الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeمقالاتلماذا المطالبة بسلمية التظاهرات؟ يوسف أبو الفوز

لماذا المطالبة بسلمية التظاهرات؟ يوسف أبو الفوز

لا نختلف بان التعرض للمظاهرات السلمية باي شكل، وقمعها من قبل أي جهة، رسمية او ميليشاوية، هو مخالفة للدستور والقوانين التي تقر بحق المواطن بحقه في التظاهر والتعبير عن رأيه. ولا أقف شخصيا مع أي اعمال حرق وتخريب تقع خلال التظاهرات، حتى لمواقع ومقرات الجماعات المسلحة، فكل هذه الممتلكات يفترض ان تعود للشعب وللدولة ويمكن استثمارها بشكل نافع يوما ما.

ويغيظني جدا البعض، خصوصا الموجودين على مسافات الاف الكيلومترات من ساحة التحرير وشوارع التظاهرات، ويشجعون على استخدام العنف ضد القوات الأمنية العراقية. أقول لهؤلاء، في أي مكان كانوا، الذين قرؤوا كراسات عن الثورة عن تجارب شعوب أخرى، بان الثورات لا تستنسخ، وان ما يصح في أمريكا اللاتينية مثلا، لا يمكن ان ينجح في الشرق الوسط ومنها العراق، فلكل بلد ظروفه الخاصة الموضوعية والذاتية المطلوبة لقيام الثورة، ناهيك عن الاختلاف في العادات والتقاليد.

ان المطالبة بالحفاظ على سلمية التظاهرات لا يضمن لنا حفظ أرواح أبنائنا وبناتنا فقط، بل ويقطع الطريق على أجهزة الحكومة الحالية، ومعها مليشيات الدولة العميقة، في توفير الحجج لتصعيد قمعها واتخاذ إجراءات ما بحجة حفظ الامن العام والى اخر الأسطوانة المعروفة والمشروخة. سيقول لي هذا المنظر الثوري، بان الأجهزة الأمنية من اول أيام انطلاق الاحتجاجات وهي تستخدم العنف المفرط حتى من دون قيام المتظاهرين باي استفزاز لها، وسقط لنا مئات الشهداء والاف الجرحى. نعم يا صاحبي، مثلك اتابع وارى واشعر بالغضب والحزن، ولكن فماذا تنتظر من حكومة فقدت شرعيتها عمليا، ولا تعير اهتماما لمطاليب شعبها، وتستمر في الاستخفاف بشعبها وتصر على البقاء في مواقع السلطة وتحاول ان تناور لإطالة عمرها بإجراءات ترقيعية؟ ان علينا الالتزام بالسلمية في نشاطنا، رغم كل الخسارات، لفضحها أكثر وتجريدها من أي حجج لتنفيذ إجراءاتها القمعية والعمل لفضح اسلوبها العنيف لتحجيمه من خلال الإدانة الشعبية المتواصلة، وكسب التضامن مع ثورة شعبنا من قبل مختلف الجماعات والشعوب المحبة للحرية والتقدم والمؤسسات الدولية فهذا سيضفي شرعية أكثر على ثورة الشعب.

ان سلمية التظاهرات ستكون الضمانة الكبيرة لاستمرار ونجاح الحراك الشعبي وتحقيق أهدافه في التغيير الشامل، وتوفير الفرصة لفرز قيادات ناضجة للحراك الشعبي، ويساهم في مراجعة وتصحيح الشعارات والتكتيكات لإدامة الاحتجاج. ان سلمية التظاهرات تساهم في تشجيع الكثير من قطاعات الشعب لكسر ترددها والانخراط في الحراك الجماهيري وبالتالي يشجع على انجاز الاعتصام الشعبي ليشل أجهزة الدولة ويدفع لإسقاط الحكومة الحالية وبالتالي المنظومة الطائفية الفاسدة كلها.

ان مشكلة الشعب العراقي لا تكمن في وجود الحكومة الحالية فقط، فذهاب هذه الحكومة ووجوها المعروفة بفسادها، وبقاء آليات المحاصصة الطائفية والاثنية البغيضة سيجلب لنا حكومة بديلة، وان كانت الحكومة الحالية تقتل المواطن بالسكين فستأتي الحكومة القادمة بمن يقتل المواطن بخيط من القطن كما يقول المثل. ليس لنا إلا المطالبة والعمل على الحفاظ على سلمية الحراك الجماهيري وتوفير الفرصة للمتظاهرين لتنظيم أنفسهم بشكل افضل، فلو تصاعد العنف من الجانبين ، سيحل التخبط والضياع حين يختلط الحابل بالنابل ، وعند ذلك ستتوفر الفرصة لمن هب ودب لركوب الموجة الثورية، ومحاولة سرقة الحراك الشعبي وثورة الشعب لصالح أهدافه.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular