المشهداني يفتح أبواب الغرف المغلقة
ناس – بغداد
قال رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني، الأحد، إن المكلّف بتشكيل الحكومة محمد توفيق علاوي حظّر قائمة تضم 80 مرشحاً لكابينته الوزراية بغية تقديمها للبرلمان واختيار 22 اسماً منها.
وذكر المشهداني في تصريح لـصحيفة “المدى” البغدادية، وتابعه “ناس” اليوم (16 شباط 2020) إن “علاوي حظر قائمة تضم 80 مرشحاً وسيقدمها إلى البرلمان خلال الساعات المقبلة لاختيار 22 وزيراً”، مبيناً أن “المكلف بتشكيل الحكومة هيّأ لكل وزارة 3 مرشحين من أجل تسهيل عملية تمرير حكومته في البرلمان”.
وأضاف، أن “محمد توفيق علاوي أخذ بنظر الاعتبار تمثيل كل المكونات في حكومته الجديدة، إذ منح المكون الشيعي 11 وزارة، و6 وزارات للمكون السني، و5 للمكون الكردي، ووزارة واحدة للأقليات”، مشيراً إلى تضاعف عدد النواب المؤيدين له ليصل إلى 170 نائباً، مقابل 158 نائباً يمثلون الكتل المعترضة، لكن “قسماً كبيراً من هؤلاء النواب بدأ بالتفاهم تمهيداً للانضمام إلى جبهة الموالاة لعلاوي”.
وأشار رئيس البرلمان الأسبق، إلى أن “هناك اعتراضات من قبل بعض نواب المكون السني وكذلك الكردي بشأن آلية ترشيح واخيتار الوزراء في الحكومة الجديدة”، موضحاً ان “موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني) ينطلق من فكرة أن وزراءه سياسيون يمثلون إقليم كردستان في بغداد، وبالتالي لايحق لأية جهة أن تعينهم”.
في المقابل، يبيّن المشهداني، أن كتلتي التغيير والجيل الجديد والتي تمتلك 15 نائباً في البرلمان، إضافة إلى كتل كردية أخرى “عدا كتلتي الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستانيتين” تصّر على رئيس الوزراء المكلف بأن لا يرشح أي وزير من الأحزاب.
ويمضي المشهداني في حديثه قائلاً إن “هناك خمسة اسماء مرشحة في الكابينة الوزراية من الشخصيات العراقية المقيمة في الخارج، فضلاً عن شخصية من ساحات الاحتجاج”، لافتاً إلى “اقتناع” رئيس الجمهورية برهم صالح بطريقة اختيار الكابينة الحكومية، وأنه “يجري سلسلة من اللقاءات والحوارات مع الكتل الرافضة لاقناعها بالمشاركة في الجلسة البرلمانية المقبلة”.
وعن موقف الأطراف المؤثرة، يؤكد رئيس البرلمان الأسبق، أن “الأميركيين غير معترضين على خيارات علاوي وكذلك الإيرانيين وحتى المرجعية الدينية لم تعارض لحد هذه اللحظة”، مرجحاً ان يتم عرض الحكومة على البرلمان خلال أيام الثلاثاء أو الأربعاء أو الخميس من الأسبوع الجاري”.
ويجري حراك سياسي محموم للاتفاق على حكومة علاوي المرتقبة، قبل عرضها على البرلمان لتمريرها.
وفتح اللقاء الأخير بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، بشأن شكل الحكومة المقبلة، باب النقاش من جديد بشأن مايسمى “التمثيل المكوناتي” في الحكومات العراقية، على وقع الأنباء الواصلة من الغرف محكمة الاغلاق لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، الذي اتهم باحتكار المعلومات بشأن الكابينة الوزارية الجديدة.
وفي غمرة السجال السياسي، أصبح مفهوم التمثيل المكوناتي حديث الشارع العراقي، وعقدة تشكيل حكومة محمد توفيق علاوي، حيث لجأ الأخير – حتى اللحظة – إلى تعريف هذا المفهوم بما يقترب من مزاج ساحات الاحتجاج، وهو تمثيل المكونات العام في الحكومة، ولكن ليس على أساس حزبي، باعتبار أن فكرة التمثيل لا وجود لها في الدستور، إلا ما ورد بشأن التوازن في القوات المسلحة.
وتنص المادة 9 من الدستور، على أنه “تتكون القوات المسلحة العراقية و الاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز او اقصاء، وتخضع لقيادة السلطة المدنية، ولا دور لها في تداول السلطة”، فيما تنص المادة 105 على ان “تؤسس هيئة عامة لضمان حقوق الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، في المشاركة العادلة في ادارة مؤسسات الدولة الاتحادية المختلفة، والبعثات والزمالات الدراسية، والوفود والمؤتمرات الاقليمية والدولية، وتتكون من ممثلي الحكومة الاتحادية، والاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، وتنظم بقانون”.
وتم تفسير هاتين المادتين باعتبارهما مبرراً لتقسيم مناصب الدولة على اساس مكوناتي، ثم فهم التمثيل المكوناتي باعتباره تمثيل على اساس الاحزاب.
بين الأحزاب والشارع
طوال السنوات الماضية، احتفظت الكتل السياسية بتعريف واضح، بالنسبة لها، فيما يتعلق بالتمثيل المكوناتي، والتوازن، وأعادت صياغة هذا المفهوم، يما يضمن مكاسبها، فيما كان للشارع العراقي، تعريفاً آخر يقلص نفوذ تلك الأحزاب، ويعرف التمثيل المكوناتي باعتباره “تمثيلاً اجتماعياً” لا حزبياً.
تقول الأحزاب الحالية في معرض دفاعها عن حصولها على وزارات في الحكومات السابقة، ومطالبتها بمناصب في الحكومة الحالية، المؤقتة، إنها بالفعل تمثل طوائفها، ولها أنصار وجماهير ومن واجبها الدفاع عنهم، وان ذلك يتم عبر منح المناصب الى الأحزاب، بداعي أنها تمثل المكونات بشكل حقيقي، عبر صناديق الاقتراع.
على أرض الواقع، كانت أغلب الحكومات العراقية، منذ العام 2003، اعتمدت هذا المبدأ بشكل واضح، فتشكلت حكومات علّاوي والجعفري والمالكي لدورتين، على هذا الأساس، حيث كانت الأحزاب ترشح شخصيات حزبية دون اعتراض من الأحزاب الأخرى وعلى اساس محاصصة تبدأ بالمكونات وتنتهي بالاحزاب، مع استمرار الرفض الشعبي الذي عبر عن نفسه باشكال مختلفة منذ 2003.
في حكومة العبادي صعد مفهوم “حكومة التكنوقراط”، بشكل ملحوظ إثر الاحتجاجات التي بدأت في العاصمة بغداد عام 2015، وأكدت دور المستقلين، وقدمت تصحيحاً نسبياً بشأن مفهوم التوازن. حيث كان على الأحزاب تقديم أكثر من شخصية من خارج الارتباط الحزبي المباشر إلى رئيس الوزراء لاختيار أحدها، للمنصب.
وذلك المفهوم تطور في حكومة عبدالمهدي عام 2018، حيث لم تتمكن بعض الأحزاب من فرض مرشحيها، ولم تقدم أسماء إلى رئيس الوزراء، بل وصل الحال إلى فكرة “حجز الوزارة”، على أن يقدم رئيس الوزراء مرشحه إليها، ثم الاتفاق معه على الملفات مؤخراً، وهذا قلص قدرة الأحزاب على التحكم في اختيار الشخصيات، لكنه فتح الباب لما بات يعرف بـ”حكومة مدراء المكاتب” حيث فرضت الاحزاب ان يكون معظم الوزراء شكليين في وزاراتهم مقابل مدراء مكاتب حزبيين يقومون بمهمة ادارة الوزارة فعلياً، وبدأ الامر من اختيار رئيس الوزراء نفسه مديراً فوق العادة لمكتبه هو ابو جهاد الهاشمي القيادي في المجلس الاسلامي الاعلى.
ويرى مراقبون للشأن العراقي، أن جزءاً أساسياً من مشكلة العراق الحالية هي تحوّل التوازن المكوناتيّ إلى محاصصة حزبية، وهذا ما فتح الصراع حتى داخل المكوّنات نفسها حيث بدأ الصراع الشيعي – الشيعي يعبر عن نفسه بمشاحنات وتهديدات بحرب اهلية، فيما استمر الصراع الكردي – الكردي على منصب رئيس الجمهورية، وسادت الاتهامات بشراء النواب اجواء القوى السنية وسط صراع ثنائي طرفاه رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي ورئيس المشروع العربي خميس الخنجر.
ويرى المراقبون ان الصراع بين المكونات من جهة والصراع بين احزاب المكون من جهة اخرى كان في كل المواسم يعبر عن صراع على حصة كل مكون في الحكومة من مناصب سيادية ووزارية وصولاً الى المناصب الادارية، ومن ثم صراع بين احزاب المكون على المناصب نفسها.
ماذا تقول ساحات الاحتجاج؟
يقدم الشارع العراقي، عبر النخب الثقافية، والمجتمعية، المعنية، خلال السنوات الماضية، مفهوماً أكبر وأشمل لمسألة التمثيل المكوناتي في الحكومة، والتي أصبحت عقدة كبيرة، خاصة وأن النظام البرلماني، مهيأ لمثل تلك السجالات، حيث ترى ساحات الاحتجاج أن حضور التمثيل الاجتماعي العرقي والمذهبي والديني في الحكومة أمر لامفر منه لتطمين المكونات المختلفة، لكنه تمثيل اجتماعي بالدرجة الاساس، بعيداً عن سلطة الأحزاب، التي يرفضها الشارع خاصة في ظل الشكوك حول شرعيتها، ونزاهة العملية الانتخابية التي جاءت بها.
وتشير مصادر سياسية مطلعة، إلى أن الحوارات الجارية بين الأحزاب الحالية، بشأن حكومة توفيق علاوي المرتقبة، تسعى إلى إعادة مفهوم التمثيل المكوناتي، إلى سابق عهدة، أو اعتماد إحدى مراحله، سواءً ترشيح عدة شخصيات، أو حجز وزارة، وهو ما يقاومه علاوي حتى اللحظة بحسب التسريبات الواردة.
ويرى محللون، أن التشنج الحاصل بين القوى السياسية وعلاوي يُحل بإحدى طريقتين؛ الأولى العودة إلى النظام السابق، وهو إرضاء الأحزاب بالكامل، سواءً عبر توزير مرشحيها، أو تقديمها 3 أسماء، أو حجزها وزارة، أما الطريق الثاني، فهو ترك علاوي يختار مرشحيه بنفسه، مع مراقبته بشأن التوازن المكوّناتي في تلك الحكومة.
لكن يُشكلُ السنة والكرد، بأن علّاوي، لا يمكنه في حال اتخذ هذا المسار، الخروج عن إطار تحالف الفتح – سائرون، اللذين قدما به إلى التكليف، وبما أنه “شيعي” فسيجري حوارات بينية بشكل مؤكد مع تلك الكتل، حول المناصب التي سيسندها، وهو ما يرفضه السنة والكرد، الذين يرون أن علّاوي سيمنح استحقاقهم السياسي إلى شخصيات من اختياره هو، أو اختيار تحالفي الفتح وسائرون.
3 سيناريوهات
ويرى مراقبون أن علّاوي يمكنه الخروج من هذا المأزق ثلاثي الأبعاد، بطريقة واحدة، وهي إثبات بأن اختياراته الشيعية، لم تكن من داخل منظومة تلك الأحزاب، وهذا صعب. إذ تشير المعلومات الواردة، بأن أغلب الأسماء المطروحة لتسلم مهام وزارية، هي داخلة في هذا النظام، ما يعني رفضاً سنياً وكردياً في تحكم علّاوي باستحقاقهم السياسي، وهنا تبرز 3 سيناريوهات تتعلق بعلّاوي وإمكانية تمرير حكومته.
