بغداد – بدأ المتظاهرون العراقيون منذ الساعات الأولى لصباح اليوم الأحد، بغلق الطرق الرئيسية والجسور في العاصمة بغداد وبقية المدن العراقية، لتنفيذ إضراب عام على خلفية عدم استجابة الحكومة لمطالب الحراك الشعبي طيلة الأيام الماضية.
وواصلت مدارس ومؤسسات حكومية عدة إغلاق أبوابها في بغداد ومدن جنوبية عدة الأحد، أول أيام الأسبوع في العراق الذي يشهد احتجاجات دخلت شهرها الثاني للمطالبة بـ”إسقاط النظام”.
وقالت مصادر عراقية إن المحتجون أغلقوا عدد من الأحياء المحيطة بساحة التحرير بغداد والطرق الرئيسية المؤدية إلى وسط المدينة وعدد من الجسور مثل جسر منطقة الشعب وجسر شركة سومو وجسر البنوك، بالإضافة إلى مخارج مدينة الصدر، وسريع الدورة من جهة بغداد الجديدة.
وأطلقت قوات مكافحة الشغب تحذيرا عبر مكبرات الصوت للمحتجين تطالبهم بالابتعاد عن الحاجز الإسمنتي الذي وضع على جسر السنك، تفاديا لأي عملية احتكاك بين قوات الأمن والمحتجين.
وقالت مصادر صحفية إن منسقي الاحتجاجات في بغداد يبحثون عن الانتقال إلى مرحلة جديدة من الاحتجاجات بسبب عدم تحقيق المطالب وممطالة الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية.
ويفصل الجسر بين المتظاهرين في ساحة التحرير و”المنطقة الخضراء” شديدة التحصين، وهي تضم مباني الحكومة والبرلمان والبعثات الأجنبية.
ويأتي التحذير بعد ساعات أيضا على نجاح المحتجين برفع الحواجز الإسمنتية التي نصبتها قوات الأمن في شارع أبو نواس وسط بغداد والمؤدي إلى جسر الطابقين أحد مداخل المنطقة الخضراء من جهة منطقة الكرادة.
ووسط دعوات الناشطين إلى عصيان مدني، أدى إعلان نقابة المعلمين الإضراب العام الأحد إلى شلل في معظم المدارس الحكومية في العاصمة والجنوب.
كما امتنع العديد من الموظفين عن الذهاب إلى أعمالهم في مدينة الحلة بمحافظة بابل جنوب بغداد، وسط إغلاق لمعظم الدوائر الحكومية.
وأغلقت المدارس وبعض الإدارات الرسمية أبوابها أيضاً في الديوانية جنوب بغداد، حيث علق المتظاهرون لافتة كبيرة على مبنى مجلس المحافظة كتب عليها “مغلق بأمر الشعب”.
هنا م̷ـــِْن ساحة التحرير
في بغداد ومن فوق جبل احد (اي المطعم التركي) تصدح اصوات المتظاهرين يران برئ برئ بغداد تبقئ حره
احييكم متابعي الكرام وانا اسف لنقطاعي عنكم بسبب النت الذي وقفته الحكومه الفاشله pic.twitter.com/p67PrBcf9Z— الموقع الرسمي لعشيرة للجباريين (@7wk7d0tTW4kgBJT) November 3, 2019
وفي مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية، أغلق المحتجون أيضا كل مداخل الحي ومخارجه، على غرار أحياء أخرى من شرق بغداد.
ويزداد عدد طلاب الحوزة الدينية في مدينتي النجف وكربلاء المقدستين لدى الشيعة، للمشاركة في التظاهرات يوماً بعد يوم.
وفي اتجاه الجنوب الشرقي قطع المحتجون الطريق الرابط بين محافظتي بغداد وواسط، وصولا إلى محافظة ذي قار التي تعطلت حركة التنقل فيها خصوصا في الجسور مثل جسر الحضارات وجسر النصر وجسر الزيتون وجسر القيثارة وجسر السريع، في خطوة تصعيدية مماثلة لمواصلة “العصيان المدني” الذي بدا تنفيذه منذ أمس السبت.
وفي محافظة البصرة الغنية بالنفط منع المحتجون موظفي المؤسسات الرسمية والحيوية من الوصول إلى أماكن عملهم، لإجبارهم على تنفيذ عصيان مدني، يشل الحياة العامة بالمحافظة في مسعى للضغط على الحكومة العراقية لتنفيذ المطالب.
فيما حذر الأمن العراقي المحتجين محاولة عبور الحواجز التي وضعتها على جسر السنك المؤدي إلى المنطقة الخضراء، داعية إياهم التراجع إلى ساحة التحرير.
وقال جاسم العيداني أحد منسقي تظاهرات البصرة إن “المحتجين قطعوا الطريق المؤدي إلى شركة الحديد والصلب غربي المحافظة ومنعوا عبور حافلات تقل الموظفين”.
وأوضح العيداني أن “المحتجين قطعوا أيضا الطرق المؤدية إلى شركة الأسمدة ومحطة الكهرباء الغازية غربي البصرة ومنعوا الموظفين من الذهاب إلى وظائفهم”..
وتابع أن “العصيان المدني رد فعل لعدم استجابة الحكومة والبرلمان للمطالب”.
كما رفض المحتجون الأحد، دعوة قيادة عمليات البصرة (تتبع الجيش) بالابتعاد عن ميناء أم قصر الشمالي والجنوبي، الذي يعتبر العصب الرئيس لدخول وخروج البضائع عبر البحر.
وأمس السبت، كانت قيادة عمليات البصرة قد طلبت من آلاف المحتجين بالابتعاد عن الميناء المغلق منذ أربعة أيام من قبل المتظاهرين، مشيرة أن إغلاق الميناء تسبب في تأخر وصول الأغذية والأدوية.
لكن المحتجين الذين واجهوا الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية التي أطلقتها قوات الأمن، أكدوا أ تغيير نظام الحكم في البلاد هو الشرط الرئيس لاستئناف عمل الميناء.
وقال ياسر العبدلي الذي كان من بين المتظاهرين في البصرة إن “المتظاهرين أقدموا في ساعة متأخرة من الليلة الماضية على إغلاق مداخل ميناء أم قصر بواسطة الكتل الإسمنتية، وطالبوا قوات الأمن الابتعاد عن أي محاولة لتفريقهم”.
وأوضح العبدلي “إغلاق ميناء أم قصر جاء بعد أسبوع على الاحتجاجات وسط مدينة البصرة والتي لم تبد الحكومة الاتحادية والبرلمان أي اهتمام لها سوى الوعود”.
وتابع العبدلي “هناك اتفاق بين تنسيقيات التظاهرات في البصرة على تصعيد الاحتجاجات ومنها إغلاق ميناء أم قصر وحقول النفط كمرحلة ثانية من الاحتجاجات، وهذا الشيء تتحمله الأحزاب الحاكمة لأنها لم تلب مطالب المحتجين”.
وأشار إلى أن “الانسحاب من ميناء أم قصر وإعادة فتحه مرهون بتغيير نظام الحكم في البلاد”.
وقال وزير التجارة العراقي محمد هاشم العاني اليوم الأحد، إن استمرار الاحتجاجات أدى إلى تأخير تفريغ العديد من شحنات الأرز والأغذية بميناء أم قصر.
ويسعى المحتجون مع دخول الموجة الثانية من مظاهراتهم المتواصلة في البلاد يومها التاسع، إلى إضراب عام في كامل المحافظات بعد أن اتفق قادة الاعتصامات ليل السبت، خلال اجتماعات داخل الخيم بالتشاور مع القضاة والقانونيين وبعض الأكادميين، على وضع مسودة من خمسة نقاط ستعلق الأحد على بناية “المطعم التركي” الذي أصبح رمز المظاهرات في بغداد.
وستكون المسودة التي تحمل المطالب الرسمية متاحة للجميع على البناية المطلة على ساحة التحرير من جهة على جسر الجمهورية ونهر دجلة الذي يشطر بغداد إلى نصفين، ومن ناحية ثالثة على المنطقة الخضراء شديدة التحصين.
وعلق المتظاهرون منذ الأيام الأولى للاحتجاجات على بناية “المطعم التركي” لافتات تحمل مطالبهم، واحتشدوا فيها، بهدف الإشراف على الاحتجاجات بساحة التحرير ومراقبة تحركات قوات الأمن ضد المتظاهرين.
وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان، فيصل العبد الله، إن 260 محتجًا قتلوا وأصيب 12 ألفا آخرين منذ بدء الاحتجاجات، مطلع أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
وأفاد بأنه تم “إضرام النيران في نحو 100 مبنى حكومي ومقرات حزبية”.
وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، قبل أن يرفعوا سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة، إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه.
ومنذ بدء الاحتجاجات، تبنت حكومة عادل عبدالمهدي عدة حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لكنها لم ترض المحتجين، الذين يصرون على إسقاط الحكومة ضمن مطالب أخرى عديدة.