أعظم 8 أسئلة فلسفية لم تُحل بعد
الأسئلة الفلسفية الأكثر تعقيداً ولم تحل بعد
تشهد الفلسفة ازدهارًا كبيرًا على مرِّ العصور لدرجة أن العلم أصبح لا يستطيع أن يجيب عمَّا يطرحه الفلاسفة من أسئلة، فالمعروف عن الفلاسفة أنهم يتَّصفون بقُدرتهم على التكهُّن بجميع الأشياء بداية من الميتافيزيقا، حتى الأخلاق، ما يعني أنهم يستطيعون التركيز على عدد من الأسئلة الوجودية التي قد تتضمن الأخبار غير الجيدة، وفي السطور التالية إليكم ثمانية من الأسئلة الفلسفية من المتوقع عدم القُدرة على إيجاد حل لها:
الأسئلة الفلسفية الأكثر تعقيداً:
1-هل توجد حياة بعد الموت؟
لا يستطيع أحد منَّا معرفة إذا كانت هناك حياة أخرى بعد الموت، فما يعرف ذلك هم الأشخاص الذين ماتوا فقط، ولا نستطيع بالطبع أن نتواصل مع أحد منهم إلا بعد موتنا نحن الآخرون، فما يُمكن أن نفعله هو أن نخمن ذلك الأمر فقط.
فهناك افتراض من قبل الماديين أنه لا توجد حياة من بعد الموت، ولا يوجد ما يؤكد صحة ذلك الافتراض، وإذا تعمَّقنا في آلية الكون (أو الكون المتعدد)، سواء عن طريق الرؤية الكلاسيكية لنيوتن أو لآينشتاين، أو ميكانيكا الكم، فلن نجد دافعًا وراء كوننا خُلقنا من أجل أن نعيش الحياة فقط، فهذا سؤال ميتافيزيقي، وإمكانية دورة الكون مثلما قال عنها كارل ساغان: “كما هو أو كما كان أو كما سيكون” يجعلها مثل دورة الحياة اللامُنتهية.
وكما قال هانس مورفك فيما يخصُّ التفسير الكمي للعوالم المتعددة أن “عدم مُلاحظة العالم أمرٌ مُستحيلٌ”، فطالما كنا على قيد الحياة فإن هذا الأمر سيحدث بطريقة أو بأخرى، فهذه من ضمن الأفكار التي تحتاج إلى تفكير عميق مثلها مثل فكرة الله المتروكة للفلاسفة نظرًا لعدم قُدرة العلم على تفسيرها.
2- لماذا الشيء موجود وليس اللا شيء؟
إنه من الغريب أن نوجد في هذه الحياة، وسير حياتنا اليومية جعلنا نشعر وكأن وجودنا أصبح أمرًا لن يتغير في يوم من الأيام، ولكننا إذا تعمَّقنا في وجودنا هذا في يوم من الأيام وعشنا حالة من الوعي الوجودي وسألنا أنفسنا:
ما السبب وراء وجود جميع تلك الأشياء في الحياة من حولنا؟ وما السر وراء وجود قوانين دقيقة تحكمها؟ وما الذي يتطلبه وجود الأشياء؟ إننا لا نعيش في الكون وحدنا فهناك المجرات الحلزونية، والشفق القطبي، وسبونجبوب سكوير تعيش معنا، ويقول شون كارول إنه لا يوجد في الفيزياء الحديثة ما يشرح لنا لماذا توجد هذه القوانين ولا يوجد غيرها؟
فعلى الرغم من أن عُلماء الفيزياء عادة ما يفكرون بهذا الأمر فإننا نستطيع أن نتفادى ذلك الخطأ إذا تمَّ التفكير في الأمر بجدية أكبر، وفيما يتعلق بالفلاسفة، فالموضوع الأكثر إثارةً هو المبدأ الإنساني.
3-هل نحن نمتلك إرادة حرة؟
وتعرف كذلك بمعضلة التقرير، فلا يوجد لدينا علم إذا كانت الأفعال التي نُصدرها تتأثَّر بمجموعة من الأحداث غير مخطط لها “العفوية” أو إذا كان هناك مؤثرات خارجية تسيطر علينا، أو أن أفعالنا ناتجة عن إرادتنا الحرة.
ويوجد عدد من العُلماء والفلاسفة الذين يرجعون ذلك الأمر إلى قديم الزمان، وفيه كانت الأفعال تصدر بشكل عفوي، وعليه نستطيع القول إنه لا توجد لدينا إرادة حرة، وإذا كان عكس ذلك هو الصحيح فيطلق عليه مراوغة، ولذلك يجب أن تصدر أفعالنا بصورة غير مخطط لها “عفوية”، وهذا محل النقاش حول كوننا نملك إرادة حرة أم لا.