الأول: استمرار الرفض الكردي والسني لحكومته، وهذا قد يمرر الحكومة، لكنها سوف تمر باعتراض وانقسام داخلي على مستوى طائفي وعرقي، وهذه قضية خطيرة ستطعن في شرعية حكومة علاوي وتفتح ابواب الصراع معها خصوصاً اذا قررت الاحزاب الكردية والسنية الذهاب الى المعارضة البرلمانية.
الثاني: أن يُرضي علاوي طرفاً على حساب طرف آخر، ففي حال إغضاب السنة والكرد، وهو مرجح، فإنها ستتمرد بالتأكيد لحرمانه من تمرير كابينته، وفي حال أغضب الكتل الشيعية، فإنه ربما سيواجه نفس المصير.
وغضب الكتل الشيعية، يتمثل بإرضاء الكتل الكردية، والسنية، حيث تطالب الكتل الشيعية – في الإعلام – توزير مستقلين بعيداً عن اختيارات الأحزاب، لكن بشرط عدم مشاركة الأحزاب السنية والكردية في تلك الحكومة، وهو ما يضعه في مأزق كبيرة، أو الجنوح إلى الخيار الثاني، وهو إرضاء كل الكتل، وتوزيع المناصب من جديدة، وهذا يضعه في مواجهة الشارع الغاضب عليه.
لكنه وفق السيناريو الثالث، يمكنه حرمان كل الأحزاب من المشاركة في الحكومة، وفي ذلك سيكسب الشارع وساحات الاحتجاج، لكنه قد يخسر كل الوسط السياسي، وقد لا تمرر حكومته، وهذا ليس خبراً سيئاً، إذ أنه سيضع حداً لمفهوم التمثيل المكوناتي، وسيساهم في تحديد شكل الحكومات المقبلة.
بالعودة، إلى اجتماع بارزاني والحلبوسي، فإنه على مدار السنوات الماضية، كانت الكتل الكردية والسنية، تتجه إلى الخيار الأول في مسألة ترشيح ممثليها في الحكومات، وهو تقديم اسم واحد أو عدة أسماء، لكنها لم تلجأ إلى الخيار الثالث وهو حجز وزارة، ثم الاتفاق لاحقاً مع وزيرها.
وهذا يعود إلى عدم قدرة تلك الأحزاب بالتحكم في الوزارات من الداخل، بسبب قلة الكوادر التابعة لها في هيكليّتها، على عكس القوى الشيعية، التي يمكنها إدارة أي وزارة عبر كواردها والمناصب العليا التي تمتلكها في معظم الوزارات.
العمل مع جميع القوى السياسية للخروج من المأزق الحالي، وبما يسهم في استعادة الاستقرار في بغداد ومحافظات جنوب العراق.
إن أي حكومة قادمة ينبغي أن تكون ممثلة لجميع مكونات العراق، وعلى قاعدة الشراكة الوطنية.
يجب أن يتضمن البرنامج الحكومي رؤيا واضحة في الإعداد لإجراء الانتخابات المبكرة وبأسرع وقت ممكن تلبية لمطالب المتظاهرين، ويجب أن يكون هذا الموضوع من أولويات الحكومة القادمة.
يجب أن يتضمن البرنامج الحكومي خطة واضحة لإعادة الهيبة الى مؤسسات الدولة وصيانة السلم المجتمعي وإنهاء التدخلات الخارجية، وحصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء المظاهر العسكرية غير الرسمية.
استمرار التعاون مع التحالف الدولي لمساعدة العراق لمواجهة خطر الإرهاب، والقضاء على فلول داعش.
العمل على استمرار التواصل الوثيق من أجل تنسيق المواقف بين الطرفين وباقي الشركاء.