خلال فترة الحرب العالمية الثانية اتجهت الدول المتحاربة إلى إنفاق مبالغ طائلة على الأبحاث والتكنولوجيا العسكرية حيث سعت مختلف الأطراف للبحث عن أسلحة جديدة ومتطورة قادرة على إلحاق خسائر فادحة بالعدو وحسم الحرب بشكل سريع لتشهد سنوات الحرب الستة بفضل ذلك ظهور العديد من الاختراعات كالقنابل الموجهة والصواريخ الباليستية والطائرة النفاثة والرادار والقنبلة الذرية. فضلا عن ذلك، عرفت العديد من الأسلحة الأخرى كالدبابات والرشاشات والبنادق والمدافع ثورة حقيقية بفضل الأبحاث التي أجريت عليها من أجل زيادة فاعليتها على ساحات المعارك.
تمهيدا لعملية إنزال نورماندي (Normandy ) بشمال فرنسا يوم السادس من شهر يونيو/حزيران سنة 1944، اتجه البريطانيون نحو ابتكار سلاح جديد قادر على تدمير الدفاعات الألمانية الموجودة على الشواطئ.
انطلاقا من هذا المبدأ عملت الإدارة العسكرية البريطانية على تطوير ما عرف بسلاح Panjandrum حيث كان الأخير عبارة عن إسطوانة كبيرة احتوت على ما يعادل ألف طن من المتفجرات مثبتة إلى عجلتين مزودتين بصواريخ لتوفير قوة الدفع والدوران. وبناء على ذلك، اقتضت الفكرة البريطانية بأن يتم تفعيل الصواريخ المثبتة إلى العجلات من على سطح السفن البريطانية قبالة الشواطئ لينطلق عقب ذلك سلاح Panjandrum نحو دفاعات العدو وينفجر قربها موقعا خسائر فادحة بها بفضل كمية المتفجرات الموجودة داخله.
خلال تلك الفترة صنفت الإدارة البريطانية مشروع سلاح Panjandrum كبرنامج تسلح سري خوفا من تفطن العملاء الألمان ببريطانيا إليه. وفي غضون ذلك، أقدمت الإدارة البريطانية على إجراء تجارب على هذا السلاح قرب أحد الشواطئ التي اعتاد المصطافون على القدوم إليها أثناء فترة الصيف وبسبب ذلك فقد المشروع سرّيته أثناء تجربته.
يوم السابع من شهر آب/أغسطس سنة 1943، أجرى البريطانيون أول تجربة على سلاحهم الجديد وفي الأثناء تحول هذا الاختبار الأول إلى كارثة حقيقية. فبالتزامن مع تفعيل الصواريخ، اتجه سلاح Panjandrum نحو الشاطئ مما مثّل إشارة نجاح جيدة. لكن بعد مضي بضعة ثوان فقط تعطلت بعض الصواريخ المثبتة إلى إحدى العجلات وبسبب ذلك حاد هذا السلاح السري عن مساره ليتجه نحو المراقبين متسببا في حالة من الذعر في صفوفهم ولحسن حظ الجميع حينها جرت التجربة دون الاعتماد على المواد المتفجرة.
وعلى الرغم من هذا الفشل الذريع الذي لقيته هذه التجربة الأولى، واصل البريطانيون تجاربهم طيلة الأسابيع التالية دون أن تكلل جهودهم بالنجاح حيث عجز الخبراء البريطانيون عن الحفاظ على ثبات سلاح Panjandrum عقب توجيهه نحو الشاطئ.
لاحقا اتجه البريطانيون نحو إضافة عجلة صاروخية ثالثة إلى سلاح Panjandrum لجعله ثابتا أثناء تنقله. في غضون ذلك، عرفت تجربة هذا السلاح السري بشكله الجديد نهاية تعيسة فعقب إطلاقه اتجه سلاح Panjandrum نحو الشاطئ قبل أن يحيد عن مساره ويعود مجددا نحو منصة الإطلاق ليهدد بذلك حياة عدد من كبار قادة البحرية البريطانية. فضلا عن ذلك انفصل عدد من الصواريخ المثبتة إلى العجلات لتتجه نحو الشاطئ متسببة في حالة من الذعر والرعب بين الحاضرين.
وأمام هذا الفشل الذريع لم تتردد السلطات البريطانية في وقف العمل على تطوير هذا السلاح الذي تحمست لإنتاجه في وقت سابق وصنفته ضمن برامج تسلحها السرية. فضلا عن ذلك، ألغت وزارة الحرب البريطانية صرف المبالغ المالية التي كانت ستمنح لتطوير سلاح Panjandrum بعد أن صنفته بالسلاح غير الآمن.