منذ الإعلان عن ولادة “الحشد الشعبي” إثر فتوى المرجع السيستاني عام 2014؛ تحولت الميليشيات الطائفية في العراق من مجموعات متفرقة تعتاش على هبات الأحزاب ومساعداتها؛ إلى جسم مسلح ذي صفة رسمية، يحظى بدعم حكومي كامل، وصولا إلى اعتمادها كهيئة رسمية تابعة لمجلس الوزراء، تمارس نفوذا يفوق نفوذ القوات الأمنية الحكومية في كثير من الأحيان.
وربما يبدو الحديث عن مصادر تمويل الحشد الشعبي قد بات ضمن الخطوط الحمراء التي تتجنب وسائل الإعلام المحلية الخوض فيها، لأنها ستجلب لها الكثير من المتاعب والاتهامات، وربما الخطف والقتل، خاصة وأن إعلام السلطة يقدم الحشد كحامٍ للبلاد من خطر “الإرهاب“.
لكن ذلك لم يمنع بعض السياسيين من الحديث عن هذا الملف ومحاولة معرفة تفاصيله في موازنة البلاد، على اعتبار أن مناقشة بنود الميزانية تعد أمرا مقبولا ضمن السياقات العامة، إلا أن تلك التصريحات لم تكشف الجزء المخفي من جبل الجليد كما يقال، وظلت مصادر تمويل الحشد وميليشياته أمرا غامضا وغير واضح المعالم.
وبحسب تصريحات لعدد من النواب؛ فإن حصة الحشد الشعبي من موازنة عام 2109 بلغت 9 تريليونات و360 مليارا و575 مليونا و170 ألف دينار عراقي، لكن يبدو أن هذا المبلغ لم يكن كافيا لتغطية نفقات الحشد أو حاجات القائمين عليه، مما دفعهم لسلوك طرق أخرى لاستحصال مبالغ أكبر من عدة مصادر، معظمها غير شرعي، كما تؤكد العديد من التقارير والمعلومات.
خطف وفدى مالية
ومنذ بدايات تشكيلها في الولاية الثانية لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي؛ فإن عمليات الخطف التي يمارسها منتسبون في هذه الميليشيات لم تتوقف، بعلم قادتهم أو بدون ذلك، حيث باتت العديد من الفصائل تعتبر عمليات الخطف كواحدة من أهم مصادر دخلها.
وكالعادة؛ فقد كان العرب السنة هم الحلقة الأضعف التي توجهت نحوها سهام هذه المجموعات المنفلتة، وشهدت العديد من المناطق عمليات خطف ممنهجة، استنزفت الأهالي واضطرت بعضهم لبيع منازلهم وممتلكاتهم للإفراج عن ذويهم المختطفين.
ويروي الحاج حميد فرحان معاناته التي عاش تفاصيلها المريرة بعد اختطاف ابنه عثمان في منطقة المحمودية نهايات عام 2018 من قبل عناصر في ميليشيا “عصائب أهل الحق” بتهمة التعاون مع تنظيم الدولة (داعش)، رغم أن ولده عرف بسيرته الحميدة، وابتعاده عن الشأن العام، وقلة اهتمامه بالسياسة، وعلاقته الطيبة بمختلف أبناء مدينة المحمودية من جميع المكونات.
إلا أن ذلك لم يحل دون قيام هذه المليشيا باختطافه وتعذيبه بشكل مستمر على مدار 6 أشهر، تخللتها مساومات مع أسرته للحصول منهم على فدية قدرها 200 مليون دينار مقابل الإفراج عنه. وبعد مفاوضات شاقة شارك فيها بعض وجهاء العشائر في القضاء؛ توصلت أسرة المخطوف إلى اتفاق مع المسلحين للإفراج عنه مقابل مبلغ 100 مليون دينار.
