فيروس كورونا الصيني يهدد الاقتصاد العراقي

أعلنت لجنة الصحة الوطنية الصينية  عن ارتفاع حصيلة الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في الصين، إذ بلغت أكثر من 1750 وفاة مع ارتفاع أعداد المصابين إلى أكثر من 70 ألف مصاب.

وفي ظل الانشار السريع للفيروس وتسجيل قرابة الألفي حالة خلال 24 ساعة الماضية، يدق المجتمع الدولي ناقوس الخطر من مغبة تفشي الفيروس على مستوى العالم مع التأثيرات الاقتصادية الكبيرة التي بدأت تشهدها الصين والاقتصاد الدولي بصورة عامة.

الاقتصاد العراقي في خطر

مع اكتشاف أول حالة إصابة بفيروس كورونا في مقاطعة هوباي الصينية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بدأت الصين في اتخاذ العديد من الإجراءات في محاولة للحد من الانتشار غير المسيطر عليه للفيروس.

إذ فرضت الصين الحجر الصحي على مدينة ووهان (مركز مقاطعة هوباي) والتي يقدر عدد سكانها بنحو 11 مليون نسمة، لتبدأ بعدها التبعات الاقتصادية للفيروس.

يقول أستاذ علم الاقتصاد “مجيد الحمداني” في حديثه لوكالة “يقين” إن الاقتصاد العالمي مرتبط ارتباطا شبكيا مع بعضه البعض، وخاصة في الدول المتقدمة التي يعد اقتصادها رأسمالي بامتياز.

ويضيف الحمداني ان التبعات الاقتصادية على الصين بلغت ذروتها حتى الان في خسارة الاقتصاد الصيني ما يقرب من 500 مليار دولار، إضافة الى اغلاق الاف المصانع في محاولة السلطات الصينية الحد من الانتشار الكبير للفيروس.

وفيما يتعلق بالاقتصاد العراقي وتأثره من فيروس كورونا الصيني، يكشف الحمداني عن أن الصين تعد أكبر مستورد للنفط الخام عالميا، إذ تستورد كل عام ما تصل قيمته إلى 240 مليار دولار أمريكي من مختلف المصادر.

ويشير الحمداني إلى أن العراق يعد رابع أكبر موردي النفط إلى الصين، إذ وفي عام 2018 فقط وصلت قيمة الصادرات النفطية العراقية إلى الصين لما يقرب من 22.6 مليار دولار، وهو ما يعادل أكثر من 23% من قيمة الموازنة العامة الاتحادية للعراق.

وبالتالي، يشير الحمداني إلى أنه وبسبب توقف المصانع الصينية واحتمالية انتشار الفيروس إلى بقية المدن الصناعية الصينية، فإنه ليس من المستبعد أن تلجأ الصين إلى تقليض صادراتها من النفط العالمي، خاصة أن الفائض في المعروض النفطي وصل إلى مليون برميل يوميا، وهذا ما سيؤدي إلى لجوء أوبك إلى تقليص حصص الدول من التصدير النفطي وهذا ما سيؤثر دوره على العراق.

مشكلة أخرى تبرز في خطورة فيروس كورونا على الاقتصاد العراقي، إذ يقول المحلل الاقتصادي “أنمار العبيدي” أنه ومع تفشي فيروس كورونا إلى مناطق أخرى بعيدة عن الصين، فإن خطورة تدهور الاقتصاد عالميا في ارتفاع مستمر، ما قد يؤدي إلى تقليص كبير في كمية ما يمكن للعراق أن يصدره من نفط، فضلا عن الانخفاض الكبير في الأسعار.

ويؤكد العبيدي على أن أسعار النفط العالمية انخفضت إلى أدنى مستوى لها خلال عام كامل لتصل إلى حد 50 دولارا، وهذا ما سيؤثر على العراق اقتصاديا من ناحينين، الأولى تتمثل بتقلص ما يمكن للعراق من تصديره من النفط، إضافة إلى تراجع عائدات العراق المالية من التصدير النفطي بسبب تدني الأسعار وتراجع الاقتصاد عالميا.

ارتفاع أسعار البضائع

لا تقف تأثيرات فيروس كورونا عند حد معين، إذ يشير الكثير من الخبراء إلى أن استمرار خطر فيروس كورونا لشهرين إضافيين سيؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار البضائع الصينية.

