يحتفل النظام الإيراني في الـ11 فبراير من كل عام، بـ”ثورته”، التي أطاحت بحكم الشاه الملكي، محمد رضا بهلوي، عام 1979. واستبداله بنظام جمهوري إسلامي شيعي، يعمل تحت وصاية دائمة للمرشد الأعلى.
لكن هذه الثورة لم تكن حبيسة حدود إيران وتغيير نظام ملكي حديث لم يعمر طويلا (54 عاما فقط)، بل حرص المرشد المؤسس، أية الله الخميني، على ضرورة تصديرها إلى باقي دول العالم العربي والإسلامي.
وطيلة 41 عاما، والعقيدة الخمينية لا تزال مصرة على تصدير “ثورتها الإسلامية”، لدول العالم العربي دون كلل، عبر تأسيس عشرات الفصائل السياسية المسلحة تحت راية “المقاومة” والدفع بها في جبهات قتال لا متناهية.
تصدير النظام الإيراني لثورته لم يظل سرا، عقب ما أعلن عنه مسؤولون إيرانيون في العام 2014، بسيطرتهم على 4 عواصم عربية ووصفوه أنه “انجاز” وهذه العواصم هي: بغداد، بيروت، صنعاء ودمشق، مؤكدين ان “ثورتهم الإيرانية لا تعرف الحدود وهي لكل شيعة العالم”.
ولتصدير ثورتها وتحقيق طموحاتها التوسعية منذ 1979، عملت إيران بدون كلل على تشتيت المنطقة بكتائب وميليشيات على درجة عالية من التسلح والتدريب والتأهيل السياسي أيضا.
ونعرض في هذا التقرير، الخارطة العامة لميليشيات إيران المسلحة في 6 عواصم عربية وإسلامية.
العراق
بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق في العام 2013، سارعت إيران إلى تأسيس جحافل من الميلشيات المسلحة، وتعيين قادة عراقيون يعلنون الولاء التام للمرشد الإيراني.
على الرغم من اعتبار “الحشد الشعبي”، قوة عراقية نظامية تأتمر بتعليمات وزارة الدفاع، إلا ان أقوى تشكيلاته العسكرية، هي في الأصل، ميليشيات إيرانية، تأتمر لتعليمات المرشد الأعلى.
وأهم هذه الميليشيات، “سرايا السلام”، الجناح العسكري للتيار الصدري، و”منظمة بدر” بزعامة هادي العامري، علاوة على “كتائب حزب الله العراقي”، و”لواء أبو فضل العباس”، برئاسة أوس خفاجي، و”عصائب أهل الحق”، بقيادة قيس الخزعلي، و”حزب الله النجباء” بزعامة أكرم الكعبي.
وهي كلها ميليشيات تستعمل إيرانيا في حرب سوريا والعراق معا.
لبنان
في العام 2008، استخدم حزب الله سلاحه “المكدس” داخل العاصمة بيروت بعد خلاف سياسي متعلق بشبكة الاتصالات الخاصة به، ليؤسس بذلك مرحلة جديدة من فرض وجهة النظر الإيرانية في السياسية المحلية اللبنانية.
وحزب الله استفاد من وجود النظام السوري صاحب النفوذ القوي في لبنان بعد الحرب الأهلية، ما سمح للثناني (سوريا – حزب الله) بتح معابر للإيرانيين إلى الداخل اللبناني، وذلك كان بحجة الرد على الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982، ومنذ ذلك الحين، وجدت إيران الفرصة الذهبية لبسط نفوذها على لبنان من خلال تجهيز “حزب الله” على أكمل وجه، كأكبر ميليشياتها المسلحة وقوتها السياسية في لبنان.
وحتى أمام العقوبات الأميركية المشددة على النظام الإيراني، يواصل الأخير تمويلاته السنوية لحزب الله بشكل منتظم، كان آخرها توصله بـ63 مليون دولار، عبر شبكة تهريب دولية، حسب ما كشف عنه تحقيق لوزارة الخزينة الأميركية، نوفمبر 2018.
ويحكم حزب الله قبضته السياسية والعسكرية على مفاصل الدولة اللبنانية، ناهيك عن الأدوار الرئيسة التي يلعبها في ساحة القتال في سوريا والعراق واليمن والبحرين والكويت،بآوامر وتوجيهات مباشرة من المرشد الأعلى الإيراني.
اليمن
سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية، صنعاء، كانت رهانا رئيسا في مرمى شباك السياسة التوسعية لإيران، فانطلاقًا من هدفها “تصدير الثورة للعالم الإسلامي” أصبحت صنعاء، العاصمة العربية الرابعة، القابعة تحت الوصاية الإيرانية، بعد بيروت ودمشق وبغداد.
وتعود العلاقة بين الحوثيين وإيران، إلى العام 1994، حيث سافر مؤسس حركة “أنصار الله”، الحوثية، بدر الدين الحوثي وابنه حسين إلى إيران، ليعود أبنه لتنظيم رحلات طلابية جماعية بالعشرات من أنصاره إلى إيران حيث يقيم والده بحجة الدراسة، وهو ما كانت تتمناه إيران لتصدير ثورتها إلى اليمن.
ومنذ العام 2011، لم تبخل إيران في دعم الحوثيين ماليا ودبلوماسيا وإعلاميا وعسكريا بعشرات السفن المحملة بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، وزادت حدة هذا الإسناد عقب هجمات “التحالف العربي” المدعوم من طرف السعودية.
وتعد جماعة “أنصار الله” الحوثية، المسيطرة على العاصمة صنعاء، من أكبر ملامح النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
سوريا
شاركت إيران في الحرب السورية منذ أواسط العام 2011، لكن نفوذها تفاقم أكثر مع الوقت بإيفاد عشرات الفصائل العسكرية، المحلية والأجنبية من العراق ولبنان وباكستان وأفغانستان، وتقول تقارير ان مجموع مقاتلي الميليشيات الإيرانية في سوريا، يبلغ على الأقل 60 ألف مقاتلا.
وفي منطقة “السيدة زينب”، و”القصير”، وحمص، والمناطق المتاخمة لمطار دمشق الدولي، تتمركز أغلب الميليشيات الإيرانية في سوريا.
وفضلا عن ميليشيا “حزب الله” اللبنانية، تستخدم إيران “كتائب الأمام علي” (المنضوية تحت الحشد الشعبي العراقي) للقتال جبنا إلى جنب قوات نظام الأسد.
وتسخر طهران أيضا، كل من ميليشيات “النجباء”، و”سيد الشهداء” و”حركة الأبدال”، وهي كلها ميليشيات إيرانية تقاتل تحت وصاية “فيلق القدس” الإيراني في كل من العراق وسوريا. وتشير تقارير إلى ان مجموع المقاتلين لكل من منها يبلغ أكثر من 1500 مقاتل.
لكن أقوى هذه الميليشيات الإيرانية في سوريا، والتي زاد نفوذها منذ 2018، هي ميليشيا “لواء أبو الفضل العباس”، يتخذ من منطقة “السيدة زينب” مقرا له، ويضم على الأقل 7000 مقاتل. بالإضافة إلى ميليشيا “لواء الإمام الحسين”، يقدر عدد المسلحين فيه 1000 ويتخذون من “حلب” مركزا لهم.
أفغانستان
وعلى الرغم من انتشار المذهب السني بين أغلب الأفغان، تراهن إيران أيضا على أفغانستان كمكان جديد لتصدير ثورتها، عبر الأقلية الشيعية هناك.
وذلك عبر ميليشيا مسلحة تدعى “لواء فاطميون”، وهي ميليشيا أفغانية شيعية، أسسها علي رضا توسلي (المعروف بأبو حامد) في عام 2014 بغرض رئيسي وهو دعم نظام الأسد.
يتم تمويلها وتدريبها من قبل الحرس الثوري الإيراني، وتفيد تقارير بأن المقاتلين الأفغان يتلقون 500 دولار شهريًا بتمويل إيراني.
ويُقدر تعداد هذه الميليشيا بحوالي 3000 مقاتل، لكن مصادر إيرانية تدعي بأن العدد يصل إلى 14 ألف مقاتل وهذا ما ادعاه زعيمها، حسن حسيني، المعروف أكثر بـ”سيد حكيم”.
باكستان
وعلى غرار التجربة الأفغانية، أسست إيران ميليشيا “لواء زينبيون”، وهو مكون من الشيعة الباكستانيين، يجذب مجنديه من الشيعة الباكستانيين الذين يعيشون في إيران، والشيعة الهزارة الذين يعيشون في باكستان، وشيعة باراتشينار وخيبر بختونخوا.
وتم تشكيلها وتدريب مقاتليها من قبل الحرس الثوري الإيران، وتعمل تحت وصايته.
واستعملت بقوة في سوريا، بعد أن كلفت في البداية بالدفاع عن مسجد “السيدة زينب”، لكن فيما بعد أولت لها مهمات قتالية في الصفوف الأمامية.