ظهر فيديو، هو الأول كما يبدو لما تم تسجيله من تبادل لإطلاق النار بين كوماندوس أميركيين وعدد من “الدواعش” كانوا مساء السبت الماضي برفقة “الخليفة الداعشي” أبو بكر البغدادي في منزل حل فيه ببلدة “باريشا” بالشمال السوري، وهو فيديو بثته صحيفة “التايمز” البريطانية في موقعها اليوم السبت، ويبدو أن جاراً للمنزل كنيته “أبو مصطفى” سجل بهاتفه المحمول ما كان يصل إلى مسمعه وهو في بيته القريب 300 متر من المنزل الذي كان فيه البغدادي، من دون علمه بأن ما كان يجري هي تصفية للإرهابي الأول في العالم، فروى الجار للصحيفة ما ساعدها على إعداد تحقيق كبير، فيه الكثير من تفاصيل جديدة، خصوصاً الفيديو، باعتبار أن الفيديو الذي أفرج عنه “البنتاغون” لقسم من العملية، ومعروض أدناه، كان صامتاً.
“عملية كيلا مولر”
من التفاصيل، أن فرقة انقضاضية الطراز، قوامها 30 عنصراً من”قوة دلتا” الأميركية، إضافة إلى 60 من قوات الصاعقة البرية، بدأوا تدريباتهم قبل شهر للإغارة على منزل بنوه في قاعدة جوية أميركية خارج مدينة اربيل بكردستان العراق، وجعلوه شبيهاً بالذي علموا من مخبر يرافق أبو بكر البغدادي، أن “الخليفة الداعشي” يحل فيه أحياناً، وهو خارج بلدة “باريشا” بالشمال السوري، ولما أكد لهم المخبر أنه سيكون فيه السبت الماضي، وينوي الانتقال منه إلى منزل آمن آخر في مدينة جرابلس، البعيدة عن “باريشا” أكثر من 183 كيلومتراً في محافظة حلب، أخبروا “البنتاغون” الذي أرسل عسكريين إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فأخبروه في البيت الأبيض أن البغدادي أصبح في متناول اليد، وطلبوا توقيعه لتنفيذ مساء السبت نفسه ما سموه “عملية كيلا مولر” تكريماً لناشطة حقوقية أميركية.
تلك الناشطة كانت عاملة في المساعدات الإنسانية بسوريا حين خطفها بعض “الدواعش” في منتصف أغسطس 2013 بحلب، وخصها البغدادي لنفسه، ثم انتهت بعد أقل من عامين قتيلة وهي في الأسر لدى التنظيم المتطرف، وفقاً لما قرأت “العربية.نت” بسيرتها، لذلك وقع ترمب على الأمر وبسرعة، وبدقائق أقلعت 8 هليكوبتيرات من قاعدتي “أربيل” و”الأسد” الجويتين في العراق، تدعمها مروحيات “أباتشي” الهجومية، إضافة إلى 6 طائرات “درون” حربية من دون طيار، وأخرى مقاتلة أقلعت من الكويت، كما تم وضع 5 طرادات ومدمرات بحرية مزودة بصواريخ موجهة على أهبة الاستعداد في منطقة الخليج، ثم حلقت المروحيات طوال 70 دقيقة ووصلت إلى المنزل في “باريشا” عند منتصف الليل.
وأحدث هدير الطائرات جلبة عند الوصول، دفعت بعدد من “الدواعش” للخروج من سيارة فان بيضاء متوقفة خارج المنزل لمعرفة ما يجري، فعاجلوا الهليكوبتيرات برصاص أطلقوه عليها، وجاءهم من اثنين منها الرد عنيفاً بوابل من الرصاص والقذائف قتلهم جميعاً، ثم طوّق جنود من قوة الصاعقة البرية المكان، وفي الوقت نفسه اندفع عناصر Delta Force وأحدثوا فتحة في الجدار بعد تفجيره، وعند الحفرة بالذات دعا مترجم عربي من ليسوا مقاتلين إلى الاستسلام، فلبى دعوته رجلان خرجا برفقتهما 11 طفلاً.
رجل و4 نساء تم قتلهم عند الباب
القتال في “عملية كيلا مولر” كان على الأرض حقيقة بين 5 مسلحين “دواعش” مزنرين بأحزمة ناسفة، بينهم 4 نساء، هن زوجات وأقارب للبغدادي، وتم قتلهم جميعاً عند الباب، على حد ما تلخص “العربية.نت” من رواية “التايمز” عما جرى.
أما “الخليفة الداعشي” فكان مزنراً هو الآخر بحزام ناسف، وتتبع رائحته كلب بلجيكي اسمه Conan ولديه خبرة قتالية مدتها 4 سنوات، فلحق به إلى نفق بلا مخرج فر إليه مع اثنين من أطفاله، جعلهما ستاراً بشرياً يحميه، وهناك وجد “الداعشي الأول” نفسه بلا مفر، لذلك قام بالسهل الممتنع: فجّر الناسف بجسمه وقتل معه طفليه، البالغ عمر كل منهما أقل من 12 سنة.
اقترب رجال الكوماندوس الأميركيون مما بقي منه بعد التفجير، ووجدوا أن رأسه انفصل عن جسمه بالكامل، أما الباقي فتحول إلى أشلاء، حملوا ما تيسّر منها معهم، ثم نقلوا من المنزل كل ما وجدوه مفيداً للتحقيقات والتحريات والاستخبارات، إضافة إلى أسير كنيته أبو محمد ومعه ابنه. أما المخبر الذي كان في البيت مع البغدادي، فنقلوه معهم أيضاً، بعد أن انتقم من البغدادي الذي قتل أحد أفراد عائلته، فتعمد التقرب منه إخلاصاً له، وفي الوقت نفسه كان يزود الأميركيين بكل ما سهّل لهم تصفية أخطر المطلوبين، وبعدها قذفوا المنزل الذي كان فيه بصواريخ دمرته بالكامل، وأنهوا حكاية الإرهابي الأول في العالم بساعتين على الأكثر.