توجد بعض البديهيات المؤكدة والتي نتداولها دون أن نفكر، فمثلاً مجموع 1 و1 يساوي 2، ومثل أن الشمس تشرق من الشرق وتغرب من الغرب وأن الأرض كروية، مهلاً ليس الجميع يعتقدون بأن الأرض كروية! لا تندهش فبالفعل انتشر هذا الرأي في الآونة الأخيرة حيث يعتقد البعض بأن الأرض مسطحة بل ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تطور ليصل بأنهم يُقدموا الأدلة لإثبات الأمر، ولدحض الأمر دعونا نفسر الأمر قليلاً، ولهذا سنقوم بعرض وجهة نظر الطرفين والإثباتات الخاصة بكل طرف منهم.
كيف نعرف أن الأرض كروية الشكل ؟
في الحقيقة لا أحد يستطيع نسب اكتشاف كروية الأرض لشخص بعينه فجميع النتائج العلمية التي توصلوا إليها كانت عبارة عن اجتهادات العديد من الأشخاص والذي قام كل شخص بتكملة ما بدأه الآخر، وربما من الأدلة الأولية التي توصلوا إليها كانت منذ أكثر من 2000 سنة أي حوالي 250 قبل الميلاد حيث أدرك بعض اليونانيين ذلك عن طريق عامودين فقط، وبفرض أن أشعة الشمس ستكون موازية حين تضرب الأرض، فلقد قاموا بوضع عامودين على سطح الأرض على بُعد 500 ميل (أي ما يقرب 800 كيلو متر تقريباً) بعيداً عن بعضهما البعض الأول بمدينة أسوان والآخر في مدينة الإسكندرية بمصر، ولقد وجدوا أن العامود الذي يقع بأسوان لا ينتج عنه أي ظل عند تعامد الشمس فوقه بينما وجدوا ظل مائل للعمود الثاني والذي يقع بالإسكندرية بشكل ملحوظ وذلك في نفس الوقت والتاريخ، ومع قياس زوايا الظل، وبمعرفة المسافة بين أسوان والإسكندرية، تمكنوا من قياس محيط الأرض وكانت التفسير المنطقي لهذا الأمر هو أن الأرض لابد بأن تكون متقوسة الشكل (أي كروية).
سبب آخر والذي يتطلب بعض السفر أيضاً، وهو من خلال فحص النجوم حيث أشارت الوثائق اليونانية الأولى إلى التباين في مواقع النجوم القطبية كدليل على كروية الأرض، حيث كان التباين شديداً خصوصاً بين المستوطنات اليونانية حول البحر الأبيض المتوسط، فإذا كانت الأرض مسطحة، فستظهر خريطة النجوم كما هي بغض النظر عن موقعك، إلا أنها لم تظهر.
ما سبق هي بمثابة النظريات الأولى التي أثبتت كروية الأرض بشكل كبير ومن ثم قام العلماء بتطويرها وإجراء المزيد من التجارب، كما أن أفضل طريقة لتحديد ما إذا كان كوكبنا عبارة عن طبقة سميكة أو كرة ضخمة هو مشاهدتها من منظور بعيد، وهذا ما زودتنا به الأقمار الصناعية والملاحة الفضائية، حيث قدمت لنا صور عظيمة لجسم أزرق، ولكنهم أدّعوا أيضاً أن هذه الصور مزيفة وأنها غير حقيقية.
وعلى النقيض من يفترض أن الأرض مسطحة فهم يتبنون الرأي هذا بناءً على التالي:
بادئ ذي بدء، إن الأرض تبدو مسطحة عند النظر إليها من أعلى الجبل. علاوة على ذلك، أكدت تجربة انبساط الأرض في بدفورد الشهيرة شكوكهم وهي تعتبر واحدة من أولى التجارب التي “أثبتت” أن الأرض مسطحة، فلقد أُجريت في عام 1838 من قِبل سامويل روبوثام على طول نهر بدفورد القديم والذي يبلغ طوله حوالي 6 ميل، ويعتبر النهر مثالياً للتجربة لأنه مستقيم بلا انقطاع بطول النهر.
وإذا قمت بإنشاء اثنين من العلامات في أي من طرفي هذا النهر ستلاحظ عند النظر إليهما من خلال تلسكوب بأنهم ليسا متساويان مع بعضهما البعض (وهذا وفقاً لكروية الأرض)، ومع ذلك لاحظ صموئيل أن العلامة البعيدة كانت تتماشى تمامًا مع القريبة، على الرغم من كونها تبعد مسافة 6 أميال عن بعضهما البعض، أي أقل قليلاً من انحناء الأرض، وهذا دليل قاطع على أن الأرض المسطحة بالنسبة لهم، ولكن ما تجاهلوها هي تأثيرات الانكسار، فالانكسار يعمل على انحناء الضوء المنعكس وذلك من خلال علامة خارج المنحنى ليجعله يبدو مستوياً، والانكسار هو السبب في أننا نلاحظ شروق الشمس “بصورة متقدمة” وغروب الشمس “بصورة متأخرة”.
كما أنهم يمتلكون خريطة مثيرة للاهتمام للأرض كذلك، ففي جغرافيتهم، القطب الشمالي هو مركز القرص المسطح، والقارة القطبية الجنوبية هي عبارة عن “جدار جليدي” على الحافة يحجز كل المياه في القرص.