نحن الآن أمام موجة سخط شديدة غير مبررة ضد باحث علمي وأكاديمي متميز وكاتب شفاف انجز الكثير من الكتب المهمة في تحليل طبيعة وسلوكيات احزاب الإسلام السياسي والمجتمع العراقي وعرّى مواقفها المناهضة للفكر الإنساني الحر وناقش الكثير من أطروحاتهم البليدة والتي عفا عليها الزمن. كتب يعبر عن وجهة نظره الفكرية والسياسية برؤية مستقلة وبعيدة عن رؤية الأحزاب السياسية القائمة بالعراق لأنه غير حزبي وعالم في علم النفس الاجتماعي ومؤسس جمعية علم النفس السياسي. كاتب لامع ومحلل نفسي محترم له وجهة نظر في الوضع السياسي الجاري في العراق احترمها رغم اختلافي معه، وهو يحترم وجهة نظري بشأن الوضع في العراق رغم اختلافه مع رأيي. لم نكتف بالاحترام المتبادل فحسب، بل تجمعنا صداقة متينة واعتزاز بقدرته الممتازة على البحث والتحليل والتدقيق والجرأة المطلوبة في طرح وجهة نظره. مثل هذا الشخص الباحث يفترض ان نحترم رؤيته للتطور الجاري في العراق ونعتز به وأن اختلف بعضنا معه، فأن اختلف بعضنا معه اليوم، فيمكن ان يتفق معه غداً، لأننا نقف جميعاً نقف اليوم في موقع واحد، ودربنا الطويل واحد وهدفنا في المحصلة النهائية، وأن تباينًا في رؤية التحالفات المطلوبة، حرية العراق وشعبه والمستقبل الزاهر لأبناء العراق وأجياله القادمة.
إن الرسالة الموجهة من الصديق الكاتب جاسم المطير كان ممكن ان تتوجه للثلاثي المذكور بصورة شخصية لتبادل وجهات النظر والبحث المعمق في الوضع القائم وبأسلوب تناول اخر بعيدا عن الشخصية المباشرة. ولو كنت مكان الصديق جاسم المطير لكتبت الرسالة بصيغة أخرى، ولكني لا أستطيع فرض رؤيتي عليه أو أسلوبي في معالجة مثل هذه القضايا التي تستوجب الكثير من العناية والتدقيق والابتعاد عن جرح المشاعر الشخصية. اختلفت مع الصديق الدكتور فارس نظمي في مقالي الذي نشرته مباشرة يوم 10/02/2020 ووجهت له النقد بطريقة ودية بعيدة عن التشنج والإساءة، فهو منا نحن الديمقراطيون وليس غريبًا عنا دبل علينا التعامل بود في النقد لمن هو من غيرنا أيضا. إن ما يحصل اليوم هو خارج إطار كل الاعتبارات الي يفترض ان نحترمها. فليس صوابا توجيه الاتهامات بالعمالة لدى الصدر أو أنه يكتب لقاء اجر مدفوع الثمن أو غيرها من الكلمات غير اللائقة والمسيئة والمرفوضة التي توجه للزميل والصديق الدكتور فارس نظمي وتتداول في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي كثيرة. من يختلف معه عليه ان يكتب ويبرر أسباب الاختلاف لإقناع الآخرين، في حين ان الشتيمة والتهم الجاهزة لا تقنع احداً بل تسيء لقائلها أكثر بكثير مما تسيء لمن يراد شتمه دون حق. كم أتمنى وأرجو ان نكف عن هذا الأسلوب الزجري إزاء من نختلف معه حتى لو جاء في رأيه ما أغاظني أو أغاظ غيري، لأن هو الآخر يشعر بأنه قد تعرض للإغاظة والإساءة، في الوقت الذي توقف الزميل نظمي عن الرد والكتابة بهذا الصدد. لنكن أكثر حكمة وأكثر ودًا إزاء الرأي الآخر وأكثر ابتعادا عن توجيه اتهامات زائفة وجارحة وغير مبررة أصلاً.