إضافة الى ما سبق…
ثانياً: أن عثمان بن عفان جاء بعد عمر بن لخطاب ونافسه عليها علي ابن ابي طالب.
1.في ص 256 / مهزلة العقل البشري كتب الراحل الوردي التالي: [لقد كان عثمان سيء الحظ الى حد بعيد فهو قد تولى الخلافة بعد عمر بن الخطاب وكان منافسه عليها علي بن ابي طالب وهذان الرجلان قلما يجود الدهر بمثيل لهما من حيث التقوى والزهد والشدة في ذات الله اذن فكل عمل يقوم به عثمان لا بد ان يجذب انتباه الناس ويدفعهم الى المقارنة بينه وبين ما فعله عمر بالأمس او ما يفعله علي غداً] انتهى
2.في ص 76 وعاظ السلاطين كتب: [وكان من سوء حظ الخليفة عثمان ان القنبلة انفجرت في عهده …يقول المؤرخون عن عثمان انه كان ضعيفا وقد ساعد بضعفه انفجار القنبلة وهذا ظلم لعثمان يأباه المنطق الاجتماعي] انتهى
أقول:
* في الجزء السابق نقلنا طرح الراحل الوردي بخصوص توقف الفتوحات في عهد الخليفة الراشد عثمان ابن عفان حيث كتب:” ولسوء حظ الخليفة عثمان ان الفتوحات توقفت في عهده” وناقشتُ ذلك “سوء الحظ” …والان يكررها “سوء الحظ” مرتين: “لقد كان عثمان سيء الحظ الى حدٍ بعيد “لأنه جاء بعد عمر بن الخطاب ونافسه عليها علي بن ابي طالب و”من سوء حظ الخليفة عثمان ان القنبلة انفجرت في عهده”…
كما قلت في السابقة فأن هذه الأمور “الفتوحات” لا دخل للحظ فيها وهنا اعيدها ان لا دخل للحظ في “الخلافة” و”الانفجار” فالخليفة الراشد عثمان بن عفان بايع الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بعد أن نَصَّبَهُ الخليفة الراشد أبو بكر الصديق عن قناعة كما ورد، ونافس علي بن ابي طالب عن قناعة تامة ورغبة بالفوز وتحقق له ذلك وهو يعرف ما جرى خلال عملية “انتخابه” ويعرف ما جرى وحصل في عهد الشيخين الراشدين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب.
* لقد كتب الوردي وهو محق من ان أعمال من سيأتي “تصرفات / إجراءات / قرارات…الخ” تُقارن بأعمال من سبقه وهذا جاري منذ الانسان الأول ورئيس العصابة الأول والسلطان الأول والملك الأول والزعيم الأول والنبي الاول والخليفة الأول والامبراطور الأول. لكن الغريب ان الراحل الوردي سبق الاولين والتالين بقول جديد وغريب حينما كتب: “…وما يفعله علي غداً”!!!!!… أن ما “يفعله علي غداً “هو “بعلم الغيب” كما يعرف الراحل الوردي ولا يمكن ألتنبأ به …وحتى لو تَّنَبأ أحداً ببعض الاعمال او توقعها او تمناها لن يتمكن من مقارنتها مع أفعال (عثمان بن عفان) في خلافته واثناء “الثورة / الانتفاضة / الفتنة” لأن “ما يفعله علي غداً” غير معلوم وليس له نتائج ملموسة لأنها لم تحصل / تقع بعد. فلو كانت العبارة بالصيغة التالية لقُبِلَتْ:”” اذن فكل عمل يقوم به عثمان لا بد ان يجذب انتباه الناس ويدفعهم الى المقارنة بينه وبين ما فعله عمر بالأمس وسيقارِنْون “ما يفعله علي غداً” مع ما فعله عثمان اليوم “”
3. في ص76وعاظ السلاطين كتب الوردي التالي:[يبدو ان عمر كان يحاول ان يؤجل انفجار القنبلة، فالقنبلة لابد من أن تنفجر يوما ما. إن البارود قد اُعِد والفتيلة قد أُحْضِرَتْ وهي لا تحتاج الا الى عود صغير من الثقاب. كان عمر يمنع بكل جهده ان يولع العود على يد أحد رعاياه] انتهى
وفي نفس الصفحة 76 وعاظ السلاطين أكمل بالتالي: [فلو كان عثمان قويا كعمر لأخر بقوته انفجار القنبلة. ولكنه لم يكن قادراً على أي حال ان يزيل خطرها نهائيا فهي محتومة الانفجار في عهده او بعد عهده فلابد ان يظهر في سلسلة الخلفاء حلقة ضعيفة في يوم من الأيام وحينذاك ينفجر البركان……..الخ] انتهى
وفي ص110 وعاظ السلاطين كتب الراحل الوردي: [… وكان عمر ابن الخطاب يخشى ان تندلع تلك النار في عهده فكان يداريها ويلطف منها ما استطاع الى ذلك من سبيل وقد تنبا عمر كما رأينا بقرب اندلاع النار ولو بقي عمر في قيد الحياة مدة أطول لربما رأينا منه أشياء كثيرة في سبيل القضاء على جذور تلك الفتنة او للتلطيف منها على اقل تقدير …] انتهى
أقول:
السؤال هنا: لماذا “كان عمر يحاول “”فقط يحاول” ان يؤجل انفجار القنبلة” وهومن هو؟ لماذا سمح بإعداد البارود وإحضار الفتيلة حتى ولو لم يكن يعلم ولوان الراحل الوردي قال عن تنبأه باندلاع النار؟ ماذا فعل لمنع اندلاع النار بعد ان تنبأ بها وكيف كان يداريها ويُلَّطِفْ منها ولا يُطْفِئُها؟ هل ان قوة عمر وعدله واجراءاته التي سنأتي على ذكر بعضها ادناه وانشغال الأعراب بالفتوحات وانهيال الغنائم على الخلافة، فقط أجلت من انفجار القنبلة؟ ثم ما / من هو البارود الذي قصده الوردي هنا ومن “أعَدَهُ” وما هي تلك الفتيلة وكيف اُحْضِرتْ ومن اين اُحْضِرَتْ؟ ومن رَّكَبَ تلك القنبلة وجهزها للانفجار؟
ماهي الأسس التي استند عليها الوردي في قوله: “ولو بقي عمر على قيد الحياة مدة أطول لربما رأينا منه أشياء كثيرة في سبيل القضاء على جذور تلك الفتنة…الخ”؟ ألا يمكن اعتبار عملية اغتياله / قتله بمثابة إشعال عود الثقاب في فتيل تلك القنبلة لينفجر البارود بعد خلافة عمر وتولي عثمان بن عفان؟ ألا يمكن أن نعتبر اغتياله / مقتله هو بداية السلسلة الطويلة من قتل الخلفاء والصحابة المبشرين بالجنة والتقاتل فيما بينهم حد انتهاك حرمة بيت نبيهم؟
البارود كما أعتقد / أتصور أو فهمت / استنتجت هي مجموعة تلك الإجراءات / القرارات التي اتخذها الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب عندما استلم راية الخلافة والتي كما أتصور انها أججت الكثير وكانت السبب في مقتله وبداية التجاوز على حرمة موقع الخلافة الديني والإداري.
ومن تلك الاجراءات حسب ما ورد في كُتب الوردي:
* أولاً:
في ص 270 مهزلة العقل البشري كتب الراحل الوردي التالي: [ولهذا صح القول بأن الذي أثار الناس على عثمان هو عمر بن الخطاب فقد اثارهم وهو راقد في قبره ذلك ان سيرته صارت عند الناس بعد وفاته بمثابة “العقد الاجتماعي” يقرؤونه ويهتفون: واسنة عمراه! والى هذا أشار الامام علي بن ابي طالب عندما أبَّنَ عمر فقال: “لله بلاد عمر فقد قَّوم الاود وداوى العمد واقام السنة وخَّلَفَ الفتنة…رحل وتركهم في طرق متشعبة لا يهتدي بها الضال ولا يستقين المهتدي”] انتهى
اقول: أراد هنا الراحل الوردي مدح الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وتعظيم اجراءاته لكنه أساء اليه بالصياغة وأساء اليه بذكره قول الخليفة الراشد علي ابن ابي طالب حيث أشار الى ان عمر “خَّلَفَ الفتنة…رَحَلَ وتركهم في طرق متشعبة…الخ”.ولم يبين لنا الراحل الوردي عن تلك “الأود والعَمَدْ” ولاعن “قَوَّمَ وداوى”.(سأبين بعض ما كتبه الوردي عن عهد عمر “صرامته وشدته وتجاوزه للنصوص وما نتج عنها ومنها).
* ثانياً:
في ص324 مهزلة العقل البشري كتب الوردي: [اتضحت معالم الدولة في عهد عمر لأول مرة في تاريخ الإسلام وكان الذين يسوسون الدولة آنذاك من الصحابة الذين تلقوا تعاليم الإسلام على يد نبيه ومرنوا على الثورة معه وكان عمر ينظر الصحابة بإحدى عينيه وينظر جيوشه الفاتحة بالأخرى وقد وُهِبَ عمر من الحنكة وبعد النظر قسطا كبيرا لكنه رغم ذلك كان يشعر بالصعوبة حين كان يحاول التوفيق بين نزعة الدين ونزعة الدولة في مملكته المترامية الأطراف] انتهى
أقول:
يفهم من “ينظر للصحابة بإحدى عينيه” ان هناك بعض الشكوك او بعض الظنون بما هم فيه وعليه، ما يفعلون ويتصرفون…اي فيها عدم الاطمئنان لبعضهم وقد لَمَّحَ / ألْمَحَ الراحل الوردي الى ذلك حين كتب عن الصحابة ..ففي ص 117من وعاظ السلاطين كتب التالي: [أشرنا في فصل سابق ان أصحاب النبي كانوا بشرا مثل غيرهم من الناس تحدو بهم مصالحهم وتؤثر في سلوكهم العقد النفسية والقيم الاجتماعية فهم لم يكونوا ملائكة معصومين من الذنوب] انتهى
وفي ص118 من نفس الكتاب كتب التالي: [أن من أفظع الاخطاء التي يقترفها المؤرخون هو انهم يتصورون المسلمين الاولين انقلبوا اخيارا بعد ان كانوا اشرارا فجأة واحدة. انهم اغفلوا بهذا مفهوم الشخصية البشرية فليس من المعقول ان ينقي الانسان قلبه فجأة من العقد النفسية والقيم الاجتماعية ويصبح ملاكا طاهرا بمجرد قوله لا إله الا الله وقال النبي محمد “والناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام”] انتهى
* ثالثاً:
في ص125وعاظ السلاطين:[ومن الغرائب التي قام بها عمر إنه عين عمار بن ياسر واليا على الكوفة وعين سلمان الفارسي على المدائن] انتهى
و في ص285 / مهزلة العقل البشري كتب: [فالصحابة الذين اشتهروا بالتشيع لعلي كانوا في عهد عمر عمالاً وقواداً يأتمرون بأمر الخليفة ويخدمون الإسلام بالتعاون معه نخص بالذكر منهم: عمار بن ياسر وسلمان الفارسي والبراء ابن عازب وحذيفة اليمان وسهل بن حنيف وعثمان بن حنيف وحجر بن عدي وهاشم المرقال ومالك الاشتر والاحنف بن قيس وعدي بن حاتم الطائي] انتهى
اقول:
