لم يكن تداول وسائل الإعلام حواراً أجرته الزوجة الأولى لحاكم دبي هي المرة الأولى التي يتم فيها تناقل أخبار عن الحياة السوداء للأسرة الحاكمة في الإمارات، بل سبقتها قضايا كبيرة، أوصلت محمد بن راشد إلى المحاكم في بريطانيا.
ويكشف العديد من التقارير المسجلة والمسربة سراً وعلناً عن الجحيم الذي تعيشه النساء خلف أبواب القصور بالإمارات، وكيف أن حياتهن مراقبة ومقيدة ومهددة دائماً بالحبس والتعذيب وأمور أخرى لا يمكن توقع مدى سوئها.
ولعل ما كشفته رندا البنا، الزوجة الأولى لحاكم دبي محمد بن راشد، بعد سنوات من كتمانها السر الكبير لما عانته خلال سنوات طويلة، يأتي بالتزامن مع استمرار المرافعات في محاكم بريطانيا بين الأميرة هيا بنت الحسين، وزوجها بن راشد.
أسرار جديدة تفضح بن راشد
بعد أن بلغت الرابعة والستين من عمرها، تقص رندا البنا للمرة الأولى حكايتها مع حاكم دبي، وتكشف أنها أمضت عدة عقود وهي تحاول التواصل مع ابنتها منال، التي أصبحت اليوم في الأربعينيات من العمر، وقد تزوجت الشيخ منصور، نائب رئيس وزراء الإمارات العربية المتحدة.
وكشفت المرأة الأولى بحياة حاكم دبي في حديثها لمراسلة مجلة “صنداي تايمز” البريطانية، في 22 ديسمبر 2019، كيف وقع في حبها وطلبها للزواج، وأنجب منها طفلة ثم طلقها، وحرمها من رؤية ابنتها التي وصل عمرها إلى الأربعين، وتقول: “عشت معه حياة استثنائية؛ تمثلت في ركوب الطائرات الخاصة وشرب الشمبانيا، والحفلات بملهى ترامب الليلي في لندن”.
وقالت إن أمير دبي “ليس رجلاً سهلاً، إنه ليس كذلك، إنه عنيد جداً”، وتضيف: “اتخذت قراري بالرحيل، ولا أستطيع أن أرى منال الآن.. لا أعرف شكلها. غير مسموح لي أن أراها؛ لأنني أنا التي اخترت أن أغادر، لذلك هذا هو عقابي ألا أراها”.
وتتابع: “هذا ليس عدلاً، كل هذا لأنني اتخذت قرار الرحيل وأن أكون حرة. تتساءلين لماذا أردت حريتي؟ انظري ماذا كلفتني”.
اعتداء واختطاف للزوجة الأولى
ولم يكن منعها من ابنتها الضربة الوحيدة في حياتها، فعند نقطة تفتيش في بيروت، التي كانت ترزح تحت نيران الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975، اختُطفت رندا، وأجبرها خاطفها، وهو أحد قادة المليشيات، على الزواج منه، وكانت حياتها معه “عاصفة ويتخللها الكثير من العنف، وأنجبت له طفلين”.
وعندما انتهت الحرب الأهلية انتقمت لنفسها، ووشت بزوجها للسلطات، فألقوا القبض عليه، وبالمقابل سُمح لها ولطفليها منه بالسفر إلى إيطاليا حيث تعيش حتى اليوم. وبعدها ببضع سنوات تم اغتيال الزوج.
وقالت إن الشيخ محمد بن راشد أعطاها صورة منال وهي طفلة تحبو، وهي الصورة الوحيدة التي تملكها. بعدها بسنوات أدركت أنها لم تكن صورة منال على الإطلاق، وإنما صورة أحد أطفاله الآخرين. وتقول: “أحببت صورة لم تكن لطفلتي. عرفتها. وحضنتها”.
وتضيف أنها “تعرضت لاعتداء كاد أن يودي بحياتها قبل أيام من نيتها السفر بشكل سري إلى دبي لحضور حفل زفاف منال، وهي لا تزال حتى اليوم تحمل آثاراً واضحة لذلك الاعتداء”.
الأميرة هيا وجرجرة بن راشد للمحاكم
هروب الأميرة هيا بنت الحسين، زوجة حاكم إمارة دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، كان له الدوي الأكبر تجاه مشكلة عائلية إماراتية وخليجية وقعت مؤخراً، وربما كان سبباً رئيسياً لزوجة بن راشد الأولى لكشف السر القديم منذ نحو 40 عاماً.
