تبدو الاوضاع الحالية التي يواجهها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، أشبه بذلك الربان الذي يسعى في البحر من أجل إصلاح ثقبين في سفينته المتهالکة الخرقاء، فيجد نفسه أمام ثقب کبير جديد، إذ أن النظام الايراني وهو کان يحاول جاهدا من أجل إخماد إنتفاضتي العراق ولبنان ويقوم بممارسة مختلف أنواع الطرق والاساليب المشبوهة والخبيثة، فقد وجد نفسه مع أکثر شئ کان يخافه على الدوام وهو إنتفاضة الشعب الايراني بوجهه، إذ وبعد القرار التعسفي الاخير بزيادة أسعار البنزين ثلاثة أضعاف والذي أثار موجة واسعة من الاحتجاجات إمتدت الى أکثر من 107 مدينة، فإن هناك حالة من الرعب والارتباك والتخبط في طهران وکأن زلزالا مدمرا قد أصاب النظام.
أهم عامل لشعور قادة النظام الايراني بحالة من الرعب غير المسبوق، هو إنه وإضافة الى أن أهم دولتين إتخذهما کجبهتين له في المنطقة قد أصابهما زلزال إمتد أخيرا الى إيران نفسها، والذي سيجعل موقف النظام صعبا جدا أمام شعبه هو إنه قد زعم دائما بأنه يقاتل أعدائه في شوارع وأزقة بغداد وبيروت کي لايقاتلهم في طهران وشيراز وکرمانشاه، لکنه الان يواجه رفضا قويا من الشعبين العراقي واللبناني والسعي من أجل طرده من بلديهما، ناهيك عن إن شعوب العراق ولبنان وإيران نفسها تقف ضد هذا النظام وتواجهه لکونه السبب الاساسي فيما تعانيه من مشاکل وأوضاع سلبية.
الاحتجاجات الحالية العارمة التي يواجهها النظام الايراني في 107 مدينة تشير الى حقيقة أن هذا النظام لايمثل الشعب الايراني من أية ناحية وحتى إن زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، عندما أکدت مرارا وتکرارا بأن هذا النظام يعتبر أکبر عدو للشعب الايراني وإن الشعب الايراني أکبر متضرر من جراء بقائه وإستمراره ولذلك فإنه يناضل من أجل إسقاطه بکل السبل، فإن ذلك يدل على إن هذا النظام لايمتلك أي عمق استراتيجي کما يدعي لافي داخل إيران ولا في بلدان المنطقة وإنه بمثابة العدو اللدود للجميع.
أکثر شئ يثير السخرية والتهکم، إن هذا النظام وفي ذروة قيامه بواحد من أکثر مساعيه إسفافا وسقما عندما سعى ومن خلال إذاعة البي بي سي لنشر تقرير مفبرك وملئ بالاکاذي والمغالطات ضد منظمة مجاهدي خلق، وذلك من أجل خلق هوة بين الشعب وبين المنظمة، فقد جاءت هذه الاحتجاجات لتزيد من حالة التلاحم والعلاقة الجدلية القوية بين الشعب وبين المنظمة، بل وإن الذي يجعل النظام يتوجس ريبة أکثر من أي وقت آخر، هو إن سيناريو إنتفاضة 28 ديسمبر/کانون الاول2017، من الممکن أن يعود مرة أخرى ولکن بصورة لايستطيع النظام فيها من إخمادها أبدا!