الأحد, نوفمبر 24, 2024
Homeمقالاتبيار روباري : إدلب سقطت ولكن أجل موعد إعلان سقوطها ...

بيار روباري : إدلب سقطت ولكن أجل موعد إعلان سقوطها  

 

دعونا أولآ نلقي نظرة على خصوصية مدينة إدلب ومعركتها النصف مؤجلة. الوضع في مدينة إدلب يختلف عن غيرها من المناطق السورية التي شهدت معارك بين المسلحين المتطرفين والنظام السوري وشهدت مصالحات محلية بالمميزات التالية:

الميزة الأولى: في حال الهجوم على إدلب، هناك إحتمال كبير وقوع إشتباك بين القوات التركية المتواجدة بكثافة في محافظة إدلب، وقوات الأسد. وهذا ما يريد تجنبه الأسد وجنرلاته، بسبب تفوق الجانب التركي العسكري الواضح. ولهذا السبب ترى النظام السوري متريثآ، وليس في عجلة من أمره. وقرر الإنتظار قمة بوتين اردوغان وما سيسفر عنها من حلول سياسية.

 

الميزة الثانية: محافظة إدلب أخر منطقة بيد المتطرفين الإسلاميين، لهذا لا مجال لجلب باصات خضر، في حال الوصول إلى توافق معين بين الطرفين، يتم بموجبه نقل المسلحين إلى مكان أخر من سوريا. فإما القتال حتى الرمق الأخير أو الإستسلام للنظام بكل بساطة. لأن تركيل لن تفتح أراضيها أمام تلك المجموعات للإستقرار فيها، وخاصة الأجانب منهم.

 

الميزة الثالثة: هي معضلة المقاتلين الأجانب ويقدر عددهم بنحو ثلاثين ألف مسلح، تحديدآ التركستان والإغور بسبب رفض روسيا القاطع لعودتهم إلى بلادهم. وأكثرية المسلحين الذين لجأوا الى إدلب كانوا من المعارضين للتسويات مع النظام السوري، ولهذا فضلوا الذهاب الى هناك على التصالح مع النظام.

 

الميزة الرابعة: وجود إدلب على حدود تركيا، ومحاذتها لمحافظة اللاذقية الساحلية وحلب، ومنطقة عفرين الكردية.

 

الميزة الخامسةإكتظاظ المحافظة بملايين البشر، وأكثريتهم لجأوا إليها من المناطق الإخرى، التي هجر النظام سكانها كالغوطة الشرقية وغير من المناطقوتحذير الدول الغربية من الهجوم على مدينة إدلب، وإرتكاب مجازر بحق المدنيين، أو إستخدام الغازات السامة، وتوعدهم برد قاسي إذا إرتكب في حال إستخدم النظام مثل الغزات أو إرتكاب مجازر جماعية. ولهذا عززت دول حلف الأطلسي من وجودها العسكري في البحر المتوسط خلال الأيام الماضية.

 

الميزة السادسة: تخوف تركيا من مشاركة قوات سوريا الديمقراطية في معركة إدلب، وبالتالي فتح جبهة عفرين في نفس الوقت. وهذا ما لا يرغب به تركيا وعملائها السوريين القابعين في عفرين. ولهذا فضل

اردوغان كعادته تقديم كل ما يستطيع من تنازلات للروس والنظام، على حساب السوريين، بهدف منع الكرد من إنشاء كيان ذاتي خاص بهم في إطار سوريا الموحدة. لأن هدف تركيا الرئيسي في الحرب الدائرة في سوريا منذ سنوان منع الكرد على حقوقهم القومية والسياسية، وتوحيد التراب الكردي في غرب كردستان.

 

لهذه الأسباب وغيرها تريس الروس ومعه النظام، بالهجوم العسكري الواسع والشامل، لكنهم ضغطوا بأقصى قوتهم على تركيا للإيفاء بوعدها بإخراج الجماعات الإرهابية والمقصود بذلك “جبهة النصرة”

من إدلب ونزع سلاحها الثقيل. لكن تركيا نفذت تعهدها جزئيآ أي أنها صننفت جبهة النصرة ضمن المجوعات الإرهابية، ولكنها لم تضغط عليها لتسليم سلاحها الثقيل، وهذا ما لم يرضي الروس وحليفهم الأسد ولا إيران.

 

وعندما فشلت قمة طهران الثلاثية قبل عدة أيام في إيجاد حل لوجود التنظيمات الإرهابية في إدلب، قرر النظام وبدعم روسي الهجوم العسكري على أخر معاقل تلك التنظيمات، ولتأكيد جديتهم في هذا المجال، أخذ الطيران الروسي والسوري بقصف تمهيدي لمئات المواقع في إدلب، مما دفع بأردوغان الإسراع إلى موسكو وتقديم محافظة إدلب على طبق من ذهب للنظام السوري وحليفه الروسي.

 

من هنا جاء تأكيد وزير الدِّفاع الروسيّ سيرغي شويغو في ختام المباحثات الثانئية بين بوتين واردوغان البارحة في موسكو، بأنه لن يكون هناك هجوم عسكري على إدلبومقابل هذا التجميد للعملية حصلت روسيا ومعها النظام السوري من تركيا على التالي وفق ما تسرب من بنود الإتفاق:

أولآ– إقامة منطقة منزوعة من السلاح تصل عمقها الى 20 كيلومتر، وتكون على حساب مناطق المسلحين، انسحابهم الى الخلف والإبتعاد عن مناطق المواجهة مع قوات النظام. وهذا يعني حشرهم في شريط حدودي لا يتجواز عرضه عن عشرة كيلومترات.

ثانيآ– إخلاء مدينة ادلب من المسلحين، وتسليمها للنظام على غرار مدينة حلب.

ثالثآ– سحب جميع السلاح الثقيل من المجموعات المتطرفة، وهذا يشمل الدبابات، راجمات الصواريخ، المدافع، صواريخ الكاتيوشا وغيرها من الأسلحة.

رابعآ– في مقابل ذلك تعهدت روسيا قطع جميع علاقاتها السياسية مع الكرد في سوريا وتركيا.

 

هذه أهم النقاط التي يتضمنها تلك الإتفاقية، وتظل هناك نقاط غير معروف تفاصيلها بعد بالضبط. على سبيل المثال: في حال رفضت إحدى المجوعات المسلحة تسليم سلاحها والإنخراط في التسوية السياسية، كيف سيكون التعامل معها، وماذا سيكون مصيرها؟ وثانيآ، ماذا لو لم يفي اردوغان بتعهداته للروس؟ وثالثآ، كم سيحتاج اردوغان من الوقت لتنفيذ ما هو مطلوب منه وفق الإتفاق؟ رابعآ، ماذا سيكون مصير المتطرفين الذين ترفض بلدانهم تسلمهم وإعادتهم الى بلدانهم؟ خامسآ، الى متى ستبقى تلك المجموعات في الشريط الحدودي؟ سادسآ، هل سيقبل النظام بوجود هذه المجموعات لفترة طويلة في الشريط؟ وماذا بعد معركة إدلب؟ وما هو مستقبل العملية السياسية في سوريا؟

 

خلاصة الكلام، إدلب سقطت قبل دخول الدبابات السورية إليها، وهذا الرضوخ التركي – الأردوغاني الذليل، هو في صالح النظام السوري والروس ومخططهم بمد سيطرة قوات الأسد على كافة الأراضي الواقعة تحت سيطرة المسلحين، وهو أيضآ في صالح الكرد. لأنه في حال إندلاع مواجهة عسكرية بين النظام والروس من جهة، والجماعات المتطرفة من جهة أخرى، سيؤثر ذلك سلبآ على منطقة عفرين المحتلة، وسيسرع من موجة تعريب وتتريك المنطقة، إضافة لمنطقة إعزاز، مارع، جرابلس والباب. بمعنى أخر وضع هؤلاء في مواجهة الكرد في منبج ومنطقة شرقي الفرات، وهذا ليس في صالح الكرد بأي شكل من الأشكال.

وهذه الإتفاقية هي مجرد لكسب الوقت من قبل تركيا، ولكنها لن ينقذها في النهاية، فالنظام لن يرضى بأقل من السيطرة الكاملة على أراضي محافظة إدلب، والتخلص النهائي من كافة المجموعات الإرهابية المدعومة من قبل تركيا وقطر والسعودية، ودفعها للإستلام أو التوجه الى العمق التركي. وبرأي معركة إدلب ليست نهاية المطاف. أنا واثق بعد إدلب سيكون الدور على مناطق الباب وإعزاز وجرابلس في المرحلة القادمة. ومعركة النظام مع الكرد مؤجلة للمرحلة الأخيرة لسببين:

السبب الأول: وجود القوات الأمريكية في شرقي الفرات، وحماياتها من قبل الطيران التحالف الدولي.

السبب الثاني: إيمان النظام بإستطاعته المناطق الكردية بسهولة، في الساعة التي يرحل فيها أمريكا من سوريا، وهذا ممكن حصوله في أي وقت. لأن النظام يدرك نقاط ضعف الكرد وأولها، المحيط المعادي لهم من كل جهة، وثانيآ، تضعضع الجبهة الداخلية للكرد، وثالثآ، وقوف المعارضة السورية بكل تلاوينها بجانب نظامالأسد في عدائه للكرد.

 

19 – 09 – 2018

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular