كانت أصوات المدافع التركية تغطي المنطقة وأصوات تحليق الطائرات تعم سماء روج آفا ـ شمال سوريا , ومقاتلين أشداء من وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية , كانوا يتصدون لهجمات عناصر الفصائل المتطرفة التي كانت تساندهم تركيا بالعدة والعتاد والطائرات الحربية والمروحية , وهم في طريقهم لاحتلال مناطق سري كانية / رأس العين وكري سبي / تل أبيض وكوباني / عين العرب , وتحت أصوات المدافع والطائرات التي لم تهدأ منذ أكثر من 6 أيام , كان قائد كردي يبحث عن طريقة لوقف هذا الغزو الهمجي الواسع.
الجنرال ’’مظلوم عبدي’’ قائد قوات سوريا الديمقراطية , كان يجري اتصالاته المكثفة تارة مع قياداته الميدانية المرابطين في الجبهات المشتعلة , وتارة مع جميع أصدقاء شعوب شمال شرق سوريا , ومع حلفائه من عرب وأوروبيين وأمريكيين وكرد , لوضع حد بأي شكل من الأشكال لهذا الغزو التركي المدمر ضد شعوب شمال وشرق سوريا.
في ساعات منتصف الليل الاثنين ـ الثلاثاء , رن هاتف الجنرال الكردي مظلوم عبدي , كان يعتبر أحد أهم الاتصالات التي غيرت المعادلة في شمال وشرق سوريا من أساسها.
الاتصال الذي بدأها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالترحاب بالجنرال الكردي ’’مظلوم عبدي ’’ القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية , قال فيها ترامب , بأنهم باقون في سوريا , وأنهم لن يتركوا الشعب الكردي والأقليات في شمال شرق سوريا للإبادة الجماعية.
مظلوم عبدي , نقل الى ترامب ما يتعرض له شعبه , من قصف وغارات ونزوح جماعي لجميع شعوب المنطقة وليس للشعب الكردي فقط , كما نقل له كيف يتم إبادة شعبه بإعدامات ميدانية , ويدمر قراه ويقصف مدنه ويقتل أطفاله ونسائه في الشوارع.
الجنرال الكردي , نقل لترامب بأن الشعب الكردي ومعه جميع الأقليات والمكونات أمام إبادة جماعية من خلال الغزو التركي وأن القوات التركية وفصائلها تتهيأ للهجوم على ’’ كوباني ’’ وعلى منبج.
يبدوا أن أصدقاء وحلفاء قوات سوريا الديمقراطية قد استطاعوا من التأثير على المجتمع الدولي وتحريك عاصمة صناع القرار وأن يحصل هذا الاتصال الذي غير المعادلة من أساسها.
ولكن الشيء الأهم في المعادلة هي مقاومة قوات سوريا الديمقراطية وصمود الشعب الكردي وجميع شعوب المنطقة ضد الغزو التركي.
إضافة الى ذلك قلب الطاولة بعد ورود انباء عن اتفاق بين قسد والنظام والروس.
لم يمضي وقتاً طويلاً على المكالمة التي لم يتعدى أكثر من 14 دقيقة ’’ ما بين الترجمة والمحادثة ’’ حتى بدأت القرارات الأمريكية والتصريحات النارية بحق الغزو التركي لـ ’’روج آفا ’’ , وشمال شرق سوريا , حتى وصلت الى درجة تكليف ترامب لنائبه بنس بالسفر الى تركيا وإجراء محادثات مباشرة بين تركيا والأكراد.
ترامب توعد بأن يوقف الهجمة التركية وأن لا يترك الشعب الكردي والمنطقة أن يتعرضوا لإبادة جماعية , وأعلن عبر على حسابه ’’ التويتر ’’ حزمة عقوبات طالت وزراء حاليين بينهم وزير الدفاع التركي خلوصي آكار.
وفرض ترامب , عقوبات على تركيا بسبب العملية العسكرية لأنقرة في شمال شرق سوريا ، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وقال بينس إن ترامب تحدث مباشرة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، الذي وعد بعدم مهاجمة بلدة كوباني الحدودية.
وقال بينس: “لقد أبلغه الرئيس ترامب بوضوح أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد من تركيا وقف الغزو وتنفيذ وقف فوري لإطلاق النار والبدء في التفاوض مع القوات الكردية في سوريا لوضع حد للعنف”.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بيان إن العقوبات تنطبق على الأفراد أو الكيانات أو شركاء الحكومة التركية المتورطين في “أعمال تعرض المدنيين للخطر أو تؤدي إلى مزيد من التدهور في السلام والأمن والاستقرار في شمال شرق سوريا”.
في إعلانه عن العقوبات ، قال ترامب إنه يوقف المفاوضات حول صفقة تجارية بقيمة 100 مليار دولار مع تركيا ويرفع تعريفة الصلب بنسبة تصل إلى 50 في المائة. كما فرض الرئيس عقوبات على ثلاثة مسؤولين أتراك كبار ووزارتي الدفاع والطاقة في تركيا.
في بيان أعلن عن هذه الخطوة ، قال ترامب إنه “مستعد تمامًا لتدمير الاقتصاد التركي بسرعة إذا استمر القادة الأتراك في هذا المسار الخطير والمدمّر”.
وقال ترامب إن الهجوم العسكري التركي “يعرض للخطر المدنيين ويهدد السلام والأمن والاستقرار في المنطقة”.
ووفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية ، فقد تم وضع وزير الدفاع التركي خلوصي آكار ووزير الداخلية سليمان صويلو ووزير الطاقة فاتح دونميز في القائمة السوداء لعقوبات الوزارة ، مما أدى إلى تجميد أصولهم في الولايات المتحدة وحظر التعاملات الأمريكية معهم.
وأضاف ترامب في بيانه: “لقد كنت واضحًا تمامًا مع [الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ] : عمل تركيا يثير أزمة إنسانية ويضع الظروف لجرائم حرب محتملة”.
“يجب على تركيا ضمان سلامة المدنيين ، بما في ذلك الأقليات الدينية والإثنية ، وهي الآن ، أو قد تكون في المستقبل ، مسؤولة عن الاعتقال المستمر لإرهابيي داعش في المنطقة.”
وقال وزير الخزانة ستيفن منوشن إن العقوبات ستضر باقتصاد تركي الضعيف بالأساس ، وحذر بنس من أن الولايات المتحدة ستواصل تكثيف العقوبات ما لم تكن تركيا “مستعدة لتبني وقف لإطلاق النار ، والوصول إلى طاولة المفاوضات وإنهاء العنف”.