قرار انهاء الوجود قوات التحالف الدولي , متسرع ومتعجل ومتشنج , لم يدرس بشكل جيد بعين بصيرة في التعامل الدولي . وتناول القضايا الحساسة تمس مصير الوطن مباشرة , يجب ان تكون قراراته تبحث بدقة وروية تأخذ في نظر الاعتبار مصالح الوطن , خالية من الانفعال والتشنج , وليس قرارات تفرض بالتهديد وتغليب طرف ضد طرف اخر , بل تصدر بالتوافق الذي يخدم مصالح الوطن , ويعمق مكانة الوطن في علاقته مع المجتمع الدولي , وان يحترم الاصول الديموقراطية واحترام الرأي المعارض . وان تكون قراراته تسهم في توثيق العلاقة مع مكونات الوطن واللحمة الوطنية , وتتخذ القرارات بالحكمة السياسية التي تخدم مصالح العراق , ولكن قرار البرلمان في جلسته المثيرة للجدل , جاءت من طرف واحد ( الطرف الشيعي أو من الاحزاب الشيعية ) , وغياب الطرفين من المكونات الرئيسية ( السني والكوردي ) فصوت على القرار بطريقة لا تحترم التوافق الوطني . ودون حساب العواقب الوخيمة المترتبة على تداعيات انهاء الوجود العسكري بهذه الطريقة اللاشرعية واللا قانونية , ولا يمكن ان تنفذه حكومة تصريف اعمال مثل هكذا قرار مصيري , لكنه جاء ضمن الصراع السياسي الدائر لصالح ايران بعد حادث الاغتيال . وهو يمثل الاحتكار غير مدروس في اتخاذ القرارات والخيارات المصيرية وتداعياتها . ان انهاء الوجود الاجنبي , طلب لابد منه , ولكن بطريقة قانونية وشرعية . وليس تمييز بين اجنبي واجنبي آخر . يعني ( الانسحاب الامريكي وبقاء الوجود والنفوذ الايراني في العراق ) . ان الوجود العسكري الامريكي جاء بطلب من الحكومات العراقية المتعاقبة . في اتفاقيات ودعوات . مثلاً اتفاقية عام 2008 في زمن حكومة المالكي , وجددت عام 2011 . وفي عهد حكومة العبادي في عام 2014 , طلب مساعدة امريكا للمساعدة في محاربة تنظيم داعش الارهابي . لذا فأن وجود الامريكي شرعي بطلب من الحكومات العراقية , والخروج ايضاً يكون شرعي وقانوني باحترام وتوافق , وقد شاركت قوات التحالف الدولي في محاربة داعش وتحقق الانتصار بعد ذلك . لذلك جاء قرار انهاء الامريكي غير ودي ومتشنج ومنفعل , اذ تم بطريقة عدائية بالتشنج , تجاوز الاطر القانونية . لذلك قابله بالتشنج والعداء المقابل من ( ترامب ) حين قال ( سنفرض عليهم عقوبات لم يروا مثيلها من قبل مطلقاً , ستكون عقوبات ايران بجوارها شيء صغير ) لذلك لم يدرس البرلمان . وانما فرض بالقوة من طرف واحد ( الشيعي ) بالضد من الطرف ( السني والكوردي ) . وهو يمثل جهل سياسي بالعواقب الخطيرة المحتملة . ومنها :
1 – احتمال قوياً بعودة تنظيم داعش , ويملك خلايا نائمة فيحركها بأستغلال الفراغ الامني والعسكري .
2 – رفع الحماية الامريكية للاموال العراقية , باعتباره الحامي والضامن , وهناك اكثر من مئة الف دعوة ضد العراق تطالبه بالتعويضات المالية تقدر بحوالي 300 مليار دولار , وسيرفع الجانب الامريكي يده كحامي والضامن .
3 – عودة التناحر والاحتقان الطائفي , وقد بدأت خيوطه بفرض ارادة طرف على الاطراف الاخرى في الجلسة البرلمان المثيرة التي قاطعها الطرف ( السني والكوردي ) والخوف ان تستغل المليشيات الطائفية في زيادة الاحتقان والتوتر .
4 – انفقت امريكا مبالغ طائلة في بناء قواعد وتكاليف حربية انفقتها , لذلك تطالب بهذه التكاليف وتقدر بالمليارات الدولارية .
5 – الطغمة السياسية الحاكمة والفاسدة , التي نهبت اموال العراق , هي المستفيدة الوحيدة من الحالة الجديدة , بينما غالبية الساحقة من افراد الشعب , سيتجرعون مرارة الحياة القاسية بالتقشف الاقتصادي الجائر .
6 – ان التعامل بهذا الشكل مع قوات التحالف الدولي , فأن الكثير من الدول ستعيد حساباتها مع العراق , وتتجنب تقديم العون المالي والاقتصادي والعسكري .
7 – انخفاض قيمة الدينار العراقي , وبدأت اول ملامحه في هبوط قيمة الدينار العراقي مع العملات الاجنبية , وستتدهور قيمته اكثر واكثر .
8 – تنعدم فرص العمل وزيادة البطالة ورفع نسبة الفقر , لشحة اموال الدولة نتيجة العقوبات الاقتصادية التي ستفرض على العراق , ونتيجة دفعه تعويضات مالية ضخمة .
9 – شحة اكثر في الخدمات العامة الهشة . وغياب الاصلاح والبناء واقامة المشاريع لعدم وجود اموال بحوزة الدولة
10 – عودة ايام الحصار الدولي , كما حدث في الماضي البغيض . وارتفاع غلاء المعيشة .
11 – ستتعرض رواتب الموظفين والعاملين والمتقاعدين الى تخفيض كبير جداً , لسد عجز ميزانية الدولة , بدفع رواتب للموظفين والعاملين والمتقاعدين يقدرون بحوالي 7 مليون مواطن .
هذه الزعرنة الصبيانية في اتخاذ قرار منفعل ومتشنج وغير مدروس . والذي سيؤدي حتماً الى هلاك الاحزاب الشيعية , قبل هلاك الشعب , لان الشرفاء والغيارى الوطن , سيتداركون هذا المنزلق الخطير وانقاذ الشعب من الازمة الخطيرة , وبزوال الاحزاب الشيعية . هذا المخرج الوحيد لتجنب هلاك الشعب والوطن
جمعة عبدالله