.
تثير مواقف الصدر المتقلبة انتقادات شعبية عراقية واسعة ضد مهاجمته للمحتجين وقتل عدد منهم واتهامهم بتعاطي المخدرات وممارسة الزنى عبرت عنها فتيات الجامعات بالسخرية خلال مشاركتهن الواسعة في التظاهرات التي بدأت تهتف ضده للمرة الاولى… فيما أعلنت مجموعة من عناصره أصحاب القبعات الزرقاء انشقاقها متهمة اياه بالسعي لاسقاط العراق بينما قتل متظاهر في الناصرية.
وخلال التظاهرات المليونية التي نظمها طلبة العراق في العاصمة ومحافظات الوسط والجنوب أمس فقد كان لمشاركة الفتيات من طالبات الجامعات بشكل واسع فيها أمر لافت حين ظهرن رافعات لصور ضحايا التظاهرات ولافتات تندد بمواقف الصدر وهاتفات ضده وهن يرتدين أزياء تسخر من مواقفه اظهرتها صور حصلت عليها “إيلاف”.
متظاهرون في النجف يهتفون: مقتدى قاتل
وفي حين ارتدت متظاهرة جامعية اللباس العربي بالعقال تحدياً فقد ظهرت اخريات ملثمات بالكوفية العربية تأكيدا على أن مواقفهن لاتقل شجاعة عن الرجال.
كما رفعت متظاهرة لافتة تسخر فيها من دعوة الصدر لفصل النساء عن الرجال خلال التظاهرات مذكرة اياه بمواقف السيدة زينب شقيقة الامام الحسين حين رافقته في معركة الطف التي استشهد فيها قالت فيها “أعظم شعائر الله الحج مختلط…وان لم تكن زينب مع الحسين من كان سيقود معركة الاصلاح من بعهده… بينا تكمل الثورة”.
كما رفعت جامعية لافتة كتبت عليها كلمة الحرب وتعليق يقول “خلقنا لنحذف راء الحرب”… واخرى كتبت “ذي قار صوت الثوار ومنها القرار”… فيما رفعت أخريات صور العشرات من الشباب الذين قتلوا برصاص القوات الامنية والمليشيات الموالية لايران المرافقة لها.
ظاهرة منحت الاحتجاجات زخما شعبيا كبيرا
وفي مجتمع محافظ مثل العراقي فإن مشاركة النساء في المظاهرات كانت شبه محرمة لكنها تشكل حاليا ظاهرة منحت الاحتجاجات زخما شعبيا كبيرا.
ففي بداية المظاهرات في أكتوبر الماضي لم تكن مشاركة النساء واسعة ربما بسبب مظاهر العنف التي شابت الأيام الأولى منها لكن هذه المشاركة بلغت ذروتها في مظاهرات 25 أكتوبر وما زالت مستمرة لتشكل علامة فارقة كبيرة بالنسبة للعراقيات في بغداد والمحافظات.
متظاهرة عراقية ترتدي غطاء الرأس للرجال العقال
وقد تسيدت طالبات المدارس والكليات أجواء المظاهرات إلى جانب فئات نسوية أخرى متعددة ومتنوعة شملت جميع القطاعات كما أن مشاركة ربات البيوت والصغيرات والمسنات كانت لافتة حتى وصلت إلى 40 بالمائة من إجمالي عدد المشاركين في المظاهرات التي تجتاح العاصمة ومحافظات الوسط والجنوب.
وأقدمت المتظاهرات على مبادرات مهمة ومتنوعة أسهمت في تعزيز المظاهرات حيث تطوع فريق نسوي لجمع التبرعات من أجل توفير الماء والطعام للمتظاهرين وشراء الأغطية والملابس والكمامات، في حين وفر فريق آخر الأدوية وإسعاف الجرحى واعداد الطعام للمحتجين وغسيل ملابسهم… اضافة إلى اللمسات الفنية من خلال تلوين الشوارع والأرصفة والتبرع بالدم والأموال والمصوغات الذهبية.
وتقول منسقة شبكة النساء العراقيات أمل كباشي في تصريحات اطلعت عليها “إيلاف” إن “ساحة التحرير في بغداد وساحات الاحتجاج الشعبي في المحافظات تشهد اندماجا مجتمعيا وتداخلا ملحميا وطنيا بين فئات المجتمع”.
لكنه في الجانب الاخر من مشاركة العراقيات في المظاهرات فقد تعرض عدد منهن إلى الاغتيال والاختطاف على يد عناصر المليشيات العراقية الموالية لايران المعارضة للحراك الشعبي، وهو ما ارغم عددا من الناشطات والصحافيات والمدونات على التوقف عن نشاطهن والتواري عن الأنظار فترة موقتة بعد تعرضهن لتهديدات.
وتبقى مساهمة المرأة العراقية في المظاهرات المتواصلة الظاهرة الأكثر لفتا للانظار في هذه الحركة الاحتجاجية التي طغت على شوارع العاصمة ومدن البلاد الاخرى في الأيام الأخيرة.
يشار إلى أنّ الصدر يواجه حاليا انتقادات شعبية واسعة وخاصة من قبل المتظاهرين بعدما غيّر موقفه السياسية أكثر من مرة بدءا من دعم الاحتجاجات إلى معارضتها وصولا إلى مواجهة أنصاره للمحتجين بالقوة واستخدام الاسلحة النارية والبيضاء ضدهم خاصة في النجف وكربلاء والحلة، ما اسفر عن مقتل واصابة العشرات منهم.
انشقاق مجموعة من أصحاب القبعات الزرقاء
وبالتزامن مع ذلك، فقد أعلنت مجموعة من انصار الصدر من أصحاب القبعات الزرقاء انشقاقها عن التيار الصدري ورفضها مهاجمة المتظاهرين.
وأظهر مقطع فيديو حصلت عليه “إيلاف” مجموعة من عناصر التيار الصدري من اصحاب القبعات الزرقاء في سوق الشيوخ وهي مدينة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي في محافظة ذي قار الجنوبية يسألهم مسؤولهم ماذا يريد الصدر فيهتفون “الصدر يريد اسقاط العراق … نعم نعم للعراق”.
وفي مقطع آخر، ظهر شخص قال إنه من أصحاب القبعات الزرقاء في بغداد يؤكد فيه أن قيادات في مليشيا سرايا السلام التابعة للصدر قد امروا عناصرها بمهاجمة المتظاهرين، لكنهم رفضوا ذلك موضحين ان المشاركين في الاحتجاجات هم من ابناء عوائلهم واقاربهم وعشائرهم، مؤكدا انهم ارغموا على عدم الخروج من منازلهم عقابا لهم.
وأصحاب القبعات الزرقاء هم عناصر من مليشيا سرايا السلام التابعة، كان الصدر قد كلفهم بداية العام الحالي بحماية المتظاهرين المحتجين في ساحات التظاهر في العاصمة ومحافظات الوسط والجنوب لكنه انقلب بالضد منهم منذ سفره إلى ايران واقامته في مدينة قم هناك بالضد من الاحتجاجات وخاصة بعد مشاركته في ترشيح محمد علاوي بتشكيل الحكومة الجديدة في الاول من الشهر الحالي.
ثم اصدر الصدر اثر ذلك امرا لاصحاب القبعات بالانسحاب من ساحات التظاهرات التي بدأت ترفع صوره مشوهة وتهتف ضده حيث قاموا في مدينة النجف الجنوبية بمهاجمة المتظاهرين وقتل واصابة حوالي مائة منهم، وسط استنكار ورفض داخلي ودولي واسع ودعوات لمحاسبة القتلة واحالتهم إلى القضاء، حتى اكد المرجع الشيعي الاعلى في البلاد آية الله السيد علي السيستاني في خطبة الجمعة الماضي على عدم احقية اي جهة في حماية الاحتجاجات عدا القوات الامنية التي دعاها إلى توفير امن المتظاهرين.
استئناف الاحتجاجات ومقتل متظاهر
وقد استمرت الاحتجاجات اليوم في عدة محافظات عراقية وقام المتظاهرون في محافظة ذي قار التي قدمت اكبر عدد من الضحايا بين المتظاهرين بعد العاصمة اليوم بإغلاق ثلاثة جسور حيوية وسط مدينة الناصرية عاصمة المحافظة واغلاق بعض التقاطعات بالاطارات المحترقة، اضافة إلى اغلاق كلية الطب والعين التي شهدت اطلاق نار ضد المتظاهرين، ما ادى إلى مقتل احدهم واصابة عدد اخر بجروح متفاوتة.
وفي محافظة النجف قامت افواج الطوارىء بتأمين ساحة التظاهر وحماية سلامة المتظاهرين، بعد ان شهدت امس اضخم مسيرة طلابية شارك فيها عشرات الالاف من ابناء المدينة مطالبين بتحقيق مطالب الشعب بالتغيير الشامل.
ويوم امس، هدّد كاظم العيساوي المعاون الأمني للصدر بإسقاط رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي خلال مدة ثلاثة أيام، إذا ما ضم في تشكيلته الوزارية وزراء من أتباع الجهات السياسية. وقال في تصريح لمجموعة من الإعلاميين”إذا سمع السيد مقتدى أن علاوي أعطى لجهة بالذات الفصائل وزارة فسيقلب عليه العراق جحيماً ويسقطه في ثلاثة أيام على حد قوله … مضيفا أن التيار الصدري لن يكون جزءاً من الحكومة بأي شكل من الأشكال.
وحذّر العيساوي من عرقلة تشكيل حكومة علاوي قائلاً “إذا حدث ضغط ولم تتم الموافقة على حكومته فسنطوّق المنطقة الخضراء لاسقاط البرلمان”.
وقد اعتبر مراقبون تصريحات العيساوي هذه بمثابة ذر للرماد في العيون، لان التيار الصدري هو احد تحالفين مع الفتح بزعامة هادي العامري، اللذين رشحا علاوي للمهمة واكدا انها تأتي للتغطية على مطالب التيار بعدد من الوزارات المهمة في الحكومة الجديدة بينها النفط.
واشنطن تنبه إلى تظاهرات في بغداد والنجف وتحذر مواطنيها
وأشارت السفارة الاميركية في بيان الاثنين حصلت “إيلاف” على نسخة منه إلى أنّه “وفقًا للتقارير من المتوقع أن تجري مظاهرات وفعاليات ومواكب واسعة النطاق في بغداد في الفترة من 11 إلى 13 فبراير وكذلك في النجف في 14 فبراير”.
وحذرت من أن المنطقة القريبة من السفارة وفي محيط مطار بغداد الدولي قد تشهد بعض الاحداث.
ونوهت إلى العمليات القنصلية العامة في بغداد لا تزال معلقة ويجب على المواطنين الأميركيين عدم الاقتراب من السفارة… موضحة ان القنصلية الأميركية العامة في أربيل مفتوحة للتأشيرات ومواعيد خدمات المواطن الأميركي بما في ذلك إصدار جواز السفر. على مواطني الولايات المتحدة في العراق أو المهتمين بالأسرة في العراق الاتصال بوزارة الخارجية.
وشددت على ضرورة تجنب مناطق المظاهرات و مراقبة وسائل الإعلام المحلية للحصول على التحديثات.
ويشهد العراق احتجاجات غير مسبوقة منذ مطلع أكتوبر 2019 تخللتها أعمال عنف خلفت أكثر من 550 قتيلا بحسب المفوضية العراقية العليا لحقوق الانسان.