كما هو واضح في العنوان أعلاه، هذه المقالة موجهة إلى أولئك المتظاهرين، الذين ألقوا الكلام على عواهنه عدة مرات في وسائل الإعلام وذلك بتصريحات عنصرية ضد إقليم كوردستان وشعبه الكوردي المسالم،لقد قرأنا في وسائل الإعلام أن أحدهم طالب بإلغاء الإقليم، والآخر اقترح أن يسمى بإقليم الشمال وتتغير أسماء وزاراته ومؤسساته على الطريقة البعثية العنصرية كي تتناسب الأسماء الجديدة المقترحة مع توجهاتهم العروبية المقيتة. يا للعجب، ما هذه النوازع الشريرة الغير عراقية؟!، هل من مستلزمات السياسة أن تكون ساقطاً ومنحطا ولا تعرف ماذا تهرف؟! ألم يعرفوا أن مثل هذا الكلام غير المسؤول يؤدي بالبلد إلى منزلقات خطيرة لا يعرف عقباها؟؟. يتضح لنا، أن هؤلاء الذين هجموا في كلماتهم تلك على إقليم كوردستان حالهم كحال ذلك العربي في العراق الذي لا يقرأ وإذا قرأ لا يفهم، أو يعرف ويحرف لغاية خرجت من أفواهه وغدت معروفة للقاصي والداني، لكن الذي لا يعرفه هذا الكائن.. أن تاريخ الكورد في هذه الأرض أنصع من قلبه وجبهته الذي بلون غراب البين. ننصح كل من تسول له نفسه أن يمس القامة الكوردية أو يمس شيئاً من المكتسبات الكوردية الكوردستانية التي تحققت بنضال الكورد المرير على مدى عقود طويلة أن يراجع بواطن كتب التاريخ العربية والأجنبية التي دونت قبل الإسلام أو تلك التي دونت في صدر الإسلام من قبل المؤرخين الفطاحل كالبلاذري والبغوي والحموي وابن أثير والمسعودي والطبري والعزاوي ومصطفى جواد وزينفون وماركوبولو الخ الخ الخ حتى يعرف هذا الطارئ على العراق من كان على هذه الأرض قبل مجيء الأعراب من شبه جزيرتهم الجرداء كغزاة ونهابة وسلابة؟ أليس الكورد؟. رغم أني أعرف جيداً أن الغالبية العظمى من هؤلاء الذين يعادون الكورد وكوردستان ليسوا عربا، بل أنهم من الناطقين بالعربية، أي من الكورد والفرس وغيرهم من الذين استعرب آبائهم وأجدادهم تحت تهديد السيف العربي وعلى مر التاريخ نسوا لغتهم الأم. على أية حال، يستحسن بهؤلاء.. أن يحترموا ذاتهم قليلا كي لا يصبحوا بجهلهم المركب ومنطقهم المفلوج مادة لسخرية العالم. يا للعجب، ألم يشاهدوا الكورد لم يتهموا المتظاهرين كما يتهمهم الآخرون بأن تقف وراءها وتحركها الدول التي لا تريد الخير للعراق؟ بكل بساطة، لأن الكورد شعب متحضر ومسالم لا يطلق العنان للسانه دون أن يتأكد من صحة كلامه 100%. ثم، ألم يفكر هؤلاء المصابون بفيروس الإرهاب، أن كانوا أسوياء، كيف بإنسان يقبل لنفسه أن شعبه أو حكومته يغتصب حقوق شعب آخر ويحتل وطنه بقوة الحديد والنار؟؟!!.
