أنهت الولايات المتحدة مسيرة أهم رجالات إيران في العراق، بقتل أبو مهدي المهندس في الضربة الجوية التي استهدفته برفقة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، يوم الجمعة (3 يناير الجاري).
لم يكن المهندس رجلاً عادياً أو قائداً مليشياوياً مثل بقية القادة الذين تتجه بوصلة ولائهم نحو ولاية الفقيه في إيران بزعامة علي خامنئي؛ فمسيرته التي تعود لنحو أربعة عقود قضاها في تنفيذ هجمات ومخططات يرسمها الحرس الثوري الإيراني، جعلته عنصراً مهماً يعتمد عليه الحرس الثوري في العراق.
وجمال جعفر محمد علي آل إبراهيم، بلقب أبو مهدي المهندس، من مواليد عام 1954 في البصرة، جنوبي العراق، لأب عراقي وأم إيرانية.
التحق بكلية الهندسة التكنولوجية في بغداد عام 1973 وتخرج فيها عام 1977، وعمل مهندساً مدنياً في المنشأة العامة للحديد والصلب في البصرة.
انخرط في النشاط السياسي في مرحلة مبكرة من حياته؛ فانضم إلى حزب الدعوة الإسلامية وهو في الدراسة الثانوية، وفي عام 1980 غادر إلى الكويت بعد تسلم صدام حسين الحكم، حيث تعرض حزب “الدعوة الإسلامية” في تلك الفترة للكثير من التضييق والاعتقالات في صفوفه.
أبو مهدي المهندس متورط بعمليات اغتيال وتفجيرات داخل العراق وخارجه، بينها تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981، وهو مخطِّط الهجوم على السفارة الأمريكية في بيروت عام 1983، وتفجير القاعدة الأمريكية في الكويت عام 1983.
وأصدرت محكمة كويتية حكماً غيابياً ضده بالإعدام لاتهامه بالضلوع في سلسلة من التفجيرات استهدفت سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا عام 1983.
وطالبت السلطات الأمريكية بتسليمه لاتهامات بارتكاب “أعمال إرهابية”.
في إيران التي وصلها بعد مغادرته الكويت انضم لقوات الحرس الثوري، إبان الحرب العراقية الإيرانية، حيث تشكل حينها ما يعرف بـ”فيلق بدر” وقاتل المهندس في صفوفه إلى جانب القوات الإيرانية ضد العراق.
وأسس المهندس في العراق بعد 2003 عدة مليشيات، منها “كتائب حزب الله العراقية”، لتدعم نفوذ طهران هناك، وبدعم وتدريب من الحرس الثوري الإيراني، حيث تنبهت الولايات المتحدة لخطرها ففرضت عقوبات عليها وعلى قائدها.
بعد مقتله فإن عدداً من القيادات المليشياوية تبرز لتحل محل المهندس، وهم جميعهم صنفتهم الولايات المتحدة إرهابيين.
هادي فرحان عبد الله العامري، الملقب “أبو حسن العامري”، والمعروف في إيران بـ (هادي عامري)، من مواليد 1954 في محافظة ديالى شرقي العراق.
قاتل العامري إلى جانب القوات الإيرانية ضد العراق في حرب الثمانينيات.
العامري قائد مليشيا بدر، إحدى أقوى المليشيات الموالية لإيران. وهو متزوج من إيرانية ويحمل الجنسية الإيرانية بالإضافة إلى العراقية.
اشتهر بعلاقة الصداقة الوثيقة التي تربطه بقائد فيلق القدس قاسم سليماني، التي تعود إلى أيام محاربتهما ضمن صفوف الجيش الإيراني خلال الحرب العراقية الإيرانية.
واتُّهمت قوات العامري بارتكاب انتهاكات حقوقية واسعة بحق أهل السنة في المناطق التي دخلتها، شملت عمليات قتل وتعذيب وتشريد وتدمير ممتلكات على أساس طائفي.
مستشار الأمن القومي العراقي ورئيس “هيئة الحشد الشعبي”، وهو عضو في حزب الدعوة الإسلامية.
تولى فالح الفياض في حكومة نوري المالكي الأولى (2006- 2010) منصب وزير الأمن الوطني، حين كان الأمن الوطني وزارة دولة بلا حقيبة.
والفياض متهم لكونه يرأس “الحشد الشعبي” الذي ارتكب جرائم عديدة بحق أهل السنة في العراق في محافظات ديالى (شرق) ونينوى وصلاح الدين (شمال).
بالإضافة إلى مجازر وحشية ضد السكان في مناطق بمحافظة كركوك (شمال).
وكانت هذه الجرائم ترتكب تحت غطاء محاربة “داعش”، وقد شردوا تحت هذه الذريعة مئات الآلاف من أهالي الموصل (شمال).
وُلد قيس الخزعلي في مدينة الصدر (الثورة سابقاً)، شرقي بغداد سنة 1974، ودرس الجيولوجيا في كلّيّة العلوم، قبل أن ينتقل لدراسة العلوم الدينيّة في حوزة النجف، وتتلمذ على يد المرجع الديني محمد محمد صادق الصدر وعمل في مكتبه.
