لاخلاف على خطورة الأوضاع في العراق بعد عقد ونصف على سقوط الدكتاتورية، ولاخلاف على الدورالرئيسي لاحزاب السلطة في استمرار الفوضى والخراب العام، نتيجة صراعهم على المناصب والنفوذعلى حساب مصالح الشعب، الذي دفع الفواتيرالباهضة لجرائم الدكتاتورية، وأستمر بدفع فواتير أعظم وأقسى بعد سقوطها .
لقد أدارالحكام ظهورهم للشعب بعد الدورة الاولى للانتخابات في العام 2005 ، واستمروا على ذلك خلال الدورات اللاحقة، حين اعتمدوا الطائفية منهجاً وجداول لتوزيع المناصب (عمودياً وافقياً) من الرئيس الى المديرالعام ومادونه، تنفيذاً لسياسة الادارة الأمريكية، المشرفة على الأداء في المنطقة الخضراء ومن خلالها على مجالس المحافظات، لتحافظ (كتلة الحكم) على وحدة المنفعة والمصير، تحت عناوين مكافحة الارهاب وتحقيق الأمن واعادة البناء،التي اضحت حبراً على ورق .
لقد تناسى القائمون على القرار، ماكانت تتضمنه بيانات أحزابهم في مؤتمرات المعارضة في الخارج، تلك الفقرات الخاصة بقوة واتساع (المعارضة الصامتة) التي تشكل النسبة الغالبة من أبناء الشعب، الذين طفح بهم الكيل، نتيجة شظف العيش وفداحة ضرائب الحروب واستهتار السلطة، وهي نفس المآسي التي يعاني منها الشعب الآن جراء سياساتهم الفاشلة طوال السنوات الماضية، والتي تنذربمالايقبل الشك بانتفاضة (الكتلة الصامتة)، كما حدث في البصرة، اُم العراقيين الكريمة والمضحية والنجيبة .
الملفت والخطيرأن البصرة تديم أنتفاضتها وحيدة، لاالعاصمة تحركت لنجدتها ولا شقيقاتها، وكأن أسباب انتفاضتها بصرية فقط، كما صورتها أحزاب السلطة بأنها (انتفاضة ماء)، وحتى لو كانت كذلك، فالماء حياة، وهو شحيح وملوث في كل مدن العراق منذ سنوات، ولم تهتم بملفه كل السلطات، رئاسات ووزارات ومديريات وشركات، لأن كبار المسؤولين وعوائلهم وضيوفهم وطواقم حراساتهم وخدمهم، يشربون ويسبحون ويتشطفون ويتوضئون، ويسقون حدائقهم وتغسل سياراتهم بمياه (بيضاء) مستوردة، تدفع فواتيرها من خزينة العراق .
الى الآن لم تتحرك (المعارضة الصامتة) في العراق، التي تشكل أكبركتلة بشرية عابرة للطائفية والقومية، والمتضررة من سرطان الفساد والطائفية والارهاب، والتي يعتقد الساسة أنها تدعمهم لانها لم تشارك في الاحتجاج على فسادهم، متوهمين أن هناك وقت اضافي للوعود الزائفة والدجل المفضوح، وغافلين أو متناسين ان، في كل بيت عراقي (شهيد) أو جريح أو أرملة أو يتيم أو مفقود، بسبب صراعاتهم السياسية المفتعلة، وفسادهم الذي تجاوز كل حدود، وأن التغييرمرهون بحركتها المزلزلة لاخطبوط الفساد وعرابيه وحماته والمستفيدين منه في الداخل والخارج .