الجمعة, نوفمبر 29, 2024
Homeمقالاتيوسف أبو الفوز:على هامش احتجاز إسرائيل لنائبة من اتحاد اليسار الفنلندي:

يوسف أبو الفوز:على هامش احتجاز إسرائيل لنائبة من اتحاد اليسار الفنلندي:

على هامش احتجاز إسرائيل لنائبة من اتحاد اليسار الفنلندي:

هل تنتصر مصالح تجارة السلاح على المبادئ الانسانية؟

يوسف أبو الفوز

تتواصل في فنلندا، ردود الأفعال، حول قضية احتجاز النائبة الفنلندية اليسارية آنا كونتولا (42 عاما) يوم 13 كانون الثاني/ يناير في إسرائيل لمدة عشر ساعات، بتهمة التحريض على أعمال غير قانونية. وكانت النائبة أفادت بأنها توجهت مع مجموعة ناشطين دولية لتنظيم مظاهرة عند حدود غزة تهدف الى لفت الانتباه الى الوضع البائس وانتهاكات حقوق الإنسان هناك. ويُعرف عن النائبة نشاطها الدؤوب في مناصرة القضية الفلسطينية، ومعارضها صفقات السلاح ما بين إسرائيل وفنلندا.

فمنذ عام 2007٧، حين حاصرت اسرئيل، قطاع غزة الفلسطيني، نشأت ازمة إنسانية واجتماعية واقتصادية تزداد سوءا تبعا للمراقبين، هذا إذا عرفنا بأن 97٪ من احتياطيات المياه الجوفية في غزة غير صالحة للشرب، ويعيش في القطاع حوالي مليون شخصا، 70٪ منهم لاجئين ونصفهم من الأطفال. ويعيش أكثر من نصف السكان في فقر شديد، ويعتمد 80٪ منهم على المساعدات الإنسانية ويعيش حوالي 70٪ منهم في حالة من انعدام الأمن الغذائي. وتشير المعلومات بأن ه بسبب سوء التغذية، يعاني 31٪ من الأطفال في سن ما قبل المدرسة في غزة من فقر الدم، يقابل ذلك نقص خطير في الأدوية الأساسية.

بعض من أحزاب اليمين الفنلندية، انتقدت نشاط النائبة الفنلندية، وانضمت لهم السفارة الإسرائيلية في فنلندا ببيان احتجاج أرسل الى وسائل الأعلام، وكذلك ناطق باسم الجالية اليهودية في فنلندا، اعتبر نشاط النائبة معاد للسامية. من جانبها ردت النائبة، بان “اليهودية والصهيونية امران مختلفان، وان انتقاد الحكومة الفنلندية لا يعني معارضة للديانة اللوثرية”. ويذكر ان رئيسة حزب أتحاد اليسار ووزيرة التعليم لي اندرسون، ثمنت نشاط النائبة آنا كونتولا واعتبرته منسجما مع سياسات وقيم الحزب في دعمه للقضية الفلسطينية.

واعادت هذه القضية للأذهان موضوع تجارة الأسلحة ما بين فنلندا وإسرائيل، فالمعلومات الرسمية، التي تابعناها، ومن عدة مصادر تشير، الى ان فنلندا اشترت اسلحة من إسرائيل بقيمة وصلت الى حوالي 400 مليون يورو، منها أنظمة راديو ميدانية، وصواريخ سبايك المضادة للطائرات عامي 2000و 2002، بل وتفيد المعلومات بأن شركات سلاح فنلندية ساهمت في عامي 2006 و2007 بتوفير قطع غيار لهذه الصواريخ المرخصة للتصدير الى العديد من دول العالم، وتبعا لمنظمات حقوق الانسان العالمية ان بعض أنواع هذه الصواريخ استخدم في الهجمات ضد المدنيين في غزة. ولا تشير المعلومات الرسمية بان حجم التبادل التجاري في مجال الأسلحة يتباطأ لسبب ما، بل حددت وزارة الدفاع الاسرائلية في نهاية عام 2019 فنلندا باعتبارها واحدة من الدول الست التي كانت صادراتها اليها من الأسلحة واسعة النطاق وذات أهمية خاصة.

من هنا نجد أهمية وحساسية نشاط النائبة اليسارية، التي احرجت الحكومات السابقة المسؤولة عن كل هذه الصفقات. فالنائبة اليسارية تعارض التبادل التجاري في مجال الأسلحة، انطلاقا من معاهدة تجارة الأسلحة للأمم المتحدة وقوانين الاتحاد الأوربي، التي تقيد هذا النشاط في الدول التي تخوض حروب وتسجل فيها انتهاكات لحقوق الانسان. والنائبة اليسارية صريحة في اتهام السلطات الإسرائيلية وشركات السلاح بكونها تروج لمنتجاتها مستخدمة الاراض الفلسطينية المحتلة كمجال واقعي لاختبار وتطوير انظمة أسلحتها. وادلت بتصريح مباشر لوسائل الاعلام اشارت فيه الى “أن استمرار تجارة الأسلحة ما بين فنلندا وإسرائيل يبعث رسالة بان انتهاكات إسرائيل الخطيرة والمتواصلة للقانون الدولي ليس لها أي عواقب “

يذكر ان العلاقات بين فنلندا وإسرائيل تشهد نشاطا متواصلا في المجالات الدبلوماسية والتجارية والثقافية، ويقدر عدد الفنلنديين الذين يزورون إسرائيل كل عام بحوالي 10 آلاف فنلندي. وكانت فنلندا اعترفت رسميا بإسرائيل في 1949، وتم بدأ العلاقات الدبلوماسية عام 1950، وتأخر فتح السفارة الفنلندية في تل ابيب حتى عام 1952 وافتحت إسرائيل سفارتها في هلسنكي في عام 1956.

ومواقف فنلندا من القضية الفلسطينية، متوازنة وتتبع طبيعة الحكومات التي تدير دفة البلاد، فقد أيدت فنلندا اتفاقية أوسلو وتناصر حل الصراع في الشرق الأوسط على أساس الدولتين، وتنسج سياستها بهذا الشأن مع سياسة الاتحاد الأوربي، وهكذا افتتحت ممثلية لدولة فلسطين، دون الاعتراف الرسمي بها، كما أدانت فنلندا، مع الاتحاد الأوروبي ، الحصار الإسرائيلي ضد قطاع غزة ، وسجلت فنلندا العديد من المواقف الإيجابية والمشهودة في الأمم المتحدة وكان اخرها التصويت لصالح تجديد تفويض وكالة الأونروا ومواصلة عملها في توفير اساسيات الحياة للاجئين الفلسطينيين، إضافة الى الدعم المباشر المتواصل للقطاع الصحي والتعليمي في مناطق مختلفة من فلسطين.

أعتقد ان الجالية الفلسطينية، والعربية عموما، في فنلندا، مدعوة للاحتفاء، وتكريم النائبة اليسارية الشجاعة آنا كونتولا، وقد قدمنا اقتراحا بهذا الخصوص الى جهات معنية ووصلتني اتصالات أكدت السعي بهذا الاتجاه.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular