لا تزال معركة رئاسة الحكومة مستمرة وسط استمرار الاحتجاجات الجماهيرية التي بدات بثورة جياع ضد البطالة وسوء الاوضاع المعيشية منذ اكتوبر وانتفاضة نوفمبر الشبابية في ساحات الاعتصام في بغداد والمحافظات الجنوببة المطالبة بالاصلاحات الجذرية وتعديل الدستور وتغيير الحكومة .
ورغم انتهاء المهلة المحددة لتقديم مرشح الرئاسة للحكومة للفترة الانتقالية بسبب ايران وحلفاؤها الذين يتصدرون المشهد في البرلمان الرافضين لاي اصلاح خوفا من تغيير الموازين لصالح المحتجين .فان كل ذلك لن يحقق ايا من اهداف الاصلاحات ولا انهاء الازمة التي لاتزال مستمرة
لان المعضلة تكمن في الدستور الذي يقف عائقا امام اي اصلاح ثوري وجذري .
الدستور العراقي الذي جرى التصويت عليه عام ٢٠٠٥ وضع في مرحلة حرجة وظروف وضغوط سياسية خاصة وعلى عجالة لتحقيق مصالح فئوية وطائفية معروفة للجميع .
وهو الذي اوصل الاحزاب الدينية الى السلطة وجرت البلاد الى مأسي وفوضى وسوء الخدمات والاوضاع المعيشية والتي ادت بالنتيجة الى تصاعد وتيرة النقمة لدى المواطنين .
الدستور هو المرجع الرئيس للنظام القانوني وهو القانون الاعلى الذي يحدد هوية البلد وشكل النظام السياسي فيه . وهو الذي يحمي شرعية السلطة من خلال المحكمة الاتحادية التي تنظر في دستورية القوانين وصحة الانتخابات البرلمانية والرئاسية .اضافة الى ان الدستور هو الذي يصون الحريات وحقوق الانسان. .
لهذا كان ولابد بعد ان استقرت الاوضاع ان يعاد النظر في مواد الدستور واعادة تقييمه من جديد . خاصة تلك المواد التي تقف عائقا امام مساعي الاصلاح وعلى اكثر من صعيد . وخاصة في هذه المرحلة الانتقالية التي بات من الضروري اجراء الاصلاحات الدستورية وتلافي اخطاء الدستور الحالي واقامة دولة المواطنة التي تتطلب اولا الغاء المادة الثالثة منها التي تنص على ان الاسلام هو دين الدولة الرسمي وعدم جواز تشربع اي قانون يتعارض والشريعة الاسلامية .
هذه المادة كان لها التاثير على القوانين وعلى حقوق وحريات شرائح المجتمع المختلفة .وشكلت عائقا امام توحيد الهوية الوطنية .
لان هناك اديان اخرى كالمسيحية واليزيدية والصابئية اصافة الى وجود الكثير من العلمانيين الرافضين لشكل الدولة الدينية بشكلها الحالي .
هذه المادة تقف عائقا امام ان يصبح العراق دولة ديمقراطية حضارية مستقلة تلتزم فيه الدولة الحياد تجاه جميع الاديان في البلاد .
وان كان لابد من من تدخل الدين في القوانين فعلى ان يقتصر تاثيره فقط على قوانين الاحوال الشخصية التي تنظم مسائل الزواج والطلاق والنفقة والميراث والحضانة تطلق قواعد الشريعة الاسلامية على المسلمين . اما بقية الاديان فتطبق شرائعهم الدينية الخاصة بهم .
وهناك المادة٧٦ من الدستور المتعلقة بالكتلة الاكبر في البرلمان لترشيح رئيس الوزراء التي خلقت فراغا دستوريا لتمسك كل كتلة بمرشحها اصافة الى خلافات الكتل الشيعية فيما بينها لتسمية الكتلة الاكبر وجر البلد الى خلاف شيعي شيعي وخلاف شيعي سني .
فالحاجة ملحة الى اعادة تقييم الدستور الحالي وتكوين لجنة من الاختصاصيين من المحامين واكاديميين في القانون الدستوري المقارن ومن خبراء اقتصاديين وعلماء اجتماع وممثلي النقابات المهنية وعلماء سياسة لاجراء الاصلاحات الدستورية وانتشال البلد من ازماته المتتالية وانهاء الاحتجاجات الجماهيرية والعمل على اعادة الاوضاع الى طبيعتها والسير نحو اعادة البناء واصلاح ما خربه الاشرار .