يقول عضو غرفة التجارة “أوس الربيعي” في حديثه لوكالة “يقين” إن تأثيرات فيروس كورونا وفي حال استمرار انتشاره ستؤدي إلى أزمة اقتصادية عالمية مع ارتفاع كبير في أسعار المواد والبضائع الالكترونية وقطع غيار السيارات والأجهزة الكهربائية.

ويشير الربيعي إلى أن ووهان الصينية تشغل 11% من حجم الصناعات الصينية، وبالتالي فإن استمرار الحجر الصحي على سكانها أدى إلى توقف المصانع وتكدس البضائع وخسائر فادحة، وهذا ما يحدث في الدول المستوردة للبضائع الصينية.

ويلفت الربيعي إلى أن كثيرا من الدول بدأت تعاني من شحة البضائع الصينية، وهذا ما سيواجهه العراق قريبا، في ظل توقف شركات الشحن الدولية عن شحن البضائع إلى كثير من دول العالم ومن ضمنها العراق، بسبب الخوف من تفشي الفيروس القاتل.

ويختتم الربيعي حديثه بالإشارة إلى أن العراق وعلى اعتبار أنه من أكثر دول منطقة الشرق الأوسط استيرادا للبضائع الصينية، فإنه سيواجه ارتفاعا ملحوظا في أسعار الملابس والأجهزة الكهربائية وقطع غيار السيارات والأجهزة الالكترونية، موضحا أن استمرار الأزمة أدى إلى رفع شركات الشحن الدولية من قيمة التأمينات المفروضة على الحمولات القادمة من الصين والتي تضاف قيمتها نهاية المطاف إلى أسعار هذه البضائع، بحسبه.

الموازنة المؤجلة في خطر

بعد أكثر من شهرين على بدء العام المالي في العراق، لا تزال موزانة عام 2020 بانتظار من يصوت عليها، وفي هذا الصدد يقول النائب في البرلمان “عباس سروط” في حديثه لوكالة “يقين” إن عدم تصويت البرلمان على الموازنة يأتي بسبب عدم إرسال الحكومة لمشروع الموازنة أساسا.

ويضيف سروط أن حكومة عبد المهدي المستقيلة لم ترسل مشروع الموازنة إلى البرلمان قبل الاستقالة على الرغم من المطالبات الكبيرة من كثير من الكتل السياسية والنواب، كاشفا عن أن الحكومة المستقيلة لا تستطيع الآن إرسال مشروع الموازنة، وبالتالي فعلى الحكومة القادمة التي ستنال ثقة البرلمان إرسالها ليتم التصويت عليها بعد قراءتها والتعديل عليها إن اقتضت الحاجة، بحسبه.

ويرى الصحفي “عمر صلاح” في حديثه لوكالة “يقين” أن الموازنة العامة الاتحادية للبلاد ستتأثر بكل تأكيد، إذ أن مشروع الموازنة المتداول في رئاسة الوزراء اعتمد على بيع سعر برميل النفط المصدر بـ 55 دولارا، إلا أن أزمة تفشي فيروس كورونا وتأثيراته الكبيرة على الاقتصاد العراقي أدت إلى تراجع أسعار النفط إلى 50 دولارًا، وبالتالي فعلى أي حكومة قادمة أن تعمل على إعادة اعتماد أسعار النفط المصدر وبنسب مؤمنة، إضافة إلى تقليص ما اعتمده العراق من كمية تصدير لنفطه والتي تعادل أكثر من 3.5 مليون برميل يوميا.

وأشار صلاح إلى أن تراجع الاقتصاد العالمي سيحتم على الدول الصناعية تقليص حجم استيراداتها من النفط وهذا ما سيؤثر على الصادرات النفطية العراقية بكل تأكيد.

يستمر فيروس كورونا في الانتشار وسط غياب أي لقاح أو مصل للسيطرة عليه أو الحد منه، في ظل تأثر الاقتصاد العالمي وانخفاض أسعار النفط وارتفاع أسعار البصائع الصينية، ما يجعل العراق في مواجهة أزمة اقتصادية أخرى تضاف إلى سلسلة الأزمات الحالية.