وبعد مقتل الصدر سنة 1999، ظلّ الخزعلي قريباً من ابنه الرابع مقتدى الصدر وساعده في المجالات الإعلاميّة والماليّة والأمنيّة.
بعد الاجتياح الأمريكي للعراق سنة 2003، أسّس الخزعلي “المجاميع الخاصّة” لقتالهم برفقة أكرم الكعبي، قائد مليشيات “النجباء” لاحقاً، تحت راية “جيش المهدي” التابع لمقتدى الصدر، لكن سرعان ما انشق الرجلان عن الصدر وشكلا “عصائب أهل الحقّ” سنة 2006.
تمكّنت القوات البريطانية من اعتقال الخزعلي وشقيقه ليث وعدد من رفاقهما في مدينة البصرة عام 2007، واستمر اعتقاله سنتين ونصف سنة تقريباً، عندما قام مقاتلون من “عصائب أهل الحق”، في أواخر سنة 2009، بأسر خمسة بريطانيّين من بينهم خبراء معلوماتيّة من داخل وزارة المالية في بغداد، فتمت مبادلتهم بالخزعلي في العام التالي.
تتألّف “عصائب أهل الحق” من عدد من الألوية الموزعة في مهمّات قتاليّة بحسب الجغرافيا، وتقاتل بنحو 4000 في سوريا تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني لإنقاذ نظام بشار الأسد.
أبو جهاد (اسمه الحقيقي محمد الهاشمي)، مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي، وهو منصب بدرجة وزير وفقاً للقانون العراقي، يتمتع شاغله بصلاحيات واسعة.
ينتمي الهاشمي للمجلس الأعلى الإسلامي الذي أُسس في طهران في ثمانينيات القرن الماضي، وكان منتسباً لفيلق بدر الجناح العسكري للمجلس، الذي تحول فيما بعد إلى حزب سياسي تحت اسم منظمة بدر.
ووفقاً لمجلة فورين بوليسي الأمريكية فإن تعيين الهاشمي في منصب مدير مكتب عبد المهدي منح المليشيات في العراق زخماً كبيراً، ورسخ هيمنتها داخل الحكومة العراقية باعتباره حليفاً قوياً لأبو مهدي المهندس.
وقبل تسلمه منصب مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي، أشرف أبو جهاد الهاشمي على التعاملات المالية في المجلس الأعلى الإسلامي.
وخلال التظاهرات وما رافقها من أحداث عنف بحق المحتجين، تصاعدت الدعوات التي أطلقها كتاب وصحفيون وناشطون للحد من نفوذ أبو جهاد الهاشمي وحلفائه داخل الحكومة العراقية.
يرأس أبو زينب اللامي، واسمه الحقيقي حسين فالح اللامي، جهاز الأمن في الحشد الشعبي، وهو الجهاز المسؤول عن معاقبة قادة الحشد في حال خالفوا الأوامر أو التعليمات، وفقاً لمركز أبحاث مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في وست بوينت بولاية نيويورك.
وإضافة لوظيفته في الحشد الشعبي، يعتبر اللامي أحد أبرز قادة مليشيا حزب الله في العراق المصنف على لائحة الإرهاب الأمريكية.
ويؤكد مركز أبحاث مكافحة الإرهاب أن اللامي يقود أقوى وكالة داخل الحشد الشعبي (أمن الحشد)، وهي مجهزة تجهيزاً جيداً ولديها قوات خاصة وقدرات استخباراتية عالية.
ويبرز اللامي كشخصية قوية للغاية ومخيفة على نطاق واسع، وكان له خط اتصال مباشر مع قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، بشكل مستقل عن أبو مهدي المهندس.
أبو منتظر الحسيني اسمه الحقيقي تحسين عبد مطر العبودي. ولد في بغداد عام 1961، واسمه الإيراني تحسين عبودي.
كان ضابطاً برتبة ملازم في الجيش العراقي إلى أن أسرته القوات الإيرانية في حرب الثمانينيات, لينضم بعدها إلى فيلق بدر في إيران.
ووفق المعلومات المتاحة عنه فقد جنده الحرس الثوري الإيراني، في ديسمبر 1988، ثم انتقل إلى التجنيد في صفوف فيلق القدس.
يعد حالياً من القادة الرئيسيين للفصائل المسلحة الخاصة بمنظمة بدر، وورد اسمه أيضاً في قائمة الـ 32 ألفاً من عملاء “فيلق القدس” الذين يعملون تحت إشراف مباشر من قائد الفيلق الإيراني قاسم سليماني.
دخل العبودي عدة دورات عسكرية في إيران على يد الحرس الثوري الإيراني، وبعد عودته إلى العراق حصل على رتبة عالية (فريق) وفقاً لمبدأ الدمج في القوات المسلحة، فيما شغل مقعداً نيابياً في إحدى الدورات السابقة ممثلاً عن كتلة بدر النيابية، وظهر اسمه بقوة كمرشح ساخن لشغل منصب وزير الداخلية.
أبو تراب، واسمه الحقيقي ثامر محمد إسماعيل، ويحمل رتبة لواء، يرأس حالياً فرقة “الرد السريع” التابعة لوزارة الداخلية.
وأبو تراب هو أحد قادة مليشيا بدر، وبدأت مسيرته مع بدر في الثمانينيات بإيران.
دخل أبو تراب إلى العراق عام 2003، بعد سقوط نظام صدام حسين، وأصبح قيادياً فيما كان يعرف سابقاً بـ”المجاميع الخاصة” وهو متهم بالمشاركة في عمليات قتل واختطاف طائفية.
اعتقلته القوات الأمريكية في 20 سبتمبر عام 2007 عندما كان ضابط استخبارات برتبة عقيد في الفرقة الثانية للشرطة، واتهمته القوات الأمريكية باستغلال منصبه لخطف المواطنين السُّنة من نقاط التفتيش.
وهو متهم بأنه كان يعذب المعتقلين وينتزع اعترافات بالقوة حتى يودعوا في السجن، وبعدها يطالب عوائلهم بدفع فدية لإطلاق سراحهم، غير أن القوات الأمريكية أطلقت سراحه بعد مدة قصيرة بضغط من الحكومة.
عُيِّن أبو تراب بمنصب آمر لواء الرد السريع بأمر من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، عندما كان برتبة عميد وقبل تحويل لواء الرد السريع إلى فرقة، وكان ذلك في سبتمبر 2013.
حامد الجزائري، وهو قائد “سرايا طليعة الخراساني” اللواء 18 في مليشيا الحشد الشعبي.
ويُعرف عن حامد الجزائري ولاؤه المطلق لإيران، فقد اعتبر الجزائري في تصريحات سابقة أن “الإمام الخامنئي هو إمام وقائد للأمة الإسلامية جمعاء وليس قائداً للجمهورية الإسلامية فحسب، كونه يشعر بآلام شعوب الدول الإسلامية ويعيش مشاكلهم”.
وعن دور إيران في العراق يقول الجزائري: “القادة والمستشارون الإيرانيون، بمن فيهم الحاج قاسم سليماني، تحملوا مسؤولية تدريب وإعداد فصائل المقاومة الإسلامية عقب فتوى المرجعية، وتم تأهيل فصائل المقاومة على وجه السرعة وإنشاء الحشد الشعبي في فترة قصيرة”.
حامد الجزائري متهم بقيادة فريق القناصين ضمن غرفة العمليات التي شكلها علي الياسري زعيم مليشيا “سرايا الخرساني”، وبإشراف مباشر من قائد “فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني، لقتل المتظاهرين في التظاهرات التي انطلقت منذ أكتوبر الماضي.
أبو آلاء الولائي، اسمه الحقيقي هاشم بنيان السراجي، وهو قائد مليشيا كتائب سيد الشهداء، المدعومة من إيران (اللواء 14 في الحشد الشعبي)، عمل مع خلية الأزمة وقدّم قناصين لعملية القمع.
ظهر اسم كتائب سيد الشهداء عام 2012 ضمن حملات تجنيد الشباب العراقي، خاصة من الأحياء الشعبية، لغرض زجهم في القتال إلى جانب نظام الأسد.
ومنح الولائي دوراً في قوات غيارى العراق، وهي قوات مسلحة مساندة للجيش، أسسها رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، واشتركت في معارك ذراع دجلة في النصف الأول من عام 2014.
حالياً تنطوي الحركة تحت لواء هيئة الحشد الشعبي، ورغم ذلك يعترف الولائي بأن كتائب سيد الشهداء ليست كلها تأتمر بأمر الحشد؛ حيث قال خلال مقابلة بتاريخ سابق إنهم يقاتلون بالعراق باسم لواء 14 حشد شعبي، ويقاتلون في سوريا باسم كتائب سيد الشهداء.
أبو إيمان الباهلي، معروف عنه بأنه رئيس مديرية الاستخبارات في الحشد الشعبي.
وهو مسؤول الارتباط مع مسؤولي الاستخبارات السيبرانية في الحرس الثوري الإيراني.
شارك الباهلي في عملية استهداف نشطاء المجتمع المدني والصحفيين في التظاهرات الأخيرة، وكان دوره في إعداد قوائم المستهدفين.
ووفقاً لوكالة “رويترز” ووكالات إعلامية أخرى انضمت مجموعة من المليشيات العراقية وقادة الأمن العراقيين إلى ضباط في “الحرس الثوري الإيراني” لتشكيل خلية أزمة في بغداد في 3 أكتوبر الماضي.
وانطلق عمل الخلية من غرفتي عمليات- منزل آمن سري في حي الجادرية ببغداد ومبنى لهيئة تابعة لـ “الحشد الشعبي”.
وقدم ضباط اتصال إيرانيون المشورة بناء على خبرتهم في محاربة النشطاء في إيران، بالإضافة إلى توفيرهم مواد استخبارية عن النشطاء والاتصالات الآمنة للقناصة.
وأبرزت “رويترز” أدلة على أن القناصة تلقوا الأوامر مباشرة من قادة مليشياتهم “وليس من القائد الأعلى للقوات المسلحة (…) إنهم ينتمون إلى فصيل مقرب جداً من إيران”.