وهذا يأتي عكس هؤلاء من مُعتنقي التوافقية compatibilism فالتوافق بين فكرة الإرادة الحرة وشرطية العلم كان الأساس في تناول تلك الفكرة، وهذا الأمر صعَّب من المشكلة وزاد من تقدم علم الأعصاب والذي أوضح أن عقولنا تنجح في صنع القرار قبل أن تتداركه، وطالما أننا لا نملك إرادة حرة، فما الذي يجعلنا نتطور للوعي وليس للاوعي؟
لقد زادت ميكانيكا الكم من تعقيد تلك المشكلة مُفترضة أننا موجودون في عالم يتكون من احتمالات، وأنه لا يوجد أمر حتمي، ومثلما قال ليناس فيبستاس :Linas Vepstasيتضح أن الوعي هو أمر مُوثق، ومُصور، وذات صلة بالوقت، حيث إن فكرة وجود الماضي بصورة حتمية وأن المستقبل غير معلوم هي فكرة متلائمة، حيث إنه إذا كان المستقبل معلومًا فهذا يلغي وجود الإرادة الحرة.
4-ما المقصود بالأرقام؟
إن الأرقام من ضمن الأشياء التي تدخل في استخداماتنا اليومية، ولكن دعونا نعرف ما الأرقام؟ وما العون الذي تقدمه لنا في معرفة العالم وفهمه أكثر مثل قوانين نيوتن؟ إن القوانين الرياضية تتكون من نقاط وأعداد وأرقام ومجاميع، ولكن هل نستطيع لمس تلك الأشياء؟ وهل نستطيع استخدامها في وضع وصفًا للعلاقات؟
لقد قال أفلاطون إن الأرقام حقيقة، ولم يقصد بذلك أن الإنسان يستطيع رؤيتها، ولكن لها القُدرة على صياغة نظام رسمي بعينه “تُعرِّف تناقضات فكرة التجريد استنادًا إلى الرياضيات”، وهذا يمثل مشكلة من ناحية المنطق، إذا قمنا بالتفكير في الجوانب الإنسانية ما المجرد منها وما الملموس؟
قانون الإبهام: وهو وسيلة تقدير وفقًا لعمليَّة تقديرية جاهزة، لا يعتمد التجربة العلمية أو القياس الدقيق.
عمانؤيل كانط: هو أحد الفلاسفة الألمان في القرن الـ18، وكان آخر فيلسوف تأثرت به الثقافة الأوروبية الحديثة، ومن الفلاسفة العظماء المُشاركين في كتابة نظرية المعرفة الكلاسيكية.
مشكلة ترولي: مشكلة فكرية ذات صلة بالأخلاق، وتتلخص المشكلة في أنك تقود سيارة ترولي تسير في طريق يقف به خمسة أفراد، وطريق فرعي يقف به فرد واحد، فلا تستطيع أن تُدرأ الأرواح البشرية التي ستخسرها مهما كانت.
5-هل تستطيع أن تجرب فعل شيء بحيادية؟
يوجد اختلاف بين قدرتك على فهم العالم بحيادية أو مُحاولتك لفعل ذلك وبين أن تجرب فعل ذلك بأن تترجم عملًا بحيادية ومن دون تحيُّز، في البداية دعونا نوضح أن هذه هي مشكلة كواليا Qualia فهذه الكلمة تعني أننا نستطيع أن نلاحظ الأشياء التي تحيط بنا بواسطة مشاعرنا وإدراكنا.
فجميع الأشياء التي رأيتها ولمستها واستنشقتها وعرفتها تمت من خلال إحدى العمليات الفسيولوجية والتأملية، لذلك فالتجربة التي تمر بها تعتبر تجربة مميزة وحيدة من نوعها، ففي المثال الكلاسيكي نجد أن تمييز اللون الأحمر شيء مُختلف من شخص لشخص، فالوسيلة الوحيدة من أجل ملاحظة العالم هي رؤية الواعية لشخص مُختلف سيرًا على نهج جون مالكوفج John Malkovichفلا تستطيع أن تفعل الشيء الذي تريده في ظل هذا التقدم التكنولوجي والعلمي.
فالعالم الذي نعيشه هذا نستطيع أن نراه بعقلنا وهذا قد يجعل العالم متعارفًا عليه، فلا بد من أن نفترض دائمًا أننا نستطيع ملاحظة الحقيقة النوعية الموضوعية، فلا قيمة لها إذا قورنت بفلسفة بوذا وهدفها التجريد، والتي تختلف عن مثالية أفلاطون.
6-هل الله موجود؟
إننا لا نستطيع أن نعلم إذا كان الله موجودًا أم لا، فالمُلحدون والمؤمنون لا يبنون تصريحاتهم على يقين، أما العقلانيون فهم المُصحِّون، فهم يظهرون وكأنهم ديكارتيون بهذا الأمر، فهم يستطيعون تمييز الأمور الإلهية المنزلة والمعنية والغرض من التساؤلات الإنسانية.
إننا لا يوجد لدينا ما يكفي من المعلومات حول الآلية الداخلية للعالم، والتي تتعلق بطبيعة الوجود، سواء كان يوجد ما يحرك ذلك الوجود أم لا، فمُعظم الأشخاص يجعلون السبب في المذهب الطبيعي وهذا ما يفترض أن العالم يسير اعتمادًا على مجموعة من العمليات المستقلة، وهذا لا ينفي وجود مؤسس عظيم الشأن قام بالوصل بين تلك الأشياء جميعًا ما يسمى الربوبية.
ومثلما ذكر في السابق فمن المُحتمل أننا نعيش في مُحاكاة يوجد بها إله هو المتحكم في جميع الأشياء، وقد يكون العقلانيون صائبين بشأن وجود قوة عظمى هي المسيطرة على الكون كله ونحن لا نستطيع إدراكها، فليس من الضروري أن تكون تلك القوة متمثلة في الرب القاهر العليم للسلالة الإبراهيمية.
ويجب التأكيد أن تلك الأسئلة هي ليست أسئلة علمية ولكنها تجارب أفلاطونية.
7-هل العالم الذي نعيش فيه حقيقي؟
إن هذا السؤال هو سؤال ديكارتي كلاسيكي، فكيف نستطيع أن نعرف أن الأشياء التي نراها من حولنا هي أشياء حقيقية، وأن ليس ما نراه هو وهم تنتجه قوة الغيب، والتي سمَّاها رينيه ديكارت “شيطان الشر”، وفي الفترة الأخيرة تمَّ توجيه السؤال بصورة أخرى ليمثل مشكلة “دماغ في وعاء” أو جدل المُحاكاة، ومن الممكن أن ينتج ذلك عن مُحاكات مُفضَّلة.
والسؤال العميق هو “هل تُدار الحضارة بمحاكاة”؟ فهو أحد مفاهيم المحاكاة، وعليه من الممكن أن لا نكون مثلما نحن في وقتنا الحالي، مُعتقدين أن الأشخاص الذين يقومون بإدارة المحاكاة من ضمن أجزاء العمليَّة، فمن الممكن أن تكون شخصياتنا الحقيقية غير ظاهرة.
فهذا اللغز الفلسفي يجعلنا نفكر في تقييم واقعنا من جديد، فالواقعيون يفترضون بأن الواقع الذي نعيشه يظهر وكأنه منطقي “عكس كونه حالمًا، وغير مُنسجم، وغير قانوني” لنكون بذلك أمام الأمر الواقع أو مثلما يقول سيفر بعد أن تناول قطعة محاكاة في فيلم :The Matrix
“الجهل هو النعيم”.
8-ما النظام الأخلاقي الأفضل؟
في البداية يجب القول إننا غير قادرين على التفرقة بين الأفعال الصحيحة وغير الصحيحة في أي زمن، وعلى الرغم من ذلك فإن الفلاسفة والمنظرين والسياسيين يدِّعون بأنهم توصلوا للوسائل الأفضل للتمييز بين أفعال الإنسان، وإقامة النظام الأرقى للأفعال على الرغم من صعوبة الأمر.
إن الحياة ليست منظمة ومليئة بالفوضى خاصَّة للأمور المتعلقة بالأخلاق، فالقانون الذهبي “عامل الناس مثلما تحب أن يُعاملوك” من أعظم القوانين” ولكنه على الرغم من ذلك لا يركز على التشخيص الأخلاقي، كما أنه لا يعمل على تحقيق العدالة لطرفين، مثل مجرمي السجون، ومن الممكن أن يعتمد عليه الشخص من أجل قمع شخص آخر، حيث كان “عمانؤيل كانط Immanuel Kant من أكثر النقاد المُحالفين”.
ونجد أن قانون الإبهام غير قادر على إثبات السيناريوهات غير بسيطة ناجح في توضيحها، مثال: هل يجب أن نضحي بالقليل لنحصل على كثير؟
رضيع الإنسان أم القرد المتطور الكبير، أيهما لديه قيمة أخلاقية أكبر؟
وأكد عُلماء الأعصاب أن الأخلاق ليست قيمًا مغروسة بالإضافة إلى أنها لا تتعلق بالعلوم النَّفسية، ونؤكد ذلك بمثال مشكلة ترولي.
لذلك يجب أن نؤكد أن الأخلاق ليست ثابتة وأنها معيارية، فكل شخص يرى الصواب والخطأ من منظوره الخاص.