بعد الفشل المتكرر في فرض تكليف مرشح من كابينة الاحزاب الشيعية لمنصب رئيس الحكومة الموقتة , خلفاً للمقال عادل عبدالمهدي . ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل الذريع , رغم استخدام العنف الدموي ضد المتظاهرين السلميين , في القتل والاختطاف والاغتيال , لكسر صمودهم وعزيمتهم وصلابتهم . ان فشل القمع الدموي اجبرهم الى اعادة تقييم حساباتهم . بأنهم لم يدخلوا من الباب مباشرة , وانما يدخلون من الشباك , تحت شماعة المرشح المستقل . وتقديمه كحل وسط بينهم وبين المتظاهرين في الساحات المدن , فقدموا السيد محمد توفيق علاوي في تكليفه برئاسة الحكومة الموقتة . رغم ان المتظاهرين رفضوه منذ البداية , ولم تنجح تصاعد وتيرة العنف بالقتل والاغتال والاختطاف , في اجبار المتظاهرين بالقبول في تكليف علاوي . لكن المتظاهرين سدوا الباب مصرين على مرشح مستقل غير جدلي وبالمواصفات التي طرحوها لا تنطبق مع السيد محمد توفيق علاوي . فلم ينجح مسعاءهم مع المتظاهرين في تمرير مرشحهم , اما المكونات السياسية الاخرى التي في البرلمان ( السنة والكورد ) فقد استخدم اسلوب القوة والتهديد وفرض امر الواقع في الاجبار , بدلاً من استخدام اللغة السياسية والحوار والتفاهم والتوافق . في سبيل انجاح مرشحهم السيد علاوي .
فقد افرغوا استقلالية المرشح المكلف بفرض املاءاتهم ووصاياهم وشروطهم عليه . كأنه غنيمة وكل طرف يريد حصة اكبر من الطرف الاخر , داخل الاحزاب الشيعية نفسها .
لقد ارتكب السيد محمد توفيق علاوي اخطاء جسيمة . بجعلهم يتحدثون بأسمه وينزعون عنه غطاء المستقل والاستقلالية . عكس خطاب التكليف الذي قدمه الى المتظاهرين بوعوده العريضة والكبيرة , كأنه مرشح لدورة برلمانية كاملة , وليس الى حكومة موقتة عمرها عدة شهور . مما جعل المكونات السياسية تتريث في دعمه , وزاد الطين بلة , استخدام سياسة لوي الاذرع بالقوة والتهديد في فرض ترشيح علاوي في البرلمان . الذي استجاب الى املاءات الاحزاب الشيعية , بتقديم تنازلات كبيرة لهم . مما أحرج المكونات السياسية الاخرى , برفض ترشيحه وعدم القبول به . بعدما اصبح الامر تقاسم نفوذ وحصص بين الاحزاب الشيعية نفسها , مما دب الخلاف والخصام والانسحاب من دعم التكليف حتى من الاحزاب الشيعية نفسها , بعدما تزعم طرفان فقط من كل الاحزاب الشيعية , وظلوا وحدهم يدعمون السيد علاوي ودون غيرهم , بعدما رفضت ترشيحه المكونات السياسية الاخرى ( السنة والكورد ) بحيث لم يحضر في جلسة التصويت سوى 90 نائباً . ثم تحولت جلسة التصويت الى خلاف وتشنج بين رئيس البرلمان ونائبه . امام هذا الفشل والانسداد الافق السياسي في الحل . قدم السيد محمد توفيق علاوي اعتذاره على الاقل لحفظ ماء الوجه .هذا الفشل عمق الازمة داخل الاحزاب الشيعية , بينما المكونات السياسية الاخرى ( السنة والكورد ) خرجت منتصرة بفشل سياسة لوي الاذرع , وفرض امر الواقع بالتهديد والقوة , وسلب حرية الرأي والتعبير حتى داخل البرلمان . خرجت هذه المكونات السياسية موحدة في موقفها , رغم كل طرف سياسي منها يسوده الخلاف والخصام والتصادم , ولكن توحدوا امام التهديد وسياسة لوي الاذرع واسقطوها .
هذه الازمة ستعمق الخلاف والازمة داخل الاحزاب الشيعية , وسيكون من الصعب جداً رأب الصدع بينهم . ان تجربة فشل المكلف المرشح السيد محمد توفيق علاوي اضعف كثيراً من قدرة الاحزاب الشيعية على مسك الامور , وخروج من هذه الفوضى . بينما خرج المتظاهرين اكثر قوة ونفوذا , بأنهم اصبحوا حقيقة بأن كل مرشح لم يقبل به المتظاهرين مصيره الفشل الحتمي . والآن الكرة اصبحت في ملعب رئيس الجمهورية , هو الذي وحده سيتصرف في مسألة المرشح المكلف القادم لرئاسة الحكومة الموقتة .
جمعة عبدالله