.
يبدو أن بعض العرب ما يزالون يجترون الماضي، ولم توقظهم صواريخ طائرات التحالفات الدولية، ولا العبوات الناسفة والإنتحاريين، ولا عويل الأمهات وتناثر أشلاء الضحايا وصراخات الأطفال، وتوسدوا الجماجم وتغنوا بقهقهات الخنازير المتغنية بهتك الأعراض.
العرب لم ينتبهوا الى أنفسهم وكمن يأكل لحم بطنه، ويمرغ التاريخ بنزاعات نيابة عن غيرة وإدارة هاتك شرفه.
لم يتخلص العرب من عقدة الدكتاتورية والعبودية، وما ثورات الربيع سوى مؤامرات تحاك من بعض على بعض، وتخللها المتطرفون والشذاذ، وتقاذفتها أمزجتهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون، وأشغلوا العراق منذ عقود بالصراعات، والعرب يتفرجون على ثور هائج على قطعة قماش يرفعوها له بدماء شعب، حاصرته الجغرافية بالجبال الوعرة والصحاري القاحلة، ومحيط تكالب عليه وكأنه أسد محاصر بينهم، ليشغلوه بحروب خارجية وداخلية وحصار طال وأمتد الى اليوم.
هتافات الجماهير الجزائرية، على نادي القوة الجوية والعراق، تتنافى مع مفاهيم الرياضة التي تقارب بين الشعوب، وحسن ضيافة يدعيها العرب في كتب التاريخ، وفعلها العراقيون بأحسن إستقبال ولافتات كتب عليها” أهلا ببلد المليون شهيد في بلد تعداد شهداءه وصل المليون”، في حين زج العراق بحروب وقدم أكثر من مليون شهيد، بحروب مسماة نيابة عن العرب، أو من فعل العرب ودعمهم لها إعلامياً ولوجستياً.
لم نسمع عراقياً إعترض على طبيعة حكم الجزائر وعلى عبدالعزيز بوتفليقة لخمسة دورات إنتخابية، وهو مقعد وجثة هامدة غير مؤهل لإدارة نفسه، ولم يتدخلوا بسقوط القذافي والحكم في تونس، ولا كيف سقط مبارك ومرسي وكيف حكم السيسي، ولا بالأسر الحاكمة لبقية المنظومة العربية، ولكنهم يسمعون العرب كبيرهم وصغيرهم، متعلمهم وجاهلهم يتحدثون عن العراق، ويتمنون إسقاط نظامه السياسي.
تستطيع في العراق، التحدث عن أيّ سياسي وتنتقد من تشاء، ولكل مواطن حق المشاركة بالقرار بحرية، وله ممثل برلماني ومحلي وحكومي، بينما في معظم المنظومة العربية ما تزال أصنام الرؤوساء مرسومة في غرف الموظفين وعلى أبواب المؤسسات وفي الشوارع، وعند مداخل الحدود الدولية، وما يزالون يعتقدونهم أنصاف آلهة لا يمكن الإعتراض عليهم.
موقف مشرف لنادي الجوية بإستقبال ضيوفه بأحسن إستقبال في كربلاء والتصفيق رغم الخسارة، والأشرف بالإنسحاب من مباراة بعد المساس بسيادة العراق وتمجيد الدكتاتورية والشعارات الطائفية.
لم يصح العرب من سباتهم، وأحلامهم تمجيد دكتاتوريات لشعوب عبيد، ولم يدركوا أن الإرهاب والتكفير والكراهية هي من صناعة أنظمة جاثمة على صدور شعوب خانعة، والكارثة الأكبر أن هذه الشعوب تقدم القرابين، بجرائم بشعة بحق الإنسانية نتيجة فكر مشوه، وما يميز العراقيين أنهم يتعاملون بودية وتناسوا كل ما كان بحقهم من ظلم فيستقبلون الضيوف برحابة صدر، من السعودية والأردن وفلسيطن والجزائر، فيما يعاملهم العرب برفع صور طاغية أذاقهم المرارة، وينهجون فكر الكراهية المؤدي الى إستباحة دم الآخر، ومثلما كان للعرب شعوباً وقادة دور في صناعة الدكتاتورية والعبودية، فأنهم أدوات آخرى لصناعة التكفير والإرهاب والكراهية، ويبدو أن العراقيين أما أنهم عجزوا عن إيصال رسالتهم الإنسانية إعلامياً وسياسياً، أو أن العرب في سبات أصابهم الصم ولا يسمعون صرخات النحر العلني وهتك الشرف، وعندما يوقضهم صوت إنساني، يهذون بفكر إرهابي.