العراق على مفترق طرق بين إنتصار الثورة الشعبية والانقلاب
بالأسماء .. هذه هي القيادات العراقية التي إتهمها الخزعلي بالتآمر مع “إسرائيل” والولايات المتحدة
لم تدخر إيران جهداً مع وكلائها في العراق، لاجهاض ثورة الشعب العراقي التي إنطلقت في تظاهرات الاول من أكتوبر الماضي، لكنها في كل مرة تصطدم في إزدياد أعداد المؤيدين للثورة الشعبية العارمة، بالتزامن مع الرفض المتصاعد للوجود الايراني وتدخلها الذي لا يتوقف منذ عام 2003 حتى الآن.
الجنرال قاسم سليماني اللاعب الابرز في العراق وصاحب القرار النافذ على جميع افراد الحكومة ، والمطلوب في لائحة الارهاب الامريكية، كان في جولات مكوكية غير معهودة بين طهران وبغداد ، لوضع المزيد من الخطط التي باءت أغلبها بالفشل خلال الفترة الماضية، وباتت إيران ووكلائها في العراق يدركون جيداً الخطر الحقيقي الذي يهدد وجودهم، بعد ارتفاع شعارات مثل “إيران برة برة برة.. بغداد تبقى حرة ” واحراق صور الخميني وخامنئي وقاسم سليماني الذي يطلق عليه العراقيون تسمية الحاكم العسكري للعراق، لذلك كان لابد من وضع خطط بديلة!!
أجهاض الخطة الاولى
بعد وصول قاسم سليماني الى العراق، في أواخر اكتوبر، عقد إجتماعاً أمنياً مصغراً من بعض القيادات العسكرية العراقية وعدد من قادة الميليشيات التي تنضوي ضمن الحشد الشعبي، وابرزهم هادي العامري وقيس الخزعلي.
وخلال الاجتماع تم الاتفاق على أن تقوم الاحزاب السياسية الشيعية بدعوة انصارها للخروج بتظاهرات مماثلة تنطلق من مول النخيل وسط بغداد، وتتوجه لاحقاً الى ساحة التحرير ، وتختلط بالمتظاهرين، وتبدأ بالصدام معها من خلال عناصر ميليشيات بدر والعصائب وكتائب الامام علي والخرساني، واحداث إصابات كبيرة بين الطرفين لافساح المجال أمام القوى الامنية للتدخل وإنهاء التظاهرات في ساحة التحرير، وبالفعل انطلقت مجاميع من عناصر الميليشيات بسيارات فارهة حاملين صورة المرجع الشيعي الاعلى السيد علي السيستاني ، وحاولوا الاقتراب من ساحة التحرير لجس النبض، إلا ان بياناً سريعاً للمرجعية الدينية صدر يوم الخميس – على غير العادة – أكد ان المرجعية ترفض حمل صور السيد السيستاني خلال التظاهرات ، وانه لا يدعم فئة من الشعب العراقي على حساب أخرى، ما أصاب الخطة “B” بالفشل قبل بدايتها، وخرجت مظاهرات خجولة رغم التحشيد الذي قامت به قناة موالية لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وأخرى تابعة لميليشيات مسلحة معروفة.
التمسك برئيس الوزراء
مع علم ايران ووكلائها ان الجماهير العراقية الثائرة، لم تخرج من أجل إقالة رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي وحسب، إنما محاسبة جميع افراد الاحزاب السياسية الذين نهبوا ثروات البلاد طيلة 16 عاماً، واعادة النظر بقانون الانتخابات وإلغاء نظام المحاصصة الحزبية، وإسترداد ثروات العراق المسروقة وتعديل الدستور ، وغيرها من المطالب التي نادى بها العراقيون في ساحات الانتفاضة من بغداد الى البصرة، إلا ان القرار الايراني ألزم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بعدم تقديم إستقالته، وقدم له الدعم الكامل من خلال كتلة الفتح البرلمانية التي يتزعمها الحليف الاقرب لايران هادي العامري.
خطوة وجدتها إيران ضرورية من أجل تهيئة البدائل وبأقل الخسائر، لانها ووكلائها ، كانوا يدركون ان مطالب الجماهير سوف لن تتوقف بإقالة عبد المهدي. لذلك قرروا الابقاء عليه حتى إكتمال الاستعدادات النهائية للخطة الاخيرة ، التي تشكل أكبر السيناريوهات دموية ، والتي يجري التحضيرات لها منذ اسابيع.
ما قبل السيناريو الاخير
ينطوي السيناريو الاخير على خطط مرعبة قد تقود الى مواجهات دموية بين بعض فصائل الميليشيات والاجهزة الامنية ، لذلك يجري تهيئة المزاج الشعبي لها، أو على الاقل تهيئة الجماهير الموالية للاحزاب الشيعية والميليشيات التي عهد اليها تنفيذ السيناريو الاخير.
مصادر أمنية مطلعة من داخل الميليشيات المسلحة ، كشفت ل”يورو تايمز” بعض من تفاصيل السيناريو الاخير.
المصدر أكد ان التمهيد للعملية المذكورة بدأ بتكليف رسمي أيراني لزعيم ميليشيات العصائب ، بالاعلان عن وجود مؤامرة انقلابية على الحكومة تخطط لها “إسرائيل” والولايات المتحدة الامريكية بمشاركة أطراف عراقية مؤثرة.
وبالفعل بدأ الخزعلي بإتهام شركة “بلاك ووتر” بقنص المتظاهرين، رغم ان هذه الشركة لم يعد لها وجود منذ ما يقارب عقد من الزمن؟! لكن أتباعه روجوا هذه الاشاعة من خلال وسائل الاعلام الموالية لهم، ومنصات التواصل الاجتماعي.
وكشف المصدر ان بعد نصيحة تلقاها الخزعلي بعدم التركيز على الشركة المذكورة، بدأ أتباعه يطلقون إتهامات لزعامات سياسية عراقية بالمشاركة في المؤامرة الاسرائيلية الامريكية لاسقاط النظام، حيث أتهم الفوج الرئاسي التابع لرئيس الجمهورية برهم صالح بتنفيذ عمليات قنص المتظاهرين ، الامر الذي نفته الرئاسة لاحقاً.
وفي مقابلة تلفزيونية مع زعيم العصائب قيس الخزعلي، يوم الثالث من نوفمبر، أتهم الولايات المتحدة وإسرائيل صراحة بتدبير انقلاب على النظام، بمشاركة واحد من الرئاسات الثلاث، ومسؤول أمني رفيع المستوى وآخرين.
مصادر قريبة من الخزعلي أكدت ل”يورو تايمز” ، ان الخزعلي كان يقصد بإتهامه الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس جهاز المخابرات العراقية مصطفى الكاظمي “المحسوب على الولايات المتحدة”، بالاضافة الى الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي القائد في جهاز مكافحة الارهاب العراقي الذي تم إصدار قرار بنقله الى “الميرة” قبل اندلاع التظاهرات في العراق، كما اكد المصدر ان هناك إتهامات مماثلة موجهة لقياديين أمنيين في الحشد الشعبي العراقي بالتآمر مع الولايات المتحدة، وتم اعتقال العديد منهم ، أبرزهم “ابو عزام التميمي”.
وكشف المصدر ، ان اتهامات بعض القياديين بالحشد الشعبي تدخل ضمن إطار التنافس المحموم بين جناحين داخل الحشد الشعبي، وسعي طرف للقضاء على الآخر!!
إتهام رئيس الجمهورية ورئيس جهاز المخابرات والساعدي، لم يأت إعتباطاً ، وفقاً لقيادي في الحشد الشعبي، بل جاء ضمن إطار التمهيد للسيناريو الاخير، أو الورقة الاخيرة التي ستُـقدم عليها إيران في حال فشل جميع الخيارات لافشال التظاهرات، أو إقناع المتظاهرين بالقبول بحلول تبقي السلطة الحاكمة بمكانها مع تغيير في الوجوه؟!
وبموازاة تصريحات الخزعلي، التي سعت لاشغال الرأي العام عن عمليات القمع والقتل والارهاب التي يتعرض لها المتظاهرون، هناك حركات خفية تجري في بغداد وعدد من المحافظات الجنوبية الايام الماضية، حيث تم إدخال المئات من عناصر الحرس الثوري الايراني، وعناصر بعض الميليشيات المسلحة الى العاصمة بغداد منذ أسابيع وبسرية تامة.
