الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeمقالاتالعراق في فخ ترامب أم في فخ خامنئي؟؟ :ترجمة عادل حبه

العراق في فخ ترامب أم في فخ خامنئي؟؟ :ترجمة عادل حبه

 

بقلم الكاتب الإيراني أصغر نصرتي

موقع أخبار روز

هناك نقطة واحدة مهمة ينبغي أيصالها للقراء. وهي أن صدمة اغتيال سليماني وحرب احتلال السفارات سوف لا تطال شعبي البلدين فحسب ، ولكن الأهم من ذلك أنه سيجعل الشعبين الإيراني والعراقي ينسى الاحتجاجات الأخيرة االرائعة التي أندلعت في البلدين. في الوقت الذي جرى قتل وموت الأبرياء ورويت جثامينهم وجثمان سليماني في التراب، وصل الصراع بين الجمهورية الإسلامية والحكومة الأمريكية إلى نقطة حرجة. ولكن العراق في مجرى هذا الصراع هو العمود الفقري في المواجهة. إن احتجاج الشعب العراقي على الفساد وعلى عدم كفاءة الحكومة العراقية في أداء وظيفتها طال أيضاً وجود الطرفين الأجنبيين في البلاد، أحدهم جار العراق والآخر في ما وراء المحيطات. لقد كان هذا الاحتجاج دائماً كامناً تحت الرماد ، وقد أتيحت له الفرصة في بعض الأحيان للإندلاع. بالنسبة للعديد من السياسيين العراقيين ، لم تكن هذه هي الطريقة المتوقعة التي صنعت بها الولايات المتحدة فب العراق، لقد استقبل الغالبية العراقيين بفرح الإطاحة بصدام. ولا شك أن مبررات الولايات المتحدة لغزو العراق لم تكن مبررة على الإطلاق. فالغزو الأمريكي للعراق لم يقتصر على الإطاحة بصدام ، بل سعي الولايات المتحدة إلى بقائها في العراق. لأن أصل القضية كانت تتمحور حول الطاقة ، وعصرنا هو عصر الجدال حول الطاقة. لذلولكن الغزو الأمريكي فشل في إحلال السلام والاستقرار السياسي في المنطقة، وزاد الوضع في الشرق الأوسط سوءاً يوماً بعد يوم. لكن لنبقى الآن في العراق!

وفقًا للمحاسبات الأمريكية ، فإن غزو العراق خلال عهد صدام وتسخير ذلك البلد كان ضرورياً وسهلاً وقابلاً للإنجاز على المدى القصير. ومهما كانت دوافع الغزو الأمريكي للعراق ، فإنه لم يلب إلا رضا الجمهورية الإسلامية واحتياجاتها. وهذا يعني أن العدو كان فاعل الخير. أولاً، لأن وٍرث ابن آوى انتقل إلى الضبع، وثانياً هيمن الشيعة على السنة في العراق وأضحوا على استعداد لتبوء منصة توسعهم السياسي، مع أحلام أمريكا في أن تكون هذه الصراعات في صالحها. حتى بهذه الطريقة ، لم يكن امريكا على استعداد إقامة دولة مستقلة للأكراد كي يكون هذا المعسكر مقاوماً لرد الفعل من كلا الجانبين.

في أثناء الغزو الأمريكي للعراق، رافقت إيران أمريكا أثناء الحملة العسكرية الأمريكية. وكان ينظر إلى ذلك كمؤشر على الصداقة، وقبل كل شيء الأمل في الاستغلال المادي والروحي لهذه الاحدات. إن العراقيون الذين تم تربيتهم في ايران وتسييسهم من أجل صياغة السياسة في العراق ، تم إحضارهم إلى الأنبار وقد حان الوقت للاستفادة منهم. كان العراق مركزاً مهماً للحج بالنسبة للشيعة، وهذا ما يمكن إيران استغلاله لتوسيع نفوذه الروحي. إن التركيبة السنية الشيعية في العراق كان على الدوام لصالح الشيعة ، ولذلك تمتعت إيران باليد العليا في هذا الصراع. وبالإضافة إلى ذلك ، لا تستطع الولايات المتحدة البقاء هناك إلى الأبد، مما اضطرها إلى اللجوء إلى مجموعة من السياسيين العراقيين الذين كانوا مؤيدين بشكل مباشر أو غير مباشر للنظام الإيراني. وبطبيعة الحال، كان البعض في الإدارة الأمريكية يدرك أهمية التفاهم مع إيران من أجل احلال الاستقرار السياسي في العراقي.

لكن الضيفين غير المرغوب فيهم غرسوا مواقعهم لهم وظلوا في العراق. الأول لم يكن لديه فرصة لمغادرة البلاد، والثاني ليس لديه سبب لمغادرتها. وكان النظام الإيراني يردد إلى أين يذهب ويترك البلد الإسلامي المجاور والشريك في الدين لوحده. لا يوجد مكان أفضل من هنا! كما لم تستطع الولايات المتحدة التخلي عن مواقعها النفطية في العراق. وهكذا بدأ صراع عالمي من أجل احراز فوائد فورية ومواقع دائمة في العراق. ولذلك نظر كل منهما الآخر كمنافس مزعج، خاصة عندما لم يعد داعش بشكل ذريعة لتفاهمهم. وبدلاً من أن يعبر المضيف عن عدم رضاه عن وجودهم ، فقد عبر الطرفان عن عدم الرضى عن بعضهم البعض. وكما قيل منذ فترة طويلة أن الضيف لا يريد الضيف، وصاحب البيت لا يريد كلا الضيفين على حد سواء.

إن النتيجة المؤلمة لغزو العراق كانت أولاً وقبل كل شيء موجهة ضد الشعب العراقي. فقد تصاعد حجم الفقر الاجتماعي وعدم الاستقرار السياسي والفساد. ويتحسر الآن الكثير من العراقيين على عهد صدام. وأصبح صدام التكريتي بطلاً وطنياً! وهذا يشبه ما حصل عندنا حيث يترحم الايرانيون على الشاه! لقد سجل الغزو الأمريكي للعراق الذي نفذ بذريعة “تحرير الشعب من الديكتاتورية” رقماً سلبياً. لأن الإطاحة بالدكتاتورية من الناحية العملية لم يقدم إلاّ القليل من الانجازات السياسية الإيجابية.

لا يمكن أن يؤدي وجود إيران والولايات المتحدة في العراق إلى نتيجة عاجلة في مواجهة آنية. لذلك يستمر الصراع بين الاثنين ويزداد سوءا. إن جميع أنواع القوات العسكرية الإيرانية المدربة والأموال الإيرانية المقدمة إلى ملايين رحلات الحج هو لتعزيز وتوسيع مواقع إيران في العراق. ولم يعد بإمكان أمريكا الاعتماد على أي شخص هناك أيضا. فالسياسيون العراقيون المستقلون الذين لا طيقون توسع النظام الايراني في العراق، إلاّ أنهم لا يشعرون بالسعادة لوجود الولايات المتحدة. وهم حريصون على اخراج الطرفين، بالرغم من أنهم لا يتمكنوا من ذلك من الناحية العملية. كانت لعبة الشطرنج السياسية في البلاد ضربة تقاطع لكلا الطرفين (پات). وكان على الطرفين إما تعطيل قواعد اللعبة واطفاء الأضواء ومعارضة بعضهم البعض بشكل صريح ، أو الاستسلام ومغادرة العراق.

