ماذا تفعل الميليشيات المندسة بين المتظاهرين العراقيين؟.. شهادات ميدانية

مع مطلع شهر تشرين الأول من العام الماضي انطلقت شرارة ثورة العراقيين ضد الفساد والمحاصصة الطائفية والتدخلات الخارجية، رافعة شعار “نريد وطن”؛ لم يكن أكثر المتفائلين يعتقد أن بلداً مثل العراق تعرض لعمليات قتل وتهجير وفساد مالي على مدة 17 عاماً يمكن لشعبه أن ينهض من كبوته بعد كل ما جرى له، لكن مئات آلاف الشباب العراقيين خيبوا آمال المتشائمين وأطلقوا شرارة هذا الحراك الاحتجاجي الذي شمل معظم مدن البلاد.

بدأت الثورة ببضع مئات من الشباب الذين دعوا لتظاهرات في ساحة التحرير عبر بعض المجموعات في موقع فيسبوك، وسرعان ما تلاقف الدعوة شبان آخرون وبدأوا بالتحشيد لها، لكن بالمقابل فإن معظم الأحزاب، أعلنت براءتها من هذه الدعوات، ووصفت القائمين عليها بالصبية الذين تقف وراءهم أجندات خارجية.

لكن سرعان ما بدأت خطابات الأحزاب وأصواتها العالية تخفت حين اتسع المد الشعبي لهؤلاء المحتجين، وبدأ باكتساح مناطق واسعة في بغداد وجنوب البلاد، حينها بدأت بعض القوى تغير من خطابها، وتعلن أن ما يجري هو احتجاجات مطلبية محقة لشباب متضررين مما جرى في العراق خلال السنوات الماضية.

بعدها بدأت بعض الأحزاب –وحتى الميليشيات- بزرع عناصرها وسط المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد ومدن أخرى، لأسباب مختلفة، لم يبد أن وجود هؤلاء قد يخلق مشاكل، أو هكذا ظن معظم المحتجين، إلا أن الأيام التالية كانت حبلى بالمفاجآت، عن أدوار تخريبية لعبها بعض المنتمين لهذه الجهات الطائفية، بدءاً من تشويه السمعة الممنهج للمتظاهرين، مروراً بمحاولات التأثير على القرارات التي يصدرها المتظاهرون، وانتهاءً بعمليات قتل راح ضحيتها المئات، على يد ميليشيات طائفية مسلحة، يتواجد بعض عناصرها في ساحة التحرير بحجة مساندة التظاهرات، إلا أن مجريات الأحداث أثبتت أن لوجودهم مآرب أخرى.

محاولات لتشويه السمعة

كانت أولى محاولات العبث بهذه التظاهرات هي سعي بعض الأحزاب لتشويه صورة المحتجين، وتسقيطهم أخلاقياً، عبر بث إشاعات بوجود نساء منحلات خلقياً في الساحة، من أجل تخويف بعض الأسر ودفعهم لمنع بناتهم من الذهاب إلى هناك.

تلا ذلك مقاطع فيديو بثتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي الممولة لنساء يرتدين ملابس منافية للحياء وهن يتراقصن وسط الساحة بطريقة مخلة بالذوق العام، وقد أحدثت هذه المقاطع ردود فعل مستنكرة، وخاصة من المتواجدين في الساحة، والذين بدأوا بالتشديد في منع دخول مثل هؤلاء الفتيات، كما أن التضامن الذي لقيه المحتجون من الشارع العراقي جعل هذه المحاولات تبوء بالفشل.

“إن محاولات النيل من صورة النساء والفتيات المتظاهرات في ساحة التحرير قد فشلت تماما، وقوبلت بسخرية كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي”

ويقول حسين سوادي وهو أحد المتظاهرين من منطقة الحسينية شمال شرقي بغداد إنهم فوجئوا وهم داخل الساحة ببث هذه المقاطع، لأنهم لم يروا مثل ذلك خلال تواجدهم هناك، مما جعلهم يتحرزون من دخول هذه النماذج المندسة إلى الساحة فيما بعد، على حد قوله.

ويضيف إنه يتواجد في ساحة التحرير منذ اليوم الأول للتظاهرات، مع عشرات آلاف المتظاهرين، وبينهم آلاف النسوة والفتيات، اللواتي كن مضرباً للأمثال في الاحترام والمظهر المحتشم سواء كن محجبات أو غير محجبات، وقدمن مساعدات كبيرة للتظاهرات، تمثلت في علاج الجرحى والمصابين بنيران القوات الحكومية والميليشيات، بالإضافة إلى طبخ الطعام وتوزيعه بشكل مجاني، فضلا عن التظاهر ورفع اللافتات المنددة بهذا النظام.

وبحسب سوادي فإن محاولات النيل من صورة النساء والفتيات المتظاهرات في ساحة التحرير قد فشلت تماما، وقوبلت بسخرية كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما عرف العراقيون كيف تعمل السلطة على تشويه صورة كل معارضيها والطعن في أعراضهم.

وتقول مصادر إعلامية مقربة من مراكز صنع القرار داخل الأحزاب، إن بعض الجهات اتفقت مع نساء سيئات السمعة من أجل الدخول إلى الساحة في وقت معين والرقص بشكل فاضح، بالتزامن مع تصويرهن من أشخاص متواجدين هناك، من أجل استغلالها في الطعن بالعراقيات الرافضات لسياسة الحكومة، والحركة الاحتجاجية بشكل عام.

رصد ميداني للناشطين

ومنذ اليوم الأول للتظاهرات بدأت جرائم قتل الشباب المحتج، بالإضافة إلى عمليات خطف واسعة تنفذها عناصر من الميليشيات تتواجد بالقرب من التحرير، لديها اتصال مع مصادر تابعة لها داخل الساحة، من أجل رصد حركة الناشطين المؤثرين وجمع أكبر قدر من المعلومات عنهم، تمهيداً لاعتقالهم.

وتؤكد مصادر من داخل الساحة وجود أعداد من الأشخاص المقيمين هناك بشكل شبه دائم، يتنقلون بين خيام المتظاهرين ويشاركونهم الاجتماعات والتظاهر إلا أنهم يقومون في الوقت نفسه بجمع معلومات كاملة عن المتواجدين هناك، بالإضافة إلى الصور ومعرفة عنوان سكن الشخص المقصود وأرقام هواتف أسرته، وإيصال هذه المعلومات إلى بعض الجهات الأمنية والميليشيات، التي تقوم برصد حركة المحتجين.

وتشير إفادات الناشطين المختطفين الذين تم الإفراج عنهم إلى أنهم تفاجئوا بوجود معلومات كاملة عنهم لدى الجهات المختطفة، تتضمن أسماءهم وأفراد أسرهم، وأماكن سكنهم وعملهم فضلاً عن أرقام الهواتف الخاصة بهم، مما يشير إلى وجود متعاونين مع هذه الجهات من داخل الساحة.

وبالإضافة إلى جمع المعلومات الكاملة عن الشخص المستهدف؛ يقوم هؤلاء المعروفون بـ”المصادر” برصد حركة الناشطين والمتظاهرين ومتابعتها، وإبلاغ الجهات التي يعملون لديها، من أجل اختطافهم وتغييبهم.

ويقول متظاهرون إن جميع الناشطين الذين تم اختطافهم كانت تحركاتهم معروفة للخاطفين، لذا تم إلقاء القبض عليهم في أماكن قريبة من ساحة التحرير أثناء خروجهم منها، أو في أماكن يرتادونها كالمقاهي والمطاعم في مناطق أخرى، وخاصة الكرادة التي يقصدها الكثير من المحتجين لتناول الطعام ولقاء بعض الأصدقاء، إلا أنهم يفاجؤون بمداهمة المكان الذي يجلسون فيه، أو انتظارهم حتى يخرجون ثم اختطافهم بسيارات مظللة لا تحمل أرقاماً.

“المصادر” في خدمة الميليشيات

ويروي (س . ع) وهو أحد الذين شاركوا في الموجة الأولى من الاحتجاجات الأخيرة قصة اختطافه، حيث كان يتواجد باستمرار في إحدى الخيم بشارع السعدون المتصل بساحة التحرير، وعادة ما كانت تقام الاجتماعات بشكل علني –كما يقول- بحضور العشرات، حيث يجلس أفراد الخيمة ومعهم آخرون للتباحث حول الخطوات الواجب اتخاذها تجاه الحكومة، ومن ثم إصدار بيان يعبر عن رأيهم.

يضيف الناشط الذي تم الإفراج عنه إنهم كانوا في أوقات فراغهم يذهبون إلى شاطئ دجلة القريب للعب الكرة الطائرة أو شرب الشاي وتدخين “الناركيلة”، وفي إحدى جلساتهم الليلية بصحبة شباب من مختلف المناطق؛ اقتربت من الشاطئ زوارق يبدو من مظهرها أنها تابعة للشرطة النهرية، وبدون سابق إنذار نزل منها مسلحون ملثمون وقاموا باختطاف نحو 25 شخصاً من المتواجدين هناك ووضعهم في الزوارق ومن ثم مغادرة الشاطئ.

ويؤكد على تغطية عيونهم وربط أيديهم خلف ظهورهم، والانطلاق بهم إلى جهة غير معلومة، وعند توقف الزورق على الضفة المقابلة تم اقتيادهم وهم معصوبي الأعين إلى سيارات لم يعرفوا نوعها، وتكديسهم فيها، ثم انطلقت نحو جهة لا يعرفونها.

“عند بدء الجلسات سرد المحققون معلومات كاملة عنهم، فضلاً عن أفراد أسرهم، ثم قاموا باستجوابهم عن سبب تواجدهم في ساحة التحرير”

وعند وصول السيارات إلى مكان يبدو أنه بعيد عن العمران نسبياً أنزلوا منها وأدخلوا في قاعة واسعة لا أثاث فيها، وظلوا هناك بضع ساعات قبل أن يستقدمهم المحققون إلى غرفهم، ويتم نزع العصابات عن عيونهم والبدء بجلسات التحقيق.

يضيف (س . ع) إنهم اكتشفوا أن المحققين ينتمون إلى جهاز الأمن الوطني، وعند بدء الجلسات سرد المحققون معلومات كاملة عنهم، فضلاً عن أفراد أسرهم، ثم قاموا باستجوابهم عن سبب تواجدهم في ساحة التحرير، وبعد ساعتين من التحقيق تم اقتيادهم إلى قاعة أخرى، ونزع ملابسهم باستثناء الملابس الداخلية، وبدأت “حفلات التعذيب”، كما يصفها.

ضرب بالعصي والأحزمة وأسلاك الكهرباء، بالإضافة إلى الضرب الأيدي والركل بالأرجل، مصحوباً بشتائم بذيئة ومقذعة وسب للذات الإلهية، قبل أن يعادوا إلى القاعة الأولى التي وصلوا إليها أول مرة، وتمت إعادة الكرّة عدة مرات، بين تعذيب وإهانة وسب وشتم وتهديد باغتصاب نساء الأسرة.

 وبعد 3 أيام من الاعتقال أجبروا على التوقيع على أوراق بيضاء فارغة، ووجه إليهم المحققون تحذيراً نهائياً بأنهم يعرفون تماماً ما يقومون به في الساحة، وإن مجرد عودتهم إلى هناك ولو خلال أوقات متباعدة فإنها ستعرضهم إلى اعتقال مطول ربما لا يخرجوا منه أبداً، على حد قوله.

اختطاف وتعذيب وأمور أخرى

ويُجمع جميع الذين تعرضوا للاختطاف أو الاعتقال أثناء تواجدهم أو خروجهم من ساحة التحرير على تعرضهم للتعذيب الجسدي، والضرب والإهانة، وربما هناك أجزاء في الصورة لم تكتمل بعد، تتعلق بعمليات اغتصاب تعرض لها البعض وصورت من أجل ابتزاز الضحايا وإجبارهم على الرضوخ للجناة، إلا أن الكثيرين يحجمون عن الإدلاء بهذه الإفادات لاعتبارات اجتماعية معقدة.

