سؤال النهضة العربية و الطريق اليها يشغل بال كل عربي و كل انسان يريد ان يعود العرب الى دورهم الحضاري القديم بصناعة التقدم الإنساني بجميع المجالات و لا شك ان الحالة العربية تحمل في طياتها مكون إسلامي قوي و هناك تداخل ديني قومي و أيضا هناك اختلاف رئيسي يتعلق بالقومية العربية على خلاف باقي القوميات من حيث ان القومية العربية هي قومية لغة و مكان تواجد فكل من بتحدث اللغة العربية فهو عربي فالقومية العربية ليست قومية عنصر و انتماء دموي و صحيح انها جائت كنتيجة لما بعد مشروع ويلسون الأمريكي لتعزيز الحالات القومية بالواقع الامبراطوري العثماني تمهيدا لتفكيك و كذلك وراثة الحالات الإمبراطورية البريطانية و الفرنسية من خلال شعارات تقرير المصير و النظام العالمي الجديد.
نعم كل هذا صحيح ولكن خرجت هذه المسألة من السيطرة إذا صح التعبير وجاءت ردات فعل تتبني الرغبة في النهضة والانطلاق من خلال الالتزام القومي العربي كما التزمه الإيرانيون والاتراك وتم أنشاء دول قومية على اطلال الامبراطوريات العثمانية والقاجارية القديمة.
بطبيعة الحال كاتب هذا السطور ملتزم بالحالة الإسلامية من خلال الشعار والحركة والتطبيق ولكن على مستوى الخطاب السياسي والتحليل هناك عامل مشترك بين الحالة الإسلامية الأيديولوجية والحالة القومية العربية وهي الإسلام نفسه الذي يمثل للقوميين العرب على مختلف تفرعاتهم وتقسيماتهم “حالة ثقافية” يلتزمونها وجزء أساسي من المجتمع القومي العربي.
في ظل الموجة الثانية من الثورات الشبابية المنطلقة في القطر العربي الجزائري والقطر العربي السوداني وتفجر ثورة الشباب العراقي ضد شلة الجواسيس واللصوص وسياسيين الصدفة في العراق الجريح بعد الغزو الأمريكي له الذي جاء بجواسيس ضمن نظام غرائبي عجائبي يستند على دستور”الاحتلال” يتحرك به الجواسيس واللصوص وسياسيين الصدفة وأسفر عن فشل متواصل و مستمر بلا حدود وإعادة صناعة الفشل مرة بعد أخرى في أحد اغنى بلدان العالم وفي بلد عربي لديه أكبر نسبة من حملة رسائل الدكتوراه “الحقيقية”.
العالم العربي وشعبنا العربي هل يحتاج الديمقراطية للنهضة؟ ام ان العرب كدول منفصلة ينفع معها النموذج الصيني للنهضة؟ وليست تحتاج للديمقراطية تؤدي بهم الى فشل اقتصادي ومأساة كما يحصل في إيطاليا واليونان والبرتغال واسبانيا؟
فلنتفق جميعا على اننا كعرب نحتاج بالحد الأدنى الى نظام أداري سياسي يتم به حل التناقضات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ضمن نطاق مؤسساتي تعتمد على سلطة القانون بعيدا عن تسلط فرد او جماعة او شبكات نفوذ.
ان ما أسقط النموذج الإيطالي واليوناني الديمقراطي هو تكلس الإدارات وبقاء الأشخاص لأكثر من فترة بنفس المناصب مما شكل شبكات نفوذ وطبقة سياسية غير متجددة دخلت في دوامة صناعة المصالح الشخصية والتجارية مما أسقط التجربة الديمقراطية بعيدا عن النهضة المطلوبة؟
ولكن ماذا عن الصين والنموذج الهندي؟ من هذا الكلام كله تنطلق نقاشات وكلام أكاديمي وأيضا تساؤلات تحتاج الى ندوات ولكن أريد ان اذكر قناعتي بتلك المسألة بعيدا عن التساؤلات المتناقضة والأسئلة؟
فأقول:
نحن العرب… كل العرب نستحق الديمقراطية الكاملة ضمن تداول السلطة ومنع استمرار وجود اي شخص بموقع قيادي لأكثر من فترتين بدون اي استثناء من موقع رئيس الوزراء الى رئيس قسم ضمن سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية منفصلة في ظل دولة رعاية للأنسان العربي من اسكان وصحة وتعليم وحد أدني للأجور ضمن ضمانات لثبات اسعار السلع الغذائية الاساسية وجهاز رقابي يخدم المواطن.
منذ زمن طويل ونحن نعيش هذه الحالة المأساوية والمحزن اننا الوحيدين من بين أمم العالم التي تعيش خارج التاريخ فكل أمم العالم الأخرى احتلت موقعا في ميدان السباق الحضاري على المستقبل باستثناء أمة اقرأ التي لا تقرا.
لدينا نماذج ديمقراطية بمختلف مناطق العالم وبمواقع اسلامية بحتة ومنها النموذج الماليزي وكذلك هناك النماذج الافريقية التي خرجت من عمق المأساة الانسانية لصناعة حالات حضارية تجاوزت جرائم التاريخ وصنعت المستقبل مثل دولة جنوب افريقيا وايضا راوندا.
ان الانسان الاوروبي ليس حالة خارج نطاق الطبيعة وايضا الانسان العربي كذلك المسألة تطبيق نظام إدارة سياسي طبيعي وضمن تفعيل مؤسسات الدولة ضد التخلف الاجتماعي والفردي.
اين العرب حاليا ضمن مشاريع المحيطة بهم؟
هم بلا مشروع وبدون رؤية ولا منهج ولا مخطط ولا ضوء بنهاية النفق ومن هذا كله وأكثر يتفجر سؤال مهم؟
هل أصبح العرب خارج نطاق التاريخ؟
هنا اريد القول ان العرب وبالتحديد الشباب العربي اخذ ينطلق من الموجة الثانية من الثورات العربية في الجزائر والسودان والعراق الجريح الى الإجابة على هذا السؤال بأن الشباب العربي عاد بهذه الموجة ليقول “لا”
نحن العرب عشاق للحضارة ونريد لان نتحرك بخط الحضارة والنهضة وهذا الفشل للنظام العربي الرسمي يريدون مقاومته وصناعة نهضة عربية حقيقية.
بذكرى الاحتلال الأمريكي للعراق الجريح لهذا العام كتبت التالي “اننا على ثقة بأن الإنسان العربي صانع للمفاجأة وها هي صيحات الديمقراطية وحرية الانسان العربي الشاملة تعود في جزائرنا العربية وسوداننا الجميل.
والانسان العربي في العراق الجريح سيقوم بنفس هذه المفاجأة.
“
وحاليا تتفجر الانتفاضة الشعبية العراقية ضمن حالة شبابية عراقية تجاوزت اي حالة طائفية او شعارات حزبية او انطلاقات فكرية وهي ثورة غضب شبابي ترفض رجال الدين المنحرفين و المرتبطين بالأجنبي و كذلك يرفضون الأحزاب العميلة فهؤلاء كلهم يمثلون حالة سلبية يرفضها شباب العراق الثائر ونحن نتحدث عن مواليد الالفان وما فوق وصلوا الى الانفجار البركاني في بلد لديه “عقل جمعي” لا ينسى.
وايضا شباب يرفضون اي شعارات خارج نطاق بلدهم العراق وينطلقون بوعي غاضب متفجر يريد اعادة صناعة حالة جديدة تتحرك لضمان حقوقهم كشباب يريد الحياة كأي شاب عالمي يريد ان يصنع له مستقبل في وطنه ومستلهمين من الحالة الجزائرية والسودانية وثبات الحالة التونسية في الخط الديمقراطي.
الواقع الشبابي العراقي الحالي يرفض احزاب شلة الجواسيس واللصوص وسياسيين الصدفة الذين جائوا مع الاحتلال الأمريكي لبلدهم وهم يسقطون أي حالة تريد استثمارهم واستغبائهم وحتى المرجعية النجفية التي تحركت بالمشاريع الامريكية والصهيونية ضد العراق والعرب وخدمت الامريكان ومشاريعهم بالمنطقة العربية هم أيضا يسقطونها لأنها لم تتحرك بتكليفها الشرعي الحقيقي المفروض به ان يكون صوت هؤلاء الشباب العربي الثائر وليس بأن يستحمرهم باسم الموقع الديني والعمامة الخادمة للأجنبي.
الحالة العراقية الحالية مقيدة باتفاقيات امنية استخباراتية تسمح للأمريكان بدخول العراق بأي وقت بتكرار لسيناريو الامريكان بالفلبين وبما كان حاصل في كوبا ما قبل ثورة كاسترو وهذا الموضوع ناقشناه بمكان اخر ولكن نقول ان هناك دخول استخباراتي للجمهورية الإسلامية المقامة على أرض إيران للواقع العربي في العراق الجريح حيث “فشل الدولة” والقيام بصناعة مناطق وركائز نفوذ سياسي في واقع يتحكم به الامريكان بل هم من صنعوه بعد الغزو الأمريكي للعراق الجريح.
الجمهورية الإسلامية المقامة على أرض إيران يحاربون بأبناء الغير بمعاركهم القومية الخاصة بمصالح الطبقة العسكرية الاستخباراتية المتحكمة بواقع الحكم والتي لديها مشروع سلطة قومية بشعار ديني يتناقض مع الأيديولوجية الاسلامية التي اسست كيان الجمهورية الاسلامية والتي تقلبت لتصل الى نموذج مشابه للأنظمة الرسمية العسكرية العربية والتي تعتمد على الدعاية الاعلامية التي تتناقض مع الواقع وحقيقة الحال والتي توظف كيانات مسلحة وتشكيلات أمنية استخباراتية تشتغل في مواقع “فشل” الدولة لتحقيق مشروع سلطة قومية إيرانية ولست اقول مشروع اسلامي ايديولوجي حضاري اذا صح التعبير.
الايرانيون حاليا مختلفون ومتناقضين مع المشروع الإسلامي لما كان يريده الامام الخميني المؤسس لتغرق في بحر أوهام المرشد الحالي الخارج عن الواقع والحقيقة ورغبات “سلطة” تريد اقامة مشروع إمبراطوري اقليمي لاعتقاد منها بأن بأقامة مثل هذه الحالة الإمبراطورية الإقليمية فأنها ستركز دعائم استمرارية سلطتها الحاكمة داخل طهران اذا صح التعبير وهذا المشروع الذي تروج له الماكينات الإعلامية الدعائية المرتبطة بالجمهورية الإسلامية المقامة على أرض إيران بالتمويل والدعم في لبنان والعراق وبريطانيا وهذه فقاعة إعلامية لأكثر من مرة انفجرت وثبت انها أوهام و أمنيات “مرشد” ورغبات سلطة تدفع رواتب الموظفين العاملين بالماكينات الاعلامية وما دامت المرشد يريد والسلطة تدفع فأن اعادة صناعة بالونات الاوهام مستمرة وستتواصل.