في مثل هذا الأجواء ،أصبح الوضع السياسي في العراق مضطرباً بشدة. وخرج الشعب إلى الشوارع واحتج كثيرون على الأداء الفاشل للحكومة والفساد المستشري في الدولة ووجود وتدخل النظام الإيراني. لقد انتاب النظام الإيراني الغضب الذي أمضى حياته في الاستثمار في العراق وفي مقدمتهم علي خامنئي الذي عبر عن هذا الغضب في خطاب له، واصفا احتجاجات الشعب العراقي بأنها “اندساس”! متهماً المتظاهرين بتلقي الأوامر والأموال من الخارج لتوجيه غضب الناس في اتجاه معين. لكن الآلاف من الشعب العراقي اعربوا عن رفضهم السير على الطريق الذي جلب الحرمان والأضرار لهم. لذلك انتاب النظام الإيراني المخاوف الجدية من هذا الحراك الشعبي. فهل سيترك النظام الايراني العراق بكل أماله المعقودة على العراق والاستثمارفيه؟ أبدا!

إن اقتحام القنصلية الإيرانية في العراق خلال الاحتجاجات الشعبية وإهانة النظام الإيراني والأذلال الذي تعرض له لم يعد بمستطاعه تأجيل تنفيذ مخططاته. وهذا ما دفع النظام الإيراني إلى التفكير وأنهاء اللعبة لصالحه. ثم خططت قوات الأمن وتآمرت مع أو بدون شخصيات من أمثال سليماني . إذا تم “خداع” البعض أثناء وقاموا باحتلال قنصلية النظام الايراني ، فإن خامنئي في إيران أرسل “مخدوعين” مع عدد من الأشخاص إلى السفارة الأمريكية لاقتحامها. وليس هناك أدنى شك في أن قوات الشرطةالعراقية قد مهدت لذلك، فإنهم كانوا قادرون على إيقاف المهاجمين كما كان بإمكانهم توجيه السلاح نحو الشعب العراقي احتجاجاً على الفساد. ولكن ربما لأن لديهم شغف بأمريكا؟ أم لأنه كان من الضروري اثبات فكرة التوازن السياسي والحياد ؟ أو لأنهم اعتقدوا أن غضب “الشعب” سيخبو ، وأن لا يبادروا على الاقدام على شئ. بعد كل ما حصل، فقد شكل الهجوم على السفارة إهانة لأمريكا. خاصة في بلد قدمت له كل الدعم لفترة طويلة، فهل هذا جزاء الإحسان ؟ وكما وجه النظام الإيراني الاتهام إلى الولايات المتحدة في حادثة القنصلية الإيرانية، فقد اعتبر الأمريكيون أيضاً أن الهجوم على السفارة المريكية من تدبير النظام الإيراني. ومع ذلك ، قد يكون الواقع مختلفاً: فالعراقيون منقسمون إلى مجموعات مختلفة منهم عشاق إيران أو الولايات المتحدة أومستقلين وربما أكثر من ذلك بكثير. لذلك فجميع أطراف اللعبة لديهم ما يكفي من الأصدقاء. ولهذا السبب فإن النتيجة الحالية للعبة في العراق بالنسبة للجميع هي التقاطع “پات”.

إن التخلي عن لعبة التقاطع هو تعطيل قواعد اللعبة: وعندها يجب توقع مقتل سليماني في مثل هذه الأجواء. لقد كنا على دراية وشاهدنا القرارات غير المنطقية للنظام الإيراني لسنوات عديدة و عانينا منها. لكن استمرارها لا يعود بالفائدة على الشعب الإيراني ولا على المنطقة. فالبلاد تتعرض إلى وضع اقتصادي خطير وعزلة سياسية أخطر والنظام الإيراني على استعداد لفعل أي شيء للفوز بهذه اللعبة. وحل الانتقام ومنطق الانتقام محل الحنكة والعقلانية السياسية. ومنذ الآن ستشهد إيران والمنطقة أياماً مضطربة. إن من مصلحة الولايات المتحدة وترامب نفسه أن يفوز في شد العضلات مع إيران في العراق. ولكن النظام الإيراني ينتابه الغضب من الحصار المفروض على البلاد من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن من يقود المواجهة قد تعرض للقتل.

