اعتبرت دراسة بريطانية جديدة، أن الميليشيات التابعة لإيران في منطقة الشرق الأوسط هي «الخطر الأبرز» على خلاف المؤسسات الأمنية حول العالم التي ترى في البرنامج الصاروخي الإيراني على أنه السلاح الأخطر في يد طهران.
وقالت دراسة للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ببريطانيا (IISS) إن «إيران لديها الآن أفضلية عسكرية في الشرق الأوسط».
وأرجعت الدراسة المطولة سبب ذلك إلى قدرة إيران على شن حروب باستخدام أطراف ثالثة كالميليشيات الشيعية، بحسب ملخص الدراسة التي نشرتها صحيفة غارديان البريطانية.
وادعت الدراسة التي تم إعدادها في 16 شهرا أن شبكة إيران من الميليشيات تعد أكثر أهمية لإيران أكثر من برنامج الصواريخ الباليستية، أو الخطط النووية المفترضة، أو قواتها العسكرية التقليدية.
أما بخصوص الحرب العسكرية التقليدية، فرجت الكفة لصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، لكن يخلص تقرير (IISS) إلى أن ميزان القوى المؤثرة كان في صالح إيران.
وأشار التقرير إلى أنه بالرغم من العقوبات الأميركية على إيران، فإنها تواجه مقاومة دولية ضعيفة ضد استراتيجيتها، حتى وإن كانت تواجه مظاهرات معادية لها في بعض الدول التي يمتد نفوذ طهران إليها (مثل لبنان، والعراق).
وتقول صحيفة الغارديان إن نتيجة التقرير تقوي موقع الدبلوماسيين الغربيين الذي يطالبون بوضع قيود على إيران بخصوص نشاطها الإقليمي في حال تم عقد اتفاق نووي جديد مع طهران.
تحقيق مصالح دون مواجهة
وأوضح التقرير أن شبكة إيران من الميليشيات تعمل بشكل مختلف في معظم الدول، وقد صممت ومولت ووزعت من جانب طهران كوسيلة أساسية لمواجهة الخصوم الإقليميين والضغوط العالمية، وقد دأبت هذه السياسة على «تحقيق مصلحة إيران من دون تكلفة أو خطر مواجهة مباشرة مع الخصوم».
وقال تقرير IISSإن إيران «تقاتل وتربح الحروب التي تقاتلها وسط الناس، لكن ليست الحروب التي تندلع بين الدول. إيران تتجنب أي صراع متماثل بين الدول، لأنها تعلم تفوقها عليها، وبدلا من ذلك، تسعى إيران إلى الحرب غير المتكافئة من خلال الاعتماد على شركاء من غير الدول والحكومات».
وقيم التقرير تكلفة النشاط الإيراني في سوريا، والعراق، واليمن، بحوالي 16 مليار دولار، بينما يتلقى حزب الله اللبناني نحو 700 مليون دولار سنوياً.
ولفت التقرير إلى أن إيران استطاعت تطوير إمكانياتها من خلال فيلق القدس العابر للحدود، والميليشيات المدرجة تحته، والتي يصل تعدادها إلى نحو 200 ألف مقاتل.
وتحافظ إيران على موقعها في ما يسمى «المنطقة الرمادية» بحسب وصف IISS، والتي تعني الانخراط في صراعات لا ترقى إلى أن تكون حروب بين دول وبعضها.
التقرير يرى أن أيديولوجية إيران، وطريقة تفكيرها الاستراتيجية تتجلى في خطاب ألقاه ممثل مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، أحمد علم الهدى في أيلول / سبتمبر 2019، وذلك بعد الهجوم الذي طال المنشآت النفطية في منطقة البقيق السعودية.
وقال علم الهدى آنذاك، إن «إيران اليوم ليس لديها القيود الجغرافية التي كانت في الماضي. اليوم، إيران هي قوات الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان، وأنصار الله (الحوثيين) في اليمن، والجبهة الوطنية بسوريا (النظام السوري)، وحركتي الجهاد وحماس الفلسطينيتين».
وأضاف علم الهدى في خطابه «كل هؤلاء أصبحوا يمثلون إيران، ولذلك إيران لم تعد نحن فقط. إن حسن نصر الله قد أعلن أن المقاومة في المنطقة لديها قائد وهو القائد الأعلى للثورة الإسلامية بإيران (علي خامنئي)».
تكتيك مختلف في كل بلد
ونوه تقرير IISSإلى أن تكتيكات إيران من أجل بسط النفوذ، كانت مختلفة في كل بلد عن الأخرى.
في العراق، استخدمت طهران المتمردين للهجوم على الجيش الأميركي. وفي سوريا، دعم قائد فيلق القدس قاسم سليماني الجيش السوري في حربه ضد المسلحين المدعومين من الولايات المتحدة.
وفي لبنان، نمى حزب الله بسبب فقدان الدولة للشرعية، والتجانس الشيعي داخل المجتمع إلى حد كبير، والتوزيع الطائفي للسلطة الذي سمح لطائفة موحدة أن تمنع عملية صنع القرار، بالإضافة إلى تهديد إسرائيل.
ويخلص التقرير إلى أن مواجهة إيران لا تتطلب فقط جهوداً محلية، وإنما فهم لقدراتها السيادية بشكل عام، والتي أصبحت حجر الزاوية في استراتيجية الأمن القومي للمنطقة.
وحذر التقرير من تبسيط تعريف الأطراف الثالثة التي تستغلها إيران بوصفها بـ «وكلاء»، إذ أشار مركز IISS إلى أن طهران لا تنتظر عائداً اقتصاديا من شركائها، بل على النقيض فهي من تمولهم.
ويرى مؤلفو الدراسة أن إيران تتمتع بالمرونة الكافية لمقاومة موجة الاحتجاجات المناهضة لإيران، لكنها تواجه صعوبات لأن المجموعات التي تدعمها «لا تريد الحكم بشكل مباشر (مثل حزب الله في لبنان)، أو أنها غير مؤهلة أو قادرة على الحكم (كما في العراق)».