إن اسم “بيستون“ هو تحريف لاسم “بەگستان= بەغستان=Bagstan“ أنه اسم كوردي ممتزج، ملتصق من “بَگ – بَغ– Bag” أي الإله في ذلك التاريخ، و”ستان= Stan“ يعني موطن أو موقع الخ. إن مضمون الاسم هنا يعني “بيت الإله” أي المكان المقدس، لكنه كأي اسم كوردي آخر مر عليه آلاف السنين فلذاجرى تحريفه على ألسنة أبناء هذه الأمة العريقة بعض الشيء،مما لا شك فيه طرأ مثل هذا التغيير اللفظي على جميع لغات الأمم الأخرى على كوكبنا الدوار ومنها اللغة الكوردية وذلك حسبمتطلبات العصر وانتقال الإنسان من مرحلة إلى أخرى، لأن اللغة كائن حي، تتأثر بما يتأثر به الإنسان بالمتغيرات والابتكاراتاللغوية الحديثة وغيرها من مستلزمات الحياة، التي يبدعها بعقله الجبار حتى يعبر بها عن تلك الأدوات المعرفية وعن مصادرها وفروعها الخ. عزيزي المتابع، بما أن هدفنا هو تنفيض الغبار المتراكم عن التاريخ الكوردي المشوه من قبل المحتلين..، فلذا اسمحوا لي أن أقف هنا قليلاً وأشرح اسم “بيستون” وما آل إليهفي العصور اللاحقة. أولاً، الجزئية الأولى لاسم الإله “بَگ”. إن هذا الاسم كأي اسم كوردي آخر مقدس انتقل بعد أفول نجمالديانة الكوردية إلى الإنسان، لكن ليس أي إنسان، لقد صار يطلق على ذلك الشخص الذي عنده منزلة كبيرة في المجتمع أعلى من مكانة ومرتبة عامة الناس وأقل من الإله إلا وهو الـ“بَگ” في عصرنا هذا. إما الجزء الثاني لا يحتاج أن نقف عليه كثيراً لأنه معروف لدى الجميع ماذا يعني وهو يشكل الجزء الثاني من اسم الوطن الكوردي كوردستان.
عزيزي القارئ، أن جبل بيستون الذي يقع في شرقي كوردستانفي محافظة كرمانشاه المحاذية لجنوب كوردستان، في المنطقة التي يتحدث أهلها اللغة الكوردية اللهجة الكلهورية واللكية، أن أهل هذه اللهجتين الكورديتين لا يلفظون حرف الواو الذي في اسم بيستون كأبناء جلدتهم من الشريحة السورانية، أن لفظ أهل المنطقة المذكورة لهذا الحرف يطابق تماماً تلفظ حرف “الواي“الإنجليزي الذي يكون بهذه الصيغة “Y“ تماماً مثل نطق حرف الواي في كلمة :City أي مدينة. وهكذا مثل تلفظ حرف الواي في اللغة السويدية في اسم: By أي قرية الخ. للعلم، أدرج بيستونعام 2006 على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
وأنت قادم من مدينتي “کەنگاوەر و هەرسین= Kangawer and Harsin” الكورديتان إلى مدينة كرمانشاه يوجد على الجانب الأيسر من جبل بيستون “كاروانسراي صفوي= Karwansaray Safawi” عبارة عن خان كبير بنيت في العهد الصفوي كنقطة استراحة ولمبيت القوافل التي تأتي من أصفهان وتجتاز أراضي شرق وجنوب كوردستان في مسيرتها الطويلة إلى جنوب العراق لزيارة العتبات الشيعية المقدسة. إن عدد هذه الخانات من أصفهان إلى النجف كبير جداً ربما تعد بالمئات. أدناه صورة للخان (كاروانسرا) المذكور وخلفه جبل بيستون:
دعونا الآن نأتي إلى البيت القصيد في موضوعنا، إلا وهو نصب داريوش الأخميني الفارسي. حيث نرى في أعلى النصب تمثالاً للملاك الزرادشتي (فروهر). أدنانه صورته كما هي في نصب بيستون وحولها وتحتها كتابة بالخط المسماري:
