المثل العراقي الشعبي النابت يقول: إن الحياء ليس سوى قطرة وليس سطلة. والسؤال هنا، بعد كل ما حصل في العراق خلال شهر تشرين الثاني/أكتوبر 2019، دع عنكم كل الموبقات السابقة، هو: هل عادل عبد المهدي، الحاكم بأمره وأمر ولي الفقيه الإيراني، وبقية حكام العراق الحرامية والنخب المرتبطة بها وقادات الأحزاب الإسلامية السياسية الحاكمة، تستحي من نفسها، من شعبها، من الرأي العام العالمي، من المجتمع الدولي، م إلهها الذي لا تؤمن به اقتراناً بسلوكها، إم إنها فقدت الحياء كله منذ أن بدأت مسيرتها الضالة في الحكم، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية وإيران على نحو خاص، وواصلت نهبها المنظم لخيرات العراق وسرقة المال العام وسلب لقمة العيش من أفواه الأطفال واليتامى والأرامل وضحايا الحروب والعاطلين عن العمل، وانتهجت سياساتها القذرة التي اتسمت منذ اليوم الأول وحتى الآن بالتمييز الفجائعي بين المواطنات والمواطنين على أساس الهوية الدينية والطائفية والقومية والإقليمية والعشيرة …الخ، ومارست الحكم الطائفي المحاصصي واستخدمت كل ما حرمته الديانات السماوية والشرائع الوضعية المحلية والدولية والتقاليد النبيلة والمشرفة لشعب العراق في ممارسة الحكم؟ الجواب وصل عبر المنتفضين في كل ساحات وشوارع العراق، في بغداد والبصرة والعشار وبابل وكربلاء والنجف والناصرية والسماوة والكوت وطويريج (الهندية) والديوانية و.. الخ، (باسم الدين باگونة الحرامية)، (بغداد حرة حرة، إيران برة برة)، (الشعب يريد إسقاط النظام).. الجواب للسؤال: لا حياء ولا حياة لمن تنادي! لا حياء ولا مستحى لدى حكام العراق!
لقد اعتاد حكام العراق الجدد ممارسة القاعدة المعروفة في النظام الفاشي الهتلري: “اكذبوا ثم اكذبوا ثم اكذبوا، لعل بعض أكاذيبكم تعلق بأذهان الناس!” وحين يكون رب البيت الحاكم كذاباً بامتياز، فشيمة بقية الأجهزة التابعة لهذا الحاكم هو الكذب. “إذا كان رب البيت بالدف ناقر فشيمة أهل البت كلهم الرقص!”. هكذا برهن من جديد عادل عبد المهدي ومحافظ كربلاء على سبيل المثال لا الحصر، دع عنك بقية الموظفين الكبار من القوى المحسوبة مباشرة على الأحزاب الإسلامية السياسية الحاكمة. فهذا المحافظ يكذب حين يدعي بأن المواطن المنتفض، الذي قتل في كربلاء برصاصتين واحدة في عينه اليمنى والأخرى في رأسه، قد قتل بسبب جناية وخارج المدينة، في حين إن قوى الأمن قتلته بهذه الطريقة الإجرامية بسبب مشاركته القوية في انتفاضة شبيبة كربلاء، وبهذا فالمحافظ لا يكذب فحسب، بل ويريد تشويه سمعة مناضل عنيد وبطل.
يعتقد عادل عبد المهدي أنه قادر على خداع الشبيبة العراقية المنتفضة، وعموم الشعب، المطالبة بالتغيير الجذري للنظام السياسي المحاصصي الفاسد والمقيت. فهو يتحاور مع مقتدى الصدر، الذي طالبه بالاستقالة: أنك تريدني أن أستقيل، إذن اتفق مع هادي العامري لتشكيل حكومة جديدة وسأستقيل مباشرة. أي أنه يريد أن يبقي تشكيل الحكومة في إطار المحاصصة الطائفية التي يرفض الشعب ذلك. ولكن ماذا كان جواب الصدر الذي سار على نفس النهج الطائفي حين أجابه: سأدعو العامري لتغيير الوزارة، أي أن تبقى الوزارة الجديدة في إطار لعبة المحاصصات الطائفية الفاسدة التي تم بموجبها اختيار عادل عبد المهدي لرئاسة الوزارة بين كتلتي “سائرون” و“الفتح“، والتي لم تكن تعبر عن إرادة ومصالح الشبيبة وعموم الشعب. ولهذا انتفض الشعب ليتخلص من هذه الحكومة ومن النظام السياسي الذي يقوم على أساس المحاصصة الطائفية السيئة الصيت والسلوك والسياسات والفساد السائد في البلاد كنظام متكامل ومتفاقم.
اختشوا (على حد قول المصريين) من ربكم إن كنتم لا تختشون يا حكام العراق من الشعب العراقي والرأي العام العالمي الذي يتابع مهازلكم اليومية وفي كل ساعة في وطن استبحتموه وسببتم سبيه واغتصاب الآلاف من نسائه الشريفات وبيعهن في “مزاد السبي الإسلامي!”، اتركوا العراق للعراقيات والعراقيين يا من بعتموه بأبخس الأثمان، اتركوا الوطن الذي أوصلتموه إلى مستنقع الرثاثة والعفونة.. اتركوا هذا الوطن الجميل الذي قبحتموه بأفعالكم الدنيئة.
يريد عادل عبد المهدي تحقيق الاتفاق فيما بينهم على تشكيل حكومة جديدة من الطراز الطائفي الفاسد نفسه، ويطلب من الكتلتين الكبيرتين “سائرون والفتح” الاتفاق فيما بينهما، وهما في مجلس نيابي لا يختلفان في النهب عن أكثر أعضاءه وعنكم، وفيهما من الفاسدين ما يكفي للاستمرار في المحاصصة والنهب. وهو ما يدركه الشعب جيداً ولن تمر عليه هذه اللعبة الجديدة. الشعب لا يأخذ موافقته في إسقاطكم من علي خامنئي (إيران)، كما يفعل برهم صالح وعادل عبد المهدي وهادي العامري وفالح الفياض وأبو مهدي المهندس وغيرهم، والذين لم يحصلوا حتى الآن على الموافقة، كما يبدو، بل قيل لهم ليبقى هذا “النكد” في الحكم حتى نجد من يمكن أن يخلفه ولا يختلف عنه. الشبيبة المقدامة أدركت من أنتم، وماذا يبقيكم، ومن يبقيكم، في السلطة، وهو يريد إسقاط كل أسباب بقاؤكم في السلطة ومن يريد ذلك بهدف وضع البلاد بأيدي شعبه وشبيبته المنتفضة التي تسعى اليوم لبلورة وتشكيل قيادتها الواعية والمدركة لما تريد وتسعى إليه بكل إصرار ومسؤولية. إن الشبيبة تناضل من أجل إقامة دولة حرة ديمقراطية، دولة لا يحكم فيها الدين والمذهب والطائفة والفساد، بل الشعب، وباسمه ستسقطكم الشبيبة أيها الحكام الذين تركتم الذمة والضمير خلفكم ووضعتم الدولار الأخضر قبلة لكم واحتميتم بالمنطقة الخضراء التي سوف لن تحميكم من غضب الشعب الذي تحمل الكثير ولم يعد قادراً على تحمل أكثر مما تحمل من أعباء تنهار تحت ثقلها الجبال!