روسي يحمل صورة ستالين
.
تزخر سوتشي أو “عاصمة روسيا الصيفية” بالأنشطة الرياضية والترفيهية والسياحية. وتكتنز أكثر من 400 فندق ومنتجع ومخيم للعطلات. لكن الرئيس الروسي يمتلك ذكريات مغايرة مع حنينه للحقبة السوفياتية ومحاولته إعادة إحيائها.
“إيلاف” من بيروت: يُعيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيل مدينة سوتشي، ما يحول ما كان في السابق مكانًا لقضاء عطلة بأسعار معقولة إلى صورة عن الحقبة السوفياتية تشمل أنشطة سرية وتجسس وعسكرة.
مدينة سوتشي
قبل فترة طويلة من حكم ستالين، كانت النخبة الروسية تذهب للاسترخاء في سوتشي، وإليها انتقلت آنا، أرملة فيودور دوستويفسكي، هربًا من أعمال العنف في سانت بطرسبرغ في أيام الثورة البلشفية، فاشترت عقارًا على أطراف المدينة وبنت عليه منزلًا وزرعت حديقة.
بعد وصوله إلى السلطة، أمر جوزيف ستالين في عام 1926 مفوضيه بزرع الحدائق في سوتشي. وقام كل من كليمنت فوروشيلوف وجينريك ياجودا وسيرجو أوردجونيكيدزه ببناء وتزيين الفنادق باسمائهم. تضمنت هذه الهياكل أعمدة كلاسيكية جديدة ضخمة، وأقواس أبهى، ونوافير عظيمة، وتماثيل للآلهة اليونانية العارية بجانب تمثال نصفي للأبطال السوفيات.
بعد وفاة ستالين، تحولت المدينة وجهة سياحية لعطلة العمال من جميع أنحاء الاتحاد السوفياتي، بفضل الحزم المقدمة من الدولة والتي تضمنت الإقامة في المنتجعات الصحية وبرامج العلاج المختلفة. وكان عمال المناجم والمهندسون وعمال المصانع في أماكن بعيدة مثل المناطق الشمالية من سيبيريا يعلمون أنه بعد عام من العمل الشاق، سيكونون قادرين على قضاء عطلة في هذه المنتجعات الجميلة.
حنين بوتين
جعل بوتين من سوتشي مقر إقامته الصيفي. لكنّ هناك شيئا أكثر عمقًا يتغير، إذ يبدو أن حنين بوتين إلى العصر السوفياتي لا يمتد إلى الشخصيات السوفياتية فحسب، بل إلى ممارساتهم أيضًا. على سبيل المثال، عُرضت في متحف سوتشي أخيرًا صورٌ للجواسيس السوفيات، كجزء من معرض بعنوان “الصفحات الذهبية لتاريخ جهاز الاستخبارات “، الذي نُظّم للاحتفال بالذكرى السنوية 95 لتأسيس هذا الجهاز الأمني في البلاد.
بصورة أعم، يمكن القول إن هناك إحياء للعصر السوفياتي في روسيا؛ إذ منعت السلطات في مدينة تيومين السيبيرية، في قلب أرخبيل الغولاغ، صلاة جماعية عن روح ضحايا القمع السوفياتي. كما تستمر المعالم الأثرية لستالين أيضًا في الظهور في قلب موسكو، حيث تم تزيين سقف محطة سكة حديد كورسك بعبارة: “أوصلنا ستالين إلى أن نكون مخلصين للناس، وألهمنا العمل والأفعال البطولية”.
صفات مشتركة
يبدو أن بوتين نفسه يسعى أحيانًا إلى تقليد الديكتاتور السوفياتي. وعلى الرغم من أنه ما زال أمامه بضع سنوات ليكسر سجل ستالين القياسي البالغ 29 عامًا في السلطة، فإن زعيم روسيا الحالي يتقاسم مع ستالين الكثير من الصفات.
كان ستالين يرتدي الزي العسكري، ولم يكشف عن حياته الشخصية، ولم يسمح بالنقد وكان يخشى أن يخترق الخائنون دائرته الداخلية. وبالمثل، يرتدي بوتين ملابس مموهة في عيد ميلاده، ويجلس في نزهاته مع صديقه سيرجي شويغو، وزير الدفاع. وحتى حياته الخاصة تخضع للحراسة. ومن الأمثلة على ذلك إعلان الكرملين أن بوتين احتفل بعيد ميلاده الأخير على نهر ينيسي من دون ذكر أي معلومات إضافية.
في سوتشي، واضح أن ذكريات بوتين عن الحقبة السوفياتية تختلف بشكل ملحوظ عن ذكريات سكان المدن العاديين. فلدى بوتين ذكريات يحبها عن فترة عمله ضابطًا في الاستخبارات السوفياتية، عندما كانت قوة الدولة مذهلة، وكان حكامها من الأقوى حول العالم.