وتحت قدمي الملاك (فروهر) يقف الملك الفارسي “داريوش=Daryush“ وخلفه اثنان من نجباء الفرس، ويشاهد داريوش في النصب وهو يدوس بقدمه اليسرى على صدر رجل الدين الزرادشتي الميدي (گەومات = Gawmat) لاحظ عزيزي المتابع،في الوقت الذي يرفع داريوش يده اليمنى تذرعاً بالملاك الزرادشتي“فروهر” تجده في ذات اللحظة يضع قدمه اليسرىعلى صدر رجل الدين الزرادشتي الميدي “گەومات”؟؟!! الذي أعلن الثورة عليه وعلى نظام حكمه الجائر. هؤلاء هم ملوك الفرسظلام قديماً وحديثا؟. لقد تم إخماد ثورة “گەومات” ضد الشاهالظالم بالحديد والنار، وشارك في هذه الثورة أناساً من كل الشعوب التي كانت ترزح تحت نير الحكم الأخميني الفارسيالجائر. لاحظ النصب أدناه، أن أيدي الأسرى مكبلة من خلف ورقابهم مشدودة بالحبال. المكبل الأول من الثوار: اسمه آترين،من إيلام (عيلام). الثاني: اسمه ندئيت بئير، من بابل. الثالث:فرورتيش، من ماد (ميديا). الرابع: مرتي ي، من إيلام أيضاً. الخامس: جيترتخم، من ساگارت المنطقة التي تقع قرب مدينة سيستان وبلوجستان الحالية التي تقع في جنوب شرق إيران التي تقع جزيرة طبس بينها وبين محافظة خراسان. كان جيترتخمقائداً لمجموعته الثائرة. يقول عنه داريوش، بعد إلقاء القبض عليه سمل عيناه، وقطعت أذنيه وأنفه الخ. السادس: وەیزدات، من إقليم فارس، تصور عزيزي المتابع بسبب ظلم الأخميين للرعية حتىأبناء جلدتهم ثاروا عليهم. السابع أرخ، من بابل أيضا. الثامن: فراد، من ماز (ماژ). التاسع: سكونخا، من سكا، كان موطنهم جبال قوقاز وآسيا الوسطى. أنظر صورة النصب أدناه وتعرف على الثائرين الذين ذكرنا أسمائهم بالتسلسل واحداً بعد الآخر:
بما أننا ذكرنا الخط المسماري، يستحسن بنا أن نذكر اسم ذلك الشخص المغامر الذي استطاع بمساعدة شاب كوردي شجاعبالوصول إلى تلك الكتابة التي ترتفع عن سطح الأرض عدة أمتار، لقد استطاع الشاب الإنجليزي ” Henry Rawlinson– هنري راولسون” 1810 – 1895م الذي كان مستشاراً عسكرياً لحاكم شرق كوردستان ومقره كرمانشاه من فك رموز هذا الخطالمسماري عام 1844م أي بعد مرور أكثر من 2000 عام على كتابته في جبل بيستون. لقد نقش راولسون اسمه على سفح بيستون كي يخلد عبر التاريخ بجانب اسم الشاه الأخمينيداريوش والثوار الأسرى الذين انتفضوا ضد الحكم الأخمينيالفارسي.
في الحقيقة هناك نُصب وآثار كثيرة في جبل “بيستون” هناك نصب لميترادات الثاني الأشكاني.إن هؤلاء الإشكانيين يقال لهم “بارت= Part” أيضاً سبقوا الساسانيين في حكم إيران. هناك نصب آخر لـ“ولگش = ولخش” البارتي= Parti– Al. يوجد أيضاً نصب لموقد النار الزرادشتي المقدس وعليه كتابة باللغة البارتية. هناك أيضاً جدار ساساني في بيستون بالقرب من نهر“گاماسی= Gamasi“. ويوجد أيضاً جسر قديم على نهر “گاماسی= Gamasi” معروف بالجسر الخسروي نسبة للملكالساساني “خسرو برويز“. وبالقرب من جبل بيستون هناك قرية بيستون وفيها أبنية قديمة من العصر الساساني الخ الخ الخ.
