برؤية واضحة وصريحة أؤكد: إن من واجب الشعب العراقي الملح والضروري جداً وبكل السبل السلمية المتوفرة إفشال مؤامرة الطغمة الحاكمة في إيران وأتباعها الصغار في العراق ضد انتفاضة الشعب العراقي السلمية الباسلة، إنها مؤامرة تستهدف اصطياد عصفورين بحجر واحد: ضرب الانتفاضة الشعبية التي نهض المنتفضون والمنتفضات ضد الهيمنة الإيرانية على العراق وسياسات الدولة العراقية الهشة وضد قوى الإسلام السياسي الطائفية الفاسدة والمشوهة والتابعة لإيران أولاً، وجعل الساحة العراقية السياسية والعسكرية والأمنية حكراً لها ولأتباعها، والسعي الجاد لجعل العراق لقمة سائغة لإيران عبر قوى النظام السياسي الطائفي والفاسد، وذلك بإخراج كل القوات الأوروبية والأمريكية من العراق بكل السبل غير المشروعة والمشروعة المتوفرة لدى الطغمة الحاكمة الفاسدة، التي تقاتل حالياً مع الجيش العراقي ضد بقايا داعش، التي لا تزال تمارس عمليات إرهابية في مواقع غير قليلة من البلاد.
لقد كانت المؤامرة من صنع الجنرال قاسم سليماني مع المجموعة العراقية في الحشد الشعبي والمليشيات الطائفية المسلحة، كما اشرت في مقال سابق، جزءاً من الخطة رقم 2 الإيرانية التي كانت ولا تزال تستهدف بالأساس سحق الانتفاضة الشعبية وتصفيتها من خلال توفير الأجواء المناسبة لذلك، والتي تمثلت باستفزاز متواصل للقوات الأمريكية الموجودة في العراق من خلال توجيه صواريخ الحشد الشعبي والميليشيات الطائفية المسلحة، كحزب الله وعصائب أهل الحق وفيلق بدر والنجباء وغيرهم، إلى المنطقة الخضراء مستهدفة مواقع قريبة من السفارة الأمريكية مرة، وقصف المواقع العسكرية التي فيها جنود أو مقاولون متعاقدون أمريكيون، سواء أكان في بغداد أم في مواقع عسكرية أخرى، مرات كثيرة. وكان الهدف الأساسي منها استفزاز الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ودفعه، وهو الرجل غير العقلاني وغير محسوب فيما يتخذه من إجراءات، إلى تنفيذ إجراء يقود إلى تعقيد اللوحة السياسية العراقية. وكان اخر تلك الاستفزازات قصف حزب الله الموقع العسكري “كي وان“، وما أعقبه من توجيه القوات الأمريكية صواريخ على مواقع حزب الله في غرب القائم بالعراق. ثم كان الهجوم على السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء كرد فعل مفتعل ومضخم من جانب الحشد الشعبي والميليشيات الطائفية المسلحة ضد الولايات المتحدة. وكان رد الفعل الأمريكي للاستفزازات الإيرانية الصادرة من الأراضي العراقية وعبر فصائل مسلحة عراقية ذات هوية وتبعية إيرانية، هو الانجرار الفعلي غير المتوقع بأي حال من الرئيس الأمريكي بقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني على الأرض العراقية. وإذا كانت الطغمة الحاكمة الإيرانية تتوقع انجرار ترامب لاستفزازاتها المستمرة وتسعى إليه بشتى السبل، لأنه كان من أولى غاياتها من تلك الاستفزازات، ولكنها لم تكن تتوقع بأي حال أن تتجاوز الولايات المتحدة كل الخطوط الحمر في الدبلوماسية الدولية وأن تكون الضربة موجعة بهذا القدر الكبير بقتل أثنين من كبار مدللي علي خامنئي، الجنرال قاسم سليماني مخطط السياسة الخارجية الإيرانية وراسم تحركاتها العسكرية في الخارج، وأبو مهدي المهندس، المسؤول الفعلي عن الميليشيات المشكلة للحشد الشعبي العراقي بهيته الإيرانية والجندي المطيع لدى قاسم سليماني حسب تصريحاته الشخصية، وأن تكون الضربة الموجعة في العراق لتستفز مشاعر الإنسان العراقي في عدم احترام السيادة العراقية. ولا بد من الإشارة إلى أن طبيعة المؤامرة الإيرانية وهدفها الأساسي في سحق الانتفاضة العبية وجعل العراق ساحة محتكرة لإيران قد غاب عن وعي الكثير من الناس ممن شارك في التشييع وتغير مزاجه الآني بعد أن سيطرت عليه العاطفة أكثر مما حركه العقل.
إن المؤامرة الإيرانية كبيرة جداً، وهي التي تسببت في قتل قاسم سليماني، وذلك باستفزاز الرجل النزق الذي لا يتعامل مع الأحداث على وفق منظور مبادئ واستراتيجية سياسية رصينة، بل يتعامل كتاجر رخيص جداً، يمكن أن تقود أفعاله إلى عواقب وخيمة على العراق كانت إيران تنتظرها طويلاً، وأن ضحت بعناصر لا تعوض بسهولة، لأنها تعتقد بأنها قد انتصرت على العراق وانتفاضة الشعب.
المشكلة التي ستواجه الشعب العراقي هي محاولة إيران الانتقام من قتل سليماني في الساحة العراقية، وبالتالي تحافظ على أجواء العداء والتوتر في المنطقة مما يضعف القدرة على التعبئة الشعبية في الساحات والشوارع العراقية لمخاطر جدية في تبادل الصواريخ أو غيرها في العراق. إنه المخاطر الجديدة التي تهدد الانتفاضة والشعب العراقي في الأيام والأسابيع القادمة. وهو جزء من محاول سحق الانتفاضة.
ولكن هل في مقدور إيران أن تنتصر على انتفاضة الشبيبة والشعب في العراق؟ أقول وأؤكد هيهات أن يتحقق لها ذلك على المديين المتوسط والطويل، رغم ما يبدو وكأن إيران والطغمة الحاكمة التافهة في العراق قد انتصرت! إن الانتفاضة الشعبية لم تقتل، بل هي ما تزال حية ومتحركة وسيكتشف الناس بسرعة طبيعة المؤامرة الإيرانية، وسيعود من شارك في تشييع جثامين من وضعوا الحروف الأولى للمؤامرة في الخطة رقم 2 الإيرانية، وسيدرك هؤلاء الناس بإن انتفاضتهم كانت هي المقصودة من تلك الأحداث الأخيرة التي افتعلتها إيران عبر الحشد الشعبي وميليشياته المسلحة ورئيس وزراء تصريف الأعمال السفاح الخبيث والبعثي الإسلامي النزعة والسلوك الوحشي، عادل عبد المهدي وحفنة من كبار قادة الأحزاب الإسلامية السياسة والميليشيات الطائفية المسلحة.
النصر في المحصلة النهائية سيكون للشعب العراقي وانتفاضته المقدامة طال الوقت أم قصر، إلا أن تحقيق النصر يتطلب من المنتفضين والمنتفضات العمل على توفير مستلزمات النجاح في تجاوز الخلافات الثانوية والبدء بعملية تنسيق بين التنسيقيات لتوحيد وجهات النظر وبلورة الآلية المناسبة لحركة وفعل الانتفاضة، وتلك القيادة الميدانية الواعية والقادرة على تسيير دفة الصراع الجاري بين قوى التغيير والقوى المضادة الداخلية منها والخارجية.