كان الشعب يترقب بلهفة خطاب رئيس الجمهورية , بأعتباره حامي الدستور . ان يضع حداً لسفك الدماء التي ارتكبت ضد الشباب المتظاهر , ظلماً وعدواناً وغدراً . ان ينحاز الى صوت العقل والحكمة , ويقف مع مطالب الحق الشرعية , التي نادى بها شباب الثورة العراقية الشجعان. أن يضع حداً للازمة الخطيرة التي تعصف بالعراق . ان يطرح حلول ومعالجات حقيقية . حتى يتنفس العراق الصعداء , وتنتهي رحلة العذاب والمعاناة والدماء . ولكن من المؤسف والمؤلم , لا هذا ولا ذاك . جاء كأنه من كوكب او بلد لم يسمع عن العراق , لا من بعيد ولا من قريب . فكان هو في وادٍ والعراق في وادٍ اخر تماماً . جاء الخطاب بائس وهزيل . كأنه أنشاء لطلبة المدرسة المتوسطة . جاء مليء بالعواطف المزيفة . لا معالجة الازمة , بأن العراق انتهكت كرامته وعزته , عراق غارقاً بالدماء والغازات السامة , عراق معطل , ليكون سوقاً داخلياً الى ايران . عراق تعبث به المليشيات والحرس الايراني . عراق تحكمه السفارة الايرانية في بغداد . عراق يعيش الخيبة والاحباط واليأس . لذلك جاءت ثورة المارد العراقي الجبار , لتنتشل العراق من المستنقع الايراني القذر . جاءت الثورة لتحرر العراق من الاحتلال الايراني البغيض . جاءت لتحمي ثروات وخيرات العراق من الحرامي الايراني . جاءت لتسقط النظام الطائفي الفاسد , وتضع العراق على سكة الاصلاح والبناء . جاءت بحق العراقي بالحياة والعمل بالتغيير الجذري .
لهذا السبب هدد خامئني ثورة الشباب , التي اصبحت تهدد الوجود الايراني بالرحيل عن العراق . ولهذا السبب استشاط خامئني غضباً ووزمجر غضباً بالتهديد والوعيد , في استخدام اقسى انواع القمع الدموي , واعطى شرعية بقتل المتظاهرين المخربين , ووصف ثورتهم بأنها من اعمال الشغب بالتخريب يقوم بها المخربين والمشاغبين , عملاء امريكا واسرائيل والسعودية . لانه تحسس الخطر الجدي على وقف ضخ المليارات الدولارات العراقية , لانقاذ نظامه من الافلاس والانهيار .
جاء الخطاب الهزيل مليء بالوعود المزيفة سيكون وسيكون ثم سيكون , جاء الخطاب خارج اطار الازمة العاصفة , وما تفعل هذه الوعود الملئية بالاكاذيب , لا يمكن ان تنفذ وتحقق , وانما هي جملة من الوعود التي تلوكها الحكومات المتعاقبة , دون ان تحقق وعداً واحداً منها . لذلك ماذا ستفعل هذه الوعود :
– هل تستطيع هذه الوعود ان تتحقق بسحب السلاح من المليشيات ؟
– هل تستطيع احالة ملفات الفساد الى القضاء؟
– هل تستطيع ارجاع الاموال المنهوبة ؟
– هل تستطيع ان تلغي المفوضية العليا اللامستقلة والفاسدة ؟
– هل تستطيع ان تتمكن من تعديل وتغيير القانون الانتخابي في ظل نظام المحاصصة الطائفية ؟
– هل تستطيع ان تضمن اجراء انتخابات مبكرة , بشكل عادل ونزيه ؟ وليس مثل الانتخابات الاخيرة والكل يقول عنها مزيفة ومزورة .
– هل تستطيع ان توفر فرص العمل وتوفير الخدمات والاصلاح ؟ , واموال العراق تذهب الى ايران ؟
– هل تستطيع تشكيل مفوضية جديدة بعيداً عن المحاصصة ؟
– هل تستطيع محاكمة القتلة والمجرمين الذين اغرقوا العراق بالدماء ؟
لكنه يبشرنا بالخبر العظيم , بأنه اتفق على استقالة رئيس الوزراء ( ابو العدس ) ليأتي بديله ( ابو الفاصوليا ) وتعود حليمة الى عادتها القديمة . وكان من المفروض من رئيس الجمهورية , ان يطرح الحلول والمعالجة الجذرية , التي تنقذ العراق من الهلاك والخراب . مثل هذه النقاط :
1 – تشكيل حكومة انقاذ وطني من التكنوقراط غير مرتبطين بالاحزاب والحزبية , لفترة محدودة , تهيء الظروف المناسبة . لتغيير القانون الانتخابي بقانون عادل ونزيه , وتحقيق الاصلاحات الفورية لصالح الشباب
2 – تشكيل مفوضية العليا الجديدة المستقلة
3 – ان تكون الانتخابات تحت اشراف دولي
4 – محاسبة القتلة والمجرمين وتقديمهم الى المحاكمة
5 – انصاف الشرائح الفقيرة والعاطلين بمساعدات شهرية . وتوفير فرص العمل للشباب بشكل فوري
6 – يجب ان يعرف الشعب من هؤلاء القناصة الملثمين ذوي الزي الاسود , من أين جاءوا ؟ وما هي الجهة التي ارسلتهم ؟ ومن المسؤول أو المسؤولين الذين سمحوا لهم بالقتل الدموي ضد المتظاهرين ؟
7 – خفض الرواتب من رئيس الجمهورية الى المدير العام بنسبة 50% . وتخفيض الحمايات بعدد محدود
8 – استغلال الكوادر العلمية والفنية في التوظيف , دون معايير حزبية
9 – تعويض الشهداء والجرحى بشكل مناسب , يكرمون بعطاءهم الوطني البطولي
ان الحلول الهامشية والترقيعية , تصب الزيت على النار , ولا يمكن للتغيير الجذري ان يتحقق , إلا باسقاط النظام الطائفي الفاسد …………………….. والله يستر العراق من الجايات !!
جمعة عبدالله