محاولات ومساع المرشد الاعلى الايراني الحثيثة والمتواصلة للإيحاء بأن إنسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وفرض العقوبات على إيران حيث تم تنفيذ الحزمة الاولى، ليست بذات تأثير، لاتبدو ذات جدوى وتأثير في الاوضاع القائمة في إيران ودفع الجبهة الداخلية بإتجاه التماسك، ذلك إن الايام الاخيرة شهدت مدا سياسيا نوعيا طال المرشد الاعلى شخصيا وطالب بمحاسبته على ماقد آلت إليه الاوضاع.
لم يجف حبر مقال کتبه”أبو الفضل قدياني” من أعضاء الجماعة المتشددة المعروفة بمجاهدي الثورة الاسلامية والتي قال فيها:” لا بد من أن تتحول المطالبة بإقالة خامنئي من السلطة إلى مطلب علني للناشطين السياسيين والمدنيين والثقافيين”، حتى تم نشر بيانا وقع عليه 25 شخصية سياسية إيرانية طالبوا فيها بمساءلة المرشد الاعلى عما آلت إليه أوضاع إيران من تدهور بعد ثلاثة عقود من حکمه. هذا البيان الذي أکد على قضية “المساءلة ومحاسبة الحكام من قبل الشعب وتحمل القيادة المسؤولية عن قراراتها وضرورة إشراك المواطنين في شؤون الدولة”، يعتبر شرخا جديدا في النظام وضربة قوية أخرى موجهة لخامنئي وهي من الواضح ستساهم أکثر فأکثر في کسر هيبته والحض والتحريض على المزيد من التحرك ضده خصوصا وإنه المسٶول الاول في إيران وإن کل مايجري يمکن إعتباره نتيجة لحکمه.
هذا البيان الذي صدر في الاساس بمثابة تإييد لمهدي کروبي الخاضع للإقامة الجبرية منذ أعوام عديدة، يبدو في ظاهره کمسعى ومحاولة جديدة لإصلاح النظام وإنقاذه من مأزقه العويص الذي يواجهه حاليا والذي يهدد النظام بقوة ولاسيما وإن الشعب الايراني غاضب وساخط على النظام ولايثق به ومن الممکن بإعتراف قادة النظام أنفسهم أن يقوم بإنتفاضة کبرى لاتبق على شئ من النظام، لکن المشکلة إن الاصلاح الذي يدعو إليه کروبي لايمکن أن يتم في نظام بني أساسا على نظرية إستبدادية قمعية لأنه وببساطة لايتقبل ذلك فهو متعارض ومتناقض مع رکائزه الاساسية التي إذا ماتم التلاعب بها فإن النظام کله سيتضعضع ويتداعى على بعضه.
الحقيقة المرة التي يبدو إن قادة جناحي النظام لايستطيعان تقبلها هي إن الاوضاع قد تغيرت منذ 28 ديسمبر/کانون الاول 2017، عندما هتف الشعب الايراني بشعار”الاستقلال الحرية الجمهورية الايرانية”، بمعنى إن الشعب صار يطالب بحکم وبنظام لايقوم على أساس الدين، أي وببساطة تامة إن الشعب يطالب بفصل الدين عن السياسة، وهو مطلب من ضمن عشرة مطالب طرحته زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي کأساس حل للمعضلة الايرانية، وإذا ماأخذنا بالاعتبار إن المرشد الاعلى خامنئي کان قد إتهم منظمة مجاهدي خلق بأنها وراء الانتفاضة الاخيرة، فإن الصورة تتوضح أکثر بشأن إن السياق الذي تسير عليه الاوضاع في إيران يتجه نحو المطالبة بالتغيير الجذري وليس الاصلاح الذي لايمکن أبدا أن يتقبله نظام قام على بناء إستبدادي، ومهما يکن فإن التعرض لشخص المرشد الذي يجب التنويه هنا بأن الانتفاضة الاخيرة قد حملت لواءه عندما رددت شعار”الموت لخامنئي” و”سيد علي أخجل وأترك الحکم”، يعني التعرض لأصل وأساس النظام وهو يعني نهايته مهما حاول وسعى البعض للإيحاء بغير ذلك!