يقع عيد(خدرـ الياس) في الأول من شهر شباط (سباط) من التقويم الشرقي(الشمسي)الايزيدي ويعد الشهر الحادي عشر في التقويم الايزيدي. ويجب أن يكون على الأقل يوما واحدا مع يوم العيد من شهر شباط في التقويم الشمسي الايزيدي, و نجد في بعض السنين يومان أو اكثر بسبب الاختلاف بين التقويمين الميلادي والشمسي الايزيدي.
وقد نجد في سنين أخرى يوم العيد وحده من شهر شباط الشمسي.
يكون تاريخ صوم (خدر ـ الياس)في شهر شباط الميلادي ويتناوب ما بين فترة أسبوع أو أكثر وبالتحديد ما بين تاريخي(14ـ 22) من شهر شباط الميلادي.
يستعد الإنسان الايزيدي لهذا الصوم استعدادا روحيا ونفسيا قبل استعداده لفعاليات ومستلزمات هذه الصيام، ويختلف عن كل الأعياد في الديانة والمجتمع الايزيدي ولا يجوز أكل اللحم في هذا الصوم(خدر ـ الياس) ويحرم الذبح وتقديم القرابين في هذه الأيام ويمنع الصيد ويحرم قتل أي كائن كان في هذا الصوم، على عكس كل الأعياد الايزيدية التي يقدم فيها القرابين.
يصوم الإنسان الايزيدي ثلاثة أيام في صوم نبي(خدرـ لياس)عليهما السلام, دون أكل اللحم وإلا فلن يقبل ذلك الصوم حسب المعتقد الايزيدي.
و نجد القلة من الناس ممن يصومون هذه الصيام بدون أكل اللحم في هذه الأيام, والاعتقاد والنظرة الايزيدية في عدم أكل اللحم في هذا الصوم، أن يصبح سلوك وشعور وفكر ونفس الانسان أكثر حرية وتحررا من مغريات الدنيا، وروحه أكثر تفتحا نحو أفاقها وأكثر أتساعا وشعورا ومراعاة لحقوق الانسان والشعور والإحساس نحو الأخر وما يعانون من ظروف صعبة في الحياة.
عكس الذين يملئون بطونهم ولا يشعرون بمعاناة أخيه الانسان وهو يعاني الجوع كل يوم. ولهذا السبب نجد أغلب الأنبياء والأولياء وأصحاب الكرامات(الكواجك) قد امتنعوا في فترات زمنية مختلفة من حياتهم وامتنعوا عن أكل اللحم في فترات معينة او قسما منهم امتنعوا عنه طول حياتهم.
كان صوم(خدرـ لياس) فريضة على كل شخص أيزيدي و واجب ديني مقدس, ولكن في الزمن الذي نعيشه الآن، نجد القلة من الناس يصومون هذا الصوم، فنرى أن قسما من الناس يصوم يوما واحدا بدلا من ثلاثة أيام، والقسم الآخر لا يصوم هذه الصيام أطلاقا. ولكن في الماضي كان المجتمع الايزيدي يصوم هذه الأيام الثلاثة في صوم (خدرـ الياس)وكان يؤدي الواجب الديني المقدس عليه.
وهناك طريقة خاصة في صوم (خدرـ لياس)وهي طريقة طوي الصوم. لمن يرغب ويحب أن يصوم بها هذه الصيام ويرى في نفسه تلك القدرة والتحمل والصبر, وأن الكثير من الناس من الرجال والنساء قد صاموا في ثلاثة أيام متتالية بطريقة (طوي الصوم) من دون أكل وشراب خلال فترة الصوم المتكونة من ثلاثة أيام متتالية، من اليوم الأول من الصوم و يبدأ في سحور يوم الاثنين وهي بداية أول يوم في صوم(خدرــ لياس) والى فجر يوم العيد (الخميس)ويسمون هذه الطريقة بـ (طوي الصوم).
