كشفت احصائية صادرة عن وزارة الصحة في حكومة اقليم كردستان عن ارتفاع معدل الإصابة بمرض السرطان في الإقليم خلال الأعوام الأخيرة، وشهد المرض ارتفاعاً ملحوظاً في معدل الاصابة في الإقليم خلال عام 2019.
وتأتي احصائية صحة الإقليم عن أعداد المصابين بالسرطان بالتزامن مع اليوم العالمي للسرطان الذي يحتفل به العالم في 4 شباط من كل عام وتنظم فيه العديد من المؤتمرات والندوات عن التوعية من هذا المرض وأعراضه وأسباب انتشاره والحد من مخارطه.
وتشير احصائية صحة الإقليم الى اصابة (6934) شخصاً بمرض السرطان في كردستان خلال عام 2019 بمعدل 18 شخصاً كل يوم، فيما اصيب (5680 شخصا) بالمرض خلال عام 2018.
وفي 4 شباط من العام الجاري، أطلقت منظمة الصحة العالمية حملة بعنوان “هذا أنا.. وهذا ما سأفعل” والتي تستمر لمدة ثلاث سنوات، من أجل توعية الجميع بهذا المرض الفتاك وتسليط الضوء على الإجراءات اللازمة اتخاذها لمنع انتشاره وانتقاله لأشخاص اخرين.
وتوفر منظمة الصحة العالمية الإرشادات اللازمة لمكافحة العبء الناتج عن مرض السرطان بأسلوب شامل ومتكامل يعتمد التنسيق بين القطاعات لتعزيز الأنظمة الصحية للوصول الى التغطية الصحية الشاملة، وتحقيق استجابة أقوى على مستوى الرعاية الصحية الأولية ضد هذا المرض الذى يحصد أرواح الملايين حول العالم كل عام.
105 مصاب من بين كل 100 ألف في 2018
وقدرت الوكالة الدولية لبحوث السرطان في عام 2018 ارتفاع العبء العالمي للسرطان بتسجيل 18.1 مليون اصابة جديدة و 9.6 مليون حالة وفاة. حيث يصاب واحد من كل خمسة رجال و إمرأة واحدة من كل ست نساء حول العالم بمرض السرطان خلال حياتهم.
وقدرت الوكالة وفاة رجل واحد من كل ثمانية رجال مصابين بمرض السرطان ووفاة إمرأة واحدة من كل إحدى عشرة إمرأة مصابة بالمرض. عالمياً هناك ما يقدر بنحو 44 مليون شخص بقيوا على قيد الحياة خلال خمس سنوات من تشخيص اصابتهم بالسرطان.
وتشير تقارير صادرة عن مراكز وجهات خاصة بمرض السرطان الى ارتفاع معدل الاصابة بالمرض في حدود 2040 الى 81%.
وفي عام 2018 أصيب أكثر من 18 مليون ومئة ألف شخص بمرض السرطان على مستوى العالم وتوفي أكثر من 9 مليون جراء الإصابة بالمرض. ومن كل 100 الف شخص يصاب 200 شخص في العالم.
وأما في اقليم كردستان فالنسبة أقل من المعدل العالمي فكل 100 الف يصاب 105 شخصا في الاقليم.
واصيب (5680 شخصا) بمرض السرطان في الاقليم خلال عام 2018 وقامت حكومة الاقليم ووزارة الصحة بتأمين الاحتياجات والأدوية لمعالجة المرضى وفق قدراتها، وتم إرسال الحالات المستعصية الى دول أخرى بحسب وزير الصحة السابق ريكوت حمه رشيد.
6934 مصاباً في 2019
وبحسب المتحدث باسم وزارة الصحة في الإقليم محمد قادر، فان إقليم كردستان شهد ارتفاعاً ملحوظاً بمرض السرطان في 2019 مقارنةً مع الأعوام الأربعة الأخيرة، فتم تسجيل (6934) اصابة بالسرطان في عام 2019 منها (3483) فقط في أربيل وتمثل ما نسبته (48%) من المجموع الكلي للمصابين بالمرض.
ويعزو قادر أسباب ارتفاع الاصابات بالمرض في أربيل الى الكثافة السكانية فضلاً عن وجود أعدادٍ هائلة من النازحين في المخيمات من المحافظات العراقية الأخرى اضافةً الى اللاجئين من دول المجاورة وخصوصاً ايران وتركيا وسوريا.
وليس هناك سبباً واحداً للإصابة بالسرطان، فالسرطان قد يحدث بفعل عوامل مختلفة، ولاتزال أسباب الإصابة بالسرطان مجهولة إلى حد كبير، إلا ان تغيير طبيعة حياة الفرد في الإقليم خلال السنوات الماضية وارتفاع معدل التدخين وتغير النظام الغذائي وسوء البيئة وأمراض الوراثة تعد عوامل أساسية للاصابة بالمرض.
وهناك عوامل محددة في البيئة تدفع باتجاه الاصابة بمرض السرطان وتعرف بالـ(carcinogens) أو “العوامل المسرطنة”، والتي تزيد من فرصة إصابة الأشخاص بالسرطان عند التعرض لها.
ويعتبر تدخين التبغ والتلوث و”الاسبستوس” هي أمثلة للعوامل المسرطنة التي قد تسبب إصابة بعض الأشخاص بمرض السرطان. اضافةً الى ان بعض الأشخاص لديهم استعداد وراثي أكثر من غيرهم لتطور أنواع معينة من السرطان، خاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي.
ومن بين مبررات الجهات الحكومية بشأن ارتفاع الارقام المسجلة للاصابة بالسرطان ان الاعلان عن الاصابات تتم خلال السنوات الأخيرة على عكس العقد السابق حيث لم تكن تعلن الارقام بشكل دقيق، بحسب قادر.
سرطان الثدي والبروستات أكثر انتشاراً
وبحسب المتحدث الرسمي فان الاصابة بمرض سرطان الثدي لدى النساء والبروستات لدى الرجال يأتي بالدرجة الاولى بنسبة (21%) وسرطان القولون بالمرتبة الثانية واما سرطان الرئة فيأتي بالمرتبة الثالثة.
وكان برلمان اقليم كردستان قد أقر مشروع قانون رقم 11 لسنة 2012 الخاص بصندوق دعم المصابين بالسرطان والذي يخضع تحت اشراف وزارة الصحة ويتم من خلاله جمع التبرعات لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية لمرضى السرطان في الاقليم.
وتم صرف ما يقدر بـ(40 مليار دينار عراقي) من هذا الصندوق في عام 2019 لشراء الأدوية والأجهزة الطبية اضافةً الى اعادة اعمار بعض المراكز الصحية الخاصة بمرض السرطان في كردستان.
وتوجد في كردستان أربعة مستشفيات ومراكز صحية خاص بالسرطان، منها مستشفى “نانه كلي” ومركز “رزكاري” في أربيل، ومستشفى “هيوا” في السليمانية اضافةً الى مركز “آزادي” في دهوك.
وتستقبل هذه المراكز الصحية آلاف المصابين بالسرطان سنوياً، إلا أن مستشفى هيوا يأتي في مقدمة هذه المراكز بتقديم الخدمات الطبية لأكثر من (2500 مصاباً) سنوياً.
وبحسب اخر احصائية صادرة عن وزارة الصحة العراقية، فان العراق سجل أكثر من 20 ألف حالة اصابة بالسرطان خلال عام 2018، إلا أن العدد زاد في 2019.
تأثير التغييرات الاجتماعية والسياسية
وعادةً ما تنعكس التغييرات الاجتماعية والأزمات السياسية والاقتصادية سلباً على الوضع الصحي والنفسي للفرد في أي مجتمع كان، وتزيد من احتمالية اصابته بعدة أمراض شائعة ومزمنة، وتسمى هذه الأمراض بـ”السايكوسوماتي”، بحسب أستاذ علم النفس في جامعة السليمانية د. كريم قره جاتاني.
ويسلط الأستاذ في جامعة السليمانية الضوء على تأثير هذه الأزمات على الفرد من خلال اصابته بالكآبة والحزن وكبت أوجاعه في القلب وعدم اخراجها بوسائل بث الطمأنينة والترفيه الممكنة، مضيفاً في حديثه لـ”صباح كوردستان” ان “احتمالية اصابة الإنسان بالأمراض المزمنة تكون أكثر شيوعاً في حال كانت مناعته ضعيفة أو قليلة وبالتالي فان احتمالية معافاته من هذه الأمراض العصرية تصبح ضعيفة جداً”.
وتعتبر المرأة أضعفُ من الرجل من الناحية “البايولوجية” في مواجهة هذه الأمراض، واصابتها بها يكون أكثر من اصابة الرجل لكونها تمر بتغييرات جسدية باستمرار مثل الدورة الشهرية والولادة وتغيير هرموناتها وخصوصاً الموجودة في الدماغ وغيرها من الحالات الاخرى التي لا يعاني منها الرجل، كما يقول قره جاتاني.
ولأن المجتمع الكردي مجتمع ذكوري يضع أغلب المشاكل والمسؤوليات على عاتق المرأة ومنها ما يتعلق بتربية الأطفال ومراقبتهم وحفظ سلامتهم بالدرجة الأساس، بحسب التدريسي في جامعة السليمانية، ما يجعل المرأة أكثر عرضةً للعنف والكآبة والمرض من الرجل.
30% من النازحين واللاجئين
بدوره يعلق مدير مستشفى هيوا الخاص بأمراض السرطان في السليمانية الدكتور دوستي نجاة على زيادة اعداد المصابين بالمرض في الإقليم قائلاً ان “نسبة الزيادة اوالنقصان يجب ان تقاس كمعدل ووفق الكثافة السكانية، وبالتالي لايمكننا في الوقت الحالي الحديث عن زيادة النسبة او نقصانها في كردستان لعدم وجود احصائية رسمية بعدد السكان وبالزيادة السنوية للسكان”.
ويشكل نسبة (30%) تقريبا من مرضى السرطان في مستشفى هيوا من مواطني مناطق خارج الإقليم من وسط وجنوب العراق، وجزء قليل هم من النازحين واللاجئين ومنهم السوريون المقيمون في الاقليم منذ سنوات، بحسب دوستي.
وعن دور وزارة الصحة العراقية في تقديم الخدمات والمستلزمات الطبية الخاصة بمصابي السرطان، يقول دوستي في حديثٍ لـ”صباح كوردستان” ان وزارة الصحة العراقية “تقوم بتأمين المسلتزمات الطبية والأجهزة لجميع المحافظات العراقية ومنها اقليم كردستان إلا انها لا تلبي الحاجة الفعلية اللازمة ووفق ما هو مطلوب، مثلاً تقوم بتأمين تقريباً 50 نوعاً من أصل 400 من الأدوية لمرضى السرطان”.
وتستعين حكومة اقليم كردستان، بحسب دوستي، بصندوق دعم مرضى السرطان لتأمين الأدوية والأجهزة الطبية الباهضة الثمن من خلال جمع التبرعات من المواطنين في المؤسسات والاماكن العامة اضافةً الى تبرعات يقوم بها الأغنياء من كافة مناطق كردستان.
صلاح حسن بابان