وهكذا ومع مقتل سردار سليماني ، انقسمنا نحن الإيرانيين إلى مجموعتين. فمنهم من عبر عن سعادته بهذا القتل، ومنهم من انتابه الحزن. وعلى هذا الطريق ، هناك عدد من قدم التهاني وعدد آخر من عبر عن النواح. كما قام عدد آخر بتوزيع الحلويات والتعبير عن الفرح ، وامتلأت عيون آخرين بالدموع. هذا في الوقت الذي لم يحص النظام عدد الذين قتلوا في مظاهرات نوفمبر الماضي، نراه يعلن  الحداد لمدة ثلاثة أيام على قائد عسكري واحد. وكانت هذه أفضل علامة على احترام اللواء سليماني وعدم احترام الشعب الإيراني المقتول!

لكن لنترك هذا المجال ، وننتقل إلى مستوى أدنى وربما أعمق قليلاً حيث نحاول رصد ما أدت إليه المواجهات بين إيران والولايات المتحدة من ضحايا بشرية وانتهاكات قانونية تجاه الشعب العراقي، ومن هذا المنظار النظر إلى قتل سليماني. في الواقع أن كلا النظامين أظهرا مراراً وتكراراً أنهما غير ملزمين بأي قواعد بشرية وقانونية. ولدينا الكثير من الأمثلة على هذا النحو ولا نضيع الوقت في هذا المجال . فكيف نبرر قتل الأكراد الإيرانيين في مطعم ميكونوس في ألمانيا بقتل سليماني في العراق! أي قتل المعارضين في بلد أجنبي! لذا فإن محاولة تبرير عقلاني وإنساني وقانوني لمثل هذه الألعاب الدموية يعبر عن الانحياز  لهذا الطرف أو ذاك دون النظر إلى الأضرار التي تلحق بالأبرياء. بالطبع مثل هذه الأضرار لا تشكل إلاّ جزءاً بسيطاً في وسائل الإعلام مقارنة بالبرامج م الترفيهية. وينبغي أن نضع في الاعتبارأن وسائل الاعلام نفسها منحازة جدًا في الأخبار لدرجة أنها تخيب آمال الناس. فقد التزمت وسائل الاعلام الألمانية الصمت حيال ثلاثة أيام من احتجاجات الشعب الإيراني. لكن ما أن تم اغتيال اللواء سليماني حتى استنفرت جميع محطات إذاعة WDR في الساعة 10:00 صباح يوم الجمعة! وينبغي أن نضع في الاعتبار أنه لم يتم تغطية احتجاجات أهالي هونج كونج مقارنة ببث لعبة كرة القدم في برشلونة لحظة بلحظة!

ولكن هناك نقطة واحدة مهمة نلفت نظر القراء إليها، وهي أن التداعيات الرئيسية لاغتيال السليماني وحرب احتلال السفارة !!! لن يجلب الفائدة للشعبين في كلا البلدين، إذ أنها سيجعل الشعبين الإيراني والعراقي ينسى الاحتجاجات الرائعة التي جرت في البلدين. وسيتم دفن القتل وموت الأبرياء مع دفن جثة سليماني. وإذا ما انتقمت الولايات المتحدة في هذه الحالة ، وسعى النظام الإيراني إلى الانتقام لاحقاً ، فإن غبار الانتقامين سيلاحق أبصار شعبي البلدين، وبضيف قدراً من التأييد العالمي للنظام الإيراني. وبعد كل هذا وذاك يصبح العراق فخاً لكل من الولايات المتحدة وايران! إذا كان هذا الانتقام لم يتوصل إلى اتفاق مع إطفاء الأنوار. بعد كل ما أشير أعلاه ، فقد أصبح العراق فخ للولايات المتحدة والنظام الإيراني سواء سادت أجواء الاتفاق أم في أجواء “حرب حرب حتى النصر” “. الخيار الأول هو فرصة لالتقاط الأنفاس والراحة، والخيار الثاني هو استمرار الحرب بالوكالة.

کلن، الرابع من كانون الثاني 2020 ژانویه

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular