مساء كل يوم تقوم عصابات الجريمة المنظمة، جميع عصابات الميليشيات الطائفية المسلحة الفاسدة وأحزابها الإسلامية السياسية الطائفية الغارقة حتى قمة رؤوسها في الجريمة دون استثناء، وكذلك الكتل السياسية التي تقف وراء هذه العمليات وتلك الأجزاء من قوات مكافحة الشغب التي تحمي هذه العصابات بدلاً من حماية قوى الانتفاضة الشعبية الباسلة، بقتل وجرح واختطاف وتعذيب عدد متزايد من المناضلين الشجعان في ساحات وشوارع النضال في بغداد وبقية محافظات الوسط والجنوب، وهي تعتقد بأنها قادرة على كسر شوكة الشبيبة المقدامة والشعب المساند لهذه الحركة الجماهيرية المتسعة باستمرار، في حين أنها تزيد نقمة الشعب وإصراره على مطالبه العادلة التي عبر عنها بوضوح كبير ووعي تام بما يريد.
إن أحزاب الإسلام السياسي دون استثناء لم تعد أحزاباً وطنية تدين بالولاء للوطن والشعب العراقي ولا حتى للطوائف الدينية التي تدعي تمثيلها لها، بل تحولت إلى عصابات لسرقة المال العام وشراء المناصب الحكومية بالمال والسحت الحرام وتدين بالولاء لإيران أو لأي جهة أجنبية أخرى. إنها سلبت حقوق الشعب واستباحته وسلطت عليه قوى أجنبية تقوم بعمليات إجرامية عبر ميليشياتها الطائفية المسلحة في أنحاء العراق حيث وصلت سيطرتها وسلطاتها الدموية. لم يعد سراً تلك المساومات الجارية على شراء مناصب الوزارات وعضوية مجلس النواب أو شراء أصوات النواب لتأييد مجلس الوزراء الجديد كما كان الحال في مجلس الوزراء السابق الذي ترأسه السفاح الخبيث عادل عبد المهدي، أو مجلس النواب ورئيسه محمد الحلبوسي.
ولم يعد سراً ما تقوم به المكاتب الاقتصادية للميليشيات الطائفية المسلحة والحشد الشعبي في ابتزاز الناس والهيمنة على المشاريع الاقتصادية في البلاد وتحقيق أقصى الأرباح من المتاجرة بالمخدرات وأعضاء أجسام الناس الفقراء والمعوزين، ولاسيما الطفال. ولم يعد خافياً على أحد أرصدة حكام العراق في الدول الأجنبية ولاسيما في تلك الدول التي لا رقابة دولية على مصارفها وفي جزر نائية أيضاً، أو امتلاكها القصور والعقارات في مختلف بلدان العالم إضافة إلى ما تجاوزت عليه في العراق أو ساهمت في التغيير الديمغرافي لمناطق سكن المسيحيين وغيرهم.
لم يعد يعرف العراق أحزاباً إسلامية سياسية نظيفة اليد وعفيفة النفس وحافظة لكرامتها، بل تجاوزت قياداتها وكواردها الأساسية على كل القيم والمعايير الإنسانية، الدينية منها والدنيوية، وتحولت إلى قيادات تتسم بالدونية والسفالة والجريمة المنظمة. فهي لم تعد تستمع إلى صوت الشعب المرتفع منذ أربعة شهور ونصف تقريباً، بل تعمل بكل السبل المتوفرة لديها إلى خنق هذا الصوت بالقتل والاختطاف والتعذيب والتحييد عبر الإصابات الشرسة بكواتم الصوت أو الأسلحة البيضاء. لم تعد هناك قيادة في هذه الأحزاب والميليشيات تحترم الدين والمذهب اللذين تدعي الإيمان بهما، فهي عديمة الدين والمذهب، وإلا لما فعلت كل ما تفعله اليوم في العراق وتتهافت وتتصارع على المناصب وسبل شراء المناصب بأمل توفير الفرص المناسبة لمزيد من النهب والسلب وسرقة لقمة عيش المواطن والمواطنة.
نحن أمام مجموعة فريدة من البشر لم يتوفر مثيلاً ها حتى في إيران، هذه الدولة الثيوقراطية الدموية الفاسدة، لأن قادة إيران يعملون لمصلحتهم في إيران وليس لدولة أجنبية، في حين إن أحزاب الإسلام السياسي العراقية وميليشياتها الطائفية المسلحة ومكاتبها الاقتصادية تعمل لصالح إيران وتهرب الأموال لها ولكنها تعيش على أموال الشعب أيضاً وعلى فتات إضافة يأتيها من سيدها الإيراني علي خامنئي.
الحكومة الجديدة التي يراد تشكيلها محكوم عليها بالفشل التام لا لرفض الشعب وكل قوى الانتفاضة لها فحسب، بل لطبيعتها وأسس قيامها والمحاصصة السائدة فيها وتأييد إيران لها والبيت الشيعي الخرب الذي يشكل جوهرها، وهي بذلك لا تختلف عن حكومة الأسلاف الطالحة الجعفري ونوري المالكي وعادل عبد المهدي.
إن الشعب العراقي يطالب الرأي العام العالمي بمساندته في نضاله وبشجب السياسات التدميرية التي تمارسها الدولة العراقية الهشة والمشوهة، ويطالب المجتمع الدولي باتخاذ القرارات المناسبة لوضع حد للقتل اليومي للمناضلين والمناضلات في ساحات النضال الوطني والديمقراطي في العراق والمساعدة بالسبل المتوفرة للخلاص من هذا النظام الدكتاتوري ومن الأساليب الفاشية التي يمارسها في مواجهة مطالب الشعب الكادح والمستباح، سواء باستخدامه القوات العسكرية الرسمية أم مؤسسات عصابات الجرمة المنظمة للدولة العميقة والدولة الإيرانية.
إن الشعب يطالب القوات المسلحة العراقية أن لا تقف مكتوفة الأيدي إزاء ما يجري للشعب من استباحة وقتل وتهميش ونهب لثرواته، فهو يفترض أن يكون جزءاً من الشعب لا من الطغمة الحاكمة، أن يكون مع الشعب لا مع الطغمة الفاسدة، مع الكادحين لا مع من نهب وسرقة أموال وثروات العراق النفطية وتجويع الملايين من بنات وأبناء العراق. لقد مرّ الجيش بفترات قاسية فاستُخدم في الحروب الظالمة داخلياً وإقليميا وعانى الشعب من جراء ذلك، وعليه أن يدرك بأنه يزج اليوم وعبر هذا النظام الطائفي الفاسد في معارك ضد الشعب وبدعم من دولة عميقة قذرة، لهذا لا بد للقوات المسلحة أن تتعظ من الماضي البغيض أن تقف بكل حزم إلى جانب الشعب لتعزز انتفاضته السلمية الباسلة.