خلال الفترة السوداء لرئيس الوزراء الاسبق نوري المالکي، وعندما إنتفضت المدن العراقية ذات الاغلبية السنية وقامت بمتظاهرات واسعة إحتجاجا على الغب اللاحق بها، فإن الابواق التابعة لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في العراق سرعان ماقامت بلمز تلك التظاهرات بأنها طائفية والاتعس من ذلك إنها قامت بالتعبئة الطائفية ضدها ويجب أن نعيد للأذهان هنا بأن فترة المالکي کانت ذروة انتشار النعرات والفتن الطائفية وحتى العرقية بمختلف أشکالها، لکن اليوم وبعد أن إنتفضت الاغلبية الشيعية العراقية في بغداد والمحافظات الجنوبية، فإن النظام الايراني وأذرعه وأذنابه في العراق صاروا أمام واقع صادم وتحد وتهديد غير مسبوق لهم ولاسيما بعد الإصرار الملفت للنظر على إستمرار الانتفاضة وفشل کافة المحاولات وأنواع المخططات والخدع من أجل إخمادها أو الالتفاف عليها.
هذه الانتفاضة التي أربکت حسابات الاحزاب والفصائل الشيعية کثيرا کما إنها وجهت صفعة غير عادية للنظام الايراني عندما تيقن من أن هناك حسا وطنيا متصاعدا في هذه الانتفاضة برفض دور هذا النظام وتدخلاته السافرة في الاوضاع الداخلية العراقية، ومع تضارب وحتى تخبط واضح في مواقف الاحزاب والفصائل الشيعية من هذه الانتفاضة وحتى سعي بعضها لرکوب موجتها والتصيد في المياه العکرة کما حدث ويحدث لمقتدى الصدر، أعطت إنطباعا بأن هذه الانتفاضة ليست مجرد إنتفاضة تقليدية وعابرة خصوصا عندما إستمرت وتصاعدت وتيرتها بصورة ملفتة للنظر.
ظهور فرق قتل وإختطاف بمظاهر وأشکال وتسميات مختلفة مهمتها إصطياد العناصر القيادية التي ترکز وتٶکد على رفض الدور والنفوذ الايراني، وکشف حقيقة إرتباط هذه الفرق بفيلق القدس الارهابي وعناصره المنتشرين في بغداد والمحافظات الجنوبية وذلك ماقد کشف النقاب عن توجه للنظام الإيراني بمساعدة عملائه العراقيين من أجل کبح جماح هذه الانتفاضة والقضاء على أي حس أو تطلع مضاد لدور ونفوذ ومکانة النظام الايراني في العراق.
هذه الانتفاضة الشجاعة التي أکدت مرة أخرى رفض الشعب العراقي للطائفية وتمسکه بوحدته الوطنية، يمکن أن تمثل أکبر صفعة سياسية موجهة للأحزاب والشخصيات الشيعية الدائرة في فلك النظام الايراني والنظام الايراني نفسه، خصوصا عندما تکون هناك شعارات رافضة للتدخلات الايرانية وإعتبارها من أسباب تردي الاوضاع في البلاد، والذي يقض مضجع الاحزاب والفصائل التابعة لإيران ولإيران نفسها، إنه قد جرى التحذير سابقا قبل سقوط النظام السابق من الدور السلبي للأحزاب التي تدور في الفلك الايراني ومن النظام الحاکم في إيران ذاته، وإنه وبعد مرور کل هذه الاعوام على حکم هذه الاحزاب ومثلها للتدخلات الايرانية، فقد صار الشعب العراقي بکل مکوناته وبشکل خاص الشيعة، يعلم بعدم جدارة هذه الاحزاب للحکم من جانب وبسلبية الدور الايراني وکونه الاکثر إلحاقا للضرر بالعراق من جانب آخر، لکن الامر المهم والذي يجب أن نأخذه بنظر الاعتبار حاليا هو إن النظام الايراني يمر بواحدة من أخطر المراحل التي تواجهه منذ تأسيسه وإن تزايد الانتفاضات المتتالية ضد وإستمرار الاحتجاجات الشعبية والاوضاع والظروف بالغة السوء للنظام بسبب من العزلتين الداخلية والدولية له وکذلك بروز دور وتأثير وحضور منظمة مجاهدي خلق في داخل وخارج إيران وحتى النظر إليها کبديل للنظام الايراني، کل ذلك يساعد ويمهد لکي تتمکن هذه الانتفاضة في نهاية المطاف من إجتثاث نفوذ النظام الايراني في العراق.