يقول الحاج حميد في حديثه لوكالة “يقين” إنه اضطر لبيع منزله، وسيارته وعدد من مقتنياته الخاصة للحصول على هذا المبلغ، وقد استطاع جمعه بعد شهرين من الاتفاق على تخفيض الفدية، ودفعه لهم وتم الإفراج عن ابنه، بعد خضوعه لتعذيب وحشي أدى إلى إصابته بالعديد من الأمراض العضوية والنفسية.
يضيف والد المختطف إنه كان يخشى أن تستلم الميليشيات المبلغ ثم تقوم بقتل ابنه، كما حدث في العديد من الحالات المشابهة، إلا أن تدخل بعض شيوخ العشائر لصالحه أعطاه نوعا من الضمان بسلامة حياة ابنه، حتى تم الإفراج عنه فعليا.
وتشير تقارير إنسانية وحقوقية إلى تعرض عشرات المواطنين في العديد من مناطق بغداد، وخاصة في حزامها إلى عمليات خطف واسعة بتهم مختلفة، من بينها الانتماء إلى تنظيم الدولة “داعش”، مما اضطر أسرهم لبيع ممتلكاتهم للحصول على الفدى المالية المطلوبة، كما أدى إلى هجرة مئات الأسر من مناطق المحمودية والحسينية وأبو دشير وغيرها نحو مناطق أخرى في بغداد وخارجها، هربا من مصائر متشابهة في ظل غياب شبه كامل للدولة وأجهزتها الأمنية.
المخدرات.. زراعة وتجارة
وشهدت العديد من مناطق العراق وخاصة المحافظات الجنوبية تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات وبيعها في الأماكن العامة، وبعد أن كانت معظم هذه المخدرات تفد من خلال المنافذ الحدودية مع الجارة الشرقية إيران؛ باتت العديد من الميليشيات ترعى وتدير مزارع واسعة لزراعة المواد المخدرة مثل الخشخاش والحشيشة وغير ذلك.
وتشير تقارير حقوقية إلى ازدهار زراعة المواد المخدرة في العديد من المحافظات، وخاصة كربلاء والبصرة وبابل وميسان وذي قار وغيرها.
ويتهامس المواطنون هناك حول عائدية هذه المزارع إلى ميليشيات متنفذة، مثل كتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء والنجباء وعصائب أهل الحق وغيرها، فيما يمنع المواطنون العاديون من الاقتراب منها أو تصويرها، وربما يتعرضون جراء ذلك للاعتقال أو القتل حتى.
لكن عضو مجلس كربلاء سندس الطريحي تنفي هذه المعلومات بشكل كامل، مؤكدة خلو المحافظة من مزارع الخشخاش وغيرها من المواد المخدرة، إلا إذا كانت في أمكان نائية وغير معروفة للسلطات.
وتضيف في حديثه لوكالة “يقين” أن أوامر وزير الداخلية كانت حازمة وحاسمة في التصدي لظاهرة تعاطي المخدرات، والضرب بيد من حديد على كل من يروجون لها أو يتاجرون بها، حتى لو كانوا يمثلون جهات متنفذة، على حد قولها.
لكنها لم تنكر وجود جهات -لم تسمها- تستخدم المال الحرام في تمويل أنفسها، إلا أنها شددت على أن ذلك يجري بمعزل عن سلطات المحافظة، “التي لا تتهاون مع المشتركين بهذه الأعمال المخالفة للقانون”.
موانىء البصرة والنفط المهرب
رغم ضيق الشريط الساحلي للعراق على الخليج العربي، وقلة موانئه المطلة عليه؛ إلا أن ذلك لم يمنع مليشيات مسلحة من السيطرة على العديد من مفاصل العمل في هذه المؤسسات الاقتصادية الحيوية، منذ السنوات الأولى للاحتلال الأميركي حتى اليوم، وإن باتت تخفي نشاطاتها في السنوات الأخيرة، خوفا من تعرضها لملاحقة قانونية شكلية، إلا أنها مضرة بسمعتها في الشارع.
وتشير تقارير متعددة إلى سيطرة عدة أحزاب على هذه الموانئ وفرضها لنفوذها عليها، وعلى رأسها حزب الفضيلة التابع لليعقوبي، والذي يمتلك مليشيا تدعى “لواء الشباب الرسالي”.
ويؤكد المحامي والناشط البصري سعد المنصوري في حديثه لوكالة “يقين” أن جماعة اليعقوبي تحظى بالنفوذ الأكبر داخل عدة مؤسسات في البصرة، في مقدمتها الشركة العامة لموانئ العراق، وشركة نفط الجنوب، وشركة الحفر والتنقيب، ومصفى الشعيبة، وشركة البتروكيمياويات وشركة الأسمدة وشركة الحديد والصلب وشركة الغاز وغيرها، مما جعلها تتحكم في مبالغ طائلة تدخل إلى خزينتها، دون أن تستطيع المؤسسات القضائية محاسبتها أو وضع حد لذلك.
ويشير المنصوري إلى أن جماعة اليعقوبي قامت بوضع يدها كذلك على “مشروع مدينة الأمل الاستثماري” كذلك، والذي تصل كلفته إلى 120 مليار دينار عراقي، حيث يقوم أتباعه بتوظيف أموالهم فيه، وتوفير دعم للمليشيا المسلحة التابعة لهم، من خلال الأموال التي يحصلون عليها من هذه المصادر.
وبحسب المنصوري فإن مليشيا “لواء الشباب الرسالي” ضالعة في العديد من عمليات “غسيل الأموال” وإعادة تدويرها، بالإضافة إلى إشرافها المباشر -كقوة مسلحة- على عمليات تهريب النفط العراقي إلى إيران ودول أخرى، دون أن تستطيع القوات الحكومية منعها.
و يشارك نحو 40 فصيل وميليشيا أخرى جماعة الفضيلة في نفوذها هذا، وإن بدرجة أقل، مثل تيار الحكمة وكتائب حزب الله والتيار الصدري وغيرهم، وتقوم هذه المجموعات بتمويل أنشطتها من ملايين الدولارات التي تدخل إلى جيوبهم يوميا من عوائد هذه العمليات غير القانونية.
منافذ الفساد عبر الحدود
يمتلك العراق 22 منفذا حدوديا بريا وبحريا مع الدول المجاورة له، عدا المنافذ الجوية المتمثلة بالمطارات، يفترض أن تدر دخلا جيدا على خزينة الدولة، من خلال عمليات استيراد البضائع الداخلة إليه، من إيران وتركيا وسوريا والسعودية والكويت والأردن، إلا أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء كشفت في وقت سابق أن العراق يخسر سنويا 6 مليارات دولار بسبب عمليات الفساد في منافذه الحدودية.
و تتنوع أشكال الخسارة التي تسببها سيطرة هذه الأحزاب المتنفذة، فما بين تهريب النفط وإدخال المخدرات بأنواعها، والسماح بمرور البضائع الفاسدة ومنتهية الصلاحية عبر التلاعب بالسيطرة النوعية في هذه المنافذ، يستمر النزيف الاقتصادي للبلاد.
و ينفي المتحدث باسم هيئة المنافذ الحدودية علاء الدين القيسي سيطرة أحزاب وميليشيات على هذه المنافذ، مؤكدا تبعيتها للحكومة العراقية بشكل كامل، إلا أنه يعترف بوجود عمليات فساد تحدث هنا وهناك، تسعى الدولة لمحاسبة المسؤولين عنها، على حد تعبيره.
و يلفت القيسي في حديثه لوكالة “يقين” إلى توصيات مجلس مكافحة الفساد التابع لمجلس الوزراء تشدد على منع أي تدخل لأحزاب أو شخصيات سياسية وغير سياسية في عمل المنافذ، و”وضع حد لها بشكل قانوني”.
لكن تقارير محلية وإقليمية تشير إلى أن المنافذ الحدودية باتت مصادر تمويل ثابتة لأحزاب ومليشيات مسلحة تحكم سيطرتها عليها، ولا تجرؤ الحكومة أو منتسبي القوات الأمنية على منعها من مزاولة أعمالها غير القانونية تلك، خاصة في حكومة عبد المهدي، التي يصفها الكثيرون بـ”حكومة الحشد الشعبي”.
كيف رد الحشد؟
ويرفض الحشد كل الدلائل التي تشير إلى تورطه في عمليات مخالفة للقانون لتمويل نشاطاته، معتبرا إياها جزءا من الحرب الإعلامية التي تستهدفه، بهدف تشويه صورته في أنظار العراقيين.
إلا أن المتحدث السابق باسم الحشد الشعبي كريم النوري لا ينفي وقوع ما أسماها “أخطاء” مارسها بعض المنتسبين للمؤسسة، لكنه قياداته كانت حازمة في التعاطي مع هذه الحالات، وقامت بفصل ومعاقبة كل من ثبت تورطه في ذلك، بحسب قوله.
ويؤكد النوري في حديثه لوكالة “يقين” أن الحشد الشعبي بات هيئة رسمية تابعة لرئاسة الوزراء، وكل نشاطاته هي تحت المراقبة، ومن المستحيل أن تلجأ قياداته إلى انتهاج أساليب إجرامية وغير قانونية لتمويل نشاطاته، لأن ذلك يعني وقوعها تحت طائلة المساءلة الحكومية، خاصة وأن الأضواء مسلطة عليه، وهو “ما يستدعي عدم التهاون مع أي مخالفة قانونية”.
لكن هذا النفي ما زال يواجه بتشكيك كبير في الأوساط الحقوقية المحلية والدولية، خاصة ما شهدته المحافظات المنكوبة من انتهاكات بشعة اثناء استعادتها من قبل القوات الحكومية وعناصر الحشد الشعبي، والتي وثقت مقاطع فيديو نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع.
وتشير هذه المقاطع، بالإضافة إلى شهادات سكان تلك المناطق إلى وقوع انتهاكات ممنهجة بحق الأهالي، بالإضافة إلى السيطرة على مفاصل الاقتصاد هناك، كما هو الحال في الموصل، التي تدير الحياة اليومية فيها ما تعرف بـ”المكاتب الاقتصادية” التابعة للميليشيات الطائفية المسلحة.
نينوى.. في مقدمة الضحايا
وبما كانت نينوى هي أكثر المحافظات التي تعرضت لهذه الجرائم الاقتصادية بعد هيمنة “المكاتب الاقتصادية” على مفاصل الحياة فيها، تحت سمع الدولة وبصرها، وسكوت القوات الأمنية ومجلس المحافظة عن ذلك، طوعا أو كرها.
وقد كشفت فاجعة غرق العبارة في المدينة قبل عدة أشهر الكثير من خيوط هذه القضية، وأعادت تسليط الأضواء عليها، بعد أن أثبتت التحقيقات وجود شراكة لممثلين عن ميليشيا العصائب مع مالكي العبارة الغارقة، وهو ما دفعهم إلى إهمال الحفاظ على شروط السلامة لراكبيها، طمعا في مزيد من الأموال، مما أدى إلى وقوع الفاجعة.
وقد اعترف مالك منتجع الجزيرة السياحية في الموصل بعد اعتقاله أن مليشيا العصائب هي شريكة في إدارة الجزيرة ومرافقها السياحية، والتي طالبته بدفع مبلغ 3 ملايين دولار كإتاوة دون وجه حق، مما أدى إلى هروبه للإقليم قبيل الحادثة.
ولم تقتصر الإتاوات على التجار الكبار وملاك المؤسسات الكبيرة، بل تعدتهم إلى أصحاب المحلات والمقاهي وقاعات الأعراس في المدينة، والذين يضطرون لدفع ما بين 200 إلى 400 دولار كل شهر، لبعض الميليشيات المنضوية تحت الحشد الشعبي، وخاصة من مناطق سهل نينوى وتلعفر، حيث تقوم مليشيا “لواء 30” التي تسيطر على مداخل مركز الموصل من الجهة الشمالية والشرقية بإجبار سائقي الشاحنات على دفع 150 دولارا عن كل سيارة نقل تدخل إلى المدينة أو تخرج منها.