يمكن أن يقول من يريد القول ان الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب ووفق ما كتبه الوردي عنه كما أوردته في “ثانياً” (وقد وُهِبَ عمر من الحنكة وبعد النظر قسطا كبيرا) وبحنكته تلك وبعد نظره تَلَّمَسَ / شَعَرَ / تَوَقَعَ ان هناك من يمكن أن يشكل خطراً عليه / على الاسلام فأغراه بالمنصب أو أبعده عن عاصمة الخلافة أو زاد له العطاء… حيث كتب في ص90 وعاظ السلاطين التالي:[ابي ذر الغفاري كان يوزع معظم عطائه على المحتاجين وكان عمر قد عين لابي ذر عطاء سنويا ضخما باعتباره من السابقين الاولين في الإسلام ولو شاء أبو ذر لوفر من عطائه هذا ثروة لا بأس بها ولكنه اثر ان ينفق جميع ماله حتى كان لا يملك ساعة موته كفناً] انتهى
وفي نفس ص90 وعاظ السلاطين أكمل بالتالي: [ويروى مثل هذا عن سلمان الفارسي أيضا فقد كان يتصدق بعطائه على الفقراء حالما يخرج من بيت المال ويأكل من عمل يده ويحكى عنه انه كان يخزن في بيته قوت عامه فلما سئل في ذلك قال: افعل ذلك لكي أستطيع ان اُصَّلي الى ربي مطمئناً ويبدو ان سلمان كان يعتبر “الكنز” ما يريد من مال المسلم على قوت اهله لمدة سنة] انتهى
أقول: معروف دور الصحابي أبا ذر والصحابي سلمان الفارسي والصحابة الاخرين فيما جرى من “ثورة / انتفاضة / فتنة” خلال عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان…ويمكن لكل دارس او قارئ ان يلاحظ الفرق في حالهم وحالتهم خلال عهدي الراشدين بن الخطاب وبن عفان.
* رابعاً:
في ص126 وعاظ السلاطين بَيَّنَ تعمد عمر بن الخطاب إهانة للقرشيين في تعامله معهم وأضاف التالي: [لم يكتف عمر بهذه الاهانات التي وجهها الى قريش اذ سلط عليها عبيدها السابقين. إنه فَعَلَ شيئاً اخر أدهى منه، ذلك انه أبطل نصيب “المؤلفة قلوبهم” من الفيء وحرم قريش بهذا من عطاء كانت تتنعم به في أيام النبي وأيام خليفته أبو بكر. إن نصيب المؤلفة قلوبهم مذكور في القرآن ومفروض فيه حيث لا يجوز ان يعبث به عابث لكن عمر لا يبال بهذا فلقد نسخ امرا صريحا جاء به القرآن احتقارا لقريش وإضْراراً بها وقال عمر تبريراً لعمله هذا: ان رسول الله كان يعطيهم يوم كان الدين ضعيفا محتاجا الى نصرهم اما اليوم فقد أصبح الدين قويا لا يحتاج الى تأليف قلوبهم او استرضاهم. ومن الغريب ان نجد عمر ينسخ اية من القرآن ولا يبالي… ان عمر نظر في ذلك الى مصلحة الإسلام فهو لم يتقيد بالشكليات او يتمسك بحرفية الدين كما يفعل اصحابنا من رجال الدين في هذه الأيام… الخ] انتهى
وفي ص 121 وعاظ السلاطين كتب: [لا نكران ان محمدا ألف قلوب القرشيين بالأموال ولكننا لا ندري ماذا كان يصنع بهم بعد ذلك. ان شخصية محمد كانت بعيدة الغور ثاقبة البصر من طراز فذ عجيب.ولعله كان ينوي ان يجذبهم الى الدين اول الامر ثم يروضهم على تعاليمه اخيراً] انتهى
وص121 وعاظ كتب: [اخذ محمد يتألف رؤساء قريش ويجذبهم الى جانبه بشتى الوسائل فقد صار يسميهم المؤلفة قلوبهم ويعطيهم من الغنائم حصة كبرى ويعينهم في المناصب الجديدة والقيادات…الخ] انتهى
أقول:
