أنطلقت يوم 10 من الشهر الجاري حملة الدعاية للإنتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق. وهي الخامسة منذ أول إنتخابات في عام 1992 . وقد أبدت بعض الأحزاب الكردية، منها حركة التغيير والاحزاب الإسلامية رغبتها بالتاجيل، إلا ان الموافقة تمت على إجرائها في الموعد المقرر 30 ايلول/ سبتمرالحالي.
يقدر عدد المرشحين ب (673 ) مرشحا ينتمون الى (29 ) كينا سياسيا لشغل (111 ) مقعدا، منها ( 11) مقعدا مخصصا للأقليات القومية والأثنية في الإقليم. ويعتبر إقليم كردستان العراق دائرة إنتخابية واحدة. وإعتماد نظام العد والفرزاليدوي في إحتساب نتائج الإنتخابات. هذا ولن يشارك الاكراد في المهجر في هذه الإنتخابات، لاسباب مالية وإدارية وتقنية.
1. تعتبرهذه الإنتخابات مصيرية وحاسمة بالنسبة للشعب الكردستاني، في الوقت الذي يمرفيه الإقليم بحالة من عدم إستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي وحتى الإمني.
ففي الحالة السياسية ( من دون الدخول في التفاصل)، نجد:ـ
ـ هناك تباينات وخلافات في الخطاب السياسي الكردي بخصوص مسالة تطويرالفيدرالية وآفاقها المستقبلية؛
ـ عدم إكمال دستور إقليم كردستان العراق وطرحه للإستفتاء الشعبي، وكذلك تحديد صيغة النظام الحكم في الإقليم هل هي على اساس رئاسي أم برلماني؟؛
ـ العلاقة مع الحكومة الإتحادية في كثير من الملفات المهمة والساخنة غيرمحلولة، منها:صيغة المشاركة في الحكومة الإتحادية، حصة الإقليم من الموازنة العامة الإتحادية، تفعيل وتطبيق مادة (140 ) من الدستور الدائم حول المناطق المتنازع عليها، مشكلة العقود والإنتاج والتسويق الخاصة بالنفط في الإقليم، ومسالة البيشمركة وعلاقتها بوازرة الدفاع الإتحادي؛
ـ ضعف العلاقة والتنسيق والعمل المشترك مع الأحزاب الكردية في حركة التحررالكردية للاجزاء الأخرى من كردستان الكبرى؛
ـ التداخلات الإقليمية السافرة والمباشرة من تركيا وايران وبعض الدول الخليجية كقطر والسعودية في شؤون السياسية الداخلية للإقليم؛
2 . يمرالإقليم اليوم بحالة إقتصادية صعبة للغاية. وهي متراكمة لفترات طويلة من دون المعالجة. ويعيش الشعب الكردي ظروفا معيشية صعبة وعدم توزيع رواتب موظفين بشكل منتظم وتخفيضها بشكل كبير، وذلك لبعض الإسباب، نختصرها، كالآتي:ـ
ـ عدم وضوح فلسفة النظام السياسي، كي يتبنى رؤية شفافة وإستراتيجية واضحة ومعللة لعملية التنمية الشاملة والمستدامة ذات أبعاد إقتصادية وإجتماعية؛
ـ الإعتماد على الإقتصاد الريعي من إيرادات الإقليم لحصته في الموارنة الإتحادية. وبيع النفط الذي تنقصه الشفافية ويستشري فيه الفساد المالي والإداري وسوء ترشيد سياسته؛
ـ هيمنة الصفة الإستهلاكية على الإقتصاد، بدلا من التوجه نحو تنويعه عبرتأهيل وتفعيل الإقتصاد الإنتاجي الذي يخلق القيمة المضافة للإقتصاد الوطتي؛
ـ قطعت الحكومة الإتحادية ميزانية إقليم كردستان العراق منذ عام 2014، مع إنخفاض اسعار النفط الى اكثر من (50% ) في تلك الفترة وما بعدها، وكذلك سوء إستخدام المال العام، مما تسبب في شحة الموارد المالية؛
ـ تصل ديون إقليم كردستان بحدود (105 ) مليار دولار، منها (51 ) مليار للحكومة الإتحادية، والباقي لبنوك داخلية وخارجية، بحسب حديث رئيس الوزراء لشؤون الطاقة السابق حسين الشهرستاني للسومرية نيوز/ بغداد، تشرين الثاني/ نوفمبر2017؛
ـ ضعف آداء هيئة الرقابة المالية لمهامها، ورفع تقاريرها الدورية الى البرلمان لدراستها وإتخاذ الإجراءات اللازمة بصددها؛
ـ الفساد المالي والإداري يمتد في كل مفاصل الإدارية والحزبية والقطاعات الإقتصادية ذات الطبيعة الخدمية والإستهلاكية؛
ـ إعتماد مفرط على إستيراد السلع الأجنبية ذات طبيعة إستهلاكية وكمالية، وإغراق الأسواق المحلية بها على حساب تطوير وتنمية الإنتاج الوطني؛
3. أما في المجال الإجتماعي، فنلاحظ ما يلي:ـ
ـ تفاقم البطالة التي تصل ( 25 ـ 30)% من قوة العمل، ونسبة فيئات السكان تحت خط الفقر(13 ) من عدد السكان البالغ اكثرمن (5 ) مليون نسمة؛
ـ تزايد حدة الإستقطاب الإجتماعي، مما عزز من التفاوت القائم في المجتمع، وظهور فجوة كبيرة بين الفقراء والأغنياء؛
ـ ضعف شديد في القوى البشرية العاملة لمواكبة تكنلوجيا الحديثة، بهدف رفع الإنتاج والإنتاجية وجودتهما؛
ـ تراجع كبير ورداءة في مجانية خدمات الصحة لجميع المواطنين؛
ـ تراجع ورداءة خدمات التعليم المجاني بجميع مراحل الدراسة لكافة أبناء الشعب؛
ـ تدني الوعي العام والمستوى الثقافي والحضاري للمجتمع. وضعف دورالمجتمع المدني والمنظمات المعنية في ممارسة الديقراطية والتعويد على الحوار البناء، والمشاركة الفعالة في صنع القرار، وممارسة الرقابة الشعبية؛
ـ ضعف المسؤولية الإجتماعية تجاه البيئة وحمايتها من التلوث؛
ـ عدم الإعتناء بجودة الإنتاج الذي يعتبراحد عناصر الانتاج المهمة، ورداءة تقديم الخدمات التسويقية وفق المعايير القياسية لصالح المستهلك وحمايته؛
ـ التراجع في تأمين نظام الضمان الإجتماعي لمساعدة الفقراء والعاطلين عن العمل، وذلك لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية؛
ـ لا يزال خطرالأمني قائما على الإقليم من بقايا ( داعش) والتنظيمات الإرهابية المرتبطة به، والسلم الإهلي معرض للتهديد ايضا، وخاصة في المناطق المتنازع عليها؛
وفق المعطيات المقدمة في اعلاه، نناشد وننادي الناخب الكردستاني بأن يشارك في هذه الإنتخابات وبروحية وطنية عالية تكون في مستوى المسؤولية والواجب الوطني، لمجابهة التحديات والمهمات الكبيرة التي يمر بها الإقليم. والمساهمة بشكل فعال من أجل التغيير والاصلاح على الأصعدة السياسية والاقتصادية والإجتماعية والثقافية، التغييرالذي ينتظره الشعب الكردستاني بفارغ الصبر. ومن أجل التصويت للوجوه الشابة المخلصة والنزيهة والمتعلمة وذات الخبرة والكفاءة والمعاييرالمهنية والمعرفية في الأداء، من الذين تهمهم مصلحة الوطن والمواطن الكردستاني وضمان مستقبله والأجيال القادمة.
المساهمة الجادة من أجل إنتخابات شفافة ونزيهة والخروج بنتائج جيدة وإيجابية بعيدا عن المحاصصة الفئوية والحزبية الضيقة والتوافقات السياسية المصلحية الداعمة للفساد المالي والإداري. المساهمة الجادة التي ستساعد على إنبثاق إدارة جديدة تكون في مستوى المسؤولية وتنطلق من تشخيص الوضع الراهن، وخاصة في المسارات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية المذكورة في اعلاه، وتقديم حلول عاجلة وبناءة لها، وذلك لأن الإدارات السابقة في الحكم لم تكن قادرة على بناء مبدأ الموطنة التي تشكل روح الإدارة القانونية والمؤسساتية، التي تساوي بين المواطنين وتجمع بينهم وتوحدهم في إطار واحد يتجاوز الولاءات الجزئية العقائدية والحزبية والعشائرية والمحسوبية، والتي إنشغلت بالتنافس من أجل الهيمنة على السلطة والمال والنفوذ.