في مقالٍ سابق تكلمنا عن أهمية الطاوسات ورمزيتها في الدين الئيزدي الحديث, واليوم نلقي ضوءاً على تاريخها ومصدرها ومتى عرفها الئيزديون وهل الئيزديون فقط قدسوا التحف النادرة من المصنوعات القديمة التي كانت نادرة جداً, كرمزٍ ديني ؟. نحن نتكلم تاريخياً علمياً أو على الاقل منطقيّاً ولا علاقة لنا بالتقديس لأن الحقائق التاريخية لا يُمكن التوصّل إليها بالتقديس ولا باللاهوت .
أول نظرة على الطاوسات التي في الهند أو عند الئيزديين أو غيرهم توحي إليك أنها تتطورت بصورةٍ فنية من السراج المُنير, وكلنا نعلم أن في الماضي لم تكن هناك وسائل إضاءة في الليل, كانت النيران للتدفئة والضياء, ولما تتطور المجتمع البشري صُنعت السراجات واستخدم الزيت والدهون وطبيعي أن تقتني الأُسر الحاكمة والمتزعمة أفضل السراجات وتفنن المهرة في تطويرها كما نشهدها الآن في التقدم الصناعي وموديلاته , هذا يبدو واضحاً في تركيب الطاوسات فكلها, بدون إستثناء مكونة من أيقونة متعددة الحلقات تتوج بتمثال طير, أسفل الطير حوض للزيت , كما أن هناك سراجات أقل تطوراً للإستخدام بينما أصبحت الطاوسات تحف للزينة أومقدسة لا تدنس بالزيت ومخلفات الإحتراق هذا واضح عند الئيزديين في إتخاذ الطاوس رمزاً دينيّاً مقدساً بينما إستُعمِلَ (جرايَ معرفتي) والجقلتوو في إنارة ديوان السما في لالش والطاوس في دوراته, ومثلها كانت تُضاء دواوين الملوك العظماء و بالطاوس نفسه في بعض الازمنة والأماكن, مثل جراي معرفتي كان يُضيء ديوان كسرى في المدائن, هكذا أصبحت مقتنيات الملوك المصنوعة النادرة محل عناية وتعجب واهتمام الرعيّة بحيث تطوّرهذا الإهتمام والعناية إلى درجة التقديس حتى إتهمتهم الأديان الكتابية أنهم أتخذوها آلهة في المجتمعات القديمة واعتبروا ذلك كفراً .
هكذا إكتسبت التحف النادرة القديمة قدسيتها بين رعية الملوك والزعماء القدماء واحتُفظ بها جيداً ومصادرها أيضاً هي مجتمعاتُها بحضارتهم وثقافتهم وفنونهم وترمز إليهم وتجسد عظمتهم ومهارتهم تماماً مثل الصروح العمرانية العظيمة كالأهرامات وكولوسيه وإيوان نوشي روان وسور الصين وغيرها كثيرة, هذه لا شك فيها .
لنأتي إلى طاوسات الئيزديين الذين عاشوا في المحاق لخمسة قرونٍ ونصف لم يكونو شيئاً على الإطلاق , لا إسم ولا هيئة ولاكيان, شتات مختفية في ثغور الجبال لم تكن لديهم طاؤسات التي أتى بها الشيخ عدي بعد إستقراره بين الئيزديين في لالش أو بنكًلي أو بوزان, ولم يتعرّف الشيخ عدي الاول على الزعامة الئيزدية ( بيت ئيزدينةمير) المخفية في زمانه وزمن ابي البركات, هذا واضح في مخطوطةٍ للشيخ عدي وأحمد الرفاعي يقول فيه ( …لتجنيب زوجة أبي البركات زوق البوزية ,….) أي إبعاد زوجة أبي البركات من الداسنيين البوزانيين) لماذا لم يقل أبي البركات ؟ لابد أنه كان متوفياً في ذات الحين أي في حدود 570 ـ 575 هجرية حين كان صلاح الدين قد ظهر وبدأ الحراك الداسني ونشوء الدين الئيزدي الحالي, لكن الرفاعي توفي وتم التوافق بين الأسرة الشمسانية والآدانية بزواج ئيزدينةمير من بنت الأرملة ستيائيس وأخت الشيخ عدي الثاني الذي به نهض الداسنيون, وأُدخلت الطاوسات كمقدسات الآدانيين رمزاً للشيخ عدي المتوفي الإمام وأضيفت إلى مقدسات الداسنيين الكثيرة مثل بري شباكي والجامات والسراجات المقدسة الباقية حتى اليوم وأضيف إليها الخرقة القادرية التي أتى بها الشيخو بكر ملتحقاً بهم من بغداد , فأصبحت ثلاث مقدسات مهمة كل أسرة شيخ لها رمزها المقدس (( الخرقة للقاطان, الطاوسات للآدانيين وبري شباكي للشمسانيين))
متى وجدت الطاوسات ومن أين أتى بها الآدانيون ومن تُمثّل ؟
هذا هو موضوعنا في هذا المقال :
في آخر مقالٍ له يقول الدكتور خليل جندي مايلي [….أكثر الأشياء المقدسة في الديانة الإيزيدية، السنجق (أساسي) ، والذي يمثل الطاووس ملك (Tâwûsê Melek ) أو الملاك طاووس (Melek Tawus) ، الكائن الأكثر تبجيلا …] وبعده يُكمّل : […السنجق (Sanjaq) ، الذي يعتقد أنه خلق من قبل Tâwûsê Melek نفسه ،
لم أكن لأُعلّق على الموضوع لو أن الدكتور لم يكن أعلم منا جميعاً بحقيقة الموضوع ومع ذلك يُريد تحويل إتجاه التاريخ لا أدري لماذا ولأي هدف وماذا نستفيد من زيادة التخبط الذي نحن فيه غارقون ؟ رحم الله رجالُ ديننا الأميين الأجلاّء لم يكن هناك إشتباه او خلط من أيّ نوع, كان ديننا واضحاً جليّاً معلوم الهوية والإيمان, وما أن حملنا الأقلام حتى غرقنا في المتاهات, لا يزال هناك قوالون لكنهم قد تقاعسوا عن إداء واجباتهم, كان عليهم بالجهر علانيةً : لمن هي الطاوسات ؟ ومن أتى بها ومن تُمثل ؟ وهم أعرف الناس بحقيقة ديننا , إلى حد هذا اليوم لم أسمع إنساناً قال طاوسات طاوسي ملك , هي طاوسات الشيخ عدي لأنه هو الذي أتى بها وعرّفها للئيزديين وترمز إليه وتمثله, والأدلّ على ذلك هو إسم ال(داوةنبي) في القرية التي ينزل بها الطاوس يكون ذلك اليوم عيداً وداونبي للشيخ عدي وبإسمه , إذهبوا إلى القوالين وتأكدوا, بينما تاوسي ملك له عيد الخليقة فقط لأنه هو الخالق خودان وليس ملاك, ثم يكمل الدكتورفيقول يعتقد أنه خلق من قبل Tâwûsê Melek نفسه أي أنه هو الذي صنعها أيضاً, هل كان طاوسي ملك حداداً أم صائغاً أم صاحب عين قطرٍ؟ إنها مادة ومن صنع البشر الفنانين المهرة وليس من صنع لاهوتي سماوي, الشيء الذي لا يُؤيده التارخ لا يُؤيّده القلم, طاوسي ملك ليس إنساناً هو مُسمّى صاحب الشمس هو قدرة مطلقة غير معروف الوصوف بالنسبة للفكر الئيزدي,, فقط نقول (( ئةو رةحمة و ئةو كةرةمة ويت دلادا ويت قةلبادا)) هذا أفضل وصف للخالق إستشفته من كلام الئيزديين, ربما الأجانب قد إختلط عليهم الأمر من حيث النطق بالإسم (طاوسي ملك ) (وطاوس الشيخ عدي) لكن الئيزدي يعرف الحقيقة والفرق بينهما كبير.
من أين أتى بها الشيخ عُدي وكيف حصل عليها ؟ هذه فيها إجتهادات قد تكون قريبة من الصواب وقد لا تكون, فالأمويون غزوا البلدان شرقاً وغرباً ولم يتركو قريةً لم يغزوها من الصين وحتى فرنسا فقد يكونون قد أستولوا عليها في غزواتهم من مختلف الممالك واحتفظوا بها كتحفٍ نادرة في بلاطهم ورموزاً بعد سقوط الدولة الأموية , أَو قد تكون لهم قبل ذلك فهم كانوا سادة أسياد العرب قبل الإسلام وبعده,
أما عن عدد الطاوسات فقد جاء( ….. عندما كُتِبت أولى الروايات الاوربية الجدية عن الديانة اليزيدية، قيل إن هناك سبعة سناجق، كل منهما مرتبطة….) كنت أتمنى أن أقرأ أو أسمع ولو مرةً واحدة شخصاً مُؤرّخاً سائحاً قوّالاً يقول وجدتُ سبعة سناجق, حتى هنا أولى الروايات الأوربية الموثوقة للمستشرقين تقول (قيل) ولماذا لم تقل شاهدنا, قيل ولم يُشاهد, هذا قبل 200 سنة قبل أن يأخذهم فريق باشا, أنا اِشك ان تكون هناك أكثر من ثلاثة في أي وقت ربما يصح هذا العدد قبل مجئ الشيخ عدي أو في القرن السابع الهجري , ففي هذا القرن حدثت أحداث إنتقلت ملكيتها إلى بيت الإمارة القاطانية من أصحابها الآدانيين, في هذه الحالة كان يجب أن تكون بعضها مُخبّأة عند بيت الكتاب البحزاني ….. هذه فرضيات ليست إلاّ .
حاجي علو
31 أكتوبر 2019
حقيقة منذ زمن بعيد قررت مع نفسي أن لا أرد على كتابات الأخ حاجي علو . لا أرد على كتابات أنسان يرى في نفسه كاتباً يسلك منهجاً ذات إتجاه واحد (Einbahnstrasse) . الأخ حاجي علو ليس فقط لا يقبل بالاتجاه الآخر بل يشوه فكر القراء عن الآخر المخالف لرأيه. انه، أي الأخ حاجي، يبدو لي لا يقرأ المقالات والأبحاث بعيونه وعقله، وإنما يقرأها بموجة العاطفة المسيطرة عليه ، والدليل على ذلك ما يبديه من ملاحظات في رده هذا على رمزية الطاووس المنشورة حلقتين منه، دون أن يجهد نفسه وينظر إلى عنوان المقال أو البحث: (تتبع درب الطاووس من شمال العراق إلى سنغافوره ، كتابة البروفيسور دكتور مارتن فان بروينسن ، ترحمة خليل جندي) ، واضح لأي إنسان بسيط بأني لست كاتب المقال بل قمت بترجمته من دون أن أضيف غليه شيئاً من آرائي أو أعلق عليه في الحاشية…إلا أن ذلك لن يمر على بصيرة الأخ حاجي واعتبرني كاتب المقال وبدأ يخربط ويتفوه بكلمات وجمل أكبر من حجمه بحقي ليقول: (لم أكن أعلق على الموضوع لو أن الكتور لم يكن أعلم منا جميعاً بحقيقة الموضوع، ومع ذلك يريد تحويل إتجاه التاريخ. لا أدري لماذا ولأي هدف وماذا نستفيد من زيادة التخبط الذي نحن فيه غارقون؟). إنتهى الإقتباس
دعوتي للأخ حاجي من الآن فصاعداً أن يقرأ المقالات والمواضيع بشكل جيد وبعيون مفتوحة وبروح علمية قبل أن يطلق احكامه النارية غير اللائقة. أنا اسألك يا أخ حاجي علو: ماهي مصلحتي من تحويل إتجاه التاريخ؟!! وأسألك أيضاً: من هو الذي يساهم في زيادة التخبط وتشويه الحقائق وتشوية التاريخ؟!
أخي، أنت أو، أي إنسان ايزيدي آخر، حرّ فيما تؤمن وتفكر به، وأنت حرّ في أن تعتبر نفسك داسنياً وزردشتياً وساسانياً وشمسانياً وآرياً، وأن تؤمن بالدين الذي تريده…لكن ليس من حقك فرض رأيك على الآخرين وتوصف الذين يخالفونك في الرأي بأنهم يتخبطون ويريدون تحويل إتجاه التاريخ!!…سوف أرى الوقت المناسب في قادم الزمن لأعلمك ومن خلال النصوص الدينية الايزيدية وما هو مذكور في بعض كتب التاريخ عن “شمسانيتك” التي دوخت بها رؤسنا!
أستاذي العزيز أنت ناشر المقال لو كان لك راياً آخر فيه لنوهت عنه وذكرت أنها طاوسات الشيخ عدي ولم أكن أتحمل عناء الكتابة وكل قارئ يقرأه يعتبره من رأيك وموافقتك, ولهذا أردت ان أُظهر بطلان ذلك وليفهم القارئ ما يفهم , نفس الشيء بالنسبة للعدد ليس أنت الذي قلت سبعة قالوها قبلك ورجال ديننا بالذات لكني نوهت عن عدم تصديقي , وشكراً