أي يأكل الشخص القائم للصوم بهذه الطريقة في اليوم الأول من الصوم ويمتنع عن الأكل والشراب في ثلاثة أيام متتالية وهي(الاثنين ــ الثلاثاء ــ الأربعاء) ولا يأكل ولا يشرب خلال هذه الأيام الثلاثة ليلا ونهارا، ومدتها (72) ساعة.
إلى أن يفطر في نهاية الصوم في اليوم الأخير(الأربعاء) وانقضاء الليل وفي صباح(فجر) يوم الخميس يوم عيد صوم (خدر والياس).
أن طريقة طوي الصوم يرتبط بهذه الصيام فقط في الديانة ولدى المجتمع الايزيدي فقط، والكثيرين من أبناء هذه الديانة صاموا هذه الصيام بطريقة طوي الصوم, هذه كانت إرادة وعبادة الانسان الايزيدي وتقدسيه لروح النبي (خدرـ لياس) نحو الخالق.
في هذا الصوم تقوم العائلة الايزيدية بقلي الحنطة والشعير والحمص والباقلاء مع بذور أخرى بنسب مختلفة ولا يدخل فيها ارقاما محددة للبذور كما يذكرها البعض, وإنما حسب حاجتها وتسمى هذه الحبوب بعد قليها بـ (قه لاتك) وهي كلمة ومصطلح كُردي تعني حرق تلك الحبوب أو قليها الى درجة معينة ثم يطحن هذه الحبوب معا ليتكون الطحين(دقيق) يعرف بـ (بيخون) وربما تعني هنا الكلمة اعتماد الانسان على النبات فقط في هذه الأيام، وبإضافة الدبس أو العسل الى ذلك المسحوق(الدقيق) ليصبح حلاوة عيد(خدرـ لياس) ويعمل على شكل كرات صغيرة و حسب الطلب ويقدم للعائلة والزوار .
وهناك أكلة خاصة يقدم العائلة الايزيدية في غداء يوم العيد وتسمى (جه رخوس) وهي عبارة عن برغل مقلي الى درجة خفيفة ويقدم كطعام بعد طبخها في يوم العيد.
والسؤال الذي يفرض نفسه أو يتبادر الى الأذهان لماذا تقوم العائلة الايزيدية بقلي أو حرق طعامها الى درجة معينة في يوم عيد (خدرـ لياس)؟ أنه تقليد قديم ربما تعود الى زمن النبي(خدرـ لياس) وربما أبعد من ذلك بكثير وهي بمثابة قتل النفس في روح الانسان وأحياء الروح كما جرى في سيرة حياة الأنبياء والكواجك في معاقبة النفس بطرق شتى.
أنه التقليد الذي يؤكد بقيمة ما خلقه الخالق للإنسان من نعم وفضائل متنوعة في كوكب الأرض. وفي صباح يوم العيد يزور الناس المقامات والمزارات في القرية ويزورن البيوت ويتبادلون التهاني بمناسبة العيد وعودته كل عام بالخير والبركة على جميع الايزيدين وجميع الشعوب في الأرض. والقسم الأغلب من الرجال(الفلاحين)كانوا يذهبون الى حقولهم بكل ثقة وأيمان بما يقومون به في هذا العيد ويأخذون معهم (بيخون وجه رخوس)العيد ليرشوها على مزروعاتهم طلبا في الخير والبركة والرزق والدعاء الى الخالق.
أصدق الرؤيا والأحلام لدى المجتمع الايزيدي تكون في صوم وعيد(خدر لياس) والكثير من الناس قد أصدموا في تحقيق رؤياهم، والكثير منهم قد فرحوا كثيرا ولم يصدقوا في تحقيق ما رأوا من أحلام في هذه الأيام، وأصدق الرؤيا هي رؤيا الأسحار وقد تتغير الرؤيا عن أصلها باختلاف هيئات الناس وصناعاتهم وحرفهم وأقدارهم وأديانهم فتكون لأحدهم رحمة وعلى الآخر نقمة .
