الغزو الامريکي للعراق والنفوذ السياسي والامني والفکري غير المسبوق لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية فيه، هما ومن دون أي شك عاملان أساسيان دفعا بالعراق للمنعطف الخطير الحالي ولاسيما بعد مقتل قاسم سليماني، وإن مايعانيه من مشاکل وازمات حادة تعصف به عصفا بحيث وصلت الى حد تهديد وحدة التراب العراقي، يتعلق بصورة أو بأخرى بهذين العاملين، والذي صار واضحا للقاصي قبل الداني.
الامريکيون الذين دخلوا العراق من أجل أهداف بعيدة المدى قد يتم إدراکها لاحقا، يمکن إعتبار النظام الايراني إحدى الحلقات الاساسية التي إعتمدوا عليها بهذا الاتجاه، وکما إنهم ساعدوا وساهموا بقوة في مجئ هذا الحکم الديني المتشدد وسيطرته على زمام الامور، فإنهم ساهموا وساعدوا أيضا وبصورة ملفتة للنظر على السماح له بالتمدد والاتساع على حساب دول المنطقة حتى إشعار آخر، وکما إن نظام الشاه کان شرطيا أمريکيا في المنطقة فإن نظام ولاية الفقيه، هو عامل ودافع ومبرر بيد الامريکيين من أجل تحقيق أهداف وغايات أمريکية متباينة في المنطقة والعالم.
فتح أبواب العراق على مصاريعه أمام النظام الايراني، لم يکن غباءا أمريکيا بل أمر وراءه الکثير من الاهداف والغايات تماما کما کان الحال مع الاحتلال العراقي للکويت، حيث غض الامريکيون النظر عن ما ينوي العراق من الاقدام عليه من أجل تحقيق غايات واهداف استراتيجية في العراق والمنطقة، وإن الذي قد حدث بالنسبة للنظام الايراني، هو في نهاية المطاف شئ من هذا القبيل، بمعنى إن هذا النظام الذي صدع رٶوس شعوب وبلدان المنطقة بزعم تصديه ومواجهته للولايات المتحدة الامريکية واسرائيل، لم يکن ولن يکون أکثر من مجرد حلقة بائسة في المخطط الدولي الذي يستهدف بلدان المنطقة والعراق خصوصا، والملفت للنظر إن هذا النظام يقوم بدور صار يبدو واضحا بأنه أکثر من مشبوه ولاسيما في تنفيذ الجانب أو الجزء المتعلق به من المخطط الاجرامي الذي يستهدف العراق خصوصا والمنطقة خصوصا، وکما تم إستغلال الکثير من الامور والقضايا ضد النظام العراقي السابق، فإنه سيأتي اليوم الذي سيتم خلاله محاسبة النظام الايراني وفتح کافة ملفاته من أجل تحقيق أهداف أخرى.
السياق الذي تسير فيه الاوضاع في المنطقة خصوصا مع مقرل قاسم سليماني، يٶکد حقيقة جلية وهي إن النظام الايراني يسير بإتجاه هاوية شديدة الانحدار وإنه ليس هناك من يمکن الحيلولة دون ذلك خصوصا إذا مالاحظنا إن هناك ثمة حالة من التضارب والتخبط فيما يتعلق بالثأر لإغتيال سليماني من الولايات المتحدة خصوصا وإن الاخيرة قد هددت النظام من مغبة القيام بأي إجراء سيکلف“أصحاب القرار” في النظام وهذا يعني بأن الرد الامريکي سيکون بإتجاه قلب طاولة النظام رأسا على عقب، ومن دون شك فإن النظام وفي ظل أوضاعه الحالية التي تعکس ذروة عجزه وضعفه ويقف في مواجهته قبل الامريکيين شعب رافض له وبديل سياسي ـ فکري فعال متمثل في المقاومة الايرانية، وإن خوفه الاکبر هو من الشعب والمقاومة الايرانية ولذلك فإنه يتخوف کثيرا من أي رد فعل من شأنه أن يضع الامور کلها في إتجاه لصالح الشعب والمقاومة الايرانية، کما إن عدم رده سينعکس عليه أيضا سلبا، ويبدو إن الوقت المناسب قد حان لإنهاء دور هذا النظام.