وسبق ان كشفت “يورو تايمز” ان ما يقرب من (50) حافلة نقلت عناصر من الميليشيات ، الى منطقة الكرادة وتحديداً في منطقة “جملونات تقع خلف معمل الجلود، بينما تم آخرين في مقرات ميليشيا بدر تمهيداً لمرحلة لاحقة.
السيناريو الاخير
واكدت المصادر ل”يور تايمز” ان السيناريو الاخير الذي ستنفذه طهران من خلال تدخل مباشر للحرس الثوري الايراني وعدد من الميليشيات المسلحة، تتصدرها العصائب وبدر وكتائب الخرساني وكتائب الامام علي، وبمشاركة بعض الوحدات العسكرية وجهاز الامن الوطني العراقي ، هو القيام بإنقلاب عسكري صريح للسيطرة على الدولة، والاعلان عن قيام الحشد الشعبي العراقي بتنفيذ إنقلاب إستباقي لافشال المخطط الامريكي ، وفرض قانون للطوارئ ، وتعيين حاكم عسكري مؤقت للعراق، وحكومة تعد لانتخابات جديدة.
المصدر أكد ان الفصائل المسلحة المذكورة لديها إطلاع كامل بالواجبات التي ستكلف بها، ولديها “ساعة صفر” للالتحاق بمقراتها المنتشرة في بغداد، لتنفيذ عملية الانقلاب، بينما ستقوم مجموعات من ميليشيا العصائب بمهاجمة السفارة الامريكية في بغداد في عملية يطلق عليها عملية “الثأر للعلياوي” مدير مكتب العصائب في مدينة العمارة الذي قتل في اكتوبر الماضي، وتوعد الخزعلي خلال تشييعه بالثأر له من أمريكا وإسرائيل.
وأشار المصدر، أن هناك تنسيق غير معلن مع رئاسة إقليم كردستان، حيث تمت إحاطتها علماً بسيناريو للقضاء على التظاهرات ، لكنه لا يجزم بعلم رئاسة الاقليم بوجود إنقلاب صريح سينفذ في حال نفاذ جميع الحلول. إلا انه جرى إعلام الاقليم بوجود دور “مشبوه” لرئيس الجمهورية برهم صالح في مؤامرة امريكية إسرائيلية ، للعب على وتر خلاف حزب “بارزاني” مع الرئيس صالح؟!
وكشف المصدر ان الانقلاب المذكور ستشارك فيه قيادات عسكرية موالية لايران ، وبعضها الاخر يجري إبتزازهم بملفات أخلاقية سجلت ضدهم، أو ملفات فساد مالي، وجرى إسكاتهم منذ انطلاق التظاهرات ، بينما يجري إضعاف سلطات بعض القيادات العسكرية المشكوك بولائها لايران، أو يعتقد انها أقرب للجانب الامريكي. بينما تمنح سلطات كبيرة وموسعة الى جهاز أمن الحشد في بغداد منذ إنطلاق التظاهرات حتى الان.
وفي معلومات خاصة ل”يور تايمز” ، فأن جهاز المخابرات العراقي بات على علم بهذا المخطط والاستعدادات التي تجري لتنفيذ الانقلاب، ودولياً، فإن الولايات المتحدة الامريكية لديها اطلاع كامل على تحركات الميليشيات المذكورة، والعمليات التي نفذتها خلال الفترة الماضية، بما فيها التورط في قتل المتظاهرين.
وختم المصدر قوله “ان هذا السيناريو رغم انه جاهز للتنفيذ في أية لحظة ، إلا انه سيبقى الورقة الاخيرة التي تقوم بها ايران ووكلائها” ، وهناك مخاوف من وقوع إنشقاقات في صفوف الحشد الشعبي، ووقوفه ضد الفصائل المسلحة التي ستنفذ الانقلاب، وإصطفاف الكثير من مقاتلي الحشد من أبناء شعبهم، لذلك يجري الاعتماد على ميليشيات محددة محسومة الولاء لايران.
بيان الانقلاب سوف يعلن للشعب العراقي ان “الحشد الشعبي الذي تدخل لانقاذ العراق من سيطرة تنظيم داعش الارهابي في الاوقات الحرجة، وقام بتحرير الارض، ها هو يتدخل مرة أخرى للحفاظ على سيادة العراق وسلامته من المخططات الاسرائيلية والامريكية التي أرادت إسقاط النظام السياسي وترك العراق للفوضى” ؟!!