إن تأويل الرؤيا تختلف من دين الى آخر ومن مجتمع الى أخر، ونجد عند المجتمع الايزيدي أن الماء أو اللبن في الرؤيا هي الزواج أو الاستقرار والتستر وكذلك تعني أن ذلك الشخص ذو أيمان صادق في قوله وفي عمله وقد تأتيه الهداية والاستقرار. وأيضا إن شرب الماء في الحلم عند المجتمع الايزيدي هي شرب الحياة وبداية حياة جديدة لذلك الانسان وارتباط روحي يستمر بذلك الارتباط وينتج منها الحياة الأبدية.
والتفسيرات في تأويل الأشياء في الحلم كثيرة في المجتمع الايزيدي وفي كل المجتمعات وكل يفسر حسب معتقداتهم ووفق ما يرون لها من تفسيرات يطابق لها وما يؤمنون بها في الواقع الحياتي والطبيعي.
عيد(خدرـ ليس) له علاقة وترابط وعلاقة متينة في موسم الزراعة والإنبات في المجتمع الايزيدي حيث بحلول(خدرـ لياس) وأن موسم زراعة الحبوب قد أوشك على الانتهاء وأن(خدرـ لياس) يستدل على نهاية السنة وبداية سنة جديدة وفي هذا الصدد هناك مقولة(حكمة)ايزيدية تقول((خدر لياس وسال خلاس)) وتعني بقدوم عيد(خدرـ لياس) فأن حساب السنة قد أوشك على الانتهاء ولم تبقى من حساب هذه السنة إلا شيئا بسيطا، وتشير أن الانسان تحمل الكثير من العناء في فترة الشتاء والبرد القارص ونفاذ قوته فيها وأنه ينتظر التغير بقدوم عيد (خدر ـ لياس) أنها دلالة الى حياة جديدة وعمر جديد ورزق وفير في فترة الانقلاب الربيعي وانفتاح نفس الانسان نحو الحياة الجديدة.
أنها جوهر الفلسفة الدينية الايزيدية عبر عشرات القرون في حساب السنة ودوران الفلك في أفلاكها في الكون العظيم.
يتبين هنا أن أغلبية الكتاب الذين كتبوا عن عيد(خدرـ الياس) في الديانة الايزيدية لم يكتبوا بصورة صحيحة وصادقة عن عيد النبي (خدرـ الياس) ولم يكتبوا كيف دخل أو وجد هذا العيد في الديانة الايزيدية والتي تعود إلى فترة وعهود ما قبل ظهور الأديان السماوية.
وقيل أن الأيزيديين ربما اقتبسوا هذا العيد من المسيحيين؟ والعكس صحيحا
لقد ظهر النبي موسى وعيسى(ع)بعد ظهور النبي(خدر ـ الياس) وأن ظهور هذا العيد في بدايتها كانت في الديانة الايزيدية وهي الصورة الصحيحة والدقيقة للإحداث التاريخية.
ويبدو هنا أن الامم والشعوب الذين كانوا يمارسون هذا العيد كانوا في الأصل من الديانة (الايزيدية) وقد أعتقوا الديانات الاخرى التي ظهرت من بعدها (اليهودية المسيحية والاسلام …) وهكذا بقي هذا العيد لديهم الى يومنا هذا وهم يمارسون طقوسها ومراسيمها مع بعض الاختلاف عن ممارسة طقوسها لدى الديانة الايزيدية
المصادر:
(1) الأعياد والطقوس الدينية الايزيدية في الواقع الايزيدي.
(2) نحو معرفة حقيقة الديانة الايزيدية ——————— د/ خليل جندي
(3) النصوص الدينية الايزيدية
(4) اليزيدية بقايا دين قديم ——————————– جورج حبيب
قاسم مرزا الجندي
20/2/2020 الخميس عيد خدر الياس
aljindykasim@yahoo.com