لماذا تجاوز الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب على النص القرآني وعلى سُنَةْ وسيرة نبيه ونبي الإسلام محمد بن عبد الله الذي كان كما وصفه الوردي “أن شخصية محمد كانت بعيدة الغور ثاقبة البصر من طراز فذ عجيب”؟ اعتقد أن اعتماد مثل هذه الروايات وتداولها والتثقيف بها فيه إهانة كبيرة لكلا الطرفين / الأطراف فالنبي محمد بموقفه من قريش مَيَّزَهُمْ عن الأعراب وعن المهاجرين والأنصار وحاشى محمد النبي من ان يتصرف مثل هذا التصرف كما أتصور واعتقد…و بالنسبة لتصرف الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في تجاوزه على النصوص هو إهانة له ولقدسية القرآن وسُنَةْ النبي محمد وحاشاه ان يقوم بذلك كما أتصور واعتقد…العجيب ان من طرح هذا ويطرحه يعتبر النبي محمد معصوم من الخطأ و”إن هو الا وحيٌ يوحى” وان الخليفة من المبشرين بالجنة والسائرين على هدي وهدى النبي محمد. لكنه التعظيم المهين الذي ساد الكثير من الروايات والأحاديث والسير المتناقلة دون تفكير او حرص او اهتمام.
في ص260 مهزلة العقل البشري كتب الوردي في تبريره لتجاوز عمر على القران والحديث بخصوص قريش التالي: [مما يلفت النظر ان عمر بن الخطاب كان يجري في سياسته على أسلوب مخالف لأسلوب عثمان وكثيرا ما وجدناه يخالف النص الشرعي من اجل الموازنة بين قريش وغيرهم فكان يضيق على قريش ويعاقبهم أكثر مما “يقتضيه” الحد الشرعي لكي يبعث الطمأنينة في قلوب المهاجرين والأنصار بوجه خاص وفي قلوب الاعراب بوجه عام] انتهى
أقول: يمتدح الوردي تصرف الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب هذا في تجاوزه على نص قرآني وعلى السنة النبوية في بداية نهوض او تشكيل الدولة كما أشار الوردي انها تشكلت في عهد عمر، واعتبر ذلك انه من مصلحة الإسلام لكن الوردي في انشغاله في تعظيم دور عمر ليهيئ للفرق بين عهده وعهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان اخفق في تفسير ذلك حيث ان الإسلام لايزال حديثاً ودولته فتيه وتجاوز نص قرآني مقدس وسنة محمدية مقدسة هو إهانة للكِتابْ والسنة ولمن انزل الكتاب ومن حمله للناس وبشر به وهي حجة كبيرة بيد المتضررين “القرشيين” من ذلك في ان الخليفة لا يحترم الدين ولا مُرْسِلْ الدين ولا المُبَشِرْ به ولا من حمل لواءه. يمكن لي أن أتصور وفي ضوء طرح الوردي هذا، او هذه الرواية ان الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب هو أول من وضع راضياً مرضياً اللبنة الأولى في ازمة الإسلام التي توارثها المسلمون وامرائهم ورؤساء وملوك دولهم لليوم حيث اعتبروا كل شيء جائز ان كان هناك ما يستدعي تجاوز النصوص فتجاوزوها وتلاعبوا بها مستندين الى “حكمة” ابن الخطاب في ذلك… وأعطى الخليفة عمر في تجاوزه ذاك الحق لمن تصرف بالحديث والسنة من بعده .والعجيب أن الوردي يُفسر تلك التجاوزات “العُمرية” في تجاوزها الحد الشرعي، بأن ذلك لإشاعة الطمأنينة في قلوب الأنصار والمهاجرين بوجه خاص وفي قلوب الأعراب بوجه عام وكأن هؤلاء كانوا يعيشون في قلق وخوف وتعاسه على زمن النبي محمد والخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق وهذه إن صَحَتْ أو قُبِلَتْ إهانة كبيرة للإسلام وللنبي محمد وللخليفة أبو بكر وللقرآن…و تشير الى فشل هؤلاء في إشاعة العدل والأمن والأمان. وتُشير ايضاً الى أن “كره” قريش للخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب كان لجاوزه على نص قرآني وسُنَة نبوية. [ملاحظة:((هكذا يمكن ان يقول من يريد ان يقول من محبي بني امية ومنهم العلامة “بن خلدون” حيث كتب الوردي انه من محبيهم))].
