ليس بإمکان أحد أن يدعي بأن المشاعر والاحسايس الطائفية لم يکن لها من وجود في المنطقة، لکن وفي نفس الوقت أيضا ليس بإمکان أحد الادعاء بأن تلك الاحاسيس و المشاعر کانت عدائية دموية و کانت متقولبة بأطر سياسية مٶدلجة من أجل تحقيق أهداف وغايات معينة، فالاحاسيس والمشاعر الطائفية سواء عند الشيعة أم السنة کانت مجموعة أفکار غير مرتبة ولاتستند على أسس ومقومات وکانت تتبدد وتتلاشى مع إصطدامها بواقع الحياة الاجتماعية والتواصل مع الآخرين.
هذه المشاعر والاحاسيس کانت على هذه الحال حتى السبعينيات من القرن الماضي، لکن مع تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، والافکار والطروحات التي طرحتها في مشروع نظام ولاية الفقيه، فإن التغيير بدأ يطرأ على تلك الافکار والاحساسيس وصارت تنتنقل من حالة البعثرة وعدم الترتيب وعدم الاستناد على أسس ومقومات الى حالة التأطر والترتيب والتنظيم وبدأت عدائيتها المفرطة مع طرح مفهوم”الاصح”و”الافضل” وهو مايعني رفض وإلغاء الآخر، وبطبيعة الحال، فإن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ومع بدأ إعلامه المسموم بالافکار الطائفية بطرح قضايا من قبل مظلومية الشيعة في بلدان المنطقة ومن إنهم تعرضوا ويتعرضون الى الظلم على يد الانظمة القائمة في بلدانهم، وتزامن ذلك مع التدخلات المريبة لهذا النظام في بلدان من المنطقة وشروعه بتأسيس أحزاب وميليشيات تدعو الى تلك الافکار و المفاهيم المتطرفة، فإن المشهد العام في المنطقة بدأ بالتغيير.
الامر المهم الذي نريد أن نٶکد عليه هنا و نلفت النظر إليه، هو تصريح مهم للسيد محمد محدثين، القيادي في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، حيث أشار الى أن”أفکار التطرف الديني والامواجهة الطائفية والانقسام والاختلاف لم تکن موجودة في المنطقة قبل تأسيس نظام الملالي في إيران”، وهذه حقيقة لامناص من الاذعان لها والاخذ بها، ذلك إنه لولا قيام هذا النظام بإذکاء النار البغيضة للفتنة الطائفية من خلال أفکاره وطروحاته المشبوهة، لما کان هناك في مقابل ذلك تحرك بنفس الاتجاه، فلکل فعل رد فعل، وإن التحرك بإتجاه إذکاء الفتنة الطائفية في المنطقة کان من جانب هذا النظام، والانکى من ذلك إنه يواظب على أن تکون هنالك إتصالات وتنسيقات وحتى تعاون بينه وبين التنظيمات السنية المتطرفة طائفيا، وهذا مايثبت حقيقة بالغة الاهمية وهي إن لهذا النظام ثمة مشروع کبير يشکل المشروع الطائفي جانبا أساسيا منه من أجل تحقيق هدفه الکبير بإقامة إمبراطورية دينية مبنية على أسس طائفية بغيضة.
اليوم، ونحن نشهد الاحداث والتطورات الجارية في العراق ولبنان والتي لايبدو إطلاقا النظام الايراني يشعر بالراحة ازاءها، فإن قضية دور وتدخلات النظام الايراني يفرض نفسه أکثر فأکثر على المشهد العام بالمنطقة کخطر وکتهديد محدق به ولابد من مواجهته وإن هکذا تحرکات شعبية بإمکانها أن تقلب السحر على الساحر وتغير من مسار الامور بصورة غير عادية شريطة أن تکون هناك ضمانة لإستمرارها وتواصلها حتى النهاية الإيجابية المرسومة لها والتي ترتبط بجعل السيادة الوطنية وإستقلال البلدين أمرا واقعا بوجه الدور والنفوذ الايراني.
مواجهة هذا المشروع والتصدي له مهمة تقع على عاتق الخيرين والشرفاء الوطنيين من الشيعة والسنة على حد سواء من أجل کشف وفضح هذا المشروع وضمان هزيمته ولابد من أن تکون هناك من أرضية مناسبة من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل إذ من الضروري أن يتم وضع خارطة طريق للعمل بالاتجاه المعاکس لمشروع النظام الايراني والمناسب بل وحتى من الافضل إشراك المقاومة الايرانية بهذا السياق لکي تکتمل جبهة مواجهة هذا المشروع من کل الجوانب والتأکد من إنه يسير بالاتجاه الصحيح لإلحاق الهزيمة بالمشروع الطائفي البغيض للنظام الايراني.