وعلى مقربة من الخان على سفح جبل بيستون يوجد نصب حجري لـ(هرقل) العظيم وخلفه لوحة كتابية من الحجر دونت باللغة اليونانية القديمة وعلى مقربة من هرقل يوجد تمثال لأسد، لكنه غير ظاهر في الصورة. لقد عثر على تمثال (هرقل) تحت الأرض قبل عدة عقود إبان شق هضبة نادري إلى نصفين وحفر طريق همدان– كرمانشاه لتبليطها. بلا شك وجود مثل هذه الآثار القديمة أنهادليل آخر على أن أرض كوردستان كانت تنبض بالحياة منذ عصور قديمة جداً، ولا زال شعبها المسالم يكافح في كل مناحي الحياة ويشارك البشرية في بناء صرح الحضارة العالمية. أدناه صورة لنصب (هرقل) يحمل بيده اليسرى جام خمر وبجانبه هراوة مدببة. وفيما يخص المعارك التي وقعت بين إيران والروم، لقد ذكرت لنا كتب التاريخ عدة معارك ضارية وقعت بين جيشي هرقل والملك الساساني الكوردي خسرو برويز، لكن في النهاية حكما عقليهما ووقعا صلحاً بينهما، وبهذا الصلح حافظت إيران على حدودها التي كانت تمتد من سواحل البحر الإسود حتى نهر الفرات في جنوب العراق. أدناه نصب هرقل:
وحول جبل بيستون حدثت قصة الحب الكوردية الشهيرة “شرينوفرهاد” التي خلدها الشعراء الكورد ومؤرخيهم عبر التاريخ، كما أسلفت وقعت أحداثها في هذه المنطقة، وتحديداً في هذا الجبل، الذي يسمى بيستون. إحياءً لقصة الحب هذه وربطها بمعاناة الشعب الكوردي على أيدي محتلي وطنه كوردستان نسجت الأنامل الكوردية كلمات معبرة لأغنية مؤثرة معروفة في أوساطعموم الشعب الكوردي اسمها “شرين گيان“ يؤديها المطرب الكوردي (شهاب جزايری) وهي تخلد قصة الحب التي دارت أحداثها هناك بين عاشقين فرق بينهما الواشي والنمام وانتهتالقصة بنهاية مأساوية. إن تأدية الأغنية الحماسية من قبل المطرب تثير عند سماعها الوجدان والمشاعر الكوردية. عزيزي المتابع، حتى أن الطبيعة هي الأخرى شاركت الشعب الكورديبتأليف ملحمة “شرين وفرهاد” وذلك من خلال مؤثرتها الزمنية التي نحتت نحتها الإبداعي للجبل الذي يعانق السحاب، حيث ترى بكل وضوح وأنت قادم من مدينة “کەنگاوەر و هەرسین=Kangawer and Harsin” الكورديتان إلى مدينة كرمانشاه، تظهر أمامك على بعد عدة كيلومترات قمة جبل “بيستون=Bistun” مع جبل “پەراو= Paraw” كأنها لوحة رسمت لفتاة ملقاة على ظهرها ترنو بنظرها نحو السماء بأنوثة مثيرة كأنها إلهة من آلِهة الرومان.
“نصحني النصحاء، ووعظني الوعاظ شفقة وتأديباً، فلم يعظني شيء مثل شيبي، ولا نصحني مثل فكري” (بزرجمهر= بزرگمهر)
17 12 2019
مقال ممتاز ورائع في تعريفنا بتاريخنا , لكن كعادة الكورد في كلامهم تناقضات رهيبة لا يُمكن تجاوزها مثلاً
1 ــ بدايةً تعظم الحضارة الفارسية ثم يُنكرون (( أنت وغيرك من الكورد)) أن يكونوا فرساً ولا حتى علاقة غير العداء حتى اليوم ولا تذكرون شيئاً عن سبب هذا العداء الحديث نسبياً وضيَّعتم رأس الخيط ونهايته !
2 ــ الملك دارا هو أول من إعترف بالتغيرات (الديانة) الزرادشتية وأنت تقول أن الثوار كانوا زرادشتيين . قبل دارا لم يكن إنسانٌ واحد زرادشتيّاً , نعم كلامك صحيح 100% وهذا الذي أنا أقوله وأؤكد عليه أن الدين الزرادشتي كان قبل زرادشت وهو الدين المزداسني الميدي , الاجانب بعد الإسلام سموه بالزرادشتي وشاعت التسمية الخاطئة من الأعداء, أما كئومات فهذا هو إسم إبن قمبيز الذي أبعد عن كرسي أبيه بسبب خروج قمبيز عن الدين والأخلاق , وقد يكون غيره فالأسماء كثيرة لكني أرجح أنه هو بعد أن قوي عوده وإكتسب أنصاراً ـ على الأرجح ـ من أقاربه الفرس الأخمينيين ودارا هو الميدي بحسب التوراة
3 ــ هرقل العظيم المعروف هو الذي كان في صدر الإسلام وقد إنهارت الدولة الفارسية وإحتلها المسلمون ولم يجرؤ رومي على الخروج من بيته فكيف جاؤا إلى إيران (( حرباً أم سلما)وحفروا نقوشاً لملكهم ؟
4 ــبزركميهر الذي أشرت عليه وزير نوشيروان المعروفان في التراث الئيزدي , هو جد الإمارة الئيزدية إن لم يكن يزدجرد , هناك تسميتان لنسب مير براهيم الخورستاني بحسب المصادر الفارسية
5 ــبيستون التي دونها دارا الأول في 500 قبل الميلاد فهو إسم كوردي غير محرّف إسمٌ على مسمّى صخرة عظيمة منتصبة واقفة بدون عمود ( بيَ ستوون)) دوَّن عليها دارا إنجازاته , حتى إننا نسمي الله ((بيَ ستوون راوةستاي )) أي أنه واقف في السماء بدون عمود وليس لأننا إشتقنا إسمه من صخرة بيستون, القصور القديمة سقوفها المحدبة أيضاً بيستون راوستاي) كل شيء واقف في العلوّ نسميه بيستون راوستاي هذه لغة كوردية وفارسية حيّة الآن ولا تحريف فيها بمقدا ر ذرة وشكراً