بما أن الشيء بالشيء يذكر، كنت بالأمس في إحدى المحلات الكبيرة التي تبيع أشياء عتيقة وتسمى ” Second hand” الناس تعطيهم أشيائهم القديمة بدون مقابل وهذه المحلات كمؤسسة خيرية تبيعها وتساعد بأثمانها الدول الفقيرة في العالم، وكان العراق صاحب النهرين دجلة وفرات، ومصدر أربعة ملايين برميل نفط يومياً، ويمتلك ثلاثين مليون نخلة الخ أحد هذه الدول التي تساعده هذه المحلات الخيرية فقرائه – العراق– الذين لا يحصلون على لقمة يومهم؟؟، لكن هذا ليس موضوعنا. لقد شاهدت في هذا المحل خارطة الكرة الأرضية الكروية وتاريخها يسبق تأسيس الكيان العراقي على أيدي بريطانيا عام 1920، لكن الذي يجلب الانتباه فيها لا ترى فيها اسم العراق، لكن موجود في هذه الخارطة اسم كوردستان، لا أستطيع أن أرفق صورتها مع هذا المقال، لكن الذي يريد أن يراها بأم عينه يكتب لي اسمه ورقم تليفونه الموبايل وأنا أبعث صورتها له على “س م س= sms“. بالمناسبة ليس هذه أول مرة أجد مثل هذه الخريطة التي فيها اسم كوردستان وليس اسم العراق. الذي أريد أن أقوله لكل صاحب ضمير حي، يا حبذا كل شخص في العراق حكاماً ومحكومين يراجع نفسه قليلاً وينظر إلى صورته في كأس الماء الذي يشربه مِن أين يأتي هذا الماء؟ أليس مصدره شمال كوردستان؟ ويمر عبر جنوب وغرب كوردستان حتى يصل إلى أفواهكم ويسقي بساتينكم ومزارعكم؟ الشيء الآخر التي تستغفلون أنفسكم عنه، أليس قبل اكتشاف النفط في جنوب العراق بنيتم العراق بأثمان نفط كوردستان المنهوب، الذي تم ولا زال يتم استخراجه ونهبه من قبل العراق من آبار كركوك السليبة؟. إذا لديكم شك بكوردية وكوردستانية كركوك راجعوا كل المصادر العربية والأجنبية من عراقية وتركية وإيرانية وبريطانية وأمريكية ومصرية الخ الخ الخ حتى تعرفوا أن هذه المدينة كوردية منذ خمسة آلاف عام. وفي مقابل، نتحداكم جميعاً دون استثناء أمييكم وعلمائكم لو تستطيعوا أن تأتوا بوثيقة واحدة تقول أن كركوك عربية، لكن رغم هذا الذي تعرفونه مثلما تعرفون أبنائكم، إلا أنكم لا زلتم تحتلونها عنوة كأي محتل بغيض غريب عنها وعن تربتها.
من الضروري أن أختم هذه المقالة بنص رسالة كان قد بعثها رئيس وزراء بريطانيا (ونستون تشرشل) للملك فيصل الأول، الذي نصبه البريطانيون مليكاً على الكيان العراقي الذي استحدثوه عام 1920 من ولايتي بغداد وبصرة وفي عام 1925-1926 ألحقوا به بفوهة البنادق البريطانية ولاية موصل التي كانت تسمى قبل هذا التاريخ بولاية كوردستان. نحن ننشر هنا هذه الرسالة قد تساعد بإحياء ذاكرة العرب في العراق حتى يعرفوا أنفسهم جيدا، وهذا نصها: مِن رئيس وزراء بريطانيا (ونستون تشرشل) إلى ملك العراق فيصل الأول: أثناء تشكيل دولة العراق في 23 آب 1920 أننا وعدناك بتأسيس دولة عربية لا إمبراطورية. لذلك فأن حدودك لن تتجاوز جبل حمرين. ومن جبل حمرين إلى ما وراء فهو كردستان. انتهى الاقتباس.
” ربما لا أرى كُردستان حرة ومستقلة، ولكن أولادي سيرونها، وأنتم أيها الكُرد تستحقون دولة لكم وهذا حقكم الطبيعي” (نيلسون مانديلا)
12 12 2019