* خامساً:
ص126 وعاظ السلاطين: [ومما يُضْحِكْ ان عمر امر بمحاكمة خالد بن الوليد على ما كان يهب الشعراء من جوائز على طريقة قريش القديمة وقد سئل خالد اثناء المحاكمة عن تلك الهبات اهي من ماله ام من مال المسلمين؟ فسكت خالد فقام اليه بلال الحبشي فتناول عمامته ونقضها ثم شده بها وخالد لا يمانع] انتهى.
أقول:
لا اعترض على ذكر / ورود تلك العبارة في الروايات لكن اعتراضي كيف يُصَّدِقُها عالم اجتماع مثل الدكتور علي الوردي ويقدم لها ب “ما يُضْحِكْ” وكأنها حدثت أمامه أو كان شاهداً عليها…و هذا استخفاف بعقول القراء.
في ص125 وعاظ السلاطين: [كان المسلمون في عهد عمر طبقتين، طبقة عليا مؤلفة من اشراف قريش وطبقة سفلى مؤلفة من سواد الاعراب أبناء القبائل البدوية اما الاعاجم فلم يكن لهم شان في ذلك الحين اذ لم يكن قد دخل منهم عدد كبير في الإسلام آنذاك] انتهى
ص129: [اما في اخر أيام عمر فقد كانت قريش قوية غنية اذ استعادت في خلافة عمر كثيرا من نفوذها الضائع وقد كان عمر نفسه يخشاها كم رأينا ويحذر الناس من مكايداتها] انتهى
اقول:
يؤكد الوردي انهم كانوا اشراف قريش وهم الطبقة العليا وان قريش كانت قوية وغنية إذ استعادت في خلافة عمر كثير من نفوذها الضائع وكان عمر يخشاها.
اي خلل وأي تناقض وأي عدم انتباه كان فيه الدكتور الوردي. الحقيقة هذه العبارة او هذا المقطع يثير علامات استفهام كثير حول قدرات والراحل الوردي ودقة ما كتب ويضع علامات تعجب على استنتاجاته وتحليلاته لا يمكن ان يجد لها مبرر او ردود لو طرحت عليه في حياته له الذكر الطيب. هذا القول ينافي ما ورد أعلاه من ان الخليفة عمر بن الخطاب كان يهين قريش ورموزها ومنع عنهم الفيء وحجزهم في المدينة.
* سادساً:
في ص26: […فقد كان بين عمر ورعاياه تجاوب نفسي عميق والسر في ذلك هو ما كان عليه عمر من زهد وتعفف وعدل صارم…علم ذات يوم ان أحد أولاده شرب خمراً فامر بجلده حتى مات. فانتشر خبر ذاك في الناس واخذوا يتناقلونه ويبالغون فيه وبهذا أصبح عمر في نظر الناس فوق الشبهات فإذا انتقده أحد على شيء صرخ فيه الناس قائلين: اسكت…لو كان عمر كما تقول لعفى عن ولده وفلذة كبده…وبهذا أصبح الحاكم والمحكوم جسماً واحداً لا فجوة فيه وتماسك المجتمع تماسكاً قوياً] انتهى
في الجزء التالي اُناقش المقطع الأخير”سادساً”
عبد الرضا حمد جاسم