أوضح خبراء في الجماعات المتطرفة ، أن مقتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي رغم أهميته لن يوقف خطر الهجمات الإرهابية داخل في منطقة الشرق الأوسط وأنحاء أخرى من العالم.
وقال محللون في تصريحات لوكالة “رويترز” إن معرفة مدى تأثير مقتل البغدادي على قدرات داعش لا يزال أمرا غير واضح المعالم حتى الآن، فحتى لو واجه التنظيم الإرهابي صعوبات في المرحلة الانتقالية فلا تزال الأفكار الأساسية والكراهية التي روج لها تجد صدى لدى كثيرين.
وأشار رشاد علي الباحث الأول المقيم بمعهد الحوار الاستراتيجي في لندن إلى إن مقتل البغدادي “من ناحية العمليات ليس له تأثير كبير. فالتنظيم منهزم بالفعل كما أن هجماته انحسرت على المستوى العالمي”.
وأضاف: “ليس له أثر سوى الرمزية. إذا كنت تعتقد أن مجرد القضاء على إرهابي واحد (ستحدث أثرا مهما) بينما تفشل في معالجة الأسباب الأصلية التي أدت إلى ترسخ هذا الفكر فأنت مخطئ”.
أما المحلل السياسي والخبير الأمني العراقي فاضل أبو رغيف فيرى أن فاعلية التنظيم تنبع من ولاء أعضائه للفكر المتطرف وهذا قد لا يتأثر كثيرا بمقتل زعيمه.
وأردف أن من المتوقع أن يجتمع مجلس شورى التنظيم المكون من تسعة أعضاء لتعيين زعيم جديد من بين خمسة مرشحين.
وقال أبو رغيف: “الزعيم الجديد سيبدأ بالعمل على إعادة الصفوف لقوى التنظيم بالاعتماد على متطوعين جدد وكذلك على المقاتلين الذين هربوا من سجون سوريا. ومن المتوقع أن يقوم بإعطاء الأوامر لشن سلسلة هجمات ثأرية لمقتل البغدادي”.
ومن أبرز المرشحين لزعامة داعش أبو عبد الله الجزراوي وعبد الله قرداش وهو من أقرب مساعدي البغدادي وكان أيضا ضابطا في الجيش العراقي في عهد صدام حسين، كما يتردد أيضا اسم أبو عثمان التونسي.
ومن الممكن أن يتسبب من يتولى زعامة التنظيم، الذي يقول خبراء إنه نُكب بنزاعات داخلية، في تفككه خلال أشهر لمجرد أنه غير مقبول على أساس الجنسية لبعض الفصائل.
وقال المحلل العراقي هشام الهاشمي الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة”بالتأكيد سيقاتلون بعض حول الموارد. المتطرفون العراقيون في التنظيم كفتهم أرجح لامتلاكهم موارد مالية أكبر”.
وقال مصدر أمني على دراية بالجماعات المتشددة في العراق إن قتل البغدادي سيؤدي إلى تفكك هيكل التنظيم القيادي بسبب خلافات بين كبار القيادات وغياب الثقة بين أعضائه الذين اضطروا للجوء إلى العمل السري عند انهيار “دولة داعش”
وزاد المصدر: “نحن على قناعة بأن مقتل البغدادي سوف لن يؤدي إلى تلاشي تنظيم داعش لأنه في نهاية الأمر سيقوم باختيار بديل له لقيادة التنظيم… لكن في نفس الوقت أي كان من سيخلف البغدادي لن يكون في وضع يسمح له بإبقاء التنظيم موحدا”.
قال المصدر إن الزعيم الجديد سيحاول إعادة هيكلة التنظيم بتشجيع أتباعه على شن عمليات لا في العراق فحسب بل في دول أخرى لرفع الروح المعنوية بين أتباعه الحاليين والجدد.
وقد جذب التنظيم أنصارا في أفريقيا وآسيا وأوروبا. وتبين حوادث استخدم فيها مهاجمون مثلما حدث في لندن أسلحة يسهل الحصول عليها كالسيارات أو السكاكين أن غياب الدعم التنظيمي لا يمثل عقبة.
وفي جنوب شرق آسيا حيث نشر التنظيم نفوذه يعتقد مسؤولون أنه لابد من التصدي لأفكاره حتى بعد موت البغدادي.
وقال أيوب خان مدين بيتشاي رئيس وحدة مكافحة الإرهاب بالشرطة الماليزية “موته لن يكون له أثر يذكر هنا لأن المشكلة الرئيسية لا تزال انتشار أيديولوجية داعش”.
وأضاف “ما يقلقنا أشد القلق الآن هو هجمات الذئاب المنفردة وهؤلاء اعتنقوا الأفكار المتطرفة بأنفسهم من خلال الإنترنت. ونحن ما زلنا نشهد انتشار تعاليم داعش على الإنترنت. ويعاد نشر منشورات داعش ومجلاتها منذ سنوات ويعاد تداولها”.
وفي العراق حيث أعلن البغدادي قيام دولته من جامع النوري الكبير في 2014 اتبعت السلطات سياسة استهداف شخصيات التنظيم القيادية كوسيلة فعالة لاحتوائه.
لكن المحلل الهاشمي يرى أن الأمر يتطلب ما هو أكثر من ذلك، وقال ردا على سؤال عن إمكانية إعادة ترتيب صفوف التنظيم “نعم يمتلكون هذه القدرة. الطريقة لمنع ذلك هي بخلق بيئة طاردة للإرهاب من خلال تمكين الديمقراطية الحقيقية والمجتمع المدني”.
وأضاف “قتل القيادات شيء جيد لكن لا يمنع عودتهم، وحدها البيئة الطاردة للإرهاب تمنع عودتهم”.