وقد دونت منظمات إنسانية وحقوقية شهادات عشرات المختطفين بكل ما جرى فيها، إلا أن الملاحظ أن معظم الذين تم الإفراج عنهم لم يعودوا إلى الساحة مرة أخرى، لأسباب لم يفصحوا عنها، وهو ما يؤكد عليه الناشط الحقوقي علي الحسيني، الذي يلفت إلى أن حالات التعذيب لم تتوقف أبداً رغم وعود الساسة العراقيين بتعقب كل من تعدى على مواطن عراقي، خلافاً للقوانين العراقية التي تحرم التعذيب وتجرّمه.

ويضيف، إن تواجد منتسبين متخفين لبعض الأجهزة الأمنية في الساحة قد ساعد على اعتقال واختطاف العديد من الناشطين والمتظاهرين، حيث قاموا بتزويد الأجهزة التي يعملون فيها، سواء كانت رسمية أو ميليشياوية بمعلومات عن الأشخاص المستهدفين، مما جعلهم عرضة للملاحقة والاختطاف والتعذيب.

“الناشطين لا يستبعدون أن تقوم بعض العشائر بملاحقة من أدلى بمعلومات أدت إلى اختطاف أو اغتيال أبنائها”

ويرى الحسيني أن القانون لا يخدم من يريد تقديم دعاوى بحق هؤلاء المندسين التابعين لتلك الأجهزة، لأن الحجة ستكون أنهم يؤدون واجبهم الرسمي، رغم أن أي تحقيق منصف في القضية سيكشف أن المعلومات التي أدلى بها هؤلاء المخبرين قد أدت إلى تعذيب أشخاص أبرياء واختطافهم وقتلهم، ولم تؤد إلى حماية الأمن القومي للبلاد، وهي المهمة التي يفترض أن توكل لرجال الأمن، بحسب تعبيره.

لكن الناشطين لا يستبعدون أن تقوم بعض العشائر بملاحقة من أدلى بمعلومات أدت إلى اختطاف أو اغتيال أبنائها، لكن هذه القضية يمكن أن تثار في وقت لاحق، بسبب انشغال البلاد بالحراك الاحتجاجي وتظاهرات الشارع، ولكون بعض شيوخ العشائر تابعين للسلطة وأحزابها، وهم يقفون عائقاً أمام المطالبة بمحاسبة ومحاكة الوشاة الذين تسببوا بالضرر لأبناء عشائرهم.

الصدريون.. وركوب الموجة

منذ بداية الحراك الاحتجاجي أعلن التيار الصدري موقفه الرافض للمشاركة فيه، معلناً في وقتها تبرؤه من أي مجموعة تدعي تمثيله في ساحة التحرير، ومعتبراً أن من يقفون وراءه هم مجرد صبية، ربما كانوا مدفوعين من أجندات خارجية.

إلا أن توسع المد الشعبي للتظاهرات والزخم المليوني الذي شهدته ساحات التظاهر في مختلف مدن العراق دفع التيار لركوب الموجة على عادته، كما يقول كثيرون، وبدأت عناصره بالالتحاق بالساحة والمشاركة في فعالياتها اليومية.

وشارك الكثير من المنتمين لهذا التيار بالتصدي لبعض الهجمات التي شنتها قوات أمنية حكومية وميليشياوية على المتظاهرين، وسقط منهم بعض الضحايا، وبرز للواجهة اسم “القبعات الزرق” التي لعبت دوراً في حماية الساحة ومرتاديها.

إلا أن تبدل مواقف التيار وانقلابه الأخير تجاه المحتجين، ورضوخه للضغوط الإيرانية قد حول المتظاهرين الذين ظلوا في الساحة إلى أعداء في نظر الكثير من أتباعه.

ويحكي (م . ع) وهو من ناشطي ساحة التحرير عن علاقتهم بمتظاهري التيار الصدري، فيقول إنهم لم يتعاطفوا مع التظاهرات في البداية بل هاجموها ووصفوها بأوصاف مقذعة، لكنهم عادوا بعدما أمرهم سيدهم إلى الساحة في 25 تشرين الثاني، واستقبلوا بكثير من التحفظ والريبة من قبل المتظاهرين، بسبب تذبذب مواقفهم والخوف من تسييس التظاهرات على أيديهم.

لكنهم بمرور الوقت أصبحوا جزءاً من الساحة وساعدوا المتظاهرين في التصدي لهجمات الميليشيات المستمرة، حتى حدث الانقلاب في موقف مقتدى الصدر من الاحتجاجات فانقلبوا هم كذلك بلمح البصر، لكن الخطير في الموضوع أنهم باتوا يمتلكون معلومات كاملة عن الساحة ومتظاهريها وكيف تدار الأمور هناك، وهو ما لمس المتظاهرون خطورته حين زادت عمليات الاستهداف والاختطاف بعد خروج الصدريين من الساحة.

يضيف أنهم دخلوا الساحة بعد ذلك عدة مرات وبأيديهم هراوات “توثيات” وسكاكين، وقاموا بضرب بعض المتواجدين هناك وطعنهم، فضلاً عن التعدي اللفظي الذي نال الكثير من المتظاهرين، واتهامات العمالة والخيانة والشتائم السوقية المبتذلة، وكأنهم انقلبوا بين عشية وضحاها من رفاق تظاهر إلى أعضاء في ميليشيات طائفية مسلحة، على حد قوله.

أتباع التيار.. سكاكين الغدر

وقد لعبت عناصر الميليشيات المندسة بين المتظاهرين أدواراً بالغة السوء، أدت في أحيان كثيرة إلى تشويه صورة المتظاهرين وسمعتهم، وتطورت إلى عمليات خطف وتعذيب واغتيال طالت المئات، وأدت في أحيان كثيرة إلى تسهيل دخول الأجهزة الأمنية إلى ساحات التظاهر، وقتل المتظاهرين العزّل وجرح الآلاف منهم.

وبسبب هذه العناصر تم اختطاف وتغييب أكثر من 80 شخصاً بحسب أرقام المنظمات الحقوقية العراقية والدولية، إلا أن أتباع التيار الصدري ينفون تورطهم في مثل هذه الأعمال، ملقين باللوم على من يسمونهم بـ”المندسين.

ويتهم الصحفي والمدون الصدري عصام حسين من يسميهم بـ”عصابات العلمانيين” باستهداف عناصر من سرايا السلام، كانوا يتواجدون في ساحات التظاهر لحمايتهم، مشيراً إلى أن المذكورين يتلقون دعماً من السفارة الأميركية، فضلا عن ترويج قنوات وصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي لهم، محاولين تشويه سمعة الصدريين، على حد قوله.

“إن التيار تحمل الكثير من اتهامات “العلمانيين” وإساءتهم للأدب بحق زعيم التيار وأتباعه، إلا أنه آن الأوان للرد على هذه الأصوات و”إخراسها””

ويضيف إن التيار تحمل الكثير من اتهامات “العلمانيين” وإساءتهم للأدب بحق زعيم التيار وأتباعه، إلا أنه آن الأوان للرد على هذه الأصوات و”إخراسها”، لأنهم لم يحترموا مواقف الصدريين معهم، ووقوفهم إلى جانبهم أيام استهداف المجموعات المسلحة لهم.

ويتهم المدون الصدري كذلك بعض “العناصر المتطرفة” بتوسيع فجوة الثقة بين التيار الصدري والجمهور، معتبراً أنهم يريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، عن طريق إثارة مثل هذه الأزمات وتعميق الخلاف بين المتظاهرين.

هذا التحول في موقف التيار الصدري جعل بعض الناشطين يغادرون بغداد نحو السليمانية وأربيل وتركيا بعدما وصلتهم رسائل تهديد مباشرة من أتباع التيار، الذين كانوا بالأمس القريب يتظاهرون معهم، لكنهم استطاعوا خلال هذه الفترة جمع معلومات كثيرة عن المتظاهرين وخيمهم، مما جعلهم صيداً سهلا للعصابات التي تستهدفهم خارج الساحة.

وهكذا تحولت عناصر ميليشيا سرايا السلام التابعة للتيار الصدري إلى خصوم وأعداء للحراك الاحتجاجي، بعد شهر عسل قصير، حاولوا فيه خلع ردائهم ورفع شعارات وطنية، إلا أنه سرعان ما عاد كل فريق إلى موقعه السابق، لدرجة أن بعض الصدريين باتوا يتظاهرون مهددين بعودة سيارات “البطة” لاستهداف مخالفيهم، في إشارة إلى ممارستهم أيام الحرب الطائفية التي تلت عام 2003.