ضد الشعب العراقي وضد القوى الشبابية المنتفضة ضد أوضاع العراق الفاسدة والرثة. خطب حسن روحاني بعفونة وعنجهية حيت قال:
“نحن نفتخر بكل أعمالنا، نفتخر بأعمالنا في العراق، نفتخر بأعمالنا في سوريا، نفتخر بأعمالنا في لبنان، نفتخر بكل أعمالنا حتى النهاية. هل تعتقدون بأننا نطلب منكم إجازة في تدخلنا، لماذا تفاجأتم بنفوذنا في العراق وسوريا، نفوذنا ليس في العراق وسوريا، نفوذنا ليس في هذه البلدان، بل في كل المنطقة، وليس منذ اليوم. نفوذنا يمتد في الشرق حتى شبه القارة الهندية، سواء أتعرفون ذلك أم لم تعرفوه، نفوذنا يمتد في الغرب حتى البحر الأبيض المتوسط. الشعب الإيراني لا يخشاكم، من أنتم لكي يخشاكم، أنتم لستم بعيدين عن متناول أيدينا…” https://www.youtube.com/
هكذا يتحدث حسن روحاني بكل صراحة ووقاحة عن نفوذ إيران في بلاد وادي الرافدين، فهل بعد هذا يجري الحديث عن استقلال وسيادة الوطن العراقي المستباح بالإيرانيين وبقواتها المسلحة المكشوفة والمتسترة، بالحرس الثوري وجيش المقدس وقادة هاتين القوتين العسكريتين الإيرانيتين. إن الفيديوهات التي وصلتنا تبرهن عن حمل الجنود الإيرانيين إشارة الجيش الإيراني وهم يتحركون في قمع المظاهرات أو حتى في تعذيب المعتقلين الشباب والدماء تسيل من هؤلاء الشبيبة المقدامة. إن المطالبة بإطلاق السراح لا تكفي فحسب، بل لا بد من الإدانة الشديدة للجرائم التي ترتكب بالعراق.
وهكذا برهن الشخصية العراقية–الإيرانية فالح الفياض تبعيته لإيران ولولاية الفقيه الذي هدد أخيراً باستخدام الحشد الشعبي لقتل المتظاهرين „المتآمرين!” على الدولة العراقية، وكأنه لم يستخدمها فعلاً لا في المطاردة والقتل ولا في الاعتقال والتعذيب بشراسة منقطة النظير التي لا تختلف قطعاً عما كان يفعله صدام حسين وعصاباته بالعراقيين المعارضين لنظامه. إنها الوحشية الإسلامية السياسية المعروفة التي تمارس أساليب القرون الوسطى التي قرأنا عنها في كتب التاريخ في مواجهة القرامطة وثورة الزنج وغيرها من الحركات الفكرية والسياسية في الدولة العباسية في العراق. أي جرائم ارتكبت وترتكب في هذه الأيام الستة وما بعدها في العراق ضد المتظاهرين الأبرياء الذين طالبوا ويطالبون بحقوقهم العادلة والمشروعة.
تشير المعلومات الواردة من بغداد إلى أن الأجهزة الأمنية والشرطة وميليشيات الحشد الشعبي وشرطة إيرانية تلاحق 300 مواطن عراقي بتهمة التحريض على المظاهرات في وقت يدعي رئيس الوزراء بأن الحكومة العراقية تعمل على إطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين. لقد وصلتني فيديوهات عبر الواتس أپ تشير إلى الأساليب الهمجية التي يمارسها جلاوزة النظام السياسي الطائفي الفاسد في العراق ضد شبيبة العراق، إنها جرائم يعاقب عليها القانون الدولي والدستور العراقي وقوانين العراق وكذلك اللوائح والمواثيق الدولية. إنها من البشاعة التي لا يجرأ إنسان أن يعرضها في مقالاته لأنها تجرح كرامة المعذبين وتثير الروع في نفوس البسطاء من الناس.
إن من واجب كل القوى الديمقراطية، لاسيما اليسارية أن تفضح هذه الأساليب الهمجية، أن تدينها بحزم وتشجب الفاعلين الأوباش والذين يصدرون لللجلاوزة الأوامر بفعل ذلك.
السكوت عما يجري في العراق وما يفعله عملاء إيران جريمة لا تغتفر لكل عراقي عارف بذلك وساكت عليه سواء أكان في الداخل، ولاسيما من هم في الخارج. لا أدري كيف سيكون وضع هؤلاء عندما ينتصر الشعب على أعدائه من حكام العراق الحاليين.، لا أدري حقاً كيف يمكن وقف الناس من الانتقام ممن يقوم اليوم بتعذيب وقتل الناس بكل صفاقة وقذارة ووحشية؟ أشعر بالألم لما يعاني منه الشعب ومعارضو النظام، أشعر بوخز القلب حين لا أجد إدانة لكل هذه الأفعال الإجرامية التي ترتكب بحق الشعب.
لقد وصلتني الرسالة التالية من صديق في العراق أود اطلاعكم عليها دون ذكر الأسماء:
“بعد أرق التحايا الأستاذ الدكتور ابا سامر
اكتب لك وانا على مقربة من ساحات يغتال فيها شباب بلدي…بكل تلك الهمجية و الوحشية
اكتب لك في الساعة الخامسة فجرا بتوقيت العراق في السادس من تشرينه الدموي …حيث فتحت الشبكة العنكبوتية بعد ما يقارب ستة ايام من اغلاقها …ولا نعلم انها فتحت لفترة ساعات او انهم اجبروا على إعادتها …
ففي مثل تلك الاوقات يعتقد بأن سلطان النوم قد سيطر تماما على مستخدميها …وهم اي الطائفيون قد أرعبهم تماما التواصل الإلكتروني الفاعل بين الشباب الثوار …فكانت تلك القرارات الهستيريه والتي تزامن فيها فتح نيران أسلحتهم الغادرة على جموع المتظاهرين قبل وصولهم إلى ساحات الاحتجاج المعروفة في بغداد والناصرية و النجف … تزامن مع الاقدام على قطع خدمة الانترنت تماما …
من خلال تواصلي على الهاتف مع زملائي في بغداد وبعض المحافظات أخبرني الدكتور … ليلة أمس بأن الوضع في بغداد وخاصة في صوب الرصافه خطير للغاية …فقد اعتلى قناصون مجهولي الهوية بعض العمارات وقاموا بقتل الناس في وضح النهار … وخاصة في منطقة لا تبعد كثيرا عن مستشفى الشيخ زايد وهي تقابل مقر اتحاد أدباء وكتاب العراق ولكن باتجاه القناة … وقد اختلفت الروايات عن هوية هؤلاء المجرمين !!! …بدأت الشبكه تضعف .. أخشى من قطعها … قرأت مقالاتكم الثلاث الأخيرة قبل قليل والتي وصلت مرة واحده“.
هكذا هو العراق الراهن الغاطس في مستنقع إرهاب الدولة العراقية والدولة الإيرانية… لن تستطيعوا إخماد انتفاضة الشعب المقدامة وستتحول إلى ثورة عاجلاً أو آجلاً لتشعل الأرض تحت أقدام القتلة والمجرمين والذين عرضوا هذا الشعب لجرائم القتل العمد حتى زاد عدد القتلى المعلن عنه 120 شهيداً وآلاف الجرحى والمعوقين والكثير منهم أوضاعهم خطيرة. سيكنس الشعب العراقي هذه الزمر العراقية–الإيرانية وينظف العراق من دنسهم وخنوعهم!