من إيجابيات الجمهورية الإسلامية المقامة على أرض إيران انهم يعتمدون وعندهم مراكز تفكير استراتيجي وهذه تفيدهم كدولة وسلطة بالتعامل مع التطورات والاحداث وايضا عقلية الصبر الايراني وعدم الاستعجال وهذه تفيدهم وافادتهم بالتعامل مع عدد من الأحداث و التأمر لأسقاط نظام الجمهورية الاسلامية ومنها الثورات الناعمة ولكن هذه الحالة المؤسسية لأداره الصراع السياسي الدولي تدمرها او تعرقل عملها حالة الاوهام التي يعيشها المرشد الحالي وكذلك عدم واقعية والفشل المتكرر للمشروع الامبراطوري الاقليمي للجمهورية الإسلامية والذي هو حالة مصلحية قومية ايرانية خاصة بطبقة مسيطرة حاكمة كما هو ايضا المشروع التركي يمثل مصالح قومية تركية بغطاء من أفكار معينة لخدمة مشروع قومي تركي الذين يستغلون ببراغماتية قومية مسألة اجنحة الاخوان المسلمين بالواقع العربي وايضا استخدامهم للحالة الدعائية العاطفية بما يتعلق بالعثمانيين الجدد وايضا فرض الامر الواقع بضم الاراضي العربية ونلاحظ هنا حالة القضم والضم الإداري لمناطق سورية بحتة ومنها أدلب من خلال تثبيت التعليم التركي ونظام البلديات التركي والإدارة التركية وحالة فرض النفوذ التركي بقوة الواقع نراها ايضا بسيطرتهم على منابع المياه لدجلة والفرات ليستطيعوا فرض امر الواقع للنفوذ القومي التركي بقوة العطش والسيطرة على انبوب الحياة للمناطق العربية وهذه حركة ممتدة وبطيئة وتتحرك بنجاح في الواقع العربي ولغير المتابع ولغير المختص فأن الانسان العربي العادي والبسيط فأنه لا يلاحظها وقد لا ينتبه لها وهي ناجحة من خلال قوة الماكنة الدعائية القومية التركية.
بالعودة للحالة الإيرانية هناك سلبياتهم انهم براغماتيون و يعيشون المصلحة القومية ويستغلون العرب من باب المذهبية الشيعية وبمواقع فشل الدولة وفقدانها في لبنان والعراق.
ان عملهم مؤسسي خدمة لقوميتهم الايرانية بغطاء مذهبي ولذلك يتراجع المشروع الإسلامي النموذج في السياسة والاقتصاد والتربية والشكل الاجتماعي للحالة الاسلامية الحقيقية المتأسسة قرأنيا لأن محاولة صناعة اي نموذج اسلامي سيلغي وسيتناقض مع حالات فشل الدولة التي يعتمدها الايرانيون لتحقيق مصالحهم وخططهم الاستراتيجية الهادفة الى صناعة امبراطوريتهم الإقليمية.
من هذه المشاريع القومية التركية والايرانية التي تستند على شعارات اسلامية ولكن واقع حالها قومي عنصري خاص بهم.
الاتراك يقاومهم حاليا الدولة السورية التي لا زال أيضا السؤال الديمقراطي لا زال قائما فيها رغم تشابك وتعقد المسائل هناك و لا اريد التفصيل بهذه المسألة حاليا و مكانها بموقع اخر و لكن بالنسبة للواقع العراقي أقول ان الإيرانيون حاليا هم يتحركون بأساليبهم بالواقع العراقي ويريدون الحفاظ على واقع “فشل الدولة” وغيابها لأن في ذلك تركيز وتثبيت لركائز نفوذهم الذي يتحرك بواقع عراقي يتحكم به الامريكان، أذن هناك تداخل لنفوذ إيراني بواقع الامريكان موجودين فيه وبقوة.
وإدارة الحالة الأمنية ضد الثورة العراقية الشبابية يتم ادارتها بأسلوب إيراني بحت إذا صح التعبير حيث اغلاق الانترنت والقول بوجود مؤامرة!؟ وان ما يتم تسميته ب “طبقة سياسية” تدعم مطالب المتظاهرين والثوار!؟ باستخفاف لمن يريد ان يفكر بعقله!؟ فالثورة العراقية أساسا تريد اسقاط شلة الجواسيس واللصوص وسياسيين الصدفة!؟ فهم المشكلة ولن يكونوا جزء من أي حل.
أذن شباب العراق الثائر ليسوا يقاومون مشروع امبراطوري إيراني تحت اسم الجمهورية الإسلامية بل أيضا يقاومون مشروع امريكي يتحرك ببلدهم.
العراق والعالم وباقي العرب في الجزائر و السودان بثوراتهم الشبابية يعودون بالحالة الشعبية العربية الى مربع صناعة النهضة وإعادة قيامها بالواقع العربي.
فماذا سيحصل بهذه الموجة الثانية؟
الحاضر الحالي سيكشف لنا الإجابة؟
د.عادل رضا