وعلاوة على ذلك؛ يتداول الموصليون فيما بينهم أخبار عمليات تهريب “السكراب” من بقايا المؤسسات المحترقة أو البيوت المتهدمة إلى أربيل ودهوك، بالإضافة إلى عمليات تهريب السكائر وبعض السلع الأخرى عبر الحدود مع سوريا، مما يعرض المحافظة لاستنزاف مالي كبير في مواردها، ويعطل حركة إعمارها التي كان مقررا أن تنطلق عقب استعادتها من تنظيم داعش.
وحاولت وكالة “يقين” التواصل مع أعضاء في مجلس نينوى للحديث عن هذا الموضوع، إلا أنهم رفضوا الإدلاء بأي تصريح دون مبرر واضح، لكن بعض المقربين منهم أكدوا أنهم يتخوفون من الدخول في صدام مباشر مع الميليشيات المتنفذة هناك، وهو الأمر الذي قد يعرضهم لخطر القتل أو الإقصاء عن مناصبهم.
دعارة وقمار أيضا
ويؤكد الصحفي ماجد الأسدي أن تورط كبار قياديي الحشد الشعبي في عمليات فساد واسعة وزيادة أعداد منتسبي فصائلهم دفعهم للبحث عن مصادر تمويل جديدة، خارج نطاق القانون، فكانت عمليات الخطف وزراعة المخدرات وفرض إتاوات على التجار والمواطنين في بعض المدن، بالإضافة إلى رعاية صالات ودور للقمار والبغاء، في فنادق بغداد الكبرى وبعض مناطقها مثل الكرادة والجادرية وغيرها.
ويضيف في حديثه لوكالة “يقين” أن فضيحة المدعو حمزة الشمري قد كشفت في الحقيقة عن مصادر دخل غير شرعية أو أخلاقية يعتمد عليها الحشد في تمويل نشاطاته، بعد سنوات من الإنكار، حيث أشارت التحقيقات والصور ومقاطع الفيديو التي نشرت إلى وجود علاقة قوية تربطه بقيادات كبيرة في الهيئة، بالإضافة إلى تمويله لبعض الميليشيات من صالات القمار و”الروليت”، فضلا عن مصادر أخرى مشبوهة.
ويتابع قائلا: “وجود بيوت للبغاء تابعة لميليشيات معروفة في بغداد ومناطق أخرى لم تعد سرا، حيث تتلقى “سرايا عاشوراء” التابعة لتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم حصة ثابتة من هذه البيوت والملاهي الليلية، فضلا عن فصائل أخرى مثل “سرايا الخراساني” و”النجباء” و”كتائب سيد الشهداء” وغيرها، والتي تقوم بحماية أماكن اللذة المحرمة هذه، وتتلقى مقابل ذلك مبالغ طائلة، تنفقها على مقاتليها وأعضائها، على حد قوله.
وقد أسهمت هذه النشاطات غير القانونية أو الأخلاقية في تراجع شعبية الحشد الشعبي، وانفضاض الناس عنها في أماكن واسعة من بغداد وجنوب العراق، ثم جاءت الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي انطلقت في تشرين الأول الفائت، وما رافقها من تورط مقاتلي هذه الميليشيات في قتل أكثر من 500 متظاهر سلمي، وإصابة أكثر من 20 ألفا منهم بجروح مختلفة؛ لتزيد الشقة بين هذه الفصائل وحاضنتها الاجتماعية السابقة، التي وقفت إلى جانبها سابقا حين كانت تعتقد أنها تدافع عنهم في وجه “الإرهاب”، لكن تسارع الأحداث مؤخرا أسقط الكثير من الاقنعة، وجعل الشارع الشيعي نفسه أول المنتفضين على هذه الفصائل، كما يؤكد الكثير من العراقيين.