وستكون المحاكم البريطانية الحكم الفاصل في قضية طلاق قد تكون الأشهر خليجياً، بحسب صحف أوروبية، بعد أن رفع بن راشد دعوى طلاق على الأميرة هيا، التي استمر زواجه بها 15 عاماً، أمام المحكمة العليا في لندن.
وغادرت الأميرة هيا، شقيقة ملك الأردن الإمارات، في مايو الماضي، متجهةً إلى ألمانيا، قبل أن تتوجه إلى لندن.
وتقدمت الأميرة هيا أيضاً بطلب قضائي بعدم المضايقة، وبموجب قانون الأسرة في إنجلترا وويلز؛ عدم المضايقة هو أمر قضائي لحماية مقدم الطلب من التعرض للمضايقة أو العنف من جانب شريك أو شريك سابق أو أحد أفراد الأسرة، ويعتبر خرق مثل هذا الأمر القضائي بمنزلة جريمة جنائية في القانون الإنجليزي.
ومن الممكن أن تستغرق دعاوى الأسرة سنوات أمام المحاكم، ولكن عندما تتعلق الدعوى بالأطفال تنص تعليمات محاكم الأسرة الإنجليزية على منح الأولوية لمصلحة الأطفال ورفاهيتهم، مما يقتضي الإسراع بالبت في النزاع قدر المستطاع.
وتزوج الشيخ محمد، البالغ 70 عاماً من العمر، الذي يتولى منصب نائب رئيس الإمارات ورئيس مجلس وزرائها، الأميرة هيا، البالغة 45 عاماً، التي سبق أن كانت عضوة في اللجنة الأولمبية الدولية، عام 2004، ويُعتَقد أنها الزيجة السادسة له، وأنجب الشيخ محمد أكثر من 20 ابناً من زيجات مختلفة.
والأميرة هيا هي الشخصية الثالثة المقربة من بن راشد التي فرت من الإمارة خلال الأعوام القليلة الماضية، حيث حاولت ابنتاه؛ الشيخة شمسة والشيخة لطيفة، الفرار من الإمارة، قبل أن تعترضهما السلطات الإماراتية بناء على طلب من والدهما.
لطيفة وشمسة.. نهاية غير معروفة
ويبدو أن الأميرة هيا كانت الأكثر حظاً بالنجاة والهروب والمثول أمام القضاء، فقبلها كانت لطيفة قد زعزعت الصورة التي لطالما سعى جاهداً لتصديرها وترويجها عن نفسه للآخرين.
في أحد الفيديوهات المنشورة لها قبل هروبها، في مارس 2018، من القصر، قالت: “إن والدي، حاكم دبي، وكل ما يحاول تصويره للناس عن نفسه وعن حقوق الإنسان ما هو إلا محض هراء، إنه الشخص الأكثر شراً الذي قابلته في حياتي، هو عبارة عن شر خالص ولا شيء جيد فيه”.
وأشارت إلى تورطه في وفاة الكثير من الأشخاص وتدمير حياة الكثيرين، واهتمامه المفرط بتلميع صورته وسمعته فقط، حتى لو دفعه الأمر إلى القتل بدم بارد من أجل ذلك، بحسب قولها.
كما تحدثت مراراً عن هوسه في تجميل صورته وتصوير نفسه على أنه متحضر ورجل يهتم بأسرته، مؤكدةً أن “لا شيء من هذا يمثل الحقيقة، وكل أفعاله دعائية، فالطريقة التي يعامل بها الناس والتي يحيا بها حياته منافية تماماً لما تصوّره وسائل الإعلام التي تقع تحت سيطرته”.
وضربت لطيفة أمثلة على شره الذي قالت إنه “يشمل حرق منازل بالكامل حتى تُطمس الأدلة، واعتماده على الضرب والتعذيب المستمر الذي تعرضت له شخصياً، إضافة إلى بروده في تعامله مع أبنائه الآخرين”.
وتابعت: “لديه ابن في لبنان لم يره سوى مرة واحدة وصافحه باليد فقط”، واصفةً إياه بـ”المقزز”، وبـ”أسوأ مجرم يمكن أن تقابلوه يوماً ما”.
والمؤسف بشأن قصة لطيفة ليس ما أخبرت الناس به أملاً بالنجاة من جحيم القصر، وإنما فشل محاولتها في الفرار على متن يخت قبالة السواحل الهندية، بعد أن قامت قوات هندية وإماراتية بأخذها عنوة وإعادتها إلى دبي.
هذه الحالة تكررت أيضاً في عام 2000، عندما حاولت أختها الكبرى شمسة الهرب، ولكن ألقي القبض عليها في شوارع كامبريدج، ولم يُسمع عنها منذ ذلك الحين.