الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeمقالاتبيار روباري:العراق والثلاثي المدمر

بيار روباري:العراق والثلاثي المدمر


الكثيرين من المعلقين السياسيين وأصحابي الرأي، كتبوا كثيرآ حول نتائج الإنتخابات العراقيةوتشكيل الكتلة الأكبر داخل البرلمان، وولادة الحكومة العتيدة، وما يرافقه من ضغوط إيرانية وأمريكية لتحديد هوية الحكومة القادمة.

من جانبي لن أركز على هذا رغم أهميته، وأرى أن هناك عوامل أهم وأكثر خطورة يعاني منها العراق اليوم، يجب الحديث عنها ومناقشتها. وفي معرض هذا المقال، سوف أحاول طرح الأسئلة الجادة أكثر منه الإجابة عنها. وكما هو معلوم إن طرح الأسئلة السديدة، أكثر صعوبة من الإجابة عليها. وقبل الدخول في طرح الأسئلة نحندد ما هو الثلاثي المدمر للعراق ثم ننتقل إلى قسم الأسئلة والرد عليها.

برأي الثالوث المدمر الذي أتى على كل شيئ في دولة العراقبموكناتها الثلاثة الكرد والشيعة والسنة هو: الطائفية المسيسة، الإقطاعية السياسية، دولة الميليشيات.

1- الطائفية المسيسة:

الطائفية، هو مفهوم مشتق من (طاف، يطوف، طواف، فهو طائف) فالبناء اللفظي يحمل معنى تحرك الجزء من الكل دون أن ينفصل عنه بل يتحرك في إطاره وربما لصالحه. والطائفية هو انتماء لطائفة معينة دينية أو اجتماعية ولكن ليست عرقية فمن الممكن ان يجتمع عدد من القوميات في طائفة واحدة بخلاف أوطانهم أو لغاتهم.

وفي عصرنا هذا تم مزج مفهوم الطائفيةذات المكون العددي مع مفاهيم أخرى ذات مضمون فكري أو فلسفي أو عرقي أو مذهبي. فحوله القادة السياسيين إلى ما يشبه (معمل) لإنتاج العدواة والحقد تجاه المختلف الأخر، وجعل حصانآ لإمتطاء ظهره وتسخيره لتحقيق مصالحهم الشخصية، والوصول للحكم. وحلت هذه الصيغة الجديدة الخبيثة من الطائفية مكان الملة والعرق والدينالتي كانت سائدة قبل ذلك، واختلطت كل هذه المفاهيم جميعا في بيئة متزامنة فكريا وسياسيا فأنتجت مفهوم الطائفية السياسيةباعتبارها تعبيرآ عن حالة أزمة دموية فاقعة وغير قابلة للإصلاح بسهولة يعيشها مجتمعات مثل لبنان، سوريا والعراق والبحرين.

وفي إطار كل طائفة هناك صراعات دموي بين المتصارعين على زعامة الطائفية، وخير مثال على ذلك بين شيعة لبنان (حزب الله وحركة أمل) في ثمنينات القرن الماضي والصراع بين القوات اللبنانية والتيار العوني.

ونظرة متمعنة لأوضاع تلك البلدان التي ذكرتها، كافية لفهم مدى خطورة سرطان الطائفية المسيسة، وصعوبة إجتساسها من جسد المجتمعات المصابة بها.

2- الإقطاعية السياسية:

هو مفهوم قديم ولكن بلباس جديد، في القدم كانت الإقطاع مرتبط إرتباطآ وثيقآ بملكية الأرض والعبيد، ومع تطور المجتمعات البشرية وتغير أنظمة الحكم وظهور الدول، تغير هذا المفهوم وأخذ شكلآ من الثلاثة التالية: توريث تقليدي، أحزاب عائلية، المال السياسي.

التوريث التقليدي:

هو توريث متوارث جيل عن جيل ينتقل زعامة زعامة البيت السياسيإلى النجل الأكبر ومن ثم للحفيد وحفيد الحفيد وهكذا. وهناك نوعين من البيوت السياسية:

النوع الأول: من أصل إقطاعي أو برجوازي، وخير مثال على ذلك بيت بدرخان في شمال كردستان و بيت جنبلاط والجميل في لبنان، ونهرو في الهند وبوتو في باكستان. ويتمتع هذا الإقطاع السياسي بهامش من التنور والليبرالية والحرية.

النوع الثاني:

ذات خلفية دينية وتمتاز بنوع من التزمت والتخلف ورفض الأخر وتميل للعنف، وخير مثال على ذلك عائلة البرزاني في جنوب كردستان، وعائلة الحكيم والصدر في العراق، وعائلة المهدي في السودان.

النوع الثالث:

هي أصحابي رأس المال، وهي أكثر الأنواع ليبرالية وإيمانآ بالحرية وقبولآ للأخر، وخير مثال على ذلك عائلة الحريري في لبنان، وال الكندي في أمريكا.

3- دولة المليشيات:

هي ظاهرة حديثة العهد، وهي منتشرة في دول عديدة حول العالم. وهي خطرة على نفسها والأخرين معآ. وهذه الظاهرة تنقسم الى نوعين:

النوع الأول: مرتبط إرتباطآ عضويآ بغياب مؤسسات الحكم وإنهيار الدولة، وأخذ كل مجموعة منطقة معينة وحكمها وفرض فكرها وقوانينها الإجرامية عليها. وخير مثال على دولة حزب اللهفي لبنان، ودولة عصائب الحقالشيعية في العراق، ودولة الحوثيفي اليمن.

النوع الثاني:

هو الأكثر خطورة على المجتمع وكيان الدولة، عندما تتحول الدولة بذاتها إلى مليشيات مسلحة وتتصرف كعصابة، كما هو الحال مع عصابة بشار الأسد في سوريا، وعصابات علي صالح في اليمن في الماضي وعصابات القذافي في ليبيا. وجماعة البرزاني والطالباني في جنوب كردستان، وحزب الإتحاد (ب ي د) في غرب كردستان يقتربون شيئآ فشيئ من هذه البوتقة.

والأن حان وقت طرح الأسئلة المهمة والصائبة، على القراء ومريدي ذاك الثالوث الرهيب، لكي يفكروا مليآ بما سنطرحه من أسئلة، ويحاولوا الإجابة عليها لأنفسهم هم.

* ألم يكن الحكم بيد الإقطاعية السياسية الشيعية خلال العشر السنوات الأخيرة؟ الجواب نعم.

السؤال هنا:

ماذا إستفاد الشيعة من وجود هذه الإقطاعيات بمختلف الوانها ومسمياتها، في الحكم ووسيطرتها على موارد البلد الهائلة؟

الجواب لا شيئ سوى الحرمان والبطالة والتعتير والأمراض ومزيدآ من الفقر، وخير دليل على ذلك ما تشهده مدينة البصرة، أغناء مدن العراق.

* ألم يكن الحكم في الماضي الحكم بيد الإقطاعية السياسية السنية خلال فترة الحكم الجمهوري بدءً بعبد الكريم قاسم وإنتهاءً بصدام حسين؟ الجواب نعم.

السؤال هنا:

ماذا إستفاد السنة من وجود هذه الإقطاعيات بمختلف الوانها ومسمياتها، في الحكم وسيطرتها على موارد البلد الهائلة؟

الجواب لا شيئ سوى البطش والقتل والتهجير وخراب البلد وفقدان كل مقدراته، وخير دليل على ذلك ما وصل اليه العراق في أواخر مراحل حكم صدام حسين؟

* وماذا سيكون حال الكرد لو حكم البرزانين والطالبانين العراق بأسره؟

الجواب سيكون حالهم أسوء بكثير مما عليهم الأن، لأن سيطرة هاتين العائلتين على العراق وحصولهم على المزيد من المال والصلاحيات، سيدفعهم الى إرتكاب المزيد من أعمال النهب والسلب، والتعامل بوحشية مع بني قومهم.

في الختام أرغب قول التالي للكرد والشيعة والسنة العاديين، لن تحصلوا على شيئ من تلك العصابات الدينية، والحزبية، والعائلية المتاجرة بالدين والقومية والطائفية، أيآ كان أسماء الحكام الجدد وهوياتهم.

عليكم هدم الكعبة على رؤوسهم والتخلص من هذا الثالوث المدمر إن كنتم فعلآ تريدون العيش بكرامة وأحرار. أعلم المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة.

ونقطة أخيرة في نهاية هذه المقالة، برأي بات من الصعب للغاية تعايش الكرد مع العرب في دولة واحدة وهذا النقطة بحاجة لمقالة مستقلة لوحدها.

07 – 09 – 2018

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular