فيما تتصاعد انتفاضة تشرين البطولية رغم انواع المواجهات الدموية و الارهابية المتفننة، تسير اجهزة الحكم الذي استلمته الميليشيات المسلحة من الاحزاب و الكتل الاسلاموية (الشيعية) الحاكمة التي صار قسم منها يعارض الاجراءات الجارية . . حتى صارت الميليشيات و صراعاتها بينها هي الحاكمة الفعلية.
ترى اوساط تزداد اتساعاً، بأن مايقوم به المكلّف السيد محمد علاوي، لم يخرج عن اطار المعادلة التحاصصية القائمة، رغم اطلاقه الوعود كزبد يُداف في عسل الكلام (1)، سائراً على الطريق الذي اختطه السيد العامري بقوله الديمقراطي جداً( لقد اخطأنا و على الشعب ان يسامحنا) !! و كأن الشعب بأطيافه طوع يده، او لازال مُجَمّداً تائهاً حينما استلموا حكم البلاد على طبق من ذهب، في وقت كان الشعب فيه يبحث عن ايّ مخلّص لمواجهة الغزو و الإحتلال من جهة، و مواجهة الدكتاتورية و الجيران في الوقت ذاته.
و يرون بأن الحكّام الذين استلموا مقاليد الحكم من الاميركان باتفاق مع الجيران، هم الذين لايزالون يفكّرون بعقلية ذلك الزمن في مواجهة الشعب حين كان مغيّباً، لأنهم لايدركون التطورات التي عاشتها الاجيال الجديدة طيلة سبعة عشر عاماً سواءً من حياة قاسية مؤلمة او من الدور الفاعل لعصر الانترنت و تطبيقاته المتنوعة و الفضاء الذي شكّل درعاً واقياً لأنواع متزايدة من الانترنت، العصر الذي حوّل العالم و شعوبه و زوّدها بانواع المعارف، و بكشف حقائق كثيرة عما دار و يدور في الخفاء، و الذي صعّد و سرّع الاتصالات و كل العمليات الحيّة في العالم، و الحكّام على جمودهم، لاجئين الى العنف و الارهاب في مواجهة الشعب.
ان الوعود التي يحملها السيد علاّوي في (تغييره التاريخي)، الذي انسحب من مشروع كابينته المقترحة المعلنة اهم مرشحيها، للدفاع و الداخلية و العدل و المالية . . التغيير التأريخي الذي ان اثبت شيئاً، فإنه يُثبت ان الشعب و طليعته المنتفضة البطلة هي الأكثر وعياً و اهلية للحكم، من حكام الخرافة و السرقة و من نظامهم البالي الذي تخترقه و تنظّمه انواع الرياح، النظام البعيد عن آلام و مطالب الشعب العادلة بـ ” وطن ” ، الذي عاد بالبلاد الى حكم (الكصكوصة) (2) التي تتحكم به على طريقة صدام الذي عبّر عنها حينها بأن (القانون هو ورقة يوقعها صدام حسين).
ان التغيير الفعلي لايمكن ان يتحقق دون البدء الفعلي المعلن بـ :
ـ معاقبة قتلة المتظاهرين نساء و رجالاً و تقديمهم للعدالة علناً، ضمان العلاج و التعويض للجرحى، اطلاق سراح المخطوفين و المغيّبين و تعويضهم.
ـ نزع السلاح الفوري من الميليشيات و الغائها، و حصر السلاح بالقوات المسلحة الحكومية (الجيش و الشرطة) بعد ان فتت نظام المحاصصة القوات المسلحة و جعلها على مقاسه، و كوّن انواع القوات (الحكومية) بضم ميليشيات لها، تتحكم بها الكتل الحاكمة . . حتى يتحقق مناخ آمن يصون حرية و كرامة المواطن و لضمان اجراء الإنتخابات المبكرة بعدل و نزاهة.
ـ الغاء المكاتب الاقتصادية للاحزاب الحاكمة و تقديم المتحكمين بها لعدالة وطنية ـ دولية معروفة بنزاهتها، و استرجاع الاموال الفلكية التي نُهبت و خاصة من (مزاد العملة) و اعادة هيكلة و ضبط المزاد على قانون تشكيله و وفق المصلحة العامة للوطن.
ـ البدء بتقديم كبار حيتان الفساد للعدالة العلنية الوطنية ـ الدولية، و استرجاع الاموال الفلكية المنهوبة.
و الاّ سيبقى (التغيير التأريخي) لاتغيير، بل وسيلة من وسائل التجميل الهابط، الذي سيحوّل الانتفاضة برجالها و نسائها و عوائلها، من مظاهرات سلمية بطولية مخضّبة بالدماء الزكية الى ثورة لاتبقي و لا تذر بعد سقوط (المقدّس الحاكم) بأعين حتى افراد الاحزاب و الكتل الحاكمة ذاتها !
29 / 2 / 2020 ، مهند البراك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
على وزن فكرة شاعر العرب الاكبر الجواهري ” نامي على زبد الوعود // يُداف في عسل الكلام ” في رائعته ” نامي جياع الشعب نامي ” في مواجهة الحكام قبل اكثر من نصف قرن.
-
قصاصة ورق .