الأحد, نوفمبر 24, 2024
Homeمقالاتحرمان المرأة الريفية من التعليم يؤثر سلبا على مسار حياتها..:مالك جبار

حرمان المرأة الريفية من التعليم يؤثر سلبا على مسار حياتها..:مالك جبار

النساء الريفيات اللائي حرمن من التعليم هن أكثر فقراً وأكثر فقراً لبقية حياتهن لأنهن مستبعدات من القوى العاملة..
يعد الخامس عشر من شهر تشرين الأول يوما دوليا ( للمرأة الريفية) وفقا لما حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة , وذلك تثمينا منها بما تضطلع به النساء الريفيات من دور حاسم في تعزيز التنمية الزراعية والريفية وتحسين مستوى الأمن الغذائي والقضاء على الفقر في الريف. ان هذه الشريحة في المجتمع والتي تعد الركيزة الأساسية لبناء الاسرة الصالحة, فالمراة في الريف اليوم تقوم باعمال الحقل وانتاج المحاصيل ورعاية الماشية وتوفير الغذاء والماء والوقود لعائلاتهم ، والتي تساهم في زيادة دخل الأسرة وتحسين مستواها المعيشي .
وعلى الرغم من دورها الرئيسي في المجتمع العراقي، في الوقت الذي تتعرض فيه لخطر كبير ناجم عن اساءة المعاملة والأشكال الاخرى من العنف القائم على النوع, وبذلك فهي تؤدي (الدور الاجتماعي الإنجاب والتربية والدور الإنتاجي) في ظل الاضطهاد وعدم التقدير.
واذا ما اردنا ان نقارن بين الأوضاع الحياتية للمرأة الريفية وبين الأوضاع ذاتها للمرأة الحضرية لمحافظات وسط وجنوب العراق فنجد ومن خلال التقارير والبيانات الواردة في هذا المجال ,أن الفرق شاسع وكبير,الذي تعاني منه المراة الريفية من (ظروف معيشية صعبة وفقر وبطالة وحرمان التعليم ومن الإهمال الصحي) .
وبهذا فهي تعاني الأمرين بسبب صعوبات العمل في الزراعة والمنزل يرافقه الإجحاف المجتمعي, وتكشف البيانات لوزارة التخطيط – الجهاز المركزي للإحصاء في تقريرها (واقع المراة الريفية في العراق لسنة 2016), أن الحرمان من التعليم للفتيات العراقيات من المناطق الريفية أوجد أجيال من النساء العراقيات الفقيرات اللائي يعتبرن من بين أضعف الفئات في البلاد.
انخفاض مستويات تعليم البنات له تأثير سلبي على مشاركة المرأة الحالية والمستقبلية في القوى العاملة العراقية
حوالي ثلاث من بين كل عشر نساء ريفيات أميات مقارنة بواحدة من كل عشر نساء في المناطق الحضرية , يتنوع النجاح في توفير التعليم الأساسي للفتيات في جميع أنحاء البلاد. ثلاث من كل خمس نساء ريفيات عراقيات لم يكملن تعليمهن في محافظة بابل وكربلاء وديالى ، مقارنة بحوالي واحدة من كل خمس نساء ريفيات عراقيات في المحافظات الأخرى.
مما يثير الدهشة ،أن قلة قليلة من النساء الريفيات يلتحقن بالجامعة. واحدة من كل 20 امرأة ريفية حاصلة على درجة البكالوريوس في البصرة ، وهي أعلى نسبة في البلاد. واحدة من كل 500 امرأة ريفية حاصلة على التعليم العالي تقود النساء الريفيات إلى القوة العاملة (0.2٪). كل بضع نساء ريفيات يحملن درجات علمية تصل إلى أماكن حساسة لقيادة نساء ريفيات أخريات في سوق العمل.
على الرغم من زيادة النسبة المئوية لمشاركة المرأة الريفية في القوى العاملة من 19.8 في المائة عام 2013 إلى 25.4 في المائة في عام 2016 ، من حوالي (اثنتان من بين كل 10 نساء ريفيات تتراوح أعمارهن بين 15 سنة وما فوق في عام 2013 زادت إلى حوالي 3 من بين كل 10 النساء الريفيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 عامًا أو أكثر في عام 2016).
زواج مبكر ومعاناة معيشية وحرمان التعليم:
تعد ظاهرة تزويج الفتيات من الظواهر الشائعة التي تنتشر في المناطق الريفية بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية حيث يزوجون البنت وعمرها (12 سنة) وفي أغلب الأحيان يكون الزواج من الأقارب بسبب العرف الاجتماعي وانتشار البطالة والفقر وبلغت نسبة النساء الريفيات المتزوجات بعمر 12 سنة فأكثر تقدر بـ (امرئتان متزوجتان من بين كل ثلاث نساء).
زواج المرأة الريفية المبكرة هو الخطوة الأولى نحو ترك المدارس والبطالة والفقر. ووفقًا لنتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات (MICS4 2011 )، فان حوالي امرأة ريفية واحدة من بين 16 امرأة ريفية تتزوج دون سن الخامسة عشرة في حين ان حوالي واحد من كل أربع نساء ريفيات متزوجات قبل سن 18واحدة من كل خمس نساء ريفيات متزوجات في الفئة العمرية (15-19).
وبين الامية والزواج تم افتتاح فرع للفتيات في الثانوية الوحيدة في قرية الرواشد التابعة لناحية الكرمة لقضاء الفلوجة التابعة لمحافظة الانبار , وهو السبب الذي كان يجبر الأهالي على حرمان بناتهم من إتمام دراستهن دراستهن الثانوية.. ولاقت هذه الخطوة قبولا لدى عدد لا بأس به من الأهالي الذين سمحوا لبناتهم بإتمام دراستهن و استأجروا لهن خط نقل لتجنب السير إلى المدرسة لمسافة طويلة. إحدى الطالبات قالت إنها تمكنت من إقناع أهلها بإتمام دراستها لكنها لا تثق في قدرتها على إقناعهم بدخول الجامعة بعد إتمام المرحلة الثانوية فلم تصل إليها اية فتاة من القرية من قبل مادام العريس ينتظر وهو غالبا ابن عمها الذي لا يمكنها رفضه مهما حاولت.
ومازال بعض ابناء الارياف يصادرون رغبات بناتهم مهما كانت مشروعة، فحين يلوح شبح ابن العم، لابد ان تختفي ملامح كل من يمكن للفتاة التفكير فيه خارج تلك الدائرة الصغيرة التي تسجن فيها منذ ولادتها.
الفقر والبطالة وجهان لعملة واحدة
ان معدل البطالة يلاحظ ارتفاعا إذ بلغت نسبة البطالة للنساء الريفيات لعام 2014 حسب تقرير وزارة التخطيط -الجهاز المركزي للاحصاء لواقع المراة الريفية في العراق.حوالي ضعف نسبة نساء الحضر, فيما ارتفعت هذه النسبة لنساء الريف عام 2016 وتعكس البيانات الإحصائية إن معظم النساء الريفيات يعيشون في ظروف اقتصادية هشة بسبب فقدان الاستقلالية الاقتصادية. ولا تحظى نسبة مشاركة المرأة الريفية في العمل المأجور إلا بنسبة قليلة من مجموع النساء الريفيات,أمام مشاركة النساء في الحضر فهي أكثر من(ثلاثة أضعاف مشاركة النساء في الريف).
ووفقًا لخطة التنمية الوطنية 2018-2020 الصادرة عن وزارة التخطيط , فقد أظهرت المؤشرات أن معدل الفقر في المناطق الريفية يزيد عن الضعف في المناطق الحضرية ، وعندما يتم تصنيف المناطق الفقيرة وفقًا للبيئة ، فإن أفقرها هي ميسان الريفية (73٪) ، المثنى ( 64٪) وذي قار (61٪) والقادسية (60٪).
فالتعليم يفتح أبواب للمرأة ويجعلها أكثر تأهيلا وقدرة لقيادة أدوار مجتمعية مثمرة ولا سيما عندما لا يتمكن الرجل من القيام بأعمال مدرة للدخل,هنا يظهر دور المرأة الأكثر تعليما حيث تكون قادرة على حماية نفسها وأسرتها من آثار الصدمات الاقتصادية والإجتماعية .لذا فإن الاهتمام بتعليم المرأة وخاصة في المناطق الريفية ،يعد واجبا للبناء التنموي وأنه حق من حقوقها وأمر حاسم بتعزيز فرصة النجاح والتقدم في جميع الحياة الإنسانية وبالتالي يسهم الى الحد من الفقر.ومن خلال نتائج مسح تقييم الأمن الغذائي والهشاشة للأسرة في العراق لسنة 2016, لوحظ تباين نسبة الامية والإلمام بالقراءة والكتابة للنساء بعمر(15-24 سنة) بين الحضر والريف,إذ هناك (10 نساء أميات ريفيات مقابل 4 نساء أميات من نساء الحضر) . ولوحظ أن أكثر من نصف نساء الريف لمحافظات (بابل وديالى وكربلاء) لم يكملوا تعليمهم وهذا مؤشر خطير , بلغ مستوى التعليم لنساء الريف ممن لم يكملوا التعليم تراجعا كبيرا ً في مستوياته وهي نسب مرتفعة جدا.
ومن جانب آخر نلاحظ أن نسب من حصلن على شهادة البكالوريوس كانت متدنية جدا, حيث كانت نسبة المراة الريفية ممن حصلن على شهادة البكالوريوس لمحافظة البصرة سوى 5% ولم تكن بغداد العاصمة بأفضل حالا ًمنها حيث لم تحصل المرأة الريفية على شهادة البكالوريوس سوى 2% من بين محافظات العراق,فيما حاولت عدة جهات مساعدة المرأة الريفية ومد يد العون لها لتتغلب على جهلها وأميتها وحسب بيانات الجهاز التنفيذي لمحو الأمية الذي تم تطبيقه في العراق فقد تم افتتاح آلاف المراكز لمحو الأمية, الا أن نسبة النساء الريفيات الدارسات في مراكز محو الامية لمرحلة الاساس لا زالت متدنية بلغت مايقارب( امراة ريفية واحدة مقابل ثمان نساء من الحضر).
الأنشطة الإرشادية لتمكين المرأة الريفية
سعت وزارة الزراعة جاهدة بتنفيذ عدد من النشاطات والندوات الارشادية في محافظات العراق , باستخدام البرامج الارشادية والتطويرية واقامة المشاريع الزراعية الانتاجية الصغيرة للنساء والاهتمام بالصناعات الغذائية للارتقاء بمستوى دخل الأسرة وتنمية وتطوير الوعي البيئي والصحي للاسرة الريفية .
أن المرأة الريفية تشكل (حوالي ثلث النساء العراقيات على مستوى المحافظات), وعلى الرغم من تلك البرامج الوطنية الحكومية العشوائية مقارنة بالأعداد الكبيرة من النساء الريفيات, نجد أن المساهمة في تدريب حوالي (1438) مشاركة على عموم العراق لا ترتقي الى مستوى الطموح ، حيث لا تصل تلك المشاريع الى مبتغاها الحقيقي ما لم يكن هناك استدامة لها وايصالها الى اكبر قدر من النساء الريفيات لما لهن من حجم كبير في المجتمع النسوي.
ونتيجة لما تقدم نجد الآتي :
أن جهل المرأة الريفية ذاتها جعلها غير قادرة على مواكبة التطورات وكيفية التواصل مع مجتمعها وقد تجلى ذلك بالعادات والتقاليد السائدة في المجتمع و تبعيتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتدني مستوى حالتها الصحية . والذي ادى الى عجزها تجاه هذه التحديات التي تواجهها وترددها بين الخضوع والعزلة من جهة والمواجهة من جهة أخرى .
ومن الاسباب التي ادت الى عدم معرفة المرأة الريفية بحقوقها ,هيمنة الرجل على المراة والظروف الاجتماعية وأعباء الحياة ومسؤولياتها لاتترك متسعا من الوقت للارتقاء بمستواها ومشاركتها في الحياة العامة والزواج المبكر للمرأة وانجابها لعدد كبير من الأطفال وتدني مستوى الخدمات الاجتماعية في الريف وخاصة (مركز رعاية الطفولة والامومة ) بالاضافة الى قلة وعي المراة الريفية بحقوقها بسبب انخفاض المستوى التعليمي .
وان جميع احتياجات المرأة ترتبط ببعضها البعض ولايمكن الفصل بينها , فالامية تؤثر سلبا على مجمل حياة المراة كما ان تحسين دخل الاسرة الريفية سوف يدعم اتجاهها نحو تعليم الاولاد والاهتمام بصحتها سوف يساعد ذلك على رفع حجم مشاركة المرأة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية , فالتعليم وارتفاع معدلات دخل الأسرة يدعم اتجاه المرأة نحو اهتماماتها بالصحة الانجابية وتنظيم الاسرة , ويدعم بلورة وعيها بمجالات التمايز بين الجنسين ويدفعها الى تبني الشراكة مع الرجل في اتخاذ القرارات داخل المنزل وخارجه ,اضافة الى تبني قيمة المساواة في تربية الفتاة وتعليمها مقارنة بالذكور , ولهذا فان من الضروري النهوض بواقع المرأة الريفية في العراق ومعالجة أوضاعها من خلال:
• اقامة البرامج التدريبية المتخصصة التي تستهدف تنمية النساء الريفيات وحل مشاكلهن .
• رفع مستوى أداء المرأة في العمل الزراعي وتشجيعها على استخدام المكننة والتقنيات الحديثة.
• تأمين متطلبات ارتقاء المرأة الريفية اجتماعيا وثقافيا.
• تشجيع المرأة الريفية على اقامة المشاريع الانتاجية الصغيرة والمتوسطة وتقديم القروض الميسرة.
• توفير الدعم لتسويق إنتاج المرأة الزراعي والحيواني والصناعي بشكل مربح.
• الاهتمام بالنساء الريفيات المعيلات للأسر ودعمهن في إقامة مشاريعهن.
• محاربة التمييز والعنف ضد المرأة بجميع اشكاله وتكريس ذلك بنصوص قانونية.
• تشريع القوانين التي تضمن حقوق المرأة الريفية ومكافحة العادات والتقاليد التي تهين المرأة كزواج القاصرات .
• فتح المراكز الصحية ومراكز الرعاية الاجتماعية في الريف العراقي بشكل يتناسب مع الكثافة السكانية.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular