واشنطن/اسطنبول – أحاطت تركيا الدور الذي لعبته في تصفية أبوبكر البغدادي أخطر زعيم تنظيم إرهابي في العالم، بهالة إعلامية لجهة إبراز أنها تكافح الإرهاب، فيما بدأت تفرج بالتقسيط عن أسماء من تم اعتقالهم من الدائرة المقربة من البغدادي ومن ضمنهم أرملته وشقيقته وزوجها وزوجة ابنها وخمسة من الأطفال، لكن وقائع كشفتها صحيفة ‘ذا ناشيونال‘ أظهرت ارتباطات وثيقة بين داعش والأجهزة التركية، بما يشير بوضوح ‘لى تواطؤ تركي في التستر على قيادات التنظيم المتطرف.
وكان شقيق البغدادي على الأرجح حلقة وصل على الأرجح بين تنظيم داعش وتركيا.
وبحسب ‘ذا ناشيونال’ في تقرير نشرته اليوم الأربعاء فإنه ( شقيق زعيم تنظيم داعش الإرهابي) سافر عدة مرات إلى مدينة إسطنبول التركية عن طريق الشمال السوري قبل أن يلقى زعيم داعش مصرعه في أكتوبر/تشرين الأول في عملية عسكرية أميركية.
وقالت الصحيفة نقلا عن مصدرين في المخابرات العراقية، إن شقيق البغدادي كان واحدا من المبعوثين الموثوق بهم لدى قيادة تنظيم الدولة الإسلامية.
ويرجح أنه كان همزة الوصل وأنه ينقل رسائل ويحتفظ بمعلومات حول عمليات التنظيم المتطرف في كل من سوريا والعراق وتركيا.
وقطع شقيق البغدادي ويدعى جمعة في أكثر من مرة مسافات طويلة في رحلة بين الشمال السوري واسطنبول من دون أن يتم توقيفه من قبل السلطات التركية.
ونقلت ذا ناشيونال عن مسؤول كبير في المخابرات العراقية قوله، إنه كان يتنقل بين سوريا واسطنبول إلى تركيا ثم يعود منها ويعتقد أنه لايزال على قيد الحياة وأن آخر زيارة قام بها لاسطنبول كانت في أبريل/نيسان أي قبل أشهر من كشف مخبأ البغدادي وتصفيته لاحقا.
وتحكم أنقرة قبضتها على طول الحدود السورية التركية منذ أن تدخلت عسكريا في شمال سوريا، ما يعني أن تنقلات شقيق البغدادي وسفره لاسطنبول كبرى المدن التركية لم تكن خلسة وعبر مهربين بل تحركات وتنقلات سلسلة، وفق تقديرات مسؤول في الاستخبارات العراقية.
وبحسب المصدر ذاته كان شقيق البغدادي يتواصل مع شخص داخل مدينة إسطنبول، وذلك الشخص كان يلتقي مصدر المخابرات العراقية.
وبدا واضحا أن أردوغان يسعى لاستثمار اعتقال مقربين من البغدادي لجهة مساومة الدول الغربية بما تحوزه أجهزته من معلومات استقتها أو تعمل على انتزاعها من “الصيد الثمين” أي أرملة البغدادي وشقيقته وقيادات أخرى من التنظيم، قالت تركيا إن قواتها اعتقلتهم في سوريا والحال كما تشير إلى ذلك تقارير دولية أن هؤلاء كانوا يتنقلون أو يختفون في مناطق فيها حضور عسكري تركي مكثف.
وأبقت الإعلانات التركية في هذا التفصيل بالذات بما في ذلك ما أعلنه أردوغان اليوم الأربعاء عن اعتقال أرملة البغدادي، على حالة من الغموض يبدو أنها متعمدة، فلم تذكر تواريخ اعتقال هؤلاء ولا أسماءهم ولا دورهم في التنظيم المتطرف ولا مدى قربهم من زعيم داعش الذي قتل في عملية أميركية ولا كيفية اعتقالهم، باستثناء الإعلان عن اسم شقيقة البغدادي ونشر بعض وثائق الهوية على منصات ووسائل الإعلام المحلية المقربة من الحكومة.
وتثير الإعلانات التركية أسئلة ملّحة تذهب إلى أبعد من مجرد دور أنقرة في اعتقال هؤلاء أو دورها في مكافحة الإرهاب وأهمها ما الذي تخفيه تركيا عن العالم وعن شركائها وحلفائها ولماذا اختارت هذا التوقيت للإعلان عن اعتقال شخصيات من الدائرة المقربة من البغدادي.
وتعيد هذه التساؤلات إلى الأذهان حقيقة الدور الذي لعبته الاستخبارات التركية في بداية الحرب السورية من تمويل وتسليح لجماعات متطرفة وتجنيد للجهاديين حيث كانت تركيا نقطة العبور الأساسية للملتحقين بصفوف التنظيمات الإرهابية في سوريا.
وتذهب معظم التحليلات والتفسيرات إلى أن عملية اعتقال تركيا لمقربين من البغدادي رافقتها أيضا عملية تصفية لأي وثائق تشير للصلة المفترضة بين أنقرة وتنظيم داعش المتطرف.
ويقول متابعون لشؤون الجماعات الإسلامية المتطرفة إن سرّ العلاقة بين داعش والنظام التركي قد يكون دُفن مع البغدادي وأن ترويج تركيا لدورها في تصفية زعيم التنظيم الإرهابي وأيضا اعتقال مقربين منه، يهدف إلى التغطية على حقيقة ارتباط وثيق مع التنظيمات المتشددة ومن ضمنها الدولة الإسلامية وهو ارتباط قد يكون اقتصر على فترة بدايات الحرب الأهلية في سوريا قبل أن يتفكك التحالف السرّي معها على خلفية اعتداءات إرهابية ضربت أهدافا تركية.
وكان جهاديون تونسيون ينتمون لتنظيم الدولة الإسلامية اعتقلتهم القوات السورية النظامية قد أقروا في اعترافات سابقة بثتها وسائل إعلام محلية بالدور التركي في إلحاقهم بصوف داعش وأن رحلة التجنيد بدأت من تونس فيما شكلت العاصمة الليبية طرابلس نقطة الالتقاء والسفر إلى تركيا ومنها إلى سوريا بلا قيود أو تدقيق أو تعطيل من جانب الأجهزة الأمنية التركية.
وأعلن أردوغان اليوم الأربعاء اعتقال أرملة البغدادي قائلا أمام مجموعة من الطلاب في أنقرة “أسرنا زوجته. أُعلن ذلك للمرة الأولى.. لم نثر ضجة كبيرة حول الأمر”.
وكان الرئيس التركي يشير إلى ‘انجاز’ أمني كبير تم دون هالة إعلامية، منتقدا ما اعتبرها ضجة أميركية أثارتها واشنطن حول عملية قتل البغدادي.
لكن إعلانه كان مغرقا في الغموض فلم يشر إلى توقيت اعتقالها أو أين اعتقلت في الوقت الذي تشير فيه تقارير غربية إلى أن اعتقال أرملة البغدادي وشقيقته وصهره وقيادات أخرى تم في منطقة فيها وجود عسكري تركي مكثف وسط تساؤلات عن احتمال وجود تساهل تركي مع تنظيمات إرهابية أو فشل أمني في مكافحة الإرهاب.
وترجح مصادر متطابقة فرضية التساهل التركي مع الجماعات الإرهابية أو تساهل متعمد للاحتفاظ بهذه الورقة (مكافحة الإرهاب) للمزايدة السياسية أو